بحث

14 ديسمبر 2009

أكاديمية مؤتمر الأدباء تنتصر للشعر ثانية

يسعى مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث، الذي تنطلق أنشطته اليوم في الرياض، إلى اللحاق بركب القفزة النوعية في الحراك الثقافي والفكري والإبداعي، الذي تشهده الساحة الثقافية منذ سنوات، لا سيما في مجالي كتابة الرواية والتفاعل الإبداعي الإلكتروني.
بدا هذا السعي واضحا من خلال ملامسة بعض أوراق عمل المؤتمر هذا الحراك الجديد، ومحاولة قراءته في ضوء دراسات منهجية أكاديمية نقدية.
ولا يخفى على المتابع أن هذا المؤتمر الذي دعت إليه وزارة الثقافة والإعلام، ويشارك فيه نحو 500 مثقفة ومثقف، يعود بعد غياب نحو عقد من الزمن، حيث عقد المؤتمر الأول في عام 1394 هـ والثاني في عام 1419هـ. ويأتي هذا المؤتمر على وعد بعقده دوريا؛ ليلامس هموم المثقفات والمثقفين، ويبني إلى حد ما جسرا من التلاقي بين الحراك الإبداعي الغزير في مجالات فنون الكتابة كافة والنقد، الذي يقارب هذا المشهد ويشكل له مساحة من اللغة الباحثة عن مكامن التوهج والتميز من جهة، والاضطراب والخلل من جهة أخرى.
تفاوت القضايا
بدا لافتا لمن يقرأ عناوين جلسات المؤتمر ــ البالغة 16 جلسة ــ تفاوت في مقاربة القضايا الأدبية، حيث لا يزال الشعر متصدرا هذه القضايا بنحو 15 ورقة بحثية، فضلا عن ختام الجلسة بأمسية يحييها 20 شاعرة وشاعرا، فيما الرواية اقتصرت على نحو خمس أوراق.
هذه المقاربة يرجعها البعض إلى أن معظم الأوراق المقدمة تخرج عن لغة أكاديمية ما زالت تبحث في الأوراق القديمة الجاهزة ــ إلى حد ما ــ عن منهجية محددة سلفا، فيما المقاربة النقدية الروائية هي جديدة إلى حد ما، وتاليا تحتاج إلى ابتكار صيغ نقدية تلامس حراكها المتسارع والغزير، إذ في عام واحد ــ مثلا ــ صدر نحو 50 عملا لروائيات وروائيين سعوديين، ودفع هذا التوجه الجديد نحو عالم الرواية إلى طرح الكثير من التساؤلات في الساحة الثقافية.
الإبداع الإلكتروني
في سياق متصل، شكلت الأوراق البحثية المتناولة للإبداع الإلكتروني خطوة تحسب للمؤتمر، وإن كان المأمول التوسع في رصد هذا التوجه مستقبلا، بعد أن أصبح الإنترنت يستقطب شرائح واسعة من المجتمع.
كذلك شكلت ورقة مقدمة عن أدب العسكر في المملكة خطوة، علها تحاكي الأحداث التي تشهدها المنطقة أخيرا، وهذا يحسب للمؤتمر أيضا.
آمال وتوصيات
المثقفات والمثقفون عامة يتطلعون إلى هذا المؤتمر ويأملون أن يخرج بتوصيات ممكنة التحقيق، حيث يؤكد الكثيرون أن الحاجة إلى اتحاد أو جمعية للكاتبات والكتاب باتت أمرا ملحا، فضلا عن مراجعة واعية لمفهوم «الرقيب» في زمن بات كل شيء فيه مفتوحا، ودعم معنوي ومادي يقي الكاتب في خريف العمر من العوز وطلب المساعدة.
عكاظ ـ 14 ديسمبر 2009 م ـ العدد : 3102

3 نوفمبر 2009

الغجري يرحل كأرستقراطي أخير




محمد الماغوط


رهان الشعر ضد «الهزائم»

قراءة: د. كامل صالح - عكاظ


الأربعاء 07/03/1427هـ - 05/ أبريل/2006 العدد : 1753


لم يكن الشاعر السوري الراحل محمد الماغوط (72 عاماً) غريباً عن الموت، فهو ومنذ ديوانه الاول «حزن في ضوء القمر» كان يستند على الموت بحثاً عن معنى آخر للحياة، وبالتحديد حياة الانسان العربي.
الماغو ط الذي ظل يأمل بانبعاث هذه الأمة من رمادها، كتب في ديوانه الفرح ليس مهنتي قصيدة «مسافر عربي في محطات الفضاء» جاء فيها:
«كل ما اريده هو الوصول
بأقصى سرعة الى السماء ..»
وبذلك كان يأمل ان تتدخل السماء لتقود الأمة الى الخلاص وتتحقق العدالة على الارض، وهو اذ ذاك راهن على ان فعل التغيير يأتي من الاقوياء. لكن عندما يشعر ان هذا التغيير لن يأتي في قصيدته »كل العيون نحو الافق» يكتب:
«.،،، ولكن اذا لم تأتِ
سأعضّ شراييني كالمراهق
سأمدّ عنقي على مداه
كشحرور في ذروة صداحه
واطلب (...) ان يبيد هذه الأمة».
غير ان هذا المتمرد بالفطرة لا ييأس فيواصل رهانه على لغة شعرية تستمد تمردها من اليأس والهزائم التاريخية الممتدة والمتواصلة في الواقع اليومي العربي، ويغلّف الماغوط كل هذا بتأكيد «تصعلكه»وحريته وعنفوانه وتشرده وتناقضه .. ولعل المعبّر عن ذلك كله ما جاء في قصيدته «الغجري المعلّب»:
«هكذا
خلقني الله.. 
سفينة وعاصفة غابة وحطاباً (..) 
في دمي رقصة الفالس
وفي عظامي عويل كربلاء
وما من قوة في العالم 
ترغمني على محبة ما لا احب
وكراهية ما لا اكره
ما دام هناك تبغ وثقاب وشوارع».
هذا التناقض، القاسي في حدته ومشهديته يختزل وباختصار علاقة الانسان العربي بماضيه وحاضره من جهة وعلاقته بالآخر من جهة ثانية.
وفي قصيدة «بكاء السنونو» يدعو الماغوط شعبه ليحتضنه مشيراً الى انه كان كالطفل الضال غير انه يعود ويصب جام غضبه على عصره و يعلن في قصيدته «الهضبة» انه سيعود الى قريته ولو سيراً على الاقدام، ومع اعترافه بالهزيمة لم يجد مكاناً مرتفعاً لينصب عليه راية استسلامه.
في مستهل ديوانه «الفرح ليس مهنتي» قال:
«احلم بسلم من الغبار من الظهور المحدودبه والراحات المضغوطة
على الركب لأصعد الى اعالي السماء» ..
الماغوط الواقف على حد السكين المحبط الى اقسى الحياة، غاب في تجليات الموت حياً ليلتقط وردة يزرعها في هذا الافق. عاند المرض وعاش الدنيا بمزاج مؤلم، وعندما مات شاء ان يعبر الى الحياة الاخرى جالساً على اريكته كأرستقراطي أخير.
جريدة عكاظ

30 أكتوبر 2009

الشدوي يسير على البيض في حواره مع السلطة



كامل صالح ـ جدة


بدا واضحا أن محور جماعة حوار في نادي جدة الأدبي لهذا الموسم (جدل العلاقة بين المثقف والسلطة) سيدخل في أزمة البحث عن تأطير المفاهيم، وهذا ما تجلى في الجلسة الأولى البارحة الأولى عندما استهل الناقد علي الشدوي جلسات الجماعة الخمس بورقة بحثية اعتبرها تمهيدية، وجاءت تحت عنوان (علاقة المثقف بالسلطة في المجتمع العربي القديم في ضوء الدراسات العربية الحديثة).

الورقة التي أثارت مداخلات الحاضرات والحضور لم تكن كافية لوضع أطر محددة للمحور، لذا بادر رئيس جماعة حوار الدكتور حسن النعمي قبل إلقاء الشدوي ورقته بقراءة أسماها «إضاءة»، ساعيا من خلالها إلى رفع الالتباس عن المحور عندما قال:

« محور هذا العام يطرح ثنائية العلاقة بين السلطة بوصفها أداة نظام، والمثقف بوصفه أداة تفكير، وبين الأداة والتفكير تكمن إشكالية العلاقة».

وأضاف: «مفهوم السلطة في سياق هذا المحور يعني كل الأشكال المختلفة السياسية والدينية والثقافية والاجتماعية، فليس الأمر أمر صراع حتى يأخذ شكل ثنائية محددة، بل الأمر جدل فكري نشأ قديما».

أما عن مفهوم المثقف فقال النعمي: يندرج تحت هذا المفهوم «العالم والأكاديمي والمعلم والأديب والصحافي، وكل من اشتغل بالكلمة».وعاد النعمي ليؤكد «لا نتحدث عن جبهتين؛ مثقف وسلطة، فالتداخل وتبادل المراكز أكثر ديناميكية مما نتخيل». وتابع «المنطلق الذي نعول عليه في حوارنا هو المنطلق التاريخي والفكري وليس السياسي المعاصر».

لكن ومع «إضاءة» النعمي، لوحظ من المداخلات أن ثمة إشكالية تلوح في الأفق، ولعل أبرزها العلاقة المتلبسة دائما بين الطرفين، المثقف والسلطة.

ورغم أن الشدوي كان متمكنا في إيضاح الكثير من النقاط، إلا أن رده على أحد المداخلين بالقول: «نحن نسير على بيض»، يفتح باب الاحتمالات على تخيل ما سيدور في جلسات جماعة حوار المقبلة.

وتتوزع جلسات المحور لهذا الموسم على خمس جلسات، فإضافة إلى الجلسة الافتتاحية، يبحث المحور ظاهرة أحمد بن حنبل والمعتزلة، ابن رشد والتيار المضاد، الحلاج وفلسفة التصوف وعلاقتها بالسلطة السياسية، وطه حسين وخطاب التنوير في سياق السلطة الاجتماعية والدينية في عصره.

عكاظ ـ 29 أكتوبر 2009 م

24 مارس 2009

صباح تراهن على لغة الحب في زمن الآلة

تراهن الشاعرة صباح أبوعزة في إصدارها الأول «امرأة تهوى وحيدة»، على لغة الحب والعشق والعطاء الفطري الإنساني، رافضة الخروج مع المراهنين على الآلة والواقعية «الحديدية»، محتمية بذاكرة العاشقة في مواجهة الواقع، الذي يحاول البعض ابتكاره، باعتباره الأمر الذي لا مناص منه، ولا وسيلة للخروج عليه.
صباح تفتح في نصوصها عوالم فتاة لا زالت تراقب عتمة الليل، وتشعر بألم فجر مدينة حزينة، وتتخيل ليلة باردة وبابا موصدا لتهوى وحيدة. وكأن هذه الوحدة في العشق، مفارقة لصورة المرأة النمطية التي تهوى في حضور الآخر.
وتتخذ صباح مسارين للبوح بما يجري في دمها وروحها: المسار الأول جمل تتداعى سريعا لتصل إلى نافذة تطل من خلالها على الآخر/ الحبيب، وتتكئ في ذلك على توظيف كلمات دالة وواضحة تفوح بإشارات العشق والانتظار والصبر والغياب.
أما المسار الآخر، فهو سيطرة النصوص النثرية على معظم الكتاب، حيث دفع هذا القرار - أي ضم النصوص الشعرية والنثرية في كتاب واحد- إلى جعل الكتاب يفتقد بعض الشيء إلى الرشاقة ومحاصرته في جمل وكلمات وصور فائضة عن الحاجة، مما ألجم من قفزة في عوالم شعرية مفاتيحها كلمات لا تتحمل الإيضاحات والتفاسير. لكن، ورغم ذلك تبقى في الكتاب نصوص ذهبت بعيدا في الشعر، ولا تقف عند حدودها، بل تفتح في المخيلة مشاهد غنية بالتأويلات والأسئلة. ومن هذه النصوص، يمكن الإشارة إلى نص «أنا قلب الدائرة» و «أتدثر بوهم» و «تحول» و«أكتب وتقرأ» و«بين يديك وردة» وغيرها، كما أن الايقاع يحضر أيضا في شكل بارز في بعض النصوص.
ويبقى القول في الختام، إن «امرأة تهوى وحيدة»، الصادر عن آفالق للنشر، كتاب يستحق القراءة وطرح الأسئلة.
( الإثنين 26/03/1430هـ ) 23/ مارس/2009 العدد : 2836

19 مارس 2009

إلغاء متبادل «‏بعضلات» المصطلحات الثقيلة

ايلاف - GMT 21:45:00 2007 الأحد 16 ديسمبر

خلف علي الخلف:
رأى بعض الكتاب العرب أن ثمة فارقاً حاسماً أصبح واضحاً لصالح الأطراف، التي منها دول الخليج العربية. وفق التقسيمات المعهودة للعالم العربي كمراكز وأطراف، وهذا الفارق ليس فقط بسبب «‏صعود» الاطراف؛ بل إنه يلحظ أيضاً تآكل الدول التي كان ينظر إليها بوصفها "مركز" ثقافياً وسياسياً. ولخص بعضهم إشكالية النظرة المتبادلة بين الكتاب العرب وأقرانهم الخليجين بأنها نتاج سياسة لم تنظم حياة ‏البشر وفق القانون والإنتاج واحترام الآخر. كما أن الاشتباك بين الضفتين لا يخرج في الغالب عن سياقات ‏«‏الردح» بالتعبير المصري الدارج...وكانت إيلاف قد توجهت لعدد من الكتاب العرب حول إشكالية النظرة المتبادلة بين الكتاب العرب والكتاب الخليجين وسوء الفهم الذي يشوبها... في الجزء الأول تحدث عددا من الكتاب السعوديين حول هذه الأشكالية؛ وفي الجزء الثاني تحدث عدد من الكتاب من دول عربية مختلفة، وفي الحزء الأخير هذا يتحدث كتاب عرب آخرون. وقد آثرنا أن يكون بعضهم مقيماً في الخليج. وقد جاء في محور إيلاف الموجه للكتاب العرب «هناك دائما سوء فهم بين الكتاب العرب وكتاب الخليج عموما، ويبدو متعمداً في كثير من الأحيان. ففيما هناك تصور ذهني لدى الكاتب العربي بالعموم أن الخليج بلاد شاسعة من النفط والدولارات والرفاهية، والتخلف أيضا فإن هذا التصور ينتج استغرابا شديدا لديه وهو يقرأ اعمالا ابداعية مميزة من هذه البلدان، بل لا نغالي أنه يصاب بالدهشة! لأنها تكسر له مستقراً ذهنيا تكرّس مع اجتياح الاعلام التقدمي للعالم العربي في بداية عصر ‏«‏الثورات‏»‏ العربية ووسمه لهذه البلدان بالرجعية ليصبح كل ما يصدر عنها لا يمكنه الخروج من تحت هذه اليافطة... على الجانب الآخر هناك حساسية شديدة من قبل مثقفي الخليج اتجاه الكاتب العربي بأنه صوت عالي يضمر حقدا دفينا على شعوب هذه المنطقة، بسبب البحبوحة التي يعيشون فيها والتي جاءت مع ارتفاع المداخيل النفطية، وان الكاتب العربي لا يكتب إلا تحت هذا الضغط النفسي للحقد... وعندما يكتب غير ذلك فهو مأجور طامع بالمال، ومرتزق ليس إلا.. هناك نماذج كثيرة من الكتابات المدونة تفي بالغرض للاستشهاد ونحن هنا نتحدث عن كتل المثقفين التي تطلق شعارات التنوير والحداثة والأمة والـ... وفي لحظة التجاذب تعود -في الطرفين- الى جغرافية الانتماء، ولندع الانتماء متوقفا عند التسميات المعاصرة للدول العربية الناجزة، إذ أن هناك انتماءات لما قبل الدولة تظهر لدى المثقفين في تجاذباتهم داخل كل دولة على حدة. هل يمكن عقلنة هذه التصورات والوصول الى فهم مشترك.. فهم عام يستند الى اسس عقلانية في فهم خصائص كل منطقة، تتجاهل المستقر الذهني الاعلامي المؤسس ايديولوجيا أو شعارتيا أو جغرافياً أو قبائلياً، وتنحو باتجاه الوقائع الماثلة والفهم المستند الى قراءة النص نفسه أيّاً يكن هذا النص، بعيداً عن اسقاطاتنا الذاتية عليه وتأويله على نحو ما نريد قوله لا ما يقوله.. كيف لنا أن نتقدم باتجاه الانساني المشترك، والمشترك ليس بين شعوب المنطقة فحسب بل مع كل شعوب الدنيا. إنها مائدة للحوار بعيدا عن الشعاراتية التي تسم اللقاءات العربية الثقافية؛ الواقعية أو المتلفزة والتي ترطن بأننا شعب واحد، لغة واحدة... والحوار هنا ينطلق من رؤية تنظر للثقافة على أنها بالضرورة عابرة للقطرية...» هنا الجزء الثالث والأخير ولانزعم بكل الاحوال أنه تمت الإحاطة بالقضية بشكل يوفيها حقها من كل الجوانب؛ إذ لازلنا نعتقد أن ‏«‏سقف» المكتوب هو أقل من الشفاهي المتداول حول هذه الأمر، لكن هناك حسابات خاصة وعامة تجعل الخوض في هذه القضية بسقف مفتوح أمر لازال بعيداً. ونأمل أن نستكمل جوانب أخرى منها لاحقاً.
د. كامل صالح (شاعر وصحافي لبناني مقيم في السعودية)‏:
لا ابداع مع "العقلنة"‏

• تتسم الاشكالية المطروحة هنا في جانب كبير منها، بحفريات نفسية، إذا ‏صح التعبير، كما لا يستبعد الجانب الأخلاقي من هكذا مقاربات، لكن هل ‏المنتظر تقديم طروحات في هذين الجانبين؟ أو الوقوف على المسألة بجانبها ‏الظاهر من خلال صياغة الاشكالية التي اتسعت وتشعبت بهدف الوصول ‏الى ما خططت له سلفا؟ ‏• الانفعال الغريزي في مقاربة الاشكالية يدفع المرء إلى اتخاذ الجانب الحاد ‏منها سلبا غالبا، وبذلك يكون المجيب استجاب إلى الأهداف الخفية المنثورة ‏في مساحة السؤال المتشعب رغم وضوحه.‏• ماذا نعني بسؤال: هل يمكن عقلنة هذه التصورات والوصول الى فهم ‏مشترك؟ بعيدا عن طبيعة البراءة الظاهرة هنا، يمكن طرح مقاربة أخرى، ‏هل يبقى معنى للابداع إذا وضعنا العقلانية مسبقا أمام أعيننا؟ فالابداع هو ‏الابداع ان في تناوله لعوالم بنّاءة أو هدامة، والأمثلة التي يمكن ايرادها ‏كثيرة ووافرة وفرة الابداع الإنساني منذ عصور الكهوف إلى القرية ‏الصغيرة. فهذه المساحات التي يكشفها الابداع في تنوعه كافة أضاء جوانب ‏مختلفة عن شرائح بشرية في علاقاتها الاجتماعية والاقتصادية والفكرية ‏والدينية والعنصرية والحضارية، فالابداع هذا كان صادقا في تقديم المشهد ‏بمسطحاته ونتوءاته، وعندما كان هذا الابداع ينحو نحو "العقلانية" كان ‏يعجز عن عبور بوابة الخلود، وبالتالي يسقط، ولن ندخل هنا في أسباب ‏ذلك. ‏• لماذا نقول كل هذا؟ وهل قاربنا الاشكالية المطروحة؟ أقول: إن العمل أو ‏السعي إلى عقلنة هذه التصورات في الكتابات الابداعية بين الجانبين: ‏العربي والخليجي مسبقا، توصل برأيي إلى الـ "لا ابداع"، وتخنق إلى حد ‏كبير متعة التأويل التي تطلق القارئ إلى أبعاد ترتسم وفق فهمه، وهي تتباين ‏من قارئ إلى آخر.‏• آمل أن نعرف كيف نغتني من تمايزاتنا، واختلافاتنا، وحتى من "سوء الفهم" ‏من خلال ابداعاتنا بدلا من السعي إلى "عقلنتها".‏

16 مارس 2009

ملتقيا القاهرة يبحثان عن الشعر في زمن الرواية

يسعى ملتقيا الشعر اللذان انطلقا في القاهرة أمس، إلى إعادة الروح مجددا في الشعر العربي الكلاسيكي والجديد، في مواجهة سطوة حضور الرواية. وشهدت المملكة مثل هذا التوجه مع ملتقى الشعر الذي عقد في نادي جازان الأدبي، وحضره شعراء ونقاد من مناطق المملكة كافة. وبدا التساؤل الذي يطرح نفسه في هذا السياق: هل تتمكن ملتقيات الشعر -مهما بلغ عددها- من المساهمة بتغيير أمزجة القراء العرب الذين يقبلون بشكل مضطرد على الرواية لا الشعر؟.
يمكن في إجابة سريعة تبيان ذلك، من خلال ما تسرب من معلومات عن معرض الرياض للكتاب، حيث مبيعات الرواية تسيدت على معظم الأنواع الأخرى من كتب الفنون والآداب والعلوم، ومثال على ذلك أن رواية عبده خال الجديدة بيع منها فقط في الأيام الأولى من المعرض 700نسخة- هي النسخ الموجودة فقط- ورواية يوسف المحيميد «الحمام لا يطير في بريدة» بيع منها أكثر من 600 نسخة (حسب معلومات غير دقيقة)، وقس على ذلك من روايات أخرى، لكن لم يسمع أحد أن كتابا شعريا تخطت مبيعاته المئة في معرض للكتاب.
واذا كان ملتقيا الشعر في القاهرة؛ (الأول يعنى بالشعر الكلاسيكي والتفعيلة، والثاني يعنى بقصيدة النثر)، شكلا حالة انفصالية بين توجهين من الشعر، فان الرابح الأكبر من هذا الشرخ كما يؤكد المتابعون والنقاد، هي الرواية، التي يحافظ كتابها على الوتيرة التطويرية في كل عمل جديد، والخروج الى عوالم أخرى من الموضوعات، أو مقاربتها من زوايا جديدة.
ولم يخف الشاعر المصري محمود القرني وأحد منظمي ملتقى قصيدة النثر مخاوفه من الحال الذي وصل إليه الشعر العربي، وقال في هذا الإطار: «إن فكرة الملتقى قد ألحت على منظميه من الشعراء بسبب إقصاء الشعر والتراجع الواضح لحضوره في أجهزة الإعلام الرسمية كافة، إضافة إلى اتهام الشعر الجديد بالعداء للغة وتدمير التراث وعدم الاكتراث بالتاريخ العربي».
ويمكن سوق الكلام نفسه على لسان منظمي معرض القاهرة الدولي للشعر العربي الذي ينظمه المجلس الأعلى للثقافة في مصر. ووضعت لجنة الإعداد العلمي للملتقى برنامجا ثقافيا يضم العديد من المؤسسات الثقافية التي تستضيف أمسيات الشعراء.
يشارك في الملتقى أكثر من مائة شاعر وشاعرة وناقد وناقدة من مصر والعالم، وتحمل الدورة الثانية اسم الشاعر العربي خليل مطران، وتتناول محاوره (الشعر والملتقى، والشعر العربي وعلاقته بالشعراء العالمي، ومدخل إلى قراءة الشعر الآن، وقرن من التجديد والتجريب في الشعر العربي، والشعر والتعليم، والشعر والفنون الأخرى، والشعر والمستقبل). وتبلغ جائزة ملتقى الشعر العربي 100 ألف جنيه مصري، وفاز بجائزة الملتقى الأول عام 2007 الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.
( الإثنين 19/03/1430هـ ) 16/ مارس/2009 العدد : 2829

12 مارس 2009

جنون الحكاية


صباح زوين - النهار


يلفتنا في رواية كامل صالح, بل في صوته الجارح والمجروح, ذاك التهكم النابع من مرارة متجذرة يحملها الكاتب في وجدانه ويضفيها على الناس والاشياء.
يمثل كامل صالح اللبناني المثقف الواعي لحقيقة ما يحصل, إن على الساحة الثقافية او الساحة الاجتماعية. فمن ناحية هو العاطل عن العمل الذي لا يعثر على وظيفة سوى في محطة غسيل سيارات, ومن ناحية اخرى, يحمل شهادة جامعية وشغوف بالمعرفة لا يكف عن قراءة الفلسفة والادب فضلاً عن مراسلته بعض الصحف بين الحين والآخر. ويحاول في خضم كل تلك التفاهات اليومية الدخول الى الحياة العصرية العائمة على السطح, عنصراً اسطورياً اختلقه لنفسه, بغية ايهامها بأنه لا يزال ثمة ابعاد لوجودنا.
"جنون الحكاية" هو كل ذاك الهذيان الذي يعيشه الكاتب بين الحقيقة والكذب, اي بين ما ينبغي ان يكون وفق اقتناعاته وما هو قائم.
كامل صالح صورة الانسان المثقف, اي القلق, لا "المثقف" الذي يلعب دوراً اجتماعياً ما في الحلبات الثقافية.
"يسأل نفسه ولا ينتظر جواباً.
الاسئلة تثيره", وفي جانب آخر "لا تهمه المعرفة, فالمعرفة في تبدل مستمر".
ولأن كامل صالح يعرف فهو يتعذب.
وليس كل من يعرف هو عامل في الميدان الثقافي, بل من لا يعرف هو غالباً الذي يحشر ذاته الفارغة في هذا الميدان.
يقول ساخراً: "الرسامة حنان مثلاً في المستقبل تباع لوحاتها باسعار خيالية وتتحول الى مدرّسة جليلة في الرسم, وايضاً الشاعرة زهرة تتحول فحلة نسبة الى فحول الشعراء (...)".
نتفهم مرارة كامل صالح. لكن لمَ تلك "الميزوجينية" في حين ان كثراً من الذكور سخفاء أيضاً.


جريدة النهار -2000م

الجابري ....خاتمة «إشكالية» لأنشطة معرض الرياض

محمد عابد الجابري

يبدو أن المنظمين لمعرض الكتاب في الرياض راهنوا على أن يحتفظوا للمعرض بوهجه حتى اللحظة الأخيرة، وذلك حينما اختاروا أن تكون التجربة التأليفية للمفكر محمد عابد الجابري خاتمة للأنشطة المقامة على هامشه.

مزيج من الترقب والقلق ظل يساور قلوب المتابعين للأنشطة الثقافية بانتظار مساء اليوم، وباب احتمالات الفهم وسوء الفهم يبقى مشروعا حتى اختتام الأمسية، وذلك على خلفية الإشكاليات التي تصاحب الجابري في معظم ما يطرحه من أفكار وآراء في كتاباته «المثيرة» للجدل.

ولا يخفى في هذا المقام، أن المفكر الذي صدر له عشرات المؤلفات في التراث والفكر العربيين، فضلا عن مقالاته ومحاضراته ومركزه الأكاديمي، لم يلق مكانا مقبولا بين أتباع الفكر الأصولي ولا الفكر العلماني على السواء، فالطرفان يوجهان له انتقادات حادة، ويرفضان بعض ما يطرحه من أفكار في الحراك العقلي العربي والإسلامي. ويستعاد في هذا الإطار، ما قاله الكاتب السوري -المحسوب على الطرف العلماني- جورج طرابيشي، عندما اتهم الجابري بـ«معاداة العلمانية»، ودعوة الشيخ عبد الرحمن البراك- المحسوب على السلفية- الذي دعا

4 مارس 2009

"ترمي بشرر" للخال.. تشابك العلاقات والوقوف على مفاصل التغيرات


صدر للروائي عبده خال عمله الإبداعي الجديد «ترمي بشرر» عن منشورات دار الجمل في ألمانيا.

