يبدأ يحيى سبعي الإمساك بقصصه المنشورة في الكتاب الذي صدر تحت عنوان ( المخش ) من الصفحة 71 أي من " مواجز قصصية لأمهات قرويات " إذ بدءاً من هنا يلج سبعي نحو لغة سردية هادئة بعيدة عن التشنج والبتر وعد التناسق بين المشاهد .
لا شك يلحظ القارئ بسرعة الإرباك الذي يرافق النصف الأول من مجموعة السبعي ، هذا الإرباك ناتج عن محاولة قوله كل شيء في نص واحد ، فنجده يسيل ذاكرته دون تمكنه من السيطرة على هذا السيلان عبر جمل سردية تستطيع حمل عبء هذا النزيف السريع ، من هنا غابت استراتيجية سبعي القصصية ، فضلاً عن عدد الصفحات التي تفاوتت بشكل كبير بين الواحدة والأخرى .
أما في القسم الثاني من المجموعة فيلاحظ القارئ أن ثمة هدوءاً ومقدرة على السيطرة في السرد ، وتركيزاً في المشهد ـ الحدث ، ووضوح للأشخاص اضافة إلى خيط تصاعدي للحدث يمكن لمسه والتفاعل معه ، لكن ما يجمع النصوصو العشرة في ( المخش ) هو توغل السبعي في لعبة الزمان ـ المكان من جهة ومن جهة أخرى الوقوف أمام ذاكرته محاولاً نشر ما فيها على الورق ، وكأنه يقف على حافة العمر ، فيلتقط كافة التفاصيل الصغيرة والكبيرة الراحلة والقادمة الصاعدة والهابطة .. من خلال حبكة درامية تقطعها مفاصل قاسية وأحيانا تائهة وهو القائل ( التفاصيل البسيطة هي الأروع ) .فضلا عن ذلك تتمتع بعض النصوص بلغة تلامس فضاء الشعر ، من خلال توسله للرمج والإيجاز وإقامة حالة من اللامعقول في موقف ما أو جملة ما فينكسر الكلام على مشهدية مفتوحة عبر فضاءات من الصور ، ولعل انطلاقا من هذا يمكن لسبعي أن ينشيء حالة خاصة به في الفن القصصي .
الكتاب وقع في 137 صفحة . من القطع الوسط لوحة الغلاف للأديب عادل الحوشان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يسعدني أن أسمع رأيكم