ايلاف - GMT 21:45:00 2007 الأحد 16 ديسمبر
خلف علي الخلف:
رأى بعض الكتاب العرب أن ثمة فارقاً حاسماً أصبح واضحاً لصالح الأطراف، التي منها دول الخليج العربية. وفق التقسيمات المعهودة للعالم العربي كمراكز وأطراف، وهذا الفارق ليس فقط بسبب «صعود» الاطراف؛ بل إنه يلحظ أيضاً تآكل الدول التي كان ينظر إليها بوصفها "مركز" ثقافياً وسياسياً. ولخص بعضهم إشكالية النظرة المتبادلة بين الكتاب العرب وأقرانهم الخليجين بأنها نتاج سياسة لم تنظم حياة البشر وفق القانون والإنتاج واحترام الآخر. كما أن الاشتباك بين الضفتين لا يخرج في الغالب عن سياقات «الردح» بالتعبير المصري الدارج...وكانت إيلاف قد توجهت لعدد من الكتاب العرب حول إشكالية النظرة المتبادلة بين الكتاب العرب والكتاب الخليجين وسوء الفهم الذي يشوبها... في الجزء الأول تحدث عددا من الكتاب السعوديين حول هذه الأشكالية؛ وفي الجزء الثاني تحدث عدد من الكتاب من دول عربية مختلفة، وفي الحزء الأخير هذا يتحدث كتاب عرب آخرون. وقد آثرنا أن يكون بعضهم مقيماً في الخليج. وقد جاء في محور إيلاف الموجه للكتاب العرب «هناك دائما سوء فهم بين الكتاب العرب وكتاب الخليج عموما، ويبدو متعمداً في كثير من الأحيان. ففيما هناك تصور ذهني لدى الكاتب العربي بالعموم أن الخليج بلاد شاسعة من النفط والدولارات والرفاهية، والتخلف أيضا فإن هذا التصور ينتج استغرابا شديدا لديه وهو يقرأ اعمالا ابداعية مميزة من هذه البلدان، بل لا نغالي أنه يصاب بالدهشة! لأنها تكسر له مستقراً ذهنيا تكرّس مع اجتياح الاعلام التقدمي للعالم العربي في بداية عصر «الثورات» العربية ووسمه لهذه البلدان بالرجعية ليصبح كل ما يصدر عنها لا يمكنه الخروج من تحت هذه اليافطة... على الجانب الآخر هناك حساسية شديدة من قبل مثقفي الخليج اتجاه الكاتب العربي بأنه صوت عالي يضمر حقدا دفينا على شعوب هذه المنطقة، بسبب البحبوحة التي يعيشون فيها والتي جاءت مع ارتفاع المداخيل النفطية، وان الكاتب العربي لا يكتب إلا تحت هذا الضغط النفسي للحقد... وعندما يكتب غير ذلك فهو مأجور طامع بالمال، ومرتزق ليس إلا.. هناك نماذج كثيرة من الكتابات المدونة تفي بالغرض للاستشهاد ونحن هنا نتحدث عن كتل المثقفين التي تطلق شعارات التنوير والحداثة والأمة والـ... وفي لحظة التجاذب تعود -في الطرفين- الى جغرافية الانتماء، ولندع الانتماء متوقفا عند التسميات المعاصرة للدول العربية الناجزة، إذ أن هناك انتماءات لما قبل الدولة تظهر لدى المثقفين في تجاذباتهم داخل كل دولة على حدة. هل يمكن عقلنة هذه التصورات والوصول الى فهم مشترك.. فهم عام يستند الى اسس عقلانية في فهم خصائص كل منطقة، تتجاهل المستقر الذهني الاعلامي المؤسس ايديولوجيا أو شعارتيا أو جغرافياً أو قبائلياً، وتنحو باتجاه الوقائع الماثلة والفهم المستند الى قراءة النص نفسه أيّاً يكن هذا النص، بعيداً عن اسقاطاتنا الذاتية عليه وتأويله على نحو ما نريد قوله لا ما يقوله.. كيف لنا أن نتقدم باتجاه الانساني المشترك، والمشترك ليس بين شعوب المنطقة فحسب بل مع كل شعوب الدنيا. إنها مائدة للحوار بعيدا عن الشعاراتية التي تسم اللقاءات العربية الثقافية؛ الواقعية أو المتلفزة والتي ترطن بأننا شعب واحد، لغة واحدة... والحوار هنا ينطلق من رؤية تنظر للثقافة على أنها بالضرورة عابرة للقطرية...» هنا الجزء الثالث والأخير ولانزعم بكل الاحوال أنه تمت الإحاطة بالقضية بشكل يوفيها حقها من كل الجوانب؛ إذ لازلنا نعتقد أن «سقف» المكتوب هو أقل من الشفاهي المتداول حول هذه الأمر، لكن هناك حسابات خاصة وعامة تجعل الخوض في هذه القضية بسقف مفتوح أمر لازال بعيداً. ونأمل أن نستكمل جوانب أخرى منها لاحقاً.
د. كامل صالح (شاعر وصحافي لبناني مقيم في السعودية):
لا ابداع مع "العقلنة"
• تتسم الاشكالية المطروحة هنا في جانب كبير منها، بحفريات نفسية، إذا صح التعبير، كما لا يستبعد الجانب الأخلاقي من هكذا مقاربات، لكن هل المنتظر تقديم طروحات في هذين الجانبين؟ أو الوقوف على المسألة بجانبها الظاهر من خلال صياغة الاشكالية التي اتسعت وتشعبت بهدف الوصول الى ما خططت له سلفا؟ • الانفعال الغريزي في مقاربة الاشكالية يدفع المرء إلى اتخاذ الجانب الحاد منها سلبا غالبا، وبذلك يكون المجيب استجاب إلى الأهداف الخفية المنثورة في مساحة السؤال المتشعب رغم وضوحه.• ماذا نعني بسؤال: هل يمكن عقلنة هذه التصورات والوصول الى فهم مشترك؟ بعيدا عن طبيعة البراءة الظاهرة هنا، يمكن طرح مقاربة أخرى، هل يبقى معنى للابداع إذا وضعنا العقلانية مسبقا أمام أعيننا؟ فالابداع هو الابداع ان في تناوله لعوالم بنّاءة أو هدامة، والأمثلة التي يمكن ايرادها كثيرة ووافرة وفرة الابداع الإنساني منذ عصور الكهوف إلى القرية الصغيرة. فهذه المساحات التي يكشفها الابداع في تنوعه كافة أضاء جوانب مختلفة عن شرائح بشرية في علاقاتها الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والدينية والعنصرية والحضارية، فالابداع هذا كان صادقا في تقديم المشهد بمسطحاته ونتوءاته، وعندما كان هذا الابداع ينحو نحو "العقلانية" كان يعجز عن عبور بوابة الخلود، وبالتالي يسقط، ولن ندخل هنا في أسباب ذلك. • لماذا نقول كل هذا؟ وهل قاربنا الاشكالية المطروحة؟ أقول: إن العمل أو السعي إلى عقلنة هذه التصورات في الكتابات الابداعية بين الجانبين: العربي والخليجي مسبقا، توصل برأيي إلى الـ "لا ابداع"، وتخنق إلى حد كبير متعة التأويل التي تطلق القارئ إلى أبعاد ترتسم وفق فهمه، وهي تتباين من قارئ إلى آخر.• آمل أن نعرف كيف نغتني من تمايزاتنا، واختلافاتنا، وحتى من "سوء الفهم" من خلال ابداعاتنا بدلا من السعي إلى "عقلنتها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يسعدني أن أسمع رأيكم