بحث

24 يناير 2009

مدينة التفاح


لعله ليس جديدا القول بأهمية بيروت تاريخيا، لا سيما عبر مدّها الحياة الثقافية والفكرية والفنية والاقتصادية في العالم العربي بنماذج مضيئة كان لها الأثر البارز في مجالات مختلفة ومتعددة.
لكن اللافت ان هذه المدينة في الثلاثين سنة الماضية رغم تعرضها لأبشع الحروب، وقد مر عليها حرب الاخوة والاصدقاء والاعداء.. كانت تمارس دورها الحضاري دون تعب أو يأس، فنشطت الحياة المسرحية والسينمائية وان بشكل خجول، واصدارات الكتب والمجلات والأمسيات الفكرية والشعرية والقصصية ومعارض الرسم والكتب والمهرجانات الفنية.
وخلال الأيام التي تلت العدوان الاسرائيلي على لبنان، تعرضت بيروت لعملية قتل ممنهج من خلال فئة من اللبنانيين، حيث احتلوا قلبها بهدف منعها عن النبض والحياة، فنجحوا في ذلك خلال الاسابيع الأولى من فعلتهم هذه، غير ان المدينة التي تحاكي الأسطورة الفينيقية القديمة تعود من رمادها، وكأن موتها الوجه الآخر للحياة والاستمرار.
صحيح هناك مؤسسات اقفلت وحركة اقتصادية متعثرة لكن بذور الأمل تمزق هذا السواد بشكل تدريجي، فها هي فيروز غنت بعيدا عن المعتصمين بنحو عشرات الامتار، وفي المكان نفسه أقيم معرض بيروت الدولي للكاتب الذي تأجل عن موعده الأساسي خمسة أشهر، وها هي كتب الشعراء وعشرات المسرحيات المنتشرة في المناطق في حركة لا تهدأ فضلا عن صالات السينما التي تترصد دائما عرض الجديد والمثير.
هي بيروت التي وصفها محمود درويش بالتفاحة، وست الدنيا مع نزار قباني، وصوت فيروز على الحان عاصي الرحباني، وهي جارة بعلبك وصديقة البحر،
مدينة لا تشبه سوى نفسها..
ولا تؤذي الا نفسـهـا ايـضـا.
مدينة لا زالت تتمسك بالحلم رغم الكوابيس الجاثمة على صدرها.
تتمسك بالفرح رغم العويل الذي يمزق حنجرتها، تتمسك بالأمل رغم القنوط المتفشي في مزاجها.
بيروت.. هل هي مدينة حقا؟

عكاظ ( الأحد 04/04/1428هـ ) 22/ أبريل/2007 العدد : 2135

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews