بحث

22 مارس 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : في اليوم العالمي: من يراجع الخطط وينقـذ اللبنانييـن مـن العطـش؟

As-Safir Newspaper - كامل صالح : في اليوم العالمي: من يراجع الخطط وينقـذ اللبنانييـن مـن العطـش؟
تتوقع دراسات وأبحاث متعلقة بالماء، أن يخضع اللبنانيون، في السنوات القليلة المقبلة، إلى أزمة شح حادة في مصادر المياه، نتيجة تقاطع عوامل عدة، منها ما يتعلق بتغير المناخ، ومنها نتيجة الفوضى والهدر، وغياب العمل الحكومي الجدي لمواجهة الأزمة، فضلا عن زيادة الطلب مع النمو السكاني في المناطق كافة.
وإذا كان «اللبناني» يشتهر بدفعه «فاتورتين» في ما له علاقة بالخدمات، فإن القلق الجدي مستقبلا، ألا يجد القيمة الموازية لحصوله على المياه التي تكشف الدراسات أن نصفها تقريبا، يذهب هدرا من دون الاستفادة منها، فالمواكبون لموضوع المياه، يؤكدون أن «50 في المئة، من الشبكات تعدى عمرها ربع قرن، مما يتسبب بهدر كمية تزيد عن 48 في المئة من المياه، وهي من بين النسب الأعلى في المنطقة، كذلك الأمر بالنسبة إلى مشاريع الري، حيث أن 6 في المئة من المشاريع تستخدم الوسائل الحديثة، والباقي يستخدم الوسائل ذات الكفاءة المنخفضة، كالأقنية وغيرها».
ويتزامن الحديث عن المياه، بمناسبة اليوم العالمي للمياه، حيث تنظم لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا (الأسكوا)، اليوم، ندوة حول المياه، بالتعاون مع المعهد الاتحادي الألمانى لعلوم الأرض والموارد الطبيعية، برعاية وحضور وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل. ويشارك في الندوة التي تعقد في بيت الأمم المتحدة، تحت عنوان «المياه للمدن استجابة للتحدي العمراني»، مجموعة من كبار المسؤولين والخبراء من الدول العربية المعنيين بشؤون المياه وحشد من الدبلوماسيين العرب والأجانب.
70 ليتراً للفرد يومياً!
ويوضح الدكتور حسين رمّال (مهندس زراعي ودكتور في اقتصاد التنمية ورئيس مصلحة سابق في مصلحة الليطاني)، لـ»السفير»، أن الأزمة الحالية، خصوصا في بيروت، تتمثل بشح المصادر التي لا تؤمن إلا حوالى 70 ليترا في اليوم للفرد الواحد، بينما تصل الحاجات الفعلية إلى الضعف. علما، أن مصطلح «ندرة المياه» يعني ألا يتاح للفرد سوى ألف متر مكعب أو أقل من المياه سنويا.
وأمام هذا الواقع، نشطت شركات بيع المياه المعبأة، والتعديات على الشبكات، وانقـــطاع المياه دوريا، كما نشطت، عملية توزيع المياه بواسطة الصهاريج (ستيرن)، التي اعتاد معـــظم اللبنانيين على اعتمادها لسد حاجاتهم من المياه.
وإذ يؤكد المواكبون لموضوع المياه الحاجة إلى مصادر جديدة، يرى البعض، أن المشاريع التي أطلقت في هذا الإطار، خصوصا تلك التي تضمنتها الخطة العشرية، (من 2000 إلى 2010، ومدد لها إلى عام 2018)، لا تعالج المشكلة جذريا، «كون هذه الخطة، وان حملت اسم «الادارة المتكاملة»، الا أنها لم تقتصر فعليا، سوى على إنشاء سدود سطحية تتحفظ عليها العديد من الدراسات الحديثة، والتي تبرز أولا ضرورة وقف الهدر، وترشيد الاستخدام، وضبط الطلب، واصلاح الشبكات، واستبدال «العيارات» بالعدادات وتركيبها على الآبار. ثانيا ضبط تجارة المياه المعبأة. ثالثا وقف سرقة المياه الجوفية، ورابعا معالجة الصرف الصحي لاعادة استخدامه في الزراعة». كما تواجه الخطة كغيرها من الخطط الإنمائية، عقبات وعوائق، سببها في الغالب، شدّ الحبال بين أهل السياسة، الذين يتصارعون على تأمين مصالحهم الخاصة، والآنية، من دون السعي الجدي والحثيث، لتأمين مصالح الناس، المفترض أنهم مؤتمنون على مصالحهم، وتوفير سبل العيش الكريم والآمن لهم، وللأجيال القادمة.
وفيما تسعى الخطة لإدارة متكاملة للمياه، وترشيد الري، واعادة استعمال المياه المبتذلة، يبدو مثيرا للاهتمام أن أقدم المصادر المائية لتأمين حاجة بيروت من المياه، تعود لعام 1875، وهي محطة ضبية، حيث نقلت المياه من نهر الكلب بالجاذبية، ونفذت المشروع آنذاك بلدية بيروت بواسطة شركة بريطانية. ويشير رمّال، إلى أن المياه وصلت إلى تلة الخيّاط، وزودت بعض المؤسسات العامة، وبعض النقاط التي ركبت فيها حنفيات على شكل سبيل. إلا أن المياه لم تصل إلى المنازل إلا في حدود عام 1900م.
ومن المصادر الأخرى، المياه الجوفية التي تسحب من آبار قديمة، ويقل عمق معظمها عن 100 متر. وأخرى في عهدي الانتداب الفرنسي وبدايات الاستقلال، حيث تعددت مصادر المياه التي تغذي العاصمة، فحفرت بعض الآبار الجوفية في الدامور والحدث إلى جانب مصادر المياه السطحية الأخرى، واعتبارا من أوائل الستينيات، ازداد البحث عن مصادر إضافية، وتركز اهتمام الجميع على المياه الجوفية.
الحفر العشوائي وغياب القوانين
وفي ظل غياب القوانين الرادعة، بدأت أعمال الحفر عشوائيا، حتى أصبح شعار «البناية مجهّزة ببئر ارتوازي»، في كل الأحياء. ويضيف رمّال: أنه نتيجة الاستثمار العـــشوائي الذي بلغ حد الاستنزاف، ونتيجة الشح المتتالي في كمية الأمطار والمتساقطات، تعرضت المـــياه الجوفية في بعض الخزانات الجوفية إلى عملية تلوث واختلاط بالمياه المالحة، أي ما يعـــرف بـ «تداخل مياه البحـــر»، ولم يـــتم وضع ضوابــط قانونية وإدارية كافية لوقف هذا «الهجوم».
ولعل القانون الذي وضع عام 1926، وينصّ على أن البئر الذي لا يزيد عمقه عن 150 مترا، ولا يتجاوز مردوده اليومي 100 متر مكعب، هو الذي أتاح للفلتان أن يمتد ويتـفاقم، حـيث تمكن البعض خلال الحرب الأهلية من الحصــول علــى إفادة من متعهدي الحفر «أن البئر الـــذي حفر لا يتجاوز هذين الحدين (العمق والمردود)».
وانتقالا إلى المشاريع الجديدة، هناك مشروعان جديدان لنقل المياه إلى بيروت، ويلحظ رمّال، أنهما أشبعا درسا قبل وخلال السنوات الأولى للحرب الأهلية، وهما: المشروع الأول: جر مياه الليطاني من نقطة مأخذ جون على منسوب 132 ومن على مقربة من معمل انتاج الطاقة (معمل جون). ومن سلبيات هذا المشروع: عدم انتظامه خلال أشهر الشحاح، حيث ينخفض مستوى المياه في القرعون، فضلا عن عدم صلاحية مياه البحيرة للشرب، وهي بحاجة إلى عمليات تنقية مكلفة.
أما المشروع الثاني، فهو جرّ المياه بالجاذبية من سد بسري على علو 320 م، ويحتاج هذا المشروع إلى بناء سد بسعة 127 مليون متر مكعب، ومد خطوط جر بطول نحو 42 كلم. ويرى معظم الخبراء، أن هذا المشروع هو الأنسب، برغم أن أكلافه تعتبر أغلى من المشروع الأول، نظرا للحاجة إلى بناء سد، إلا أن مياهه تكفي لتأمين الحاجات حتى حدود عام 2050، إضافة إلى أن المياه صافية، ونقية.
حسن استعمال المياه الجوفية
لكن، ومع بروز الحاجة لإنشاء السدود، ثمة حاجة ضرورية لحسن استعمال المياه الجوفية من دون هدرها كثروة وطنية، «لأن المخزون الاستراتيجي الأساسي لمياهنا هو من المياه الجوفية»، حيث يبلغ المعدل السنوي للموارد المائية المتجددة (أمطار وثلوج) نحو مليارين ومئة مليون متر مكعب، من دون احتساب الموارد التي تخرج عبر الحدود والينابيع تحت البحر. ويستخدم لبنان مليار متر مكعب كحد أقصى، وما تبقى يذهب إلى البحر.
وتتقاطع المخاوف المحلية، من ندرة المياه، مع تحذير أطلقه أخيرا، المنتدى العربي للبيئة والتنمية، في تقريره السنوي الإقليمي العربي الثاني حول التقدم في تنفيذ مبادرة التنمية المستدامة للمنطقة العربية، مشيرا إلى أن العرب «سيواجهون ندرة المياه في حلول عام 2015، حيث تنخفض الحصة السنوية للمياه للفرد إلى أقل من 500 متر مكعب، وهو أقل 10 مرات عن المعدل العالمي الذي يتجاوز 6 ألاف متر مكعب».
وتتوقع دراسات أخرى، للأمم المتحدة أن تعاني 30 دولة من «ندرة المياه» في 2025 ارتفاعا من 20 في 1990. و18 من هذه الدول في الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وأعلنت وزارة الطاقة والمياه في لبنان، أخيرا، اكتمال إعداد الاستراتيجية الوطنية الشاملة لقطاع المياه في لبنان، مشيرة إلى أن الخطوات المقبلة تتمثل بتأمين الموافقات الحكومية، ووضع الخطة التنفيذية.
لكن تطبيق الاستراتيجية، بحسب الخبراء، يواجه عقبات مختلفة، وكما تؤكد الوزارة نفسها على لسان وزيرها جبران باسيل، أن اشكالية التطبيق شائكة، «وأكبر من أي مشكلة أخرى، كونها مناطقية موزعة، وليست مركزية، وتطال الشفة، والصرف الصحي، والري والاستخدامات السياحية والصناعية، وتطال أيضا باطن الأرض وسطحها»، وهي تحتاج إلى إنشاءات وأعمال كبيرة، ولكن البديل عن عدم تنفيذ الخطة، «هو مخيف ومخيف جدا، فلبنان ليس لديه محطات للتكرير، أو لتحلية مياه البحر، وهو حتى اليوم لا يملك محطات لمعالجة الصرف الصحي، إذا البديل هو الملح والوســخ مقابـــل المياه الصالحة التي اعتدنا الحصول عليها في حال نفذت الخطة، والكلفة ليست كبيرة»، كما يؤكد باسيل.
وتصل القدرة الإنتاجية المنخفضة لمصادر المياه في لبنان، إلى 1.6 مليار متر مكعب في السنة، بينما بإمكانها أن تزيد عن 2.2 مليار متر مكعب في السنة، أضف إلى ذلك النسبة المتدنية للتخزين السطحي الذي لا يتعدى 6 في المئة من كمية الموارد المتجددة

16 مارس 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : المناخ والبورصة يرفعان أكلاف «تعديل المزاج اللبناني»


ألفا ليرة ارتفاع سعر كيلو البن مع هال (بلال قبلان)
 As-Safir Newspaper - كامل صالح : المناخ والبورصة يرفعان أكلاف «تعديل المزاج اللبناني»
دخل «المزاج اللبناني» في بورصة العرض والطلب، بعدما أصبح «البن» و»الشاي» يخضعان لارتفاع الأسهم وانخفاضها في البورصة العالمية، فضلا عن عوامل أخرى، أدت إلى ارتفاع سعر طن البن الأخضر عالميا، نحو 1500 دولار أميركي، وكيلو الشاي دولارين و60 سنتا.
يبتسم أبو أحمد (صاحب مقهى) عندما تسأله عن سبب ارتفاع سعر القهوة: «لم يبق شيء لم يرتفع سعره في هذا البلد، سوى الإنسان»، موضحا «أنهم يشترون كيلو البن مع هال حاليا، بـ 16 ألف ليرة، بعدما كان منذ شهر تقريبا بـ 14 ألفا. فيما الشاي بـ 13 ألفا، وسابقا بنحو 8 آلاف وخمسمئة ليرة، كذلك السكر الذي بلغ سعره ألفي ليرة للكيلو».
ويتفاوت ارتفاع أسعار كيلو البن من محمصة لأخرى، فمن دون هال 14 ألفا أو 15 ألفا، ومع هال 16 ألفا أو 17 ألفا، أي نسبة ارتفاع الكيلو تبلغ نحو 21 في المئة.
ويوضح نقيب تجار مال القبان في لبنان أرسلان سنو أن هناك «عوامل عدة متداخلة، دفعت لارتفاع الغذاء عالميا، وخصوصا الحبوب على أنواعها»، ومن أبرزها: عوامل المناخ، وتحويل حقول شاسعة لزراعات السكر والبذور الزيتية والذرة، بهدف استخلاص مادة الايثانول منها، لخلطها مع مادة البنزين، فضلا عن زيادة عدد السكان، وعدم الاستخدام الواعي للمياه الجوفية، وصولا إلى تأثيرات الأحداث العربية وتسونامي اليابان».
خلاف حول سعر الطن
لكن، بدا واضحا التباين في سعر طن البن حاليا، ففيما يفيد محمد خالد سنو (تاجر مواد غذائية، ورئيس جمعية رجال الأعمال اللبنانية الهولندية) أن سعر الطن نحو 3 آلاف و800 دولار، بعدما بلغ في السنة الماضية ألفين و200 دولار، أي بزيادة نحو 73 في المئة، يشير عامر مجذوب (تاجر بن) إلى أن سعر طن البن الأخضر، 4800 دولار، فيما كان سابقا بـ 3500 دولار، أي بنسبة 37 في المئة.
أما سعر طن الهال، وفق مجذوب، فيبلغ 40 ألف دولار، بعدما كان يباع قبل سنوات بخمسة آلاف دولار. وكيلو الشاي (من دون اعداد)، وفق سنو، نحو 5 دولارات و60 سنتا، فيما كان حوالى 3 دولارات في السنة الماضية، أي بزيادة حوالى 86 في المئة، وبلغ طن السكر 900 دولار للطن، لينخفض إلى حوالى 780 دولاراً.
إلا أن سنو ومجذوب يتفقان على العوامل المؤدية لارتفاع سعر البن والشاي، ومنها: النقص في الإنتاج وارتفاع الاستهلاك، وتغير المناخ، «فموسم البن في البرازيل تضرر نتيجة شحّ الأمطار»، فيما «الفيضانات أغرقت حقول الشاي في سيرلانكا»، فضلا عن دخول البن في البورصة، وتقلص المساحات الزراعية.
ويلفت مجذوب إلى التكلفة المرتفعة على شحن كميات البن والهال من البرازيل وغواتيمالا، «فالآن تكلفة الشحنة لأربعة أطنان، نحو 100 ألف دولار، وكان يدفع المبلغ نفسه، لشحن 15 طنا».
وبسؤاله عن اختلاف سعر كيلو البن مع هال أو من دونه، فيوضح أن المحامص الآن تضيف نحو 20 غراما من الهال مع الكيلو، بعدما كانت الإضافة 50 غراما، بغية التخفيض من الكلفة.
ويوزع مجذوب شهريا من 60 إلى 70 طنا من البن، مشيرا إلى أن الاستهلاك يرتفع في الشتاء، وينخفض في شهر أيلول مع بدء المدارس، وفي الصيف لصالح المشروبات الباردة.
استيراد وتصدير
وتمارس نحو 8 مؤسسات «تجارة جملة القهوة المحمصة»، بحسب لائحة المنتسبين في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل ولبنان، وتشمل أنشطتها: تحميص وطحن البن، تجارة القهوة، إدارة مقاه، تجارة ماكينات القهوة والبن والسكر، وغيرها.
وبلغ استيراد «البن والشاي والبهارات في لبنان لعام 2010»، وفق دائرة الإحصاء في الغرفة، 78 مليون دولار و877 ألفا لـ 28 ألفا و502 طن، منها: بن (22،270 ألف طن) بـ (54،634 مليون دولار)، أي بنسبة 69 في المئة، شاي (2،716 طن) بـ (16،838 مليون دولار)، أي بنسبة 21 في المئة. أما «جوز الطيب وبساسته وقاقلة (حب الهال)»، فيستورد لبنان سنويا، 114 طنا بقيمة (1،270 مليون دولار).
في المقابل، يصدر لبنان سنويا (بن وشاي وبهارات): 3 آلاف و130 طنا بقيمة 17 مليون دولار و878 ألفا، منها: بن (1،942 ألف طن) بقيمة (12،161 مليون دولار)، أي بنسبة 68 في المئة، وشاي (277 طنا) بـ (1،856 مليون دولار)، أي بنسبة 10 في المئة، وجوز الطيب وحب الهال 3 أطنان بقيمة 66 ألف دولار.
وأبرز البلدان على لائحة الاستيراد: البرازيل، الأرجنتين، سريلانكا، غواتيمالا، فيتنام، كولومبيا، مصر، الإمارات العربية. أما التصدير فأبرزها إلى: الأردن، السعودية، الإمارات العربية، قطر، الولايات المتحدة.
مزاج وحلم
إلا أن اللبناني، المرتبط مفتاح نهاره بفنجان قهوة صباحا، يبدو أنه لم ولن يفكر بالتخلي عن شرب القهوة، «حتى لو زاد سعرها مئة في المئة»، كما يقول سليم الذي يقصد يوميا أحد مقاهي الحمراء ليشرب فنجانه، ويقرأ جريدته، «فالقهوة لها فعل السحر في مزاجنا، ومنشط في مواجهة الضغوط، خصوصا في هذه الأيام، حيث لا حكومة، وأسعار السلع والمحروقات تواصل ارتفاعها.. والراتب يتبخر قبل منتصف الشهر».
ويضيف مازحا: «يقال إن المتاجرة في القهوة في الحلم، تنبئ بفشل الأعمال، وإذا كنت تبيعها، فيعني أن الخسارة مؤكدة، أما إذا كنت تشتري القهوة، فقد تحتفظ بسمعة حسنة»، ويخلص مبتسماً: «لذا، أنا أحافظ على سمعتي بشراء القهوة يوميا

15 مارس 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : عودة الروح إلى قطاع التزلج بعد نكسة العام الماضي

As-Safir Newspaper - كامل صالح : عودة الروح إلى قطاع التزلج بعد نكسة العام الماضي
تغيّر معدل النمو السلبي للسياحة الشتوية، إلى إيجابي، مع تساقط الثلوج وتراكمها بكثافة، خصوصا في مراكز التزلج.
وتقدّر سماكة الثلج في الأرز وكفرذبيان من متر إلى متر ونصف متر، ما يعني أن هناك تأخيرا في عملية الذوبان، قد تمتد إلى منتصف نيسان، «إذا لم تهبّ عاصفة خماسينية (صحراوية) في أواخر الشهر الجاري»، بحسب الأمين العام للاتحاد اللبناني للتزلج ادمون كيروز.
وفيما يأمل أصحاب المنتجعات والمستفيدون من قطاع السياحة الشتوية، التعويض عن الخسائر الجسيمة التي تكبدوها في العام الماضي، وفي بداية الموسم الحالي نتيجة عوامل المناخ، يتوقعون أن تكون هذه السنة ممتازة من ناحية الإقبال والعائدات المالية، إذا استمر الوضع الأمني مستقرا، برغم تشكيل الحكومة الجديدة أو عدمها.
وتعتمد السياحة الشتوية، بحسب وزارة السياحة، على الداخل بنحو 75 في المئة، وتشكل النسبة الباقية من سيّاح الخارج. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة قليلا، نتيجة العوامل السياسية غير المستقرة التي شهدتها بعض الدول العربية، خصوصا البلدان السياحية منها مصر وتونس.
ويشهد الموسم حاليا، بحسب كيروز والمدرب سركيس عبود، إقبالا من سيّاح عرب وأوروبيين، ومن طلاب المدارس والجامعات على مدار الأسبوع، ويصل الإقبال إلى ذروته يومي السبت والأحد، فضلا عن تنظيم بطولات في سباق التزلج على مدار الموسم، تستقطب مئات الصغار والكبار.
ويتفرّد لبنان في سياحة التزلج، ويبلغ العدد الإجمالي للمتزلجين أسبوعيا أكثر من 20 ألفا، يصرف الشخص الواحد كمعدل وسطي 80 دولارا، تشمل: الطعام، استئجار أدوات التزلج، الحذاء الخاص، الثياب، من دون احتساب ثمن ساعة التدريب على التزلج التي تبلغ حوالى 30 دولارا، والمشتركين الذين يدفعون سنويا حوالى 700 دولار.
وبعدما خسر قطاع التزلج شهري كانون الأول وكانون الثاني، وما يتضمنان من مناسبات وعطل، يتوقع أن تبلغ عائدات القطاع في الأسابيع الأربعة المقبلة، حوالى 6 ملايين دولار، إذا بقي الطقس جيدا لناحية تساقط الثلوج، وانخفاض في درجات الحرارة، وذلك بتحسن 90 في المئة عن العام الماضي، حيث أصيب القطاع بكارثة حقيقية، وإنهاء عقود العمل مع العديد من الموظفين والعمّال، نتيجة عدم صمود الثلج لأكثر من عشرة أيام.
وتتراوح نسبة المستفيدين من قطاع التزلج، بحسب كيروز، من 6 إلى 7 آلاف شخص، بينهم موظفون ثابتون، وعمّال مواسم.
فيما تعيل السياحة الشتوية، وفق الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية جوني بيروتي، مئات العائلات في قرى الاصطياف والجبال، حيث يقدر عددها بنحو 20 ألف شخص.
وفي هذا السياق، يأمل كيروز، من الدولة، أن تشجع هذه الرياضة، وتسعى إلى تحويلها إلى رياضة شعبية، مطالبا بإعادة تأهيل محطة بشري المتوقفة عن العمل منذ سنوات، لتنضم إلى محطات: كفرذبيان، الأرز، اللقلوق، فقرا، قناة باكيش، الزعرور، داعيا المسؤولين في وزارتي السياحة والشباب والرياضة وبلدية بشري، الى الاهتمام بهذه المحطة، «التي يعني تشغيلها إقبال شرائح من الطبقتين الوسطى والفقيرة على رياضة التزلج، وكسر احتكار ممارسة هذه الرياضة من الأغنياء فقط»، مشيرا إلى أن مصعد محطة بشري، الذي يعود لأيام الانتداب الفرنسي، يعد الأطول والأهم في الشرق الأوسط، حيث يمتد نحو 2400 متر، من سفوح المكمل إلى أعالي فم الميزاب. ويقترح في هذا الإطار، الاستفادة من المعدات الأوروبية، التي يمكن شراؤها بأسعار مقبولة، بعد عمليات التحديث التي تجريها دوريا على مصاعدها.
وما زالت السياحة تشكل الدخل الأكبر للبنان، إذ بلغت إيرادات القطاع في العام الماضي نحو 8 مليارات دولار، 40 في المئة منها من إنفاق السياح العرب، وتشكل السياحة 22 في المئة من الدخل القومي، وسياحة التزلج تحديدا من ضمن سياسة وزارة السياحة لسياحة الـ365 يوماً على الأراضي اللبنانية كافة.
ومن ضمن البرامج التي قدمتها الوزارة لتفعيل الصناعة السياحية، «خلق قطاع إنتاجي تمتد منافعه على فصول السنة كلها، ويساهم في تنمية جميع المناطق»، حيث يشمل برنامج العمل «تطبيق مجموعة من الإجراءات في المرحلة المقبلة، لتطوير القدرة التنافسية للسياحة اللبنانية، وإعادة وضع لبنان على الخارطة السياحية، وتعزيز موقعه، وجعله بلداً سياحياً رائداً في المنطقة والعالم».
ويبرز البرنامج أهمية سياحة التزلج، التي تعتبر «ثروة قيمة يجب العمل على تطويرها، خصوصاً أنها تساهم في إنماء المناطق الجبلية». ومن الأهداف، العمل على تحويل لبنان إلى مركز تزلج عالمي، عبر ربط كل مراكز التزلج بعضها ببعض، كما العمل على مبادئ السلامة العامة والترويج لرياضة التزلج في المحافل الدولية.
ويستند البرنامج الى اعتبار أن السياحة في لبنان باتت تشكل المحرك الأساسي للاقتصاد الوطني. وهي تشمل قطاعات واسعة من المؤسسات والمواقع يزيد عددها على ثلاثين ألفاً بين معالم أثرية، ومواقع، ومطاعم ومقاه وفنادق ومسابح وغيرها.
إلا أن هذا البرنامج التطويري، وأمام الوضع السياسي غير المستقر، ما زال يواجه إشكالات عديدة، منها في مسألة إعادة النظر في التشريعات والقوانين الخاصة بالسياحة، وإعادة تنظيم هيكلية الوزارة، وإعادة تفعيل الهيئة العليا للسياحة لتسهيل التعاون بين الوزارات المختصة، كذلك العرقلة في إعداد سلة من الحوافز لتشجيع عملية الاستثمار في القطاع السياحي، خصوصاً في المناطق خارج المدن، لتشجيع التنمية السياحية المستدامة في المجتمعات المحلية في إطار الإنماء المتوازن.
يشار إلى أن لبنان من المراكز القليلة في منطقة الشرق الأوسط، المجهّزة لممارسة أنواع الرياضة الشتوية، لا سيما رياضة التزلج في موسم الثلج الممتد عادة من كانون الأول حتى بدايات نيسان. ففيه تتوافر جميع المقومات السياحية الشتوية والمنتجعات التي تؤمن الخدمات اللازمة للسائح من فنادق وشاليهات للإقامة.

9 مارس 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : «تفاقم البطالة».. كارثة قابلة للانفجار في أي لحظة

As-Safir Newspaper - كامل صالح : «تفاقم البطالة».. كارثة قابلة للانفجار في أي لحظة
كامل صالح

تبرز عمليات الاستغناء الواسعة عن العمّال والموظفين التي تبدو كأنها «خبر يومي عادي»، هواجس الخوف والقلق لدى معظم العائلات اللبنانية من فقدان معيلها عمله.
وفيما ينصّ قانون العمل في مادته 111 على اختصاص مكاتب الاستخدام «بتسهيل إيجاد عمل للعاطلين، وبذل المساعي لهذه الغاية، وتوجيه العمّال العاطلين حسب حاجات البلاد الاقتصادية، وحسب أحوالهم الخاصة». تشدد المادة على أهمية «تنظيم إحصاءات عن عدد العمّال العاطلين في كل منطقة، وفي كل مهنة في الأوقات التي تعينها وزارة العمل».
إلا أن هذه «الإحصاءات الرسمية الدقيقة»، لم يصر إلى انجازها لغاية اليوم، ولم تزل موضع أخذ ورد بين العديد من الجهات الاقتصادية والسياسية والنقابية، بحيث يقدرها البعض بنسبة 19 في المئة من إجمالي عدد السكان، وصولا إلى 35 في المئة عند أطراف أخرى. كما تشير دراسة متخصصة إلى ارتفاعها إلى 20 في المئة، خصوصا في صفوف الشباب. أما منظمة العمل الدولية، ففي الوقت الذي تشير فيه إلى»عدم وجود بيانات إحصائية دقيقة عن نسبة العاطلين عن العمل في لبنان»، تقدّر هذه النسبة «بنحو 25 في المئة».
ويلحظ خبراء اقتصاديون وجود عوامل متشعبة وعديدة تعتبر من الأسباب الرئيسة للبطالة، ومنها سياسة الحكومة الاقتصادية الخاطئة، «الداعمة لقطاع الخدمات على حساب قطاعي الزراعة والصناعة، والسماح لليد العاملة، والبضائع الأجنبية بدخول البلاد بلا حسيب أو رقيب».
ومن الوجوه الجديدة للبطالة غياب فرص العمل المناسبة لاختصاصات الشباب المتعلم، ويتجسد ذلك بوجود تخمة في كثير من الاختصاصات.
وفي هذا السياق، وأمام هذه النسب المتفاوتة للبطالة، يؤكد رئيس لجنة مكافحة البطالة والعاطلين عن العمل في لبنان رفيق الصعبي لـ«السفير»، أن «النسبة تفوق الـ 50 في المئة، بحيث هناك نسبة عالية من العاطلين عن العمل منتشرة في المناطق كافة، لا تلحظها الإحصاءات، ففي كل بيت لبناني هناك شخص أو أشخاص عاطلون عن العمل»، ويشير إلى نوع جديد من البطالة المقنّعة، يعيشها معظم الشباب، وهي متمثلة في تقاضي رواتب متدنية، مما يدفعهم إلى التفكير في الهجرة إلى أي بلد آخر.
ويرى أن «الإحصاءات تنجز لمسائل هي موضع التباس وغير واضحة، أما مسألة العاطلين عن العمل فهي ظاهرة للعيان، وبقدر الحاجة إلى الإحصاءات من جهة، ثمة حاجة أساسية وعاجلة لمعالجتها جذريا من جهة أخرى»، مشيرا إلى أن أزمة البطالة متشعبة، وترتبط بسلسلة من العوامل الأخرى منها سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.
ويؤكد أن الدولة ملزمة أولا بالسعي إلى تأمين العمل لجميع مواطنيها، قبل أن تأخذ الضرائب منهم، كما هي ملزمة بمعالجة الفقر والآفات الاجتماعية الناجمة في معظمها، عن قلة أو انعدام فرص العمل.
ويقترح الصعبي خطوات لمواجهة المشكلة، وهي قابلة للتطوير والدرس، ومنها: تخصيص نصف راتب الحد الأدنى للأجور مع وحدة غذائية لكل عاجز أو عاطل عن العمل. مجانية التعليم والصحة. إنشاء مراكز في المناطق لإعادة تأهيل العاطلين عن العمل، تمهيدا لدمجهم في سوق العمل.
وعن كيفية تأمين الدولة لسد الكلفة المترتبة عن ذلك، يرفض الصعبي فكرة طرح ضرائب جديدة، مشيرا إلى أن من الحلول التنسيق والتعاون مع الجهات والمنظمات الدولية المعنية بمعالجة مشكلة البطالة، وتخصيص جزء من الهبات المقدمة للدولة لهذه الشريحة، فضلا عن التنسيق مع وزارتي العمل والتربية لتحديد حاجات سوق العمل، وإنشاء مكاتب تابعة للوزارات المعنية، من مهامها إجراء إحصاءات ميدانية عملية، تحدد بموجبها عدد العاطلين عن العمل فعليا، وتاليا عدم ترك مسألة الأرقام عشوائية ولغايات سياسية. كما من مهام المكاتب تخصيص بطاقات للعاطلين يتمكنون بموجبها من الحصول على الراتب الشهري من المصارف، بعد تخصيص ميزانية لذلك في الموازنة العامة.
وفيما يشدد على أهمية إعادة ترميم سلوك المواطن الذي يتحمل جزءا من المشكلة، لا سيما في مسائل «الأخلاق، والانتماء، والمثل العليا»، يحذر الصعبي من «انفجار مشكلة البطالة، التي تهدد الدولة والمجتمع كله، في أي لحظة»، فـ«الاستسلام لهذا الواقع السيئ، هو موت، وعلينا جميعا السعي والعمل للخروج من هذا النفق».
ويقول في الختام: «إذا كانت الدولة عاجزة عن معالجة هذه الأزمة المتفاقمة، فلترحل، وإلا ما الحاجة إلى دولة لا توفر فرص العمل لأبنائها، وحماية المجتمع من السقوط في الهاوية؟».

5 مارس 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : خوجة و«المحتسبون»... و«الكأس الذي طفح»

كامل فرحان صالح - جريدة السفير



ليس مفاجئا على المشهد الثقافي السعودي، أن يدخل «محتسبون» معرض الكتاب في العاصمة السعودية الرياض قبل يومين، ويشرعون بإطلاق صرخاتهم في وجه الناشرين وبعض الكتّاب، واصفين بعض الإصدارات المعروضة بـ»الكفر»، ومطالبين بسحب بعض الكتب من أجنحة دور نشر لبنانية ومصرية، زاعمين «أنها تخالف الشرع»، و»تتطاول على الإسلام». كما تعرضوا لنساء غير منقبّات واتهموهن بـ»الفسوق»، ومنعوا صحافية سعودية من مواصلة عملها في تغطية فاعليات المعرض، وطالبوها بالتوقف عن التصوير لأنه «حرام». ولم يكتفوا بذلك، بل واصلوا هجومهم على

4 مارس 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : «جنون النفط».. قفزات ماراتونية للمحروقات وتذبذب في القطاعات

As-Safir Newspaper - كامل صالح : «جنون النفط».. قفزات ماراتونية للمحروقات وتذبذب في القطاعات
لم يعد ممكناً الوثوق بتوقعات اقتصادية إيجابية، أمام مسلسل المفاجآت الذي تعيشه الدول العربية تباعا، حيث تلقي تداعيات ارتفاع النفط، بظلالها القاتمة على اقتصاد العالم عامة، واللبناني خاصة، عبر مجالاته المختلفة.
وإذ يبدو المشهد غائما بسبب الأحداث التي تشهدها ليبيا العضو في منظمة أوبك، نتيجة تسارع الأحداث، وارتفاع منسوب التوتر في بعض الدول العربية المصدرة للنفط، يلحظ المتابعون مدى تأثيرات حركة أسعار النفط في سلسلة طويلة من العوامل الأخرى، خصوصا الكلفة التشغيلية لقطاعات الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة والطاقة والنقل، من دون نسيان الأزمات التي تنتجها في الغذاء، وصناعة الخبز، والزراعة وغيرها.
وليبيا أول دولة مصدرة للنفط تواجه اضطرابات حادة منذ عصفت موجة الاحتجاجات بالعالم العربي في كانون الثاني، وأطاحت رئيسي تونس ومصر.
وشرعت «رؤوس الأزمة» تلوح محليا في الأفق، مع قلق من ارتفاع جنوني لأسعار المحروقات، حيث لم يهنأ اللبنانيون بعد بخفض سعر الصفيحة البنزين خمسة آلاف، حتى عاد الارتفاع، وفي أقصى سرعة، نتيجة عدم تحديد سقف أعلى لسعر الصفيحة.
ارتفاع مستويات التضخم
ولا يخفي رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط في لبنان APIC مارون شماس عبر حديثه لـ«السفير»، قلقه الشديد مما يحدث وترجمة ذلك عبر ارتفاع مستويات التضخم لعدد من السلع، مشيرا إلى أن بقاء سعر البرميل على مستوى 120 دولارا على مدى الأسابيع الأربعة المقبلة، يعني أن خفض سعر الصفيحة سيتآكل، ويطرق مجددا سعر 36 ألفا في الأيام الأخيرة من الشهر الحالي.
ويستهلك لبنان سنوياً نحو مليون و500 ألف طن من مادة البنزين، ومليون و200 ألف طن من مادة المازوت.
ويلفت شماس إلى التأثيرات السلبية على الصناعة اللبنانية التي تعتمد في معظمها على مادتي المازوت والفيول، إذ سعر المازوت العام الماضي كان في حدود 18 ألفاً، أما الآن فهو 28 ألفاً، «وبالتالي فإن الكلفة الإنتاجية ستكون قاسية على الصناعيين، وعلى المستشفيات والقطاعات السياحية كافة». كما لا ينسى الإشارة إلى «الكلفة على قطاع الأفران، واحتمال معاودة الحديث عن رفع أسعار ربطة الخبز».
وتعرقل أسعار النفط المرتفعة تعافي الاقتصاد المتعثر الخطى، مع إمكانية تجدد الركود، وربما حدوث أسوأ الاحتمالات وهو ركود تضخمي. والخوف الذي يكمن في أذهان الكثير من المستثمرين والاقتصاديين هو احتمال حدوث انهيار أوسع في الاستقرار في أرجاء العالم العربي، لا سيما في السعودية، حيث ستتغير كل الاحتمال، إذا شهدت اضطرابات سياسية.
مخاوف.. ومنافسة شديدة
وفيما تترقب مكاتب السفر والسياحة، ارتفاعا لأسعار تذاكر شركات الطيران العربية والعالمية، بدأت تلوح ملامحه سريعا بزيادة 5 إلى 10 في المئة على سعر التذكرة، تؤكد شركة طيران الشرق الأوسط (MEA) أنها ليست بوارد رفع الأسعار حالياً، برغم الخسائر التي بدأت تتكبدها من جرّاء ذلك.
ويفيد الرئيس التجاري للشركة نزار خوري «السفير» بأنه «برغم ارتفاع أسعار النفط إلى ما تزيد نسبته 40 في المئة عن السنة الماضية، فإن الشركة لن تتخذ أي خطوة بزيادة أسعار التذاكر، خصوصاً أن هناك انخفاضا كبيرا في حركة الركاب في لبنان والمنطقة، نظرا للظروف السياسية الراهنة».
ويشير خوري إلى «أن عدد الرحلات والمقاعد المعروضة في مطار رفيق الحريري الدولي بقي كما هو، لذلك لا نجد ضرورة، مع وجود سعة إضافية بالنسبة للطلب، لزيادة أسعار التذاكر، بالإضافة إلى المنافسة الشديدة في سوق بيروت، وخصوصاً أن شركات low cost carriers استمرت في عرض الأسعار المخفضة».
وأمام البيان الصادر عن طيران الإمارات إحدى أكبر الناقلات العربية، أنها رفعت أسعار رحلاتها في جميع الدرجات، «لعدم قدرتها على استيعاب الزيادة في أسعار النفط»، يوضح رئيس نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة في لبنان جان عبود لـ«السفير» أن أسعار التذاكر الإماراتية والقطرية ارتفعت من 5 إلى 10 في المئة، مؤكدا أنه حتى اليوم، لم ترفع الشركة الوطنية أسعار تذاكرها، وما زالت على حالها.
حركة السفر.. والسياحة
ويقول عبود، استناداً إلى التشاور مع إدارة الشركة الوطنية، إن القرار هو «تحمل العبء، وعدم زيادة أسعار التذاكر». إلا أنه يبدي قلقه من مواصلة ارتفاع أسعار النفط على القطاعات الإنتاجية كافة، محذّرا من تأثيره السلبي على الكلفة التشغيلية، «فكل شركة طيران تختلف عن الأخرى في هذا الإطار، إلا أن الكلفة التشغيلية تشكل من 29 إلى 35 في المئة من الكلفة الإجمالية».
ويؤكد أن ارتفاع أسعار التذاكر يؤثر سلبا على حركة السفر، وتاليا على القطاعات السياحية.
وتبلغ عائدات طيران الشرق الأوسط (الميدل إيست) من قيمة المبيعات الإجمالية لتذاكر السفر سنويا 40 في المئة، وتذهب الـ 60 في المئة لبقية الشركات.
ويضرّ ارتفاع أسعار النفط بأرباح شركات الطيران العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وتختلف الزيادات في أسعار التذاكر العربية والأجنبية، باختلاف الأسواق والوجهات.
وتذكر متحدثة باسم طيران الإمارات «ان الشركة لديها برنامج نشط لإدارة مخاطر الوقود، لكن من المستحيل في ظل تقلبات السوق الحالية استيعاب التأثير الكامل لارتفاع أسعار النفط».
واستقر خام برنت قرب 115 دولارا للبرميل أمس، إذ تتواصل مخاوف المستثمرين بشأن امدادات الشرق الأوسط، حتى بعدما رفعت السعودية إنتاجها لتغطية تراجع صادرات الخام الليبية.
ويشير المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) جيوفاني بيسينياني في تصريح إلى «أن ارتفاع أسعار النفط نتيجة اضطرابات الشرق الأوسط، يمثل تحديا كبيرا لشركات الطيران». وخفض الاتحاد من توقعاتها بالنسبة لأرباح القطاع خلال العام الجاري إلى 8.6 مليارات دولار، بعدما كانت 9.1 مليارات في بداية العام الحالي، ومقارنة بمستويات عام 2010، يتوقع أن يمثل الوقود 29 في المئة تقريبا من إجمالي تكاليف التشغيل.
وتتوقف أسعار النفط الآن، بحسب الاتحاد، «على التكهنات بشأن الأحداث السياسية، بدلا من تعزيز النمو الاقتصادي، وهذا ما يمثل مخاطرة كبيرة».

28 فبراير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : هل يحقق شباب لبنان ما عجزت عنه النقابات؟

As-Safir Newspaper - كامل صالح : هل يحقق شباب لبنان ما عجزت عنه النقابات؟
لم ينتظر شباب لبنان تشكيل الحكومة الجديدة، كما فعلت النقابات العمّالية، ليرفعوا الصوت عاليا، وليطالبوا بتحقيق «دولة العدالة الاجتماعية والمساواة، ورفض الاستغلال الاقتــصادي، والبطــالة، والهجرة، وأمراء الطوائف، والمحاصصة والتوريث الســياسي، والفقر والتهميش».
آلاف الشباب «مواطنين ومواطنات»، تداعوا عبر الانترنت وبعد اجتماعات مكثفة، إلى التظاهر ظهر غد من أمام كنيسة مار مخايل في الشياح مرورا بالطيونة وصولا إلى العدلية، رافعين شعارات تعبر عن الوطن الذي يريدونه، ويطمحون إليه، وكل همّهم أن يقولوا «خلص»، لأنّ «لكل مواطن القدرة على الصبر والتحمل»، لذا هم

22 فبراير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : عبود متفائل كالعادة ... وقلوب أصحاب المؤسسات على «الحجوزات»

As-Safir Newspaper - كامل صالح : عبود متفائل كالعادة ... وقلوب أصحاب المؤسسات على «الحجوزات»
على وقع استعدادات وزارة السياحة لإطلاق حملة ترويجية لموسم السياحة في فصل الربيع، تبرز إشكاليات عديدة تواجه الحراك السياحي المأمول في لبنان، لا سيما منها تأخير التشكيل الحكومي، والثورات العربية المتتالية، فضلا عن ضعف حاد في البنية السياحية عبر مساراتها المختلفة.
وفيما يستعد العالم لمتابعة الأفلام الترويجية الثلاثة عبر الفضائيات المحلية والعربية وشبكة سي أن أن، يطرح التساؤل عن إمكانية جدوى ذلك، في ظل القلاقل المنتشرة، والترقب المسيطر لحالة التغيرات الجذرية في أنظمة استبدادية، هي تشكل حاليا، الهاجس الأساس لدى معظم الشرائح العربية.
يصرّ الوزير فادي عبود عبر حديثه لـ«السفير» على الإبقاء على المشهدية التفاؤلية، على الرغم من «حكومة تصريف الأعمال»، و«غياب الميزانية»، مشيرا إلى أن الحملة التي يدعمها القطاع الخاص، «لا تعني الاستفادة من مآسي الآخرين، بل تأتي لتذكّر بأن الحياة السياحية في لبنان مستمرة، ونحن بانتظارهم».
ويوضح أن الأفلام الترويجية تتوجه إلى أناس جدد وفق أسلوب مغاير عن الماضي، ولعل من أهدافها الرئيسة التأكيد «أن لبنان ليس وجهة السيّاح الميسورين فقط، بل بإمكانه استقبال شرائح الطبقة الوسطى أيضا».
لا طغاة في الحكم
وبرغم أن القطاع من أكثر العناصر التي تحتاج إلى استقرار، وليس سائحا «مشغول البال»، يبدي عبود عدم تخوفه على القطاع مما يحدث في العالم العربي، ويقول: «نحن في لبنان، خارج هذه الدائرة، وننعم بديموقراطية أكثر من المجتمعات الأخرى، كما أنه ليس عندنا أنظمة توتاليتارية، ولا طغاة في الحكم».
ويؤيده في هذه الرأي، أمين عام اتحادات النقابات السياحية جون بيروتي، الذي يرى أن اللبنانيين تأقلموا مع المصائب، مستدركا: «لكن أمام ما يحدث في بعض الدول العربية، وما نتج عنه من تدهور حاد في السياحة، نحن لا زلنا بألف خير».
ويلحظ بيروتي في حديثه لـ«السفير»أن «المشكلة الأكبر التي نعيشها الآن، هي تصنيف العالم العربي منطقة غير آمنة، والتسويق السياحي الخارجي يرتكز في توجهاته على أماكن آمنة».
وبنبرة قلقة، يقول: «لا نعلم حجم الضرر على الموسم السياحي في الربيع، ولا يمكن تقديره في حال استمر الوضع المحلي والعربي هكذا»، وهي إجمالا تشهد إقبالا من الأوربيين على السياحة الثقافية في لبنان والأردن وسوريا، مضيفا: «قلوبنا على الحجوزات، التي تتأثر بالوضع السياسي غير المستقر، ولا يمكن فعل شيء، كما لا يمكن إعطاء تطمينات، لأنها، كما هو ملاحظ عربيا، تشهد تطورات يومية ومتسارعة».
لكن وبرغم هذه الصورة القاتمة، يطمئن بيروتي «أن نسبة الحجوزات الملغاة لغاية الآن لم تتعد العشرة في المئة»، متوقعا إذا استمرت حالة الاستقرار الأمني في لبنان، أن نشهد فائضا في الموسم السياحي يفوق السنة الماضية. ويعوّل في الوقت نفسه، على عيد «النروز وشمّ النسيم»، حيث يتوقع أن تصل نسبة حجوزات السياح الإيرانيين في بعض المؤسسات السياحية، من 19 آذار إلى 3 نيسان المقبلين، نحو 90 في المئة، برغم المشاكل التي تشهدها إيران حاليا.
وإذ تعتبر نسبة قدوم الزوار من الخارج في هذه الأيام ضعيفة، ويتراوح الإشغال الفندقي في بيروت أقل من 30 في المئة، وخارجها ما دون الـ 20 في المئة، يحيل عبود وبيروتي هذا الضعف «لوقوعها بين موسمي رأس السنة والربيع».
نكسة في السياحة الشتوية
إلا أن السياحة الشتوية المفترض أن تشهد تحسنا، تعاني بدورها من تراجع حاد، مما يهدد مصير مئات الموظفين والعمّال في هذا الموسم. وفيما يفيد عبود أن 80 في المئة من هذه السياحة تعتمد على الداخل، فيما النسبة الباقية خارجية، يؤكد بيروتي أن السياحة الشتوية تعرضت إلى نكسة كبيرة بالفعل، «بسبب الوضع اللبناني، وما صاحبه من تهديد ووعيد رافق استقالة الحكومة، وتعقيدات تشكيلها»، موضحا أن «حجوزات السياح لهذه الفترة وهي تتم قبل نحو شهرين، ألغيت في معظمها»، ويقدر نسبة التراجع عن العام الماضي بنحو 40 في المئة.
وتجمع المعطيات المتوفرة، أن شهري كانون الثاني وشباط سياحيا من سيئ إلى أسوأ، لأن «أجندة السياسيين لا تتوافق مع أجندة الاقتصاديين»، كما يقول بيروتي، وقد أطلق أصحاب الفنادق نداء عبّر عنه رئيس النقابة بيار الأشقر بالقول: «إن هذا الوضع غير مسموح به، وعلى السياسيين أن يوقفوا الخطابات الشعبوية التي تصور للسائح والمواطن أن الوطن على شفير التقاتل أو الفتنة، لذلك فإننا نحمل المسؤولية كاملة للجميع، لأنهم يساهمون سويا في ضرب الوطن اقتصاديا، فالاقتصاد أولوية أساسية، ويجب الاهتمام به»، علما أن القطاع السياحي هو القاطرة الرئيسة التي يرتكز عليها الاقتصاد الوطني.
صرف وإقفال وإفلاس
ويطلق الأشقر وبيروتي تحذيراً من «أن استمرار الوضع الراهن الذي تمر به المؤسسات السياحية، سيؤدي إلى صرف للعاملين، وإقفال مؤسسات عديدة وإفلاس أخرى، فضلا عن توقيف استثمارات كبيرة في هذا القطاع، لذلك يجب تدارك الأمر والإسراع في معالجات جذرية للظروف السياسية الراهنة».
ويؤكد بيروتي أن «هناك مؤسسات سياحية حاليا، تواجه تعثرا في دفع ما يترتب عليها من مستلزمات مالية، وبعضها بدأ بصرف العمّال غير الأساسيين».
في المقابل، تعاني البنية السياحية في لبنان من إشكالية معقدة، وأبرزها كما تذكر مصادر مواكبة: وجود خلل في تراخيص بعض المؤسسات السياحية، وغلاء في تذاكر السفر، وغياب خطوط الطيران اللبناني عن بلدان أساسية، وعراقيل يواجهها بعض السياح عند وصولهم إلى مطار بيروت الدولي، ويضاف إلى هذه العوامل، الوضع المحزن لنظافة المطار لانتهاء العقد مع الشركة المسؤولة عن التنظيفات، إضافة إلى التعامل الاستنسابي مع السيّاح من قبل الحمّالين، محذرة من أن استمرار هذا الواقع سيؤدي إلى مزيد من الانكماش في القطاع السياحي.

21 فبراير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : سعر ربطة الخبز يتأرجح بين الغلاء العالمي وتذمر الأفران

As-Safir Newspaper - كامل صالح : سعر ربطة الخبز يتأرجح بين الغلاء العالمي وتذمر الأفران
بعيداً عن «شدّ الشعر» بين أهل السياسة، تستقبل الحكومة التي لم يبزغ نورها بعد، العديد من الملفات الخدماتية والمعيشية، ومن أبرزها، إضافة إلى غلاء البنزين، والكهرباء، والمطالب العمّالية، ربطة الخبز التي يبدو أنها تواجه مصيراً مجهولاً أمام موجة غلاء القمح عالمياً، وتذمر أصحاب المطاحن والأفران من السعر الحالي (وزن ألف غرام بسعر 1500 ليرة لبنانية)، وإمكانية الدولة مواصلة الدعم.
وإذا تمكنت المساعي العاجلة التي بذلتها وزارة الاقتصاد الأسبوع الماضي، من تجنيب البلد الدخول في أزمة رغيف، فما هي قدرة حكومة تصريف الأعمال على مواجهة الأزمات المتراكمة، والتي لا يعلم أحد متى تنفجر كلها دفعة واحدة، بعدما يبطل معها أسلوب «التخدير»؟
الاجتماع الذي عقده وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي مع رئيس اتحاد نقابات المخابز كاظم إبراهيم الأسبوع الماضي، تمكن موقتاً من «تنظيم سوء التفاهم» حول سعر تسليم طن الطحين، إن كان في المطاحن أو بعد نقله إلى الأفران، حيث دعمت الوزارة طن الطحين بعشرين ألف ليرة إضافية، مقابل إلغاء قرار الجمعية العمومية لاتحاد أصحاب المخابز والأفران، التوقف عن تسلم الدقيق من المطاحن وإنتاج الرغيف الذي كان مقرراً في 18 شباط الحالي.
وفيما طمأنت مصادر الوزارة عبر «السفير»، إلى أن الأزمة جرى تداركها، بعد موافقة إبراهيم على الاتفاق الجديد مع الوزارة، القاضي بتحديد سعر طن الطحين المدعوم بـ 580 ألف ليرة في أرض المطحنة، يطرح التساؤل عن كيفية معالجة الأزمة مستقبلاً، في ظل الارتفاع المتواصل لسعر القمح عالمياً، وقد بيع الطن للعراق مثلا، هذا الأسبوع بـ 477 دولاراً، وفي ظل عدم تشكيل حكومة تتمتع بصلاحياتها كاملة، وليست حكومة تصريف أعمال.
الدعم.. والقرار المناسب
يرى الأمين العام لاتحاد أصحاب الأفران أنيس بشارة أن الحكومة أمام حلين: إما إلغاء الدعم عن الخبز، وهذا لا يريده الوزير الصفدي، أو مواصلة الدعم، مشيراً إلى أنه في حال لم تشكل الحكومة خلال شهر، فـ«نحن على التزامنا بتحمل إبقاء سعر ربطة الخبز على ما هو عليه، بانتظار اتخاذ القرار المناسب».
أما مصادر الوزارة فتؤكد أن الوزير، بالتشاور مع رئيس الجمهورية، ورئيس حكومة تصريف الأعمال، سيتخذ القرار المناسب، في حال تأخر التشكيل الحكومي، فـ«مسألة الأمن الغذائي أولوية وطنية، ولا يمكن لأحد المساس بها، وهي ليست موضوع خلاف».
وتدلل على ذلك بالقرار الأخير لمعالجة مشكلة كلفة نقل الطحين بين المطاحن والأفران، حيث كل طرف فسّر الاتفاق كما يشاء، فـ«الوقت ليس وقت خلق أزمة للناس، ودفعهم للنزول إلى الشارع، بسبب التذاكي في مسألة تفسير كلفة النقل».
وتفيد المصادر أن هناك قراراً صادراً عن مجلس الوزراء يقضي بشراء الوزارة 100 ألف طن، وقد اشترت لغاية الآن 75 ألفا، والباقي 25 ألفا، وفي حال استمرت أزمة تشكيل الحكومة بعد شراء الكمية المتبقية من القمح، يصار إلى إصدار إذن خاص، يسمح للوزارة بشراء كميات من القمح لتلبية حاجات السوق.
علما أن لبنان يستهلك سنويا 300 ألف طن لإنتاج الخبز العربي، و100 ألف طن للانتاجات الأخرى من الطحين، من حلويات و«خبز إفرنجي»، وغيرها. ويغطي مخزون القمح الموجود حاليا، حاجة السوق من خمسة إلى ستة أشهر، فحسب المتوفر في اليوم الأخير من الشهر الماضي، 97 ألف طن و700 كيلو في المطاحن، و66 ألفا لدى الوزارة. وهناك عروض مناقصة لشراء 25 ألف طن، بعد إلغاء مناقصة الأسبوع الماضي، حيث كان السعر الأعلى المعروض نحو 437 دولاراً أميركياً، فيما السعر الأدنى في حدود 415 دولاراً للطن الواحد.
لكن بشارة يتوقع عبر «السفير» أن يواصل سعر الطن ارتفاعه، نتيجة الطلب العالمي الكبير على القمح، بحيث طرحت دول عديدة مناقصات لشراء كميات من القمح لتأمين حاجاتها الغذائية، ولا يستبعد أن تضطر وزارة الاقتصاد الى شراء القمح في المستقبل القريب بـ 500 دولار للطن، لتأمين المخزون في الأشهر المقبلة.
تذمر.. وإعادة نظر
وعلى الرغم من الجهود المبذولة للإبقاء على استقرار سعر ربطة الخبز، يبدي أصحاب المطاحن والأفران تذمرهم من السعر الحالي لطن الطحين، معتبرين أن «حقهم الكامل لم يحصلوا عليه بعد»، معيدين النغمة القديمة الجديدة أن المعادلة المطبقة حالياً حول سعر ربطة الخبز وزن ألف غرام، لا تلحظ الارتفاع الحاصل في أسعار مستلزمات إنتاج الرغيف الأخرى، وأسعار القمح عالمياً، وتالياً لم تعد تتطابق مع الواقع.
ويقول بشارة: إن الاتفاق الحالي سيعاد النظر فيه مع وزير الاقتصاد الجديد بعد تشكيل الحكومة، «لأننا غير مستفيدين، وكذلك أصحاب المطاحن، فالدعم الحالي للطن لا يغطي فروقات الأسعار»، مؤكدا أنهم كـ «أصحاب أفران» يطالبون بتحرير سعر الخبز.
ويضيف: «انا ضد دعم الحكومة للرغيف، ويمكن إحالة الدعم إلى أماكن أخرى، مثل الطبابة والاستشفاء والمدارس». ويشير إلى أن المسألة لا تقف عند سعر طن الطحين فقط، بل يضاف إليها تكلفة صناعة الرغيف من مازوت، ونايلون الذي أصبح سعر الطن 3 آلاف دولار، والسكر ألف دولار للطن، وصندوق الخميرة 32 دولاراً، «وهذه المواد الأربع، بحسب دراسة لوزارة الاقتصاد، تكلف 90 ألف ليرة في كل طن».
إلا أن الوزير الصفدي وفي أكثر من مناسبة، يؤكد أنه لن يتم رفع سعر الرغيف على حساب المواطن، «وذلك إلى حين تجاوز هذه المرحلة الصعبة، وتأليف حكومة جديدة، عندئذ يتخذ الوزير المقبل والحكومة مجتمعة، القرار الصحيح والطويل الأمد في مواجهة هذه الأزمة، لأن سعر القمح سيستمر في الارتفاع عالمياً»، مطمئنا المواطنين إلى وجود كميات كافية من القمح، ولا وجود لأزمة رغيف، وبالتالي لن ترتفع الأسعار.

14 فبراير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : التفاح اللبناني من «دلال» عبد الناصر إلى «كارثة» مبارك

As-Safir Newspaper - كامل صالح : التفاح اللبناني من «دلال» عبد الناصر إلى «كارثة» مبارك


كامل صالح

لعله من اللافت أن يكون التفاح اللبناني أبرز السلع المتضررة من ثورة مصر، بعد أن شهد سنوات من «الدلال» أيام حكم الرئيس جمال عبد الناصر، وصولا إلى أوجه في السنة الماضية، حيث بلغت صادرات لبنان من التفاح إلى مصر وحدها 74 في المئة من الإنتاج، وتحديدا 53 ألف طن من إجمالي الصادرات البالغة 79 ألفا، كما يؤكد ذلك لـ«السفير»، كل من رئيس نقابة مصدري ومستوردي الخضار والفاكهة في لبنان عبد الرحمن الزعتري ورئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك.
وتجمع المصادر المختلفة على اهتمام عبد الناصر بالتفاح اللبناني، ومنها ما يشير إليه الزعتري، الذي أفاد بأن الاتفاقيات التجارية حول تصدير التفاح كانت برعاية مباشرة من الرئيس الراحل، وقد أعفاها من الضرائب.
ومن الحكايا التي تروى عن اهتمام ناصر بالتفاح اللبناني، أنه كان يتناول يوميا حبة منه، حتى قبل وفاته بساعات، حيث تناول نصف تفاحة على الفطور حتى «لا يتأخر عن لقاء الملوك والرؤساء».
٥ الآف طن
وبعد جلاء صورة الثورة المصرية، وتنحي الرئيس حسني مبارك عن الحكم، تأكد أن الصادرات اللبنانية من التفاح إلى مصر بلغت في غضون الأسابيع القليلة الماضية، من أربعة إلى خمسة آلاف طن، وهي التي تدور الشكوك حول إمكانية تحصيل ثمنها، بعد أن