في منهجية البحث العلمي - كامل فرحان صالح |
ومما جاء في مقدمة الكتاب وتسويغه:
يُعدّ العصر التقني والرقمي تحدّيًا للأسس والمعايير التي تكوّن "منهجية البحث العلمي"، ولا سيما عبر النشر المجاني والكثيف للمعلومات والأفكار والكتابات المختلفة على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، من دون ذكر – في معظم الأحيان- المصدر أو المرجع الموثّق والموثوق، أي من دون امكانية للتحقق والتثبت من صدق ما ينشر أو زيفه وأمانته العلمية. فعلى الرغم من الامكانيات المعرفية والثقافية السريعة التي تضعها الشبكة العنكبوتية بين يدي الباحث في سياق بحثه عن معلومة ما، إلا أن التحدي يبقى هو في مدى قدرة هذا الباحث على التزام الأمانة العلمية في توثيق المعلومات التي يحصل عليها، والتحقق من دقّتها وصحتها قبل أن يعالجها في بحثه.
لذا، يشكل فهم المنهجية العلمية في كتابة الموضوعات والدراسات والأبحاث...، القدرة على رسم الطريق في انجاز الكتابة البحثية، بعيدًا من الذاتية، والشطط في الأحكام، والتسرع في اعلان النتائج والخلاصات، وفوضى في شكل البحث وإخراجه...، ولعل الأهم من كل هذا، هو حماية الباحث نفسه، من تهمة سرقة أبحاث غيره من الباحثين وكتاباتهم وأفكارهم، في حال أوردها في بحثه أو دراسته من دون أن ينسبها إلى
أصحابها، ويوثقها في إحالاته المرجعية (الاسنادات).
أصحابها، ويوثقها في إحالاته المرجعية (الاسنادات).
وإن تباينت المدارس المنهجية العلمية في طرائق استخدام بعض التقنيات والأدوات والآليات والعناصر في معالجة الأبحاث، إلا أنها تجمع على أسس مشتركة، وواضحة، تهدف إلى أن يقدم البحث إلى القارئ/المتلقي بصورة متماسكة، ومنطقية، ومتناسقة، وأن يتمتع البحث بالأمانة العلمية، والمعالجة الموضوعية بدءًا من مقدمته وصولاً إلى خلاصته، ومرورًا بأبوابه وفصوله ومباحثه، وعرض وجهات النظر للمؤيدين للقضية موضوع البحث، والمخالفين لها، فضلاً عن التزام موحّد في ترتيب أقسام البحث، والتوازن بين هذه الأقسام، والتزام طريقة موحدة في كتابة المصدر والمرجع في الحواشي، وفي مكتبة البحث (لائحة المصادر والمراجع)، والمصطلح والأسماء الأجنبية والمختصرات والرموز... من دون نسيان، اهتمام الكاتب أو الباحث بالنحو والصرف، والتدقيق الطباعي واللغوي، والأسلوب، وعلامات الترقيم والوقف، والتبويب، وتنظيم الملاحق في حال وجدت، والمحتويات (الفهرس)....
يسعى هذا الكتاب إذًا، إلى تقديم شروحات وارشادات لها طابع تقني في معظمها، تهدف إلى مساعدة الطالب على التعرف إلى أصول البحث عمومًا، وكيفية كتابة بحثه الأكاديمي، وإخراجه بصيغة موضوعية أصيلة خصوصًا، وذلك ضمن إطارين: الأول نظري، والثاني تطبيقي يتضمن القيام بمشاريع أبحاث جزئية حول موضوعات وعروض وشخصيات وظواهر ومدارس وحركات وأنواع أدبية وفنية لبنانية وعربية وعالمية، تتوافر فيها مقومات البحث العلمي المتخصص.