بحث

28 أبريل 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : أزمة التشكيل الحكومي: تراجع في القطاعات الإنتاجية بين 30 و70%

As-Safir Newspaper - كامل صالح : أزمة التشكيل الحكومي: تراجع في القطاعات الإنتاجية بين 30 و70%
مع كل صياح ديك، يتسع حجم الانهيار الاقتصادي في البلد عبر أوجهه كافة، وتدخل «الدولة» في غيبوبة تامة، على وقع صخب مسرحية التشكيل الحكومي المملة، والأحداث المتسارعة في المنطقة.
وإذا كان لا بد من صرخة في هذا السواد العظيم: «لم يعد أحد قادراً على الاحتمال، واستمرار النزف اقتصاديا وتجاريا واجتماعيا وسياحيا وزراعيا.. وأخلاقيا».
ويعبر إبراهيم (صاحب محل ألبسة) عن هذا الوضع المزري: «عم نكش دبّان، خصوصا أنها بدأت تتكاثر مع قرب انتهاء الربيع». ويسأل: «من سيعوض خسارتنا لموسم الشتاء؟».
وفيما يعرب إبراهيم عن مخاوفه من تمدد هذا التراجع إلى الصيف، يسارع محمد (صاحب محل أحذية) للقول: «إذا بقيت الحال على ما هي عليه، فستمشي الناس حافية».
ترتسم ابتسامة ساخرة على الوجوه، من دون أن يمتلك أحد الجرأة على الضحك.
وفي انتظار تشكيل حكومة، تتمتع بثقة الداخل والخارج، تبقى قطاعات لبنان الاقتصادية مهددة، مع تدهور السياسات المحفزة للنمو الاقتصادي، وارتفاع نسبة الدين العام، وزعزعة البنى الجاذبة للرساميل الوافدة، وتعثر في العجلة التجارية، حيث تتسارع في الظهور الأرقام المؤشرة للتراجع في القطاعات، ضاربة مستويات قياسية، إذا ما قورنت بالسنوات الماضية، وبعد ملاحظة التراجع بين 30 و75 في المئة في القطاع السياحي، فضلا عن اقتصار طاقتها الاستيعابية على نسب تتراوح بين 10 و20 في المئة، يسجل التراجع في الحركة التجارية بين 30 و50 في المئة في الربع الأول من هذا العام، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
من المسؤول عن هذه الكارثة؟
ولأن «لبنان بلد الفرص الضائعة»، يشير نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد لمع إلى وجود انكماش كبير في البلد، وتخوّف جدي بدا يعمّ جميع القطاعات التجارية والاقتصادية من دون استثناء، موضحا أن التأخير في التشكيل الحكومي، بدأ يترجم قلقا على كيفية تسديد الاستحقاقات المالية للدولة، في ظل تراجع النمو، والخدمات، وتزايد هموم المواطن.
ويلحظ أن «هناك غيابا تاما للدولة، ولا مرجعية لتطلب منها أو تشتكي إليها.. من المسؤول عن كل هذه الكارثة؟»، مؤكدا أن الأضرار سترتفع وتيرتها في ظل استمرار تأخير التشكيل الحكومي، حيث تقدر الخسائر بمليارات الدولارات بين تراجع في الودائع والتحويلات المصرفية، واستثمارات مجمّدة، مما يدفع إلى زيادة في عجز الميزان التجاري، وارتفاع معدلات البطالة، وعدم القدرة على صرف رواتب الموظفين، وإقفال شركات... فضلا عن تخوّف جدي من فشل الموسم السياحي في الصيف.
ويتقاطع كلام لمع مع كلام رئيس تجمع رجال الأعمال د. فؤاد زمكحل، حول عدم استفادة لبنان من الوقائع التي تشهدها المنطقة من حولنا، من حيث إمكانية جذب الأموال والاستثمارات، وذلك «بسبب تأخير التشكيل الحكومي، الذي بدأ ينعكس تخوفا على الاستقرار الأمني، وتوقف العمل في معظم الاستثمارات الموجودة في البلد، مما يفاقم من الانعكاسات السلبية».
وفيما تمنح الهيئات الاقتصادية فرصة أسبوع لتشكيل الحكومة، تستعد لإطلاق حملة في الأيام القليلة المقبلة، شعارها «احذروا.. وصلنا إلى حدود الخطر اقتصاديا وتجاريا».
ولأن الدخول في الأرقام مخيف، يكتفي د. زمكحل بالتأكيد على وجود تراجع اقتصادي وتجاري حاد في الفصل الأول، مشيرا إلى أن غياب الحكومة بدأ يترجم ركودا في المشاريع الإنمائية والاقتصادية والإنتاجية، مما يؤثر بدوره على النمو الاقتصادي، موضحا أن اقتصاد البلد مبني على الثقة بالنمو الاقتصادي الذي تراوح في السنوات الماضية بين 7 و8 في المئة، وتراجع نسبته يعني أننا سنواجه مشكلة في تسديد الديون، وتراجع في المداخيل.
ويأتي هذا المؤشر السيئ ضمن مجموعة من المؤشرات الـ«ماكرو اقتصادية» (كالنمو)، والمالية (خزينة الدولة)، والنقدية (التحوّل من الليرة إلى الدولار)، والصناعية (تراجع الصادرات واستيراد الآلات الصناعية)، والفندقية (نسبة إشغال الفنادق)، والمصرفية (جمود الودائع).
ويؤكد زمكحل أن تحسن النمو في القطاع الخاص، يساهم تلقائيا بتأمين فرص عمل جديدة، وزيادة الاشغال، وهو الحل الوحيد لتسديد الدين العام، وجذب الاستثمارات، وخفض نسب البطالة وتحسين مستوى العيش.
أحداث المنطقة.. والتبادل التجاري والسياحي
وعلى صعيد الاضطرابات التي تشهدها المنطقة، بدا واضحا، وفق زمكحل، تأثيرات ذلك سلبا على التبادل التجاري والاقتصادي والسياحي.
ويؤكد أنه إذا تشكلت الحكومة قريبا، فبإمكان رجال الأعمال تدارك ضياع الفرص الذهبية، عبر جذب الأموال مجددا إلى البلد، لبناء مشاريع اقتصادية، آملا في الوقت نفسه من الحكومة الجديدة، أن تتعلم مما يجري من ثورات من حولنا، وهي في أساسها نتيجة تزايد البطالة والفقر. وبدلا من التلهي بالاشتباك السياسي غير المجدي، لتضع الحكومة ضمن أولوياتها معالجة مشاكل الناس إنمائيا واقتصاديا، وبناء مشاريع اقتصادية مصغرة بأهداف محدودة وملاحقة فصلية ونصف سنوية وسنوية لتحديد المسؤوليات والانجازات، بدلا من العودة إلى نقطة الصفر مع كل حكومة جديدة، التي لا تدوم أكثر من سنتين، مشيرا إلى أن قطاع رجال الأعمال مستعد للتعاون مع الحكومة الجديدة، والوزراء المعنيين بالقطاع للنهوض بالبلد اقتصاديا.
وتبدو الأولويات التي تشغل القطاعات الانتاجية واحدة، وهي وفق زمكحل: ضمان الشيخوخة، الحدّ من البطالة، تفعيل النقل العام، وإعادة النظر بالبنية التحتية من كهرباء واتصالات وماء وطرق.
«كل البلد بانتظار الحكومة»

ولا يبتعد واقع تجّار بيروت عن الصورة الضبابية التي تلف القطاعات، ويعبر أمين عام جمعية تجّار بيروت منير طبارة عن ذلك بالقول: «كل الوضع تعبان»، مشيرا إلى أن «البلد كله بانتظار الحكومة العتيدة».
وفي التفاصيل، يشير إلى تراجع في حركة البيع حوالى 40 في المئة مقارنة بالسنة الماضية، وهي قابلة إلى مزيد من التراجع، مع تراجع حركة السيّاح، مما سيؤدي إلى إفلاس العديد من الشركات والمؤسسات، مؤكدا أن تجّار الألبسة يواجهون حاليا تعثرا في تسديد اعتماداتهم، لعدم تمكنهم من تصريف البضائع الشتوية، وشحا حادا في السيولة، موضحا «أن من معه قرش الآن يسعى للحفاظ عليه».
وفيما يؤكد أن المؤسسات ما زالت تقاوم، يدعو المصارف اللبنانية إلى تسهيل أمور التجّار لتيسير أعمالهم، خصوصاً في ظل الانكماش الاقتصادي الذي تعانيه البلاد، وتراجع السيولة، وتفشي ظاهرة الشيكات المؤخرة والمرتجعة، مطلقا في الوقت نفسه صرخة: «اعطونا حكومة»، محذرا من تفاقم الأحداث في المنطقة سلبا على الحركة التجارية في البلد.
حركة الأسواق في تراجع مطّرد
تتقاطع مخاوف رئيس جمعية أصحاب المؤسسات التجارية في شارع الحمراء ومتفرعاته زهير عيتاني، مع مخاوف طبارة، مؤكدا «أن الموسم ميت، وحركة الأسواق في تراجع مطرد»، مشيرا إلى أن حركة البيع في منطقة الحمراء التي تضم حوالى 23 مصرفا وعشرات المقاهي والمكاتب والشركات، تراجعت بين 30 و35 في المئة عن السنة الماضية، وأبرز القطاعات تضررا هي الألبسة والكماليات.
ويأمل بعد أن تتشكل الحكومة قريبا، أن تتحسن الحركة في حزيران، حيث تتوزع حركة السوق بين اللبنانيين والسيّاح، مشيرا في هذا السيّاق، إلى «وجود حركة سيّاحية ضعيفة من قبل العراقيين والإيرانيين، مما ساهم إلى حدّ ما في الحد من تفاقم التراجع، لأن القوة الشرائية بدأت تتلاشى عند معظم اللبنانيين».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews