محمد عابد الجابري |
يبدو أن المنظمين لمعرض الكتاب في الرياض راهنوا على أن يحتفظوا للمعرض بوهجه حتى اللحظة الأخيرة، وذلك حينما اختاروا أن تكون التجربة التأليفية للمفكر محمد عابد الجابري خاتمة للأنشطة المقامة على هامشه.
مزيج من الترقب والقلق ظل يساور قلوب المتابعين للأنشطة الثقافية بانتظار مساء اليوم، وباب احتمالات الفهم وسوء الفهم يبقى مشروعا حتى اختتام الأمسية، وذلك على خلفية الإشكاليات التي تصاحب الجابري في معظم ما يطرحه من أفكار وآراء في كتاباته «المثيرة» للجدل.
ولا يخفى في هذا المقام، أن المفكر الذي صدر له عشرات المؤلفات في التراث والفكر العربيين، فضلا عن مقالاته ومحاضراته ومركزه الأكاديمي، لم يلق مكانا مقبولا بين أتباع الفكر الأصولي ولا الفكر العلماني على السواء، فالطرفان يوجهان له انتقادات حادة، ويرفضان بعض ما يطرحه من أفكار في الحراك العقلي العربي والإسلامي. ويستعاد في هذا الإطار، ما قاله الكاتب السوري -المحسوب على الطرف العلماني- جورج طرابيشي، عندما اتهم الجابري بـ«معاداة العلمانية»، ودعوة الشيخ عبد الرحمن البراك- المحسوب على السلفية- الذي دعا الجابري مؤخرا، إلى التوبة قبل موته، مطالبا إياه بـ«أن يعلن إيمانه بسلامة القرآن من التغيير والتبديل»، بعد أن وصفه بـ«الماهر في التمويه وخداع القارئ»، وذلك ردا على كتاب الجابري الأخير «مدخل إلى القرآن الكريم».
ويذكر في هذا السياق أيضا التقرير المطول عن الجابري، الذي أعده الشيخ سليمان الخراشي، المعروف بـ«صاحب الرد على العصرانيين والعلمانيين»، يحذر فيه من خطورة فكره.
ويطرح السؤال بعد هذا: من سيواجه الجابري اليوم في محاضرته «تجربتي التأليفية» التي يلقيها في ختام الأنشطة الثقافية في معرض الكتاب في الرياض، ويديرها سليمان الضحيان؟.
التساؤل مشروع في هذا المقام، وأمام هذا الشخصية الإشكالية. فهل سيتمكن الجابري -كعادته- من الخروج من مواجهة ما ينتظره من مداخلات، بالحفاظ على حياده الفكري والمستقل، دون الميلان لصالح طرف على آخر؟ أم سيلتمس البقاء ضمن إطار محاضرته دون الدخول في السجال والرد على الأسئلة الخارجة عن السياق؟.
سيرة ومؤلفات
ولد محمد عابد الجابري، أستاذ الفلسفة والفكر العربي الإسلامي في كلية الآداب , في الرباط، في 27 ديسمبر 1935، وحصل على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة في عام 1976، ودكتوراه الدولة في الفلسفة عام 1970 من كلية الآداب في الرباط. له العديد من الكتب المنشورة التي أحدثت قفزة في أسلوب نقد التراث العربي، منها:
-العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي 1971. وهو نص أطروحته لدكتوراه الدولة في الفلسفة والفكر الإسلامي، كلية الآداب بجامعة محمد الخامس- الرباط 1970، وكانت بعنوان: «علم العمران الخلدوني: معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي».
- نحن والتراث: قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي 1980. (ترجم إلى الإسبانية). طبعة جديدة (العاشرة) مع إضافة 2006.
- تكوين العقل العربي. 1984. (ترجم إلى التركية، وتحت الترجمة إلى الفرنسية).
- بنية العقل العربي: 1986. (ترجم إلى التركية وتحت الترجمة إلى الفرنسية).
- العقل السياسي العربي: 1990 (ترجم إلى التركية والفرنسية والإندونيسية).
- التراث والحداثة: دراسات ومناقشات 1991.
- مقدمة لنقد العقل العربي، ترجم إلى الفرنسية والإيطالية والإنجليزية والبرتغالية، والإسبانية واليابانية والإندونيسية.
- مسألة الهوية: العروبة والإسلام... والغرب 1995.
- الدين والدولة وتطبيق الشريعة 1996. والديموقراطية وحقوق الإنسان 1997.
-التنمية البشرية والخصوصية السوسيوثقافية: العالم العربي نموذجا. 1997 (نشر الأمم المتحدة، الإيسكوا، ترجم إلى الإنجليزية).
- حفريات في الذاكرة، من بعيد (سيرة ذاتية من الصبا إلى سن العشرين) 1997.
- العقل الأخلاقي العربي: دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية. 2001.
- مدخل إلى القرآن. سبتمبر 2006
- فهم القرآن: التفسير الواضح حسب ترتيب النزول القسم الأول مارس 2008، القسم الثاني أكتوبر من نفس السنة.
وقد استطاع الجابري عبر سلسلة (نقد العقل العربي) القيام بإعادة شرح العلمانية عبر دراسة المكونات والبنى الثقافية واللغوية التي بدأت من عصر التدوين، ثم انتقل إلى دراسة العقل السياسي ثم الأخلاقي، وهو مبتكر مصطلح «العقل المستقيل» أي العقل الذي يبتعد عن النقاش في القضايا الحضارية الكبرى. وفي نهاية تلك السلسلة يصل المفكر إلى نتيجة مفادها أن العقل العربي بحاجة اليوم إلى إعادة الإبتكار.
(الخميس 15/03/1430هـ ) 12/ مارس/2009 العدد : 2825
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يسعدني أن أسمع رأيكم