الرواية التي تعرض في معرض الرياض هي الثامنة لخال، وتقع في 340 صفحة من القطع الوسط.

يتبع خال في عمله الجديد تكنيك الكولاج (أي القص واللزق) لأبطال الرواية، والزمن، فيسترجع حوادث وتواريخ غائرة في ذاكرة المجتمع، يكون لها انعكاس مباشر على شخصيات الرواية. وتلعب شخوص كثيرة دور البطولة في العمل، يربطها الراوي في تشابك العلاقات والوقوف على مفاصل التغيرات الاجتماعية، والعمرانية والسلوكية التي عصفت بهم، وأخرجتهم من أحيائهم البسيطة الهامشية لمواجهة «ما لا يستطيعون عليه صبرا».

الرواية لا تكتفي بالشخصيات المحلية، بل تتخذ من القادمين الى المملكة عجينة مضافة لأحداث ذلك التغير القيمي للسلوكيات والأخلاق.

أحداث الرواية تقع في مدينة جدة، وتغطي فترة الأربعين سنة الماضية، وتنتهي مع اليوم الأول من العام الهجري الحالي 1430.


( الأربعاء 07/03/1430هـ ) 04/ مارس/2009 العدد : 2817

28 فبراير 2009

الشاعر كامل صالح: القلق طاقة عظيمة للإبداع مقروناً بالسؤال العارف

"فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي" أطروحته للدكتوراه

حاوره: وليد علاء الدين

حصل الشاعر والروائي الناقد اللبناني كامل فرحان صالح اخيراً على درجة الدكتوراه عن أطروحته المثيرة للجدل “الشعر والدين، فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي”، التي استعرض فيها للعلاقة بين الديني والشعري في الشعر العربي منذ ما قبل الإسلام وحتى الشعر العربي المعاصر، وخلص منها إلى أن الدين والشعر كانا في العصور القديمة ضمن إطار واحد، فالنص الديني هو نص شعري، والعكس صحيح، لكن ظهور الإسلام، أدى إلى الفصل بينهما، وسلط الضوء على نتائج ذلك الفصل في الشكل والمضمون، ومحاولات الخروج عليه والأشكال التي أسفرت عنه
ا تلك المحاولات قديماً وحديثاً. ويرى كامل صالح أن كل تحركات الشعر العربي صعوداً وهبوطاً خرجت من ذلك الفصل، كانشغال الشعر بالكشف والرؤيا والاستشراف، واتساع مساحة ال(أنا) لتكون ال(نحن)، وتوحد دور الشاعر مع دور النبي، وذلك الاتكاء الحاد على النص الديني لتحويره كي يوافق خطاب الشاعر في لباس النبي وموقفه ومفهومه. مشيراً إلى محاولات بدر شاكر السياب وأمل دنقل وخليل حاوي ويوسف الخال وأدونيس وغيرهم. مؤكداً أن الدائرة التي انقطعت عادت لتتصل بين النصين الديني والشعري. بالإضافة إلى انشغالاته البحثية يمارس كامل صالح العمل الصحافي، والكتابة الإبداعية وله في الشعر: “أحزان مرئية” دار الحداثة ،1985 “شوارع داخل الجسد” دار الهيثم ،1991 و”كنّاس الكلام”- دار الحداثة ،1993 وفي الرواية: “جنون الحكاية”. دار الحداثة- ،2000 وله تحت الطبع : مقام الأنثى شعر، هنا حوار معه حول أطروحته الأخيرة وتجربته في الشعر والرواية:
تطرقت في أطروحتك لنيل درجة الدكتوراه إلى فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي، واستعرضت العلاقة بين الديني والشعري في الشعر العربي منذ ما قبل الإسلام وحتى الشعر العربي المعاصر، هل يمكن تلخيص أهم النتائج التي توصلت إليها خلال تلك الدراسة؟
- بإيجاز شديد، يمكن القول إن الدين والشعر كانا في العصور القديمة ضمن إطار واحد، فالنص الديني هو

هناء حجازي تكسر القلم وتنام في كتابها الجديد


لجأت الى «النصوص» لتواصل مشروعها الحالم


لجأت القاصة هناء حجازي في كتابها الصادر حديثا «هل رأيتني كنت أمشي في الشارع» لوضع عبارة «نصوص» على الغلاف وهذا ما جنب الكتاب الانتماء الى فن أدبي محدد: القصة او الشعر بحيث قدمت لنفسها مساحة حرة من الكتابة هدفها الوحيد التعبير عن الذات في أي شكل أدبي دون التقيد بالاطارات المعروفة سلفا.هناء اذا صح القول وضعت هواجسها، احلامها، خوفها، قلقها، يومياتها، مواقفها، طفولتها، صباها.. في لغة تسعى لتكون صادقة وواقعية وصارخة فألمها في مفارقاتها.

الكتاب الصادر عن مؤسسة الانتشار العربي وقع في 125 صفحة وضم 38 نصا طغى عليه البوح الداخلي واسلوب المونولوج بصيغ تنوعت بين التعابير الشعرية والسردية كتبت بين عامي 1991م و عام 2005م رغم سيطرة واضحة للنصوص المكتوبة عام 2003م.يلاحظ في النصوص الجرأة في كسر دوائر الروح فتطلق هناء حبرها ليرحل اينما شاء ضمن حدود عالمها الخاص كأمرأة خليجية تتململ من كثير من العادات الاجتماعية والدلالات المتوارثة تقول في مستهل الكتاب: «كسرت قلمي فانتشرت رائحة نفاذة لم تعجبهم خبأتها تحت وسادتي ونمت» فهي لا يهمها العناوين العريضة والصارخة وهي لا تريد شن المعارك والازالة بقدر سعيها لتصحيح النظرة وفق الحياة المعاصرة والبناء الايجابي على تراكمات شابها الكثير من السلبيات وفي نص «قرارات عادية» تقول: كنت أحب كتابة الشعر، كان يهيأ لي اني شاعرة لكنه اقنعني بغير ذلك رضيت من الغنيمة بكتابة القصة لا اعلم ان كان ضحك علي لكني أحب الكتابة.. كتبت.هذا ما باحت به هناء عام 1995م عن نفسها وعن بداياتها فهي في النهاية تريد ان تكتب الشعر او القصة لا يهم وتواصل لتعلن المفارقة امام هذا كله: «حين قررت ان ادرس الطب لم اكن احب ان ارى الدم او اشفي الناس كان همي الوحيد أن اختلط بالرجال وامشي في ردهات المستشسفى بدون رداء أسود.. الان كثر اللون الاسود بين الطبيبات واصبح معظمهن يمشين بقناع أسود.. وينظرن الي باشمئزاز»..هكذا تستعيد هناء اهم محطة في حياتها حيث اصبحت طبيبة في الواقع فالمسألة تتخطى أهمية الطموح العلمي الذي يمكن ملامسته في اي مكان بالعالم الى طموح من نوع آخر حلم يؤرقها وهي الانتقال من «الاسود» الى «الابيض» في الاشارة الى تغيير لون الثوب وهي الرغبة بتأكيد ثنائية الحياة الرجل والمرأة فالحياة بالنسبة لهناء كانت تتجسد في ردهات المستشفيات فقط ولكن ها هي تعود لتتماهى مع حياة المجتمع المحيط بها وهو الاقوى والغالب.

بالانتقال الى اجواء اخرى في الكتاب يمكن رصد الكثير من الصور المكثفة واللغة الغارقة في رمزيتها وهناء قدرت في اكثر من موضع في نصوصها ان تقدم نفسها كشاعرة حديثة تعي تماما المشهدية الشعرية في لحظات انفلاجها على البياض تقول في نص «عزاء حلم ميت»..

«اقمت مجلسا للعزاء داخل قلبيفيه كرسي واحدالمدعوون أنا»

وتواصل في النص نفسه:

«قال لي الرحلة طويلة

في نصف الطريق توقف

تركني بدون يد»

وتواصل:«أنسى متى ولدت «بالهجري أم الميلادي» الايام جميلة لكني ولدت فيها:
وتخلص قائلة:
«حين أموت.. او صيت ان يدفنوا حلمي في مكان آخر»
واذا اراد القارئ ان يربط الكتاب بعنوان النص الذي يحمله يعي تماما المربعات التي تقف عليها هناء حجازي ويعي تماما مثابرتها في مواصلة الحفر ونثر الاحلام فالنص يأتي ضمن سياقات مشروع هناء الحالم، انما المفارقة اذا تمت قراءته خارج مسار واقعه فهو لا يقول شيئا ولا يدهش احدا لكنه ضمن بيئته يشكل صدمة ويرسم الدهشة المتقاطعة مع الالم.

هناء تختم النص بهذه الجملة التي تختصر الحكاية والمدخل لطرح النقاشات ومفاصل الحياة التي تعيشها المرأة تقول «اعتقد انني سأموت قبل ان يرى شارعنا شعري الخفيف وهو يتطاير في الهواء».
( الأربعاء 07/04/1428هـ ) 25/ أبريل/2007 العدد : 2138

الروائي العربي... بين تسلط "الأنا" وامتحان "الآخر"



الآخر في الرواية العربية: "أنا" الروائي و"شخصياته"



د. كامل فرحان صالح*

"لا أعرف نفسي تماما
لئلا أضيّعها
وأنا ما أنا
وأنا آخري في ثنائية
تتناغم بين الكلام وبين الإشارة"
محمود درويش – "كزهر اللوز أو أبعد" – دار رياض الريس – بيروت (ص184)

تستوي "الأنا" في الحضور والتشكل من خلال "آخر"، فادراك "آخر" يتموضع في مركزية "الأنا" التي هي "آخر" بدورها في مشهدية متكاملة لطرف خارج هذه الثنائية.
ليكون "آخر" لا بد من "أنا" ولتكون "أنا" لا بد من "آخر". ولعل التشبيه الأقرب لهذه الثنائية المحكومة بالاتصال، العملة الواحدة ذات الوجهين.
لكن هذه المسألة الدقيقة لا يمكن الركون إليها بأي حال من الأحوال، واعتبارها مسلّمة نهائية أو قاعدة قابلة لتكون صحيحة دائما. فعند اتساع الدائرة لكل طرف من هذه الثنائية يلاحظ حضور "أنا" متعددة كذلك "آخر" متعدد، وتصبح بذلك "الأنا" و"الآخر" في دائرة "الأنا" الواحدة.
إذا سعى المرء لملاحظة هذا بشكل ما، يمكنه أن يتلمس ذلك بعمل روائي، إذ المؤلف هو "الأنا" المركزية وروايته بما تتضمن من شخصيات متقابلة ومتصارعة هي "آخر" من خلاله.
"أنا" الروائي كليّة الاستبداد بـ "الآخر" التي تخلقه، فهو وليدها ولا يمكن لهذا "الآخر" التصرف أو التحكم بمصيره دون "أنا" الروائي المسيطرة بالمطلق، وبالتالي فان "الأنا" هي الغالبة بشكل حتمي في المعادلة الروائية.
هذا المستوى من المقاربة للروائي وعمله يمكن ملامسته على أكثر من مستوى في الواقع امتدادًا إلى الحضور التاريخي للإنسان.
لكن، وبعيدًا عن ذلك، فان الحكم على نجاح الروائي و"أناه" الكلية الحضور في عمله، يبقى معلقًا على مقدرة هذه "الأنا" بافساحها مساحة لتموضع "الآخر" – أي الشخصية الروائية – فيها، وإظهار اختلافاتها وهواجسها وقلقها وإنسانيتها بطبيعة الحال، وكلما كان الإفساح متسعًا جاء "الآخر" من خلال "الأنا" الكلية للروائي، مقنعًا، وبالتالي ناجحًا إذا صح التعبير.
هل ""أنا" الروائي تتماثل مع ما يسمى "الانفصام بالشخصية"؟
سؤال يجد مسوغه في مقاربة الأنا والآخر الخاصتين بالروائي وروايته. فبرضا ما يجد المتابع نفسه ملزمًا بالاقتناع أن الروائي الناجح عليه أن يكون "انفصاميًا"، إنما هذا يمكن وصفه بالانفصام الحميد حيث بامكان الروائي حماية "أناه" خلال وعند الانتهاء من كتابة روايته، فيقدر على اتخاذ القرار الحكيم لقتل "الآخر" ودفنه مع طي الورقة الأخيرة.
إن ميكانزم العلاقة هنا غاية في الحساسية حيث تموج فيها "حضورات" متعددة ومتناقضة غالبًا، فالأنا الروائي عليها أن تختزل أكثر من آخر فيها يتمتع بمساحة حضور في زمان ومكان وسياق مختلف عن "آخر" غيره، لأن أي وجود للأنا ولو بنسبة ضئيلة في هذا الآخر يجعله يفقد مصداقيته وحقه المشروع في استقلاليته وقراراته. لذا، يلاحظ أن عمل الروائي يوصف أحيانًا بـ "العالم" بكل ما تعنيه هذه الكلمة من دلالات.
الروائي الناجح إذًا، هو القادر على خلق "آخر" يتمتع بشروط حضوره الانساني/ المتخيل كله، والروائي الفاشل، وفق هذه الرؤية، غير القادر على تمهيد الدرب لعبور كامل الآخر وفق ما تحتاج إليه روايته.
واذا شئت لسبب خاص عدم التوسع في هذا الجانب تطبيقيا فاني أكتفي بنماذج محددة بقدر سعيها لتعزيز الفكرة المطروحة فانها تطل على "أنا" الروائي المتسعة لتشمل ليس الآخر مجردا فحسب بل وجوده الدرامي المتصادم مع الأنا بشكل مدوٍّ.
يقول غازي القصيبي على لسان بطل روايته "العصفورية":



"يهودية؟! يهودية؟! يهودية؟! ولا تقولين لي! ولا تخبرينني! تسمعينني أسبّ إسرائيل وألعن الصهاينة وأنت صامتة؟ تطبعين خطبي في تأييد القضية الفلسطينية ولا تتكلمين؟ هل أنت جاسوسة إسرائيلية؟" (ص 74).
بهذه الانفعالية الشديدة يعبر البروفيسور بطل الرواية عن صدمته بعد أن اكتشف أن الفتاة سوزان التي يقيم معها علاقة في أميركا يهودية. ويعلل ذلك بالقول: اليهودية لم تغضبه، إنما أغضبه عدم اطلاعها إياه على يهوديتها، الأمر الذي دفعه للظن أنها تعمل لحساب الاستخبارات الإسرائيلية.
الروائي في هذه المشهدية من الرواية تحديدًا يقدم شكلين، بداية، لحضور "أنا" شخصياته، وعلى الرغم من أن الشخصية الأولى تختزل بكلامها حضور الشخصية الأخرى، فانها سعت دون أن تدري ربما إلى إظهار استقلالية هذه الشخصية في هذا الجانب خاصةً، بمعنى أن شخصية الفتاة التي هي ضمن أنا الروائي وهي آخر بالنسبة إليه والى بطل روايته في الوقت نفسه، أبدت جانبا من الثقافة أو التربية الغربية – إذا صح التعبير والإيحاء- فهي تمكنت من سماع رأي "الآخر" المطروح بشعبها ودولتها دون أن تظهر انفعالا في هذا الجانب، بل ساهمت بشكل من الأشكال بتمكنه من نقل هذه الآراء دون أي اعتراض من قبلها. فيما البطل العربي وهو الحامل للقب علمي عال فشل في هذا الجانب، مسارعا بتفسير قبولها أو صمتها عما يقوله بالعمل لحساب المخابرات الإسرائيلية.
هنا يمكن القول بسقوط مقولة: "ان الآخر والعلاقة معه لا تزال من المصطلحات النخبوية ولم تحوّل لخطاب شعبي"، حيث ان بعض هذه النخبة تقع في الانفعال الشعبي عند أول احتكاك لها بآخر مختلف.
نجح الروائي في هذه الجزئية من روايته باقناع القارئ وهو الآخر المستقل بشكل كامل عنه، وذلك بتمكنه من استحضار شخصياته بمشهدية متصادمة تضمنت فيما تضمنته: الفعل ورد الفعل لشخصيتين، تجسد بحضور مكثف لتربية وثقافة كل منهما في سياق اجتماعي مختلف، على الرغم من اجتماعهما في مكان واحد وارتباطهما معًا بعلاقة ما.

في المقابل ان رواية "نباح" لعبده خال هي - إذا أمكن القول - رواية يتعدد فيها خطاب الأنا والآخر بحضورات مختلفة، وإذا شاءت الورقة الابتعاد عن علاقة الأنا المحلية بالآخر العربي فان هذا لإدراك أهمية هذه الجانب الذي يحتاج إلى دراسة منفصلة ومتعمقة لحضورها الغني والواسع والمؤلم إذا صح التعبير.
يذكر الراوي حوارا جرى بين عدد من شخصيات الرواية يقول:
"خرج سراج الينبعاوي من دورة المياه، ووضوؤه يتقطر من لحيته الكثة، ووقف متسائلا:
- كل واحد من الفريقين يدّعي أن الحق معه، فصدام يرفع شعار الله أكبر، ونحن نرفع لا اله إلا الله محمد رسول الله، فأين هو الحق من الفريقين؟
- هذه فتنة من اجتنبها غنم.
- هذه فتنة أمريكا، وبعض أعوانها من العرب.
- لعنة الله على أمريكا، وعلى الصهاينة الكلاب.
- ولا تنس لعنة الله الكبرى على صدام الذي تسبب في كل هذه الكوارث".
هذا الخطاب الشعبي الذي جرى تداوله في الواقع وعلى أكثر من لسان، سعى الخال لاثباته في روايته، فالرواية تبقى وثيقة مهمة للتاريخ كما حصل مع روايات أخرى عربيا وعالميا. ولعل الدلالة واضحة هنا بأن الشخصيات تتحدث عن حرب الخليج وتحديدا عندما هدد الرئيس العراقي السابق صدام حسين بقصف المملكة وقد فعل ذلك، وشكل هذا الحدث ردود فعل متفاوتة في الشارع العربي عامة والسعودي خاصة. إنما ما يظهر هنا هو الارتباك الواضح في حديث الشخصية الأولى، حيث بدا صدام الذي من المفترض أن يكون "الأنا" بالاشارة إلى رفعه شعار "الله أكبر" الذي يرفعه العالم الإسلامي عامة والمملكة خاصة، صداما "آخر" لتسببه بكل هذه الكوارث عندما تواطأ مع "الآخر" أميركا وإسرائيل بتحقيق الفتنة.
وقد أشار الراوي إلى هذا الشرخ القاتل عندما قال في مكان آخر من روايته:
"حرب الخليج هذه الكارثة التي اصطلينا بها كدجاج جلب من حظيرة لتقديمه في وليمة عشاء فاخرة، وكان على المدعوين تنفيذ شرط الوليمة: الاستمتاع بالشواء، وترك لحمنا ينز، يتساقط زيته على نار مستعرة من غير أن تمسسه يد!".
ويمضي متسائلا:
"- كم ضحية نضج جسدها في حفلة الشواء تلك؟ إبراهيم المؤذن، ياسين، أبو ناب، عيسى شرف، وفاء، زينب، فؤاد، ليلى، محسن، أنا، زوجتي،
أطفالي، العم جابر وحفيده، زوجة ابنه، وآلاف من البشر الذين لا أعرفهم.
جميعا كنا في قضيب واحد نكمل دورة الشواء على مهل، كل منا تساقط لحمه في تلك النار المتأججة، أُخِذَ من أجسادنا ما لم يؤخذ من جسدي صدام، أو بوش مثلا."
هنا تبدو الأنا متشظية مرتبكة مشروخة فاقدة الرؤية والرأي السليم، فيما يلحظ أن ثمة شبه إجماع على لعن "الآخر" أمريكا والصهاينة، واتهامهما بالفتنة الواقعة.
أمام هذا الاتهام لا يمكن لوم العامة على اعتقادها هذا، فبطل رواية القصيبي وهو بروفيسور، سارع بدوره إلى اتهام الفتاة اليهودية بالعمالة فورًا لسبب بسيط أنها لم تشأ الإعلان عن دينها أمامه، لأن هذا شأن شخصي وخاص غربيا، ومن المفترض أن يكون عربيا أيضًا، حيث هناك شرائح من الأديان الأخرى بل وضمن المؤمنين بالإسلام نفسه يحرص البعض منهم على عدم الافصاح عن مذهبهم أمام أشخاص ينتمون لمذهب آخر.
في مكان آخر من رواية نباح نقرأ ما يلي:
" - وقعنا في خطأ تكتيكي حيث كان علينا أن نجاهد هنا، وليس في أفغانستان. لو أننا بقينا هنا لما سمحنا للكفار أن تطأ أقدامهم تراب الأرض المقدسة".
وتمضي الشخصية قائلة بعد أن أخذتها الحمية فتمادت في صب اللوم على المتقاعسين عن نصرة الدين:
"- هل تعلمون إن النساء الأمريكيات في كل بقعة من بلاد الحرمين. هم يريدون إخراج نسائنا من بيوتهن ليتبرجن تبرج الجاهلية؟
كان الكل معلقا بصره في وجهه، الكل يسرق شيئا من تلك الملامح العذبة، والكل منجرفا مع كلماته الحماسية يتوقدون شوقا لفعل أي شيء:
- هل تعلمون أيضا أن أمريكا تريد إخراجنا من ديننا بدعوات الفاسقين، والفاسقات من أبناء أمتنا، فمظهر دعوتهم بريء كأن يقال: الدخول في العصر، التحديث، المواكبة.. كل هذه المفردات ستجعل شبابنا ينسل من دينه كما تنسل الشعرة من العجين".
إن مستوى وعي "الأنا" بـ "الآخر" في هذا الجانب من الرواية، وصل إلى ذروة الراديكالية باعتبارها "الآخر" شرًا مطلقا، لذا من الضرورة أن تنادي بإلغائه قبل أن يلغيها.
وقد توسل خطاب "الأنا" في ذلك مستوى: "النساء الأمريكيات"، واعتبار أمريكا بالمطلق تريد إخراج "الأنا" من دينها بدعوات الفاسقين والفاسقات من أبناء أمتها". وهذا الخطر الحقيقي الذي ترى فيه "الأنا" المتعلقة بنقاء ما في تاريخها، تهديدا يقطع سعيها لالتحام ممتد من المستقبل إلى الحاضر والماضي، لا مجال فيه لتشويه "الأنا" وازاحتها عن مسيرها نحو ما تراه انه خلاصها.
هذا التأطير للآخر في حيز اعتباره "شرا مطلقا" كما جسدته الرواية لم يكن ببعيد عن تمسك وعي البعض في الواقع بالإيمان نفسه. فـ "أنا" الروائي هنا خصصت مساحة رحبة للشخصيات المعبرة عن "أنا" النقاء – إذا صح التعبير – لتنقل كل هواجسها وعدائيتها تجاه "الآخر" دون تدخل يذكر من قبلها إلا في حدود اخضاعها لسياق السرد والأحداث، وكانت أمينة الى حد كبير في ذلك.
تتساءل الرواية في مكان آخر: "... وياسين هل انقلب على الأمريكان الذين حملوه من حي بائس ليكون ربيبا لهم فإذا به ينكص من هناك بحثا عن شعر أشقر ليشبعه طعنا.. اختلف زمن الطعن فحين كنا نتعلق بفروع الشجر مطلين على السفارة الأمريكية، كان ياسين يبحث عن جسد لدن يطعنه للمتعة أما الآن فهو زمن الطعن المستوحش!!".
التأزم يتعمق بين "الأنا" و"الآخر" أمام هذا التساؤل القاسي، عندما يعي القارئ أن الساعي لإلغاء "الآخر" كان ربيب هذا الآخر نفسه.. لكن عندما شبّ خرج عن طوقه وأراد "قتله". هذه المشهدية التراجيدية يلاحظ مدى محاكاتها لعقدة قتل الأب، لكن ليس لسبب نفسي وحسب بل تراكمت العقدة لتشمل تراكمات إيمانية وتاريخية، فبات من غير الممكن لهذه "الأنا" أن تحافظ على نقائها بغير قتل الآخر، ولو اقتضى الأمر الذهاب إلى معقله وضربه هناك.
"أنا" الروائي العربي سعت لتأمل الآخر ضمنها بوضوح حينًا، وبتوتر عال في معظم الأحيان. فالآخر المنتصر واقعا جعل أنا الروائي العربي تجهد لتخرج من هزيمتها بمشهديات متوترة قلقة قاسية مع ذاتها ومع محيطها، وبدا "الآخر" هو الساعي لتقويض خيط البراءة والطمأنينة المتوارثة. وقد أشار الروائي إلى أن اختزال ثقافة الأنا في "الأصالة" رفض للتعدد وحجب لدور الآخر، وقد رفع البعض منهم من خطابهم ليبينوا: أن التسلح بالماضي أشبه بنعامة تدفن رأسها بالرمل، وأن لا خصوصية لثقافة الأنا سوى أسئلتها، وان تجددها يكون بالنقد والجدل وأحيانا بخيانة المسلمات التي كانت قائمة عليها.
وإذا كان لا بد من كلمة في الخلاصة فإن المطلوب هو خلق مسافة بيننا وبين أنفسنا وردم الهوة القائمة بيننا وبين الآخر. ولعل مقولة "الأنا هبة الآخرين" تحتم على القيادات الفكرية والسياسية والاقتصادية أن تدخل مجتمعاتنا ومؤسساتنا وثقافتنا إلى زمن الاختلاف، وتخليصها من نظرية المؤامرة ومنطق النعامة وموضعة الآخر. والتأكيد على أن لا وجود لأنا نقية وواحدة ومنتهية ومطلقة، كما انه لا وجود لآخر واحد ونقي.



* ورقة بحثية ألقيت في نادي جدة الادبي ضمن محور: الأنا والاخر في الرواية


- جدة في 12/ 2/ 2006م.
· kamelsaleh@hotmail.com

27 فبراير 2009

معارض الكتب تعكس الارتباك الثقافي


تتداخل زمنيا 3 معارض خليجية للكتب تعقد في أقل من شهر.

ويعكس هذا التداخل كما يرى متابعون، حالة الارتباك التي يعيشها قطاع الثقافة عامة والنشر خاصة، ليس في الخليج وحسب بل والعالم العربي أيضا.

ويأتي الحديث عن التداخل الزمني، على خلفية إقامة 3 معارض للكتاب في كل من مسقط والرياض وأبو ظبي، وفيما بدأ معرض مسقط أنشطته، فإن معرض الرياض ينطلق في اليوم الأخير منه، أي في 6 مارس، ويستمر إلى 16 مارس، أي قبل يوم واحد فقط من انطلاق معرض أبوظبي للكتاب الذي ينطلق في 17 ويستمر إلى 22 مارس.

ويرى مثقفون ومتابعون أن هذا التداخل لا يقدم مشهدا إيجابيا عن واقع الثقافة العربية، بل يأتي ليقرأ الارتباك وعدم التنظيم الثقافي الذي يمتد من المحيط إلى الخليج –كما قالوا-، مشيرين في الوقت نفسه الى أن الخطاب الثقافي الضمني الإيجابي لهذه المعارض، يتبعثر أمام هذا الوضع، ويصبح هم الناشرين كيفية الالتزام بمواعيد المعارض المتداخلة فيما بينها، وأي معرض يختارونه للمشاركة على حساب معرض آخر.

ويدعو متابعون وناشرون للخروج من هذه الإشكالية بعقد اجتماع على مستوى وزارات الثقافة في العالم العربي بالتعاون مع الناشرين، ويكون هدفه تنظيم مواعيد معارض الكتب بحيث يكون هناك متسع زمني فيما بينها، تمكن الجميع من المشاركة فيها.

ويشدد الناشرون على أهمية مشاركات المسؤولين عن وزارات الثقافة في هذا الاجتماع، لأن هناك -وكما يقولون- مؤتمرات عربية عدة عقدت في السنوات السابقة، لحل هذه الإشكالية، إلا ان وكما يبدو على أرض الواقع جميع قرارات هذه المؤتمرات وضعت على الرف، ليبقى وضع التداخل الزمني بين معارض الكتب قائما، دون حل.


( الجمعة 02/03/1430هـ ) 27/ فبراير/2009 العدد : 2812

21 فبراير 2009

الشعراء المائيون السياب نموذجًا

د. كامل فرحان صالح

ملاحظة: جزء كبير من هذا البحث منشور في كتابي: الشعر والدين

الماء تطهير وشرط للخصب، ألم يطهر الله الأرض بالطوفان؟، ويخلق من الماء كل شيء حي (2)؟ وعندما لا تمطر السماء، ألا يقيم المسلمون "صلاة الاستسقاء" تضرعًا لله تعالى، وذلك كي يغيث الأرض والعباد؟ وعندما يصعد المؤمن إلى السماء، ألا يسكن في جنة تجري من تحتها الأنهار؟ وألم يقدم السيد المسيح الماء إلى تلامذته، قائلاً: "اشربوا هذا دمي".. ومشى فوق الماء.. وتعمّد بالماء (3) ؟ وحوّل الماء إلى خمر في عرس الجليل، وكانت هذه أولى معجزاته (4)؟
لذا يعدّ الماء من العناصر المقدسة في الأديان وبخاصة عند المسيحيين، إذ ليس يقدر أحد الدخول ملكوت السموات ما لم يولد من الماء والروح (5). من هنا كانت المعمودية بالماء بمثابة العودة إلى رحم الأم ليولد المؤمن من جديد(6). ويقول السيد المسيح: من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا له، فلن يعطش أبدًا، فإن الماء الذي أعطيه له ينقلب فيه نبعًا يتفجر حياة أبدية(7). كما ارتبط رمز الماء بمريم العذراء في صلوات الكنيسة: "افرحي يا ينبوع الماء الحي الذي لا يفرغ(8)".
ويمكن القول إن الماء رمز من رموز الأمومة(9)، وهو الحركة التي تدعونا إلى السفر، لأن المياه الجامدة توحي بالموت وتدعو له(10). لهذا يمكن اعتبار الأم والماء من رموز المسيح التي تشير إلى ثيمة الموت والانبعاث(11).
يلحظ، بدءًا من ذلك، مدى أهمية الماء لا للبشر وحسب إنما للدين أيضًا، وهو كذلك للشعر العربي الحديث.
لعل أكثر الشعراء العرب "مائية"، إذا صح التعبير، هو

20 فبراير 2009

الطيب يترك «الزين» ويهاجر إلى مواسم النهاية



روايته تعد الأولى في طرح الصدام بين الحضارات

شكل رحيل الروائي السوداني الطيب صالح في لندن أمس صدمة للوسط الثقافي العربي، فهذا الرجل يعد من أوائل الروائيين العرب الذي طرح الصدام بين الحضارات إبداعيا، وحفر عميقا في الوعي الإنساني، إذ معظم أعماله تمت ترجمتها الى أكثر من لغة عالمية، ولعل أبرزها «موسم الهجرة الى الشمال» التي طالتها عشرات الدراسات بالبحث والتحليل والنقد لما تتضمنه من مفاتيح يمكن استخدامها في مقاربة العلاقة بين الشرق والغرب. وفي هذا السياق، خرج بطل الرواية مصطفى سعيد من سياق أحداث الرواية ليتحول الى رمز لهذه العلاقة المتوترة بين عالمين شهدا الكثير من الإشكاليات والحروب والخوف والألم والتسلط، فجاء البطل ليكون المهزوم الأول أمام تحديات بناء جسور متينة تستند الى الاحترام المتبادل والندية الحضارية.ورغم غياب الطيب صالح بجسده عن هذا العالم، فان أعماله الروائية والقصصية ذخيرة لا لبحث الباحثين نقادا كانوا أم مؤرخين، فهو عالم ثري مليء بقضايا إنسان العالم الثالث الذي آمن به صالح وعبر عن همومه وآلامه وأفراحه وإحباطاته.


من كرمكول الى لندن

ولد الطيب صالح عام 1929، في إقليم مروى شمالي السودان بقرية كَرْمَكوْل قرب قرية دبة الفقراء، وهي إحدى قرى قبيلة البديرية التي ينتسب إليها. وقد وافته المنية في العاصمة البريطانية لندن صباح أمس عن عمر يناهز الثمانين عاما. عاش صالح مطلع حياته وطفولته في ذلك الإقليم، وفي شبابه انتقل إلى الخرطوم لإكمال دراسته فحصل من جامعتها على درجة البكالوريوس في العلوم. سافر إلى إنجلترا حيث واصل دراسته, وغيّر تخصصه إلى دراسة الشؤون الدولية. تنقل صالح بين عدة مواقع مهنية فعدا عن خبرة قصيرة في إدارة مدرسة، عمل لسنوات طويلة من حياته في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية, وترقى بها حتى وصل إلى منصب مدير قسم الدراما، وبعد استقالته من البي بي سي عاد إلى السودان وعمل لفترة في الإذاعة السودانية, ثم هاجر إلى دولة قطر وعمل في وزارة إعلامها وكيلا ومشرفا على أجهزتها. عمل بعد ذلك مديرا إقليميا بمنظمة اليونيسكو في باريس، وممثلا لهذه المنظمة في الخليج العربي. ويمكن القول ان حالة الترحال والتنقل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب أكسبته خبرة واسعة بأحوال الحياة والعالم، وأهم من ذلك أحوال أمته وقضاياها وهو ما وظفه في كتاباته وأعماله الروائية وخاصة روايته العالمية «موسم الهجرة إلى الشمال» الصادرة عام 1966 م.وكتب العديد من الروايات التي ترجمت إلى أكثر من 30 لغة وهي « موسم الهجرة إلى الشمال» و«عرس الزين» و«مريود» و«ضو البيت» و«دومة ود حامد» و«منسى». وتعتبر “موسم الهجرة إلى الشمال” واحدة من أفضل مائة رواية في العالم، وحصلت على العديد من الجوائز، ونشرت لأول مرة في أواخر الستينات من القرن العشرين في بيروت وتم تتويجه “كعبقري الأدب العربي”. في عام 2001 تم الاعتراف بكتابه على يد الأكاديميا العربية في دمشق على انه «الرواية العربية الأفضل في القرن العشرين». وحولت روايته «عرس الزين» إلى دراما في ليبيا ولفيلم سينمائي من إخراج الكويتي خالد صديق في أواخر السبعينات، حيث فاز في مهرجان كان. في مجال الصحافة، كتب الطيب صالح خلال عشرة أعوام عمودا أسبوعيا في صحيفة لندنية تصدر بالعربية تحت اسم «المجلة». وخلال عمله في هيئة الإذاعة البريطانية تطرق إلى مواضيع أدبية متنوعة، وعاش لعشرة أعوام في باريس حيث تنقل بين مهن مختلفة، آخرها كان عمله كممثل اليونسكو لدول الخليج.


( الخميس 24/02/1430هـ ) 19/ فبراير/2009 العدد : 2804

10 فبراير 2009

فضّتُ إليك بكرزي ولوزي


يا سيد البياض
حقولُ تفاحِك عطرُ عذارى
يرتلُ مجدكَ في الشعوب

بيتي يشتهي بذورَك
لنداك صباحاتي تنحني

الخروجُ لا يخلصني
الذهبُ لا يعميني
ترشدني إليك سورةٌ في الغياب

تمشي إليك أرضي
لا تجرح قلبي بعريشتِك العالية

البابُ يسردُ قانونَ يدك
.. يا حبيبي
غادرتني البهجة
كخيطٍ أخيرٍ على الغصّة
علّقتني على قهوتي
وهاجرت الياسمين
..
أبكي غيابَك كالمغرورين
قلبي عليّ..
من يمدّني بالصبر
وينامُ على عمري
يا حبيبي

دعني أرفعُ خيراتك
قبل صلاةِ الفجر
لأشهدَ أنك أنبل الكافرين

الوردُ يتهجدُك
أنت..
قمحي المبلل بالبراري
والبرد
في خصري تعبرُ
مباركًا زيتي
.. وعلى همّي تصلبني.
فضّتُ إليك بكرزي ولوزي
أرفق بانطفاء الحبق في روحي
...
أنا
عاشقٌ من أرق
يا حبيبي
خذني للماء
"كلِّي" دونك احترق


8/ 7 - 31/ 10/ 2005

9 فبراير 2009

اصبعها الصغير

يتمددُ بمائي عطرُ امرأة،
على أطراف سرّها
خطّت سورةَ النساء

في الليل تقشّر صمتُها
فتهزُّ
جذعَ نخلتي
باصبعِها الصغير
تعري
السنديان
فيشتري الشقي ليله
*
كنبيٍّ جميل
أدسُّ لسانَ عنبي
بين ضفتين
أسعى..
مدركًا نشوتي
قبل أن يمحوها البياض
...
وليس في

7 فبراير 2009

«النوم في العاصفة».. الدخول إلى الإدارة من باب الحكمة والسرد

يخرج الباحث إقبال السريحي من مساحة المادة الكلاسيكية في حديثه عن الإدارة، إلى رحاب السرد، مقدما التفاصيل الدقيقة عن عمل المؤسسات والشركات بلغة قصصية تبعث المتعة في نفس القارئ، وتبعده في الوقت نفسه عن جفاف اللغة العلمية التي تحضر عادة في هكذا كتابات. السريحي أصدر كتابا هو الأول له بعنوان "النوم في العاصفة – نحو فلسفة المنظمة الإنسان" وقد اتسمت الحميمية في الكتاب منذ الإهداء الذي خصه إلى "اللذين علماني كيف أكون مستعدا للعاصفة إلى أمي وأبي"، وصولا إلى فصول الكتاب كافة. ولم يبتعد التقديم عن هذه الأجواء، حيث استعاد المؤلف أيام الجامعة، وبيتر دراكار أبو علم الإدارة الحديثة، متذكرا لحظة تفجر عشقه للإدارة عندما لفت نظره كتاب دراكار "ممارسة الإدارة"، في إحدى المكتبات. ويشبه الكاتب ولوجه عالم الإدارة كطفل يدلف إلى غرفة مليئة بالألعاب فلا يغمض له جفن حتى يلعب بها كلها. ولعل هذا الاحساس الذي غمر الكتاب من أول ورقة فيه، أضفى عليه روحا من القلق والحلم، فضلا عن اللغة الأدبية المتشبعة بعالم القصص والتشبيهات والاستعارات، إذ لا تعبر نقطة جديدة في الكتاب إلا ويمهد لها بمثل وحكمة وحكاية موجزة معبرة هادفة، تختصر نصف الطريق نحو المراد قوله وتقديمه في المجال الذي يتناوله الكتاب، ومثالا على ذلك، استهل الفصل الأول "العاصفة" بالقول: "السبيل الوحيد للنجاة هو أن نشارك في صناعة المستقبل أو أن نكون جاهزين له"، ويتابع بسرد قصة النجارين، ليوضح فيما بعد الأبعاد من ذكرها، فيشبه اقتسام أهل القرية للأبواب والشبابيك بـ"كعكة الانتاج" والنجار العجوز بالدول المتسيدة في بيع التكنولوجيا والتدريب وقطع الغيار، أما النجار الشاب فيمثل الدول غير القادرة على التخلص من سطوة "الرجل العجوز".
ويواصل السريحي كتابة فصول عمله الجديد متناولا فيه: المنظمات الحية، التغيير والتجدد، المنظمة المرنة، سلوك المنظمة، التمتين، كيف تنام في العاصفة وهو عبارة عن 51 نصيحة أوضح أنها ليست من باب التلخيص، لكنها لاختبار إن كان مفهومنا للمنظمة كإنسان أصبح منطلقا لسلوكنا اتجاهها، ويختتم الكتاب بثبت للمراجع العربية والأجنبية.
ولعله من المفيد في خلاصة هذه القراءة، ايضاح مفهوم المنظمة المقصود في الكتاب، حيث أوضح المؤلف "أن المنظمة مفهوم إداري يعني مجموعة من الأفراد لهم هدف معين، ويستخدمون طريقا أو أكثر للوصول إليه، وبالتالي يشمل المؤسسات والشركات والبنوك والمنظمات غير الربحية والدول والمدارس والجامعات".يشار إلى أن الكتاب جاء في 136 صفحة من القطع الوسط.
عكاظ ( السبت 12/02/1430هـ ) 07/ فبراير/2009 العدد : 2792

3 فبراير 2009

5- السَّعي

أدمدمُ اسمكِ
بين جبلين يدنوان لدفني
وأقول: أنا مفتاح
وهذا المدى كتابٌ من حَجَر
...
ليت الفتى... جواب

أسعى بين نبذٍ وهجرة
ألهثُ...
وراءَ رمق الآتي كعجوز يتملَّى الأيام
فمي يَبَابٌ
والجسدُ مطحنةُ هواء

تعثَّرتُ هنا
والماء لم يتفجَّر تحت خدِّي
غصتُ في الدعاء
لكن الصدى...
ليت الصدى عاد...

نفيتِني من رضاكِ
فتسرَّبَ مني الصفاءُ والمروءة
وهِمتُ كنبيٍّ
ينوءُ بعطشِ أمِّه
وقهرِ السؤال
لغتي انسلَّتْ من أصابع قروحي
ألف...
لام...
ميم...
وخررتُ عاجزًا عن الغفران

"لا تلتفت"... قلتِ لي
ونظرتُكِ من ذاكرتي
الملح ُينهمرُ منِّي
وعنقي يتحسَّسُ حدَّ الجنون

جبلان...
والسماءُ مناديلُ شوك
الجفافُ لا ينتهي
لا يتوقف نزيف الرحيل

كيف يسمح ربُّكِ...
بجعلي كبش فداء
ثمَّ
يطردني من نعمتكِ إلى الامتحان

أيَّةُ بركة هذه
يقتلُ الأبُ ابنَه... بالصحراء

تعبتُ... لأحضرَ شغفكِ
وها أنا أتربَّع على انهياري
كنبعٍ في قريةٍ منسية

الحبُّ معنى ضيق...

ومقامي في أرضكِ
هجرةٌ أيضًا
حقيبةٌ ضائعة بين الأرض والسماء

بتُّ مخمورًا بأحاجيكِ
أفكُّ واحدةً
فتفرِّخُ عمرًا من الدوران
لست حرًّا لأنهي قصتكِ فيَّ
أنا
مجرَّد ولهان يبحث عن سقفه
لينام... علَّه ينام

اخرجي من حدودي
غادري رؤاي...
دعيني... أفرشُ حبِّي لكِ بساطًا
وأطيرُ إلى السكينة وأرتاح

جبلان من شغفي
يموتان في غربةِ سعيي
وأنا
أتعوَّذ من سحركِ المدفون
في مراتب جلدي

بعض النفس
بعض الحياة
وأنتهي من وميضِ روحك
في عمري
و...
في شراييني...


"مقام الأنثى" كتبت في صيف 2002 (جدة- باريس- بيروت- جدة)، وكانت تحت عنوان "مقام الهجرة والوله"

4- موت

بردان... ضمِّيني
جسدي نادرٌ معكِ

قودي سَمَكي في حوض وَلَهِكِ
قلِّمي بربريَّتي
علِّميني ألف باء الوَجْد

دعكِ من قراراتِ الغبار
وحجِّي إليَّ
صلِّي لمقدَّساتِكِ فيَّ

أنكسرُ...
فأسقي ترابي بندى يدكِ
أخرجيني من مفازة الانتحار

لا سماء نلتُها
لا أرض وقعتُ عليها
معلَّقٌ بأهدابِ الحيرة
أقضمُ ما تيسَّر من الدعاء

لا ريح عندي
لا صيف
لا ماء...
أمنحُكِ دفءَ أساطيري
لتحطِّبيها
في خريف يزمِّلني بالاحتمالات

فائضٌ بالأسئلة
بأجوبة لا معنى لها
وأثرثرُ... كأني لم أنطق يومًا
وأصمتُ... كأنني صخرة حُبلى

ألمسُ طيفَكِ
ألعقُ رائحةَ قلقكِ
أدنو منك... لأحصي حبَّات نومي
... وأنتِ
خلف ستار
خلف ستار
خلف ألف صلاة

هل أعرفكِ
هل قرأتُكِ مع بَلَلِ أيامي

البيتُ غيمة
قفلٌ تحرسُه تعويذة فرعونية
ولا أسرار

يومي الجميل
هل ثمة عقاب لهذا الناضح مني
هل قدري أن أبقى حبرًا من أرق
أهرق صمتي في لقاءٍ أخير

لمَ تقصقصين سطوري فيكِ؟

صوتي مروحةٌ معطَّلة
جلدي بوقُ غزوات
تاهَ منِّي السلام
ترمَّدتُ...
كعينٍ في المنام
كلغةٍ بلا كلام
...
الحبُّ معنى ضيق
...
أفرِّغ شراييني
أتملَّى أشرعتكِ الموغلة في القضاء والقدر
وأخطُّ جفافي في بيتٍ بلا زوَّار
بلا مساحة للحنين
وأنوحُ
أنوح...
لأحضِّر شهادتي في رائحة موتكِ

2- غربة



يباغتني حضورُكِ
افتحُ الوقتَ على قهوةٍ مُرَّة
وجريدة بلا تاريخ

رغبةٌ مداري
ألجُ عصورَ النار
لأستحمَّ بشهوةِ البدايات

غربتي...
مكانٌ يفرضُ رَملَه على الحياة
على لغةٍ تسعى لثورةٍ ما

غربةٌ
ورحابةٌ لا يحدُّها حدّ...
تنحني لعبورِ الأسوار

لا أجسادَ هنا
لا نسائم تداعبها الضفائر
هنا
ليلٌ ونهارٌ لا يلتقيان
...
أجهدُ كي ألملمَ بقاياك
ذاكرتي تتنفَّسُ بركاتِكِ
...
هيِّنٌ الموتُ
هيِّنٌ التيه بحثًا عن مغفرةٍ وصلاة
...
والله عابرٌ هنا
عابرٌ فيّ
أدور علَّني أراه
...
لا أراه...

هل تحسَّسْتِ خوف الخوف
هل لمستِ ناقةَ الأيام
المتلبِّدة على الأيام
هل شممتِ رائحةَ عفن الطموح

ما العلاقة بين الغربة والغراب
بين الجوع والوجع
العشق والسفر...

أخالكِ صاعدةً في الفرح
في أرضٍ خلف الأرض
تنسجين أحلامًا بلا عتمة
وأنا...
أكسرُ النوم بالأرق
...
وأخاف

لا تلومي صلافتي معكِ
انسلَّتِ الحضارةُ مني
وسكنتْني البداوة

أيُّ جرح هذا
أيَّةُ غابة لا شجرَ فيها
أيُّ بحر لا يحملُ الشوق...
يحملني إليكِ

حفرةٌ بلا قاع
أسقطُ
أسقط...
والصوتُ بلا حبال

صلِّي لي
علَّ العابر ينظرُني
صلّي لي
علّني أنظرني

أيتها السماء
ما أشدَّ سكنكِ
فيَّ
... وأنا الخارج من
لبنان
إلى
الرمل
لأحمي نزولي على سلالم العمر

"الغربةُ عبادةُ أصنام؛
فهجرةُ الأوطان لمالٍ... وثنية
ولخوفٍ... ضعف إيمان"
قالها العارف ومشى
لأتلوَّى كالملسوع
...
والحمَّى تتوالدُ مني
تستوطنُني
فأهربُ
أهرب...
أفضُّ أختامَ الوَلَهِ
عساني أحضركِ
أرفعُ عبيرَكِ بخورًا
وأتعطَّرُ بمغفرتكِ
...
غربةٌ تقطف روحي
تسيح على عتباتكِ

غنِّي لي
لهذا النزيف
ربما
يتوقف اندلاق موتي
ربما...

1- شغف


النورُ يقتصدُ الإيحاءَ
يفضحُ غرفتي بوهج الكشف
فأنحدرُ من حجابي لأتنفّسَ مقامكِ

أحبّكِ..
معنى ضيق
أنا..
العاجزُ عن تلمّس أيامكِ
عالمي متأرجح
أنحني قليلاً لأحسّ وجودي
ألتقط ارتكازًا لهذه الأرض

أحبّك .. تفيض الدنيا بالدوائر

ألبسُ أدوارًا في لحظةٍ واحدة ..
في مكانٍ ينزف بي
غير أني أنا المريد في
تحسسكِ
شمّكِ
مسلماتك

اقرئي شغفَ الهذيان مثلي
وحلّقي..

الأرضُ حبّةُ جمود
وأنتِ بذرةُ روحها الحيّة

صِفي لي عتمةَ الماء
جرحَ الأفقِ ساعةَ الجنون
ثرثرةَ الغيمة في ضفّة الصيف
لم يكن ثمة مفاتيح بيننا
الأبوابُ نهارات لا تُحدُّ
ولغةٌ تسيل كل يوم
من ريح على جسدينا
تهب الصمت

الفم ملعقة الحرف
والسماءُ أساور لقائد مهزوم
فتح كتبي
هزم نملَ دفاتري

بَعْثِري ما شئت .. بعْثِريني
وهبيني بساتينك... عطركِ

جسدي معكِ
أنتِ النواويس المنسيّة قبل حضوري
الوقت ينهرني كغنم الخطيئة
يقتصُّ منّي
يعلّقني على زمنٍ ليس لي

أبحثُكِ مرة تلو مرة
أهدُرُ حكمتي…
وعندما أصلُكِ أكون مبلّلاً بتعبي

طهّريني مما مضى
املئي حقائبي بعبق المهرة
تقصّي
وأمضي
أعجن حكاياتٍ
لأطفال ينامون.
فأنا بيتُك الراضخ لوطئكِ
لصلاةٍ أولى
في سرير طاعن بالياسمين

أحاول .. لفّ مصابي
كحبل تدلى كيلا تهرّ السيدات الرشيقات
في
حضورُكِ عشبٌ
نهرٌ ..
كأسٌ يدلُقُ الولهَ في جعبة التراب

لا تحرقي الشمس
ارحمي هذا الإله من التكوين
وغادريني إليَّ

دثريني بشراشف النسيان
لا تثوري .. اهدئي
أنا سيّدك المسوَّر بفتنتِكِ

أحبّكِ.. معنى ضيق

رتبتِ الهجرةُ صوتي
فاخترعت مساحةً لأسمِّيكِ..
أسمّي ما يفيض مني نحوكِ.

29 يناير 2009

انفلونزا السلام


يبدو ان اجواءنا العربية مصابة بانفلونزا الطيور منذ اكثر من 50 سنة، والدليل على ذلك هذا النفوق المستمر لحمامات السلام.

ويمكن تسجيل اول حالة نفوق سنة 48 عندما سقطت فلسطين ، وتلتها معارك متفرقة راح ضحيتها آلاف الابرياء, ولم تتمكن حمامة سلام من التحليق حتى الم بها الفيروس القاتل فوقعت سنة67 على مصر والبلاد العربية جمعاء, واصيبت اخرى اضافة الى المرض بالتهاب مزمن سنة 82 عندما اجتاحت غربان اسرائيل اول عاصمة عربية.

وسجل في ذاك الوقت نفوق مستمر للحمام طوال 15 سنة في لبنان تداخل فيها امراض العالم العربي كله.

ولا ينسى المتابع بطبيعة الحال النفوق المزمن لحمام السلام في فلسطين.

وفي السنوات الاخيرة برز فيروس خطير اجتمعت فيه خصال الامراض الوبائية كلها فحصد الارواح البريئة في كل مكان قاتلاً كل امل باكتشاف علاج لمواجهته والحد منه ولعل آخرها اجتياحه لعرس في العاصمة الاردنية عمان.

السؤال الاخير الذي يطرح بعد هذا:

هل الانفلونزا في الطيور ام البشر؟.


التاريخ : 19/10/1426 هــ الموافق : 21/11/2005 م العـدد : 1618 آفاق ثقافية الرأي الثقافي

من أنا / مسودة ثانية


أذكر جيدا ذاك الطفل الممدد على الأرض هو واخوته يقرأون القصص العالمية التي كان يشتريها الوالد لأطفاله.
أذكر جيدا تلك الرؤى التي كانت ترتسم أمامي كلما انتهيت من قراءة قصة ما. وقد غرمت مبكرا بسندريلا ورابينزل ذات الشعر الطويل والقط ابو جزمة .. وفرحت لأعاجيب القدر الذي يفيض بالمهلبية.
القراءة كانت تتواصل مع القصص الدينية، فتعرفت على القصص الدينية المصورة التي كانت تطبعها المطبعة الكاثوليكية، فحزنت مع آدم، وتألمت لموت هابيل، وفرحت بنجاة نوح من الطوفان، وتساءلت مع إبراهيم عن وجود الخالق، وصرخت مع المسيح عندما غرزت المسامير يديه وقدميه، وقلت: إلهي .. الهي.. لمَ تركتني؟ أحبّ المسيح وأخاف من محمد.. لا اعرف لماذا. سؤال حاولت ان اجد له جوابًا.. إلا انني في كل مرة أصمت .. هكذا انا لا اعرف لماذا احب.. ولماذا اكره.. أدع نفسي لمساحات من التأويل لا تنتهي.
كنت أدخل القصة مع كل نبي جديد.. حتى خلت نفسي ذات يوم ان الوحي يناديني من الجدار.. فوقفت قبالته أتنصت بإمعان ورجفة ما تشل جسدي.. وكم ضحكت من نفسي عندما علمت ان مصدر الصوت كان بيت الجيران.
عندما كان يسألني الأستاذ ماذا تحب ان تكون في المستقبل يا كامل: كنت أسارع للقول: مهندس كهرباء. ولهذه الأمنية تطبيقات كانت كارثية في البيت وفي بيوت الجيران. إذ أحرقت اكثر من مرة جهاز التلفزيون بسبب محاولاتي لاكتشف ما فيه، ومرة احترقت لمبات جارتنا بسبب دمج لوصلة كهربائية خاطئة.. وتتطور الأمر معي عندما دخلت المهنية لأدرس الكهرباء ، ففي السنة الثانية وفيما استعد لتقديم مشروعي شبكت الخطوط ببعضها وما ان طلب مني المشرف اشغال الكهرباء حتى احترق المشروع بأكمله ونلت عقابي اللازم من المشرف مع علامة سيئة جدا.
لم أيأس وسجلت في الجامعة هندسة كهربائية وذاك الوقت تأكدت انني لن اصبح مهندسا كهربائيا، والسبب بكل بساطة هو انني بدلا من متابعة المحاضرات كنت اكتب القصائد وارسم بعض الأشكال الهلامية وما ان مرت شهور على وجودي في الجامعة حتى أخذت قراري الحاسم وانتقلت بكامل قواي العقلية الى الأدب.. وسجلت في كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم لغة عربية وآدابها.. ولا تتخيلوا معاناتي في ذلك، بسبب صعوبة التوجه من المواد العلمية الى المواد الأدبية.

لكن قبل هذا الوقت بسنوات، أذكر كتاباتي الأولى التي بدأت ترى النور مع تقدم الاجتياح الإسرائيلي لبيروت. كنا لا مدرسة ولا تعليم، فجلسنا بالبيت ننتظر والدا ربما يعود وربما لا، وننتظر الأخبار وتفاعل الأحداث، وكنت صغيرا أمام هذه الأحداث المصيرية، فوجدت نفسي انهمك بقراءة المسرح العالمي، واذكر أن في شهرين تقريبا قرأت نحو عشر مسرحيات، لم اعد اذكر منها شيئا اليوم.. هذا التوجه في القراءة دفعني بشكل لا شعوري لكتابة مسرحية، فكتبت مسرحيتين لم اعد اعلم مصيرهما اليوم. الأولى تحدثت فيها عن حالة حب تقع بين شاب وفتاة من طائفتين مختلفتين لكن عائلة كل منهما تعارض هذا الارتباط، المهم في النهاية يقرران الهرب معا غير أن قذيفة تصيبهما فينزفان حتى الموت. أما موضوع المسرحية الثانية فبطلاها طفلان يقبعان في ملجأ خوفا من الحرب وتمر الأيام وهما في الملجأ وعندما يقرران الخروج يصابان بالعمى .. ويموتان.
محاولة الكتابة المسرحية رافقتها محاولات أخرى لكتابة نصوص أو بمعنى أصح خواطر مليئة بالأخطاء والثرثرة والمواضيع المكررة المملة.. أقرأها اليوم وابتسم .. ولم اجرؤ على تمزيقها.

ربما يتبع 2

28 يناير 2009

من أنا/ مسودة أولى



سألني أحد الأصدقاء: من أنت؟
لم أشأ التسرع في الإجابة، لسبب بسيط انني للآن لم أحاول رصد سيرتي.
ربما هي عادية، وربما تهم أحدًا.. وربما تكون مشروع كتابة يتواصل أو ينقطع.
لأحاول أن أبدأ بتجرد ووضوح بلغة ليست كالشعر وليست كالسرد، لغة بوح وثرثرة وتفاصيل.
أفتح سراديب الذاكرة من السرداب الأخير، من مكان غربتي، بعيدًا عن ناسي أشيائي حميميتي بالمكان الأول.
الغربة مفتاح لأبواب كثيرة لا تحصى.. لكن منّا من يزرع العمر كله بحثًا عن الباب المناسب. ومنّا من يجد الباب أمامه خاضعًا للوطء. أما بالنسبة لي فالغربة كانت امتحانًا للصبر وكانت امتحانًا للكتابة والحنين وقسوة الهامش.
الغربة اتصال: اشتقت إليك يا أمي.
أو.. اشتقت إليك يا أبي.
أو..

25 يناير 2009

عبده خال في "الطين" : من قرأ " روايات " في رواية


الدخول إلى عالم " الطين" كالدخول إلى بيت الإنسان حيث تختلف المساحات وألوان الجدران والغايات والاستعمالات، فـ"الطين" مادة أولية للوجود ، ومنه اتخذت الأرض حركتها ولونها ومزاجها .

وبقدر ما للطين من وجوه وتضاريس بقدر ما تمكن الزميل والروائي عبده خال أن يمعن في تشكلها بصورة أخرى معكراً انسيابها التاريخي ويضعها أمام إطارها الجديد / القديم . لا يمكن تحديد بطل أوحد في رواية عبده خال الصادرة عن دار الساقي بعنوان "الطين"، فالأبطال كثر والحكايات لا تنتهي فثمة ثقب كبير في الذاكرة يدلق كل ما فيها وجاهد عبده للسيطرة عليها وتنسيقها وترتيبها كي لا تلوث لب المحور أو لنقل المحاور.

هل قرأتم "روايات " في " راوية " ؟ نعم فطين عبده خال ليست رواية واحدة بل روايات وليست بطلاً محورياً بل أبطال ويمكن بشيء من الثقة القول إن كل صفحة فيها تشكل قصة وتشكل حدثاُ غير أنها لا شك متعبة ومضنية وتجعلك منساقاً خلفها كطفل سحره صوت زخات المطر على زجاج منزله .

الرواية تمتد بين عالمين يتصلان بالذاكرة ورغبة المعرفة تمتد بين الخرافة والتقاليد والعادات من جهة والعلم والبحث والمعرفة الأكاديمية من جهة أخرى بين الشعوذة واليقين .. بين القهر وتنفس الحرية المطلقة . من الممكن أن نكون بلا ظل لكن من المستحيل أن نكون بلا ماض ، بلا تشكيلات أولى بلا "طين" .

رواية عبده صراع بين " طين " يريد ان يبسط سيطرته و" ظل " لا يريد ان يلحق أحدا أو أن يخضع لرغبة حركة الشمس .. رواية يختزن فيها زمن شاسع بأيام معدودات ويختزن فيها حدث واحد بآلاف الزوايا . كيف يمكننا إيجاز "الطين" بأسطر؟ ماذا يمكن أن نقول أو أن نصف ؟ هل لنا وصف أنفسنا تناقضاتنا .. صراعاتنا .. أوجاعنا .. عشقنا كرهنا هل لنا ذلك ؟ لعبة مميتة أراد عبده خال أن يعلمنا إياها غير انه هو بدوره قرر قبل ختام " طينه" أن يسلم قيادة سرده إلى علماء نفس واجتماع وتاريخ وفيزياء وشعراء وسحرة ودجالين .. هل خاف من " ظله الضائع حقاً " فارتمى على أحضان خفة الواقع / العلم هرباً من سحر جنونه ؟ عبده خال الذي وصل إلى صفحاته الأخيرة غير مبلل بما اقترف خياله .. التفت خلفه ليجد عوالم مسحوقة وأبطالا يسقطون تدريجياً بلا رحمة .

وقف عبده على مشارف " طينه " يحاول أن ينفض يديه ولغته وذاكرته من كل شيء ، من كل هذه الكوابيس التي لا مستها الأحلام ومضت .

هي رواية ، هي " ظل " هي " طين " هي " بطل وأبطال " هي كل هذا وقليل من القلق وكثير من متعة القراءة .

24 يناير 2009

الملائكة والسياب والشعر الانكليزي


سعى الشعر الحديث، الذي يمكن تحديد بداياته في أربعينيات القرن العشرين، إلى خرق النظام الشعري المتوارث، ولعل عدم الدخول في من بدأ بهذا «الخرق» هو تأكيدٌ لبحث في أهمية الحدث لا أهمية «المحدث»، بمعنى، إذا تم إحالة التجديد الشعري إلى بدر شاكر السياب أو نازك الملائكة، فهما معًا كانا حصيلة تأثيرات ثقافية عامة دفعتهما إلى ولوج هذا الباب الشعري الجديد. ولعل كلام يوسف الخال في هذا الإطار يؤكد هذا الاتجاه، وذلك عندما يقرّ في كتابه بتأثير دراسة الشعر الإنكليزي في نشوء حركة الشعر الحر في العالم العربي، وذلك عندما يسأل:

هل اكتشفته نازك الملائكة أم اكتشفه بدر شاكر السياب؟

وإذ يستبعد الخال حلاً لمعرفة المكتشف الأول، يطرح المسألة من ناحية أخرى، فيقول:

أم لا هذا ولا ذاك؟ بل وقوع كلا الشاعرين الناشئين معًا، في طليعة من وقعوا من شعراء جيلهما الناشئ تحت تأثير دراسة الشعر الإنكليزي المعاصر في كلية الآداب ببغداد من جهة، وقراءة الترجمات التي أخذت تنتشر لشعراء شيوعيين كناظم حكمت ونيرودا ولوركا أو لشعراء معاصرين آخرين كـ . ت.س. إليوت، وعزرا باوند وأدث ستويل؟.

وتقول الناقدة خالدة سعيد في هذا الموضوع: «قيل كلام كثير حول التجديد في العروض، ونسبة هذا التجديد إلى نازك الملائكة أو بدر السياب. كما أن الشاعرة سلمى الخضراء الجيوسي تقصت في أطروحتها حول التيارات والحركات في الشعر العربي المعاصر (جامعة لندن)، بوادر هذا التجديد العروضي عند كثيرين قبل السياب والملائكة».

وتخلص سعيد للقول: «في رأيي أن أهمية هذا التجديد تكمن خاصة، وفي الدرجة الأولى، في كونه وجهًا من وجوه التململ العربي، فإذا «جدد شاعر ما عروضيًّا و«حافظ»، على صعيد النظر والحساسية، بات تجديده مزيفًا ولا معنى له.

ولعل كلام السياب نفسه يندرج ضمن هذا السياق، إذ أدرك أن إلحاحه على تقرير الأسبقية لابتكار هذا الشكل لا يحفل بمجد كثير إذ تقرير «الأوائل» من الأمور العسيرة، لذا يقول: «ومهما يكن فإن كوني أنا أو نازك أو [علي أحمد] باكثير [شاعر يمني] أول من كتب الشعر الحر أو آخر من كتبه ليس بالأمر المهم؛ وإنما الأمر المهم هو أن يكتب الشاعر فيجيد فيما كتبه، ولن يشفع له – إن لم يجود – أنه كان أول من كتب على هذا الوزن أو تلك القافية». وعن الشعر الحر يقول: «إن الشعر الحر أكثر من اختلاف عدد التفعيلات المتشابهة بين بيت وآخر، إنه بناء فني جديد، واتجاه واقعي جديد، جاء ليسحق الميوعة الرومانتيكية وأدب الأبراج العالية وجمود الكلاسيكية، كما جاء ليسحق الشعر الخطابي الذي اعتاد السياسيون والاجتماعيون الكتابة به».

لذا، فالأهمية تكمن في حيثيات هذه الخطوة، بعيدًا عن الدخول فيمن قام بها أولاً، ولعل ما يؤكد هذا أن الفرق الزمني بين خطوة الاثنين لا يتخطى الشهر كحد أقصى.

ومما لا شك فيه أن هذه الخطوة أتت نتيجة تضافر عوامل مختلفة، لعل من أهمها تململ الشعراء سأمًا من الشكل القديم، ومواصلة الوقوف على ثقافة الغرب، والتعمق في آداب كتّابه وشعرائه ومثقفيه، التي بدأها في بدايات القرن الشاعر خليل مطران الذي عدّ من أوائل دعاة التجديد في الشعر العربي الحديث، وقد اطلع على الشعر الفرنسي، وعلى المدرسة الرومانسية الإنكليزية ، غير أن دعوته اتسمت بالحفاظ على الخصوصية والهوية العربيتين، وهذا ما يتضح من مقالته «التجديد في الشعر»، حيث يقول: «أنْ يكون شعرنا مرآة صادقة لعصرنا في مختلف أنواع رقيّه.. وأن يتغير شعرنا مثلما تغير كل شيء في الدنيا مع بقائه شرقيًّا ومع بقائه عربيًّا»اذن، لعل السبب في تبني الشعراء العرب للشكل الشعري الجديد، يعود لعوامل عدة، منها ترجمة الشعر الأجنبي إلى العربية، حيث لمسوا أن هذا الشعر، الذي لم يكن في معظمه موزونًا أو مقفى، بقي محافظًا على أصالته وشعريته ومعانيه وصوره. كذلك وجدوا في هذا الشكل الشعري وسيلة جديدة، بين النثر والشعر، ذات عنصر درامي، ولهذا انتقلت بعض خواص النثر إليه.

يمكن إلى ذلك، إضافة عامل سياسي اجتماعي، تمثل بأن اتجاهات الرومانسية والرمزية في الشعر قد واكبت عملية تأسيس كيانات سايكس بيكو، فكان الابتعاد عن العمودية الشعرية العربية يتعمق بمقدار ما أخذ يتعمق الشعور الوطني عند كل كيان من كيانات العرب.

( الجمعة 07/06/1428هـ ) 22/ يونيو/2007 العدد : 2196

"المخش"... النزيف السريع

يبدأ يحيى سبعي الإمساك بقصصه المنشورة في الكتاب الذي صدر تحت عنوان ( المخش ) من الصفحة 71 أي من " مواجز قصصية لأمهات قرويات " إذ بدءاً من هنا يلج سبعي نحو لغة سردية هادئة بعيدة عن التشنج والبتر وعد التناسق بين المشاهد .
لا شك يلحظ القارئ بسرعة الإرباك الذي يرافق النصف الأول من مجموعة السبعي ، هذا الإرباك ناتج عن محاولة قوله كل شيء في نص واحد ، فنجده يسيل ذاكرته دون تمكنه من السيطرة على هذا السيلان عبر جمل سردية تستطيع حمل عبء هذا النزيف السريع ، من هنا غابت استراتيجية سبعي القصصية ، فضلاً عن عدد الصفحات التي تفاوتت بشكل كبير بين الواحدة والأخرى .
أما في القسم الثاني من المجموعة فيلاحظ القارئ أن ثمة هدوءاً ومقدرة على السيطرة في السرد ، وتركيزاً في المشهد ـ الحدث ، ووضوح للأشخاص اضافة إلى خيط تصاعدي للحدث يمكن لمسه والتفاعل معه ، لكن ما يجمع النصوصو العشرة في ( المخش ) هو توغل السبعي في لعبة الزمان ـ المكان من جهة ومن جهة أخرى الوقوف أمام ذاكرته محاولاً نشر ما فيها على الورق ، وكأنه يقف على حافة العمر ، فيلتقط كافة التفاصيل الصغيرة والكبيرة الراحلة والقادمة الصاعدة والهابطة .. من خلال حبكة درامية تقطعها مفاصل قاسية وأحيانا تائهة وهو القائل ( التفاصيل البسيطة هي الأروع ) .فضلا عن ذلك تتمتع بعض النصوص بلغة تلامس فضاء الشعر ، من خلال توسله للرمج والإيجاز وإقامة حالة من اللامعقول في موقف ما أو جملة ما فينكسر الكلام على مشهدية مفتوحة عبر فضاءات من الصور ، ولعل انطلاقا من هذا يمكن لسبعي أن ينشيء حالة خاصة به في الفن القصصي .
الكتاب وقع في 137 صفحة . من القطع الوسط لوحة الغلاف للأديب عادل الحوشان .

المثقف والسلطة: السقوط معا


لا شك ان الموقفين اللذين اتخذهما الكاتب المغربي أحمد بوزفور - تجاه عدم قبوله بتسلم ارفع جائزة ثقافية تمنح في المغرب للكتاب " المغرب للإبداع الأدبي" التي تشرف عليها وزارة الثقافة - والروائي المصري صنع الله إبراهيم من قبل، يشكلان خطوة جريئة يتخذها المثقف العربي بوجه السلطة ( ويجب ان نفرق هنا بين مفهومي السلطة والدولة).
غير ان - البعض- لا يجد حماسا لافتا لتأييد مثل هذه المواقف.
والسبب في رأيهم، هو ان السلطة عند منحها جائزة ما لمثقف هو اعتراف ضمني من قبلها بقيمة هذا المثقف إبداعيا وفكريا وعطاء، أي بمعنى آخر هي لا تمنح جائزة لمادحها ومبجلها إنما للمختلف معها.
وهي خطوة تحسب لها لا عليها.
لست بوارد الدفاع عن هذا الرأي أو الوقوف ضده، أو الدفاع عن السلطات العربية، وفيها ما فيها من سيئات وانهزامية وتسلط وبطش وقمع للحريات ، إنما السؤال الجوهري الذي يجب ان يطرح بعد عقود من نشوء السلطات العربية:
من المسؤول عن هذا التردي والتخلف والانكسار؟ لنكن صريحين ونجاوب:

السلطة أم المجتمع الذي أنجب هكذا سلطات؟
اعتقد ان نقد الذات يبدأ من هنا- قبل ان نطلق الشعارات يمينا وشمالا ورمي تخلفنا على الآخر أيا يكن هذا الآخر: السلطة/ الغرب/ إسرائيل/ الدين / المناهج/ ......
ان المثقف العربي الذي شهد الواقع سقوط أفكاره وخطاباته بالتتابع وبشكل مدوٍّ أحيانًا، لم يعد هو المخول بالتغيير أو التطوير، وبالتالي نسج حضارة هذه الأمة. فدوره سقط بعد ان أضحت "الحضارة" العربية – إذا صح التعبير – مشهدية فسيفسائية، اللاعب فيها هو الآخر و"الماضي"؛ الآخر من خلال ثورته العلمية وتجلياته التقنية والعلمية والطبية والفكرية ، والماضي من خلال "الدين" والتقاليد والعادات واللغة.
ماذا قدم المثقف العربي في ظل هذه المشهدية؟ وبالتالي ماذا قدمت السلطة العربية لمجتمعاتها ولوضع إصبعها في بناء حضارة نقية ندية لا حضارة هجينة"؟
سؤالان مشروعان ، غير ان الإجابة تتعدد لتشمل مساحات أخرى من الأسئلة، أي بمعنى ان أي جواب يمكن الركون إليه هو بحد ذاته مولد لسؤال آخر لعله أكثر تشابكا من الأول.
المثقف والسلطة سقطا معا في البحث عن إثبات وجود والسعي للتأثير والهيمنة على الوعي الجماهيري. فلا السلطة تمكنت من رعاية مجتمعها بما يليق ويحافظ على إنسانيته ويسعى لتحقيق طموحاته وأحلامه ويشعر بالأمان والاستقرار، ولا المثقف العربي تمكن هو الآخر أن ينفخ في روح هذا المجتمع الوعي والتطور والتميز والاختلاف.
أين تكمن المشكلة؟
المشكلة كما يراه البعض هو في هذا التناقض القاتل الذي يتقاطع في الذات العربية، حيث من "الخارج" يتنعم بنعيم حضارة الآخر ومن "الداخل" يتوسد ثقافة الماضي في سلوكياته وعلاقاته وردات فعله.
هذا التجاور بين الأضداد في الذات العربية شلت حسب رأي البعض، قدرته على الحركة والتفاعل والخلق والتطور.
وأي تلامس بين الطرفين "الخارج" "الداخل" فان الكفة ترجح الى "الداخل" فورا، ودون أي إحساس ولو بالحد الأدنى بالتناقض.
أمام هذا على من يصح إطلاق "دونكشوت": المثقف أو السلطة؟
لنقل ان الاثنين معا، يحاربان طواحين الهواء والهواء نفسه.
ونتألم لقراراتهم .. "الكبيرة". فمصيبتنا ان قراراتنا في الأغلب تؤخذ بانفعال شديد .. ومزاجية عالية.
لماذا المثقف يبحث دائما عن سلطة ما لينتقدها؟
لماذا .. دائما يضرب أرجله بالأرض .. وكأن ما يشعر به ويفكر به ويكتبه هو الصح وما عدا ذلك خطأ ورجعي ومتخلف ومتآمر وانهزامي ودكتاتوري؟
لماذا – بالتالي- تسعى السلطة العربية الى قمع شعوبها واضطهاده وقهره وتأجيل حصوله على حقوقه فيما تطالبه دائما بواجباته؟
أسأل هذا ولا اقصد أحدا أو سلطة ما.. إنما هي أسئلة يمكن طرحها دائما وباستمرار.
ويبقى سؤال الـ "لماذا" يطرح؟
اذكر حكاية نسيت تفاصيلها إنما فحواها يقول: إن احدهم كان يحب صاحبه كثيرا ومرة رأى على وجهه ذبابة.. وبدل أن يلوح لها لكي تبتعد آثر أن يطلق عليها النار .. الذبابة طبعا لم تمت إنما الذي مات هو صاحبه.
لست بهذه الحكاية أريد ان أقيم إسقاطات او تأويلات... إنما لنتأمل بسلوكياتنا.
ونعيد التفكر بطريقة علاقتنا بالأشياء والأشخاص، نعيد التفكر بكيفية نهوض سلطة عادلة راعية لمجتمعها وحامية له، ومثقف يمكنه قراءة مستويات الوعي في المجتمع ويكون محركا فاعلا في بلورة وعيه وثقافته وحضارته.

البريد: kamelsaleh@hotmail.com

البدوي الصغير وثقافة المدن


لازال في ابعاد الروح العربية (بدوي صغير) ينبلج فجأة امام أي مشكلة تواجه الموروث والعقلية في تراكمها المعرفي والسلوكي.

غير ان هذا (البدوي) آخذ بالتمدن والغوص عميقاً في تجليات العصر وتمظهره المتعدد في وقت تشهد فيه الدول العربية خاصة منعطفات جذرية.

ومما لا شك فيه ان المدن وثقافتها هي المحرك واللاعب الاساسي في هذه المشهدية بعد ان تعرى الريف بارادتنا او دونها من نمطيته كمصدر على الدوام لخيرة ابنائه الى المدن.

هذا الكلام يأتي على خلفية مؤتمر شهدته الاسكندرية تحت عنوان: (المدينة في الأزمات).

واذ يهدف المؤتمر كما اوضح المسؤولون عنه الى جمع التراث اللفظي والشفوي للسكان الذين يعيشون في المدن المتوسطة سواء كانت ثقافية أو أسرية فانه بشكل غير مباشر يقدم طعنة ناعمة للريف, وهو الذي كان مؤتمناً على الدوام على هذا التراث.

من يقتل الريف..

ومن يحمي المدن?

سؤال بحاجة الى نظر.


التاريخ : 11/10/1426 هــ الموافق : 13/11/2005 م العـدد : 1610

قصائد فايزة سعيد.. «تمرد» يبحث عن لغته


تتخذ الشاعرة السعودية فايزة سعيد من الجسد الانساني حقلا لتغذية عالمها الشعري، ولا تجد حرجا في الغوص عميقا بالمحسوسات لتختار منها حيزا يعبر عن شخصيتها وارائها وقراءتها للمسارات الماضية والحاضرة والمستقبلية.

فايزة أصدرت للآن «4» دواوين شعرية منها: نشيد الرغبة وغدائر في مهب الريح في دمشق ونصف تفاحة وحليب جسدي عن دار الحداثة في بيروت. وقد خرجت هذه الاعمال الى النور خلال عامي 2005 و 2006م.

تقول فايزة في ديوانها «نصف تفاحة»:

في اناء ماء ساخن

على فوهة بركان

في ارض خضراء عاشقة

تفتح صدرها

في اتجاه الشمس

الاكثر قربا من السماء

لعل هذا المشهد يختصر بايجاز حركة التمرد التي تعلنها الشاعرة حيث تجتمع الافعال في دلالات واضحة نحو الحفر عميقا بحثا عن الضوء والحرية والانطلاق مستخدمة لذلك مفردات: الماء الساخن والبركان والارض والعشق والشمس والسماء، مشهدية تعكس حالة من الفسيفساء المتسقة مع أهدافها وطريقها.

وفي مقطع اخر تستعيد فايزة الروح النزارية نسبة للشاعر نزار قباني بقولها:

«الشرق اعتاد على قتل الفراشات وذبح العصافير في الفجر».

وتنطلق في مكان آخر للبحث عن المعنى في زمن انهيارات الأبعاد الانسانية فتقف قائلة:

«نهار المدينة مرسم

ولليل المدينة جرار كثيرة

تنكسر على صخرة المعنى»

هذه الثنائية الضوئية : النور والعتمة، تتقاطع مع صناعات الانسان البدائية وهي «الجرار» غير ان هذا الاحتواء المتماهي مع احتواء المرأة للحياة يتكسر في مساحات ليل المدينة الآخذة في التأويلات الكثيرة.

وبالانتقال الى ديوانها الصادر حديثا عن دار الحداثة لا تبتعد فايزة عن أجواء دواوينها السابقة فهي تواصل الحفر في اللغة بحثا عن عبارات تميزها وتشكل بالنسبة اليها ملاذا لثورة تواصل حضورها دون تعب أو كلل.

تقول في قصيدة «ظل الغريب»:

«تحت المطر عاشقان صغيران

وحيدان

يواجهان سادية الثلج

كلما أمطر

نام على بابهم ظل الغريب»

تجربة فايزة سعيد ثرية ضمن الحقل الذي اختارته، وينتظر القارئ منها الغوص في الحقول كافة التي بامكانها اعطاء الوان اخرى لكلماتها ومفردتها و «تمردها».

( الخميس 29/12/1427هـ ) 18/ يناير /2007 العدد : 2041 عكاظ

مدينة التفاح


لعله ليس جديدا القول بأهمية بيروت تاريخيا، لا سيما عبر مدّها الحياة الثقافية والفكرية والفنية والاقتصادية في العالم العربي بنماذج مضيئة كان لها الأثر البارز في مجالات مختلفة ومتعددة.
لكن اللافت ان هذه المدينة في الثلاثين سنة الماضية رغم تعرضها لأبشع الحروب، وقد مر عليها حرب الاخوة والاصدقاء والاعداء.. كانت تمارس دورها الحضاري دون تعب أو يأس، فنشطت الحياة المسرحية والسينمائية وان بشكل خجول، واصدارات الكتب والمجلات والأمسيات الفكرية والشعرية والقصصية ومعارض الرسم والكتب والمهرجانات الفنية.
وخلال الأيام التي تلت العدوان الاسرائيلي على لبنان، تعرضت بيروت لعملية قتل ممنهج من خلال فئة من اللبنانيين، حيث احتلوا قلبها بهدف منعها عن النبض والحياة، فنجحوا في ذلك خلال الاسابيع الأولى من فعلتهم هذه، غير ان المدينة التي تحاكي الأسطورة الفينيقية القديمة تعود من رمادها، وكأن موتها الوجه الآخر للحياة والاستمرار.
صحيح هناك مؤسسات اقفلت وحركة اقتصادية متعثرة لكن بذور الأمل تمزق هذا السواد بشكل تدريجي، فها هي فيروز غنت بعيدا عن المعتصمين بنحو عشرات الامتار، وفي المكان نفسه أقيم معرض بيروت الدولي للكاتب الذي تأجل عن موعده الأساسي خمسة أشهر، وها هي كتب الشعراء وعشرات المسرحيات المنتشرة في المناطق في حركة لا تهدأ فضلا عن صالات السينما التي تترصد دائما عرض الجديد والمثير.
هي بيروت التي وصفها محمود درويش بالتفاحة، وست الدنيا مع نزار قباني، وصوت فيروز على الحان عاصي الرحباني، وهي جارة بعلبك وصديقة البحر،
مدينة لا تشبه سوى نفسها..
ولا تؤذي الا نفسـهـا ايـضـا.
مدينة لا زالت تتمسك بالحلم رغم الكوابيس الجاثمة على صدرها.
تتمسك بالفرح رغم العويل الذي يمزق حنجرتها، تتمسك بالأمل رغم القنوط المتفشي في مزاجها.
بيروت.. هل هي مدينة حقا؟

عكاظ ( الأحد 04/04/1428هـ ) 22/ أبريل/2007 العدد : 2135

23 يناير 2009

خذي عمري ودلليني



كم من روح تحوم حولي

وكم أنتظركِ

خذي عمري ودلليني

أريد ماء يطلع من دخولي

نورا يسربل الأحجار في صدري

يا ضحكتي.. يرطبها صباحكِ

بيادر لا هزيمة تعبرها

تلال يسكنها هدهد وغزال

أريد شجرا أكبر مني

سجادة تعطرها صلاتي

نبيا يحبكِ ويبارك أحفادي

يا

ولهي

أخبريني عن ملامح وسادتكِ

هل ثمة حمامة على نافذتكِ؟

أنا من عنب وتفاح

ويداي ريش نعام

وقبلتي عسل

يمكنكِ أن تقطفيني

.. تخبئيني في جراركِ

...

الحروب كثيرة وكلها تقتلني

فنامي بروحي وغنّي

يا سلامي ارفعي الستائر

واحجبي كرومي

البراري تقتاتها المدن

ونعاجي بلا عشب وبئر

يا كوخي ..

موقدتي

يا شرشفي

زمليني ..

الله في عيني يبكي بلادي

زمليني..

يا بياضي في هذا الرماد

أريدك ِ.. أريدني.


2005- 6 - 9

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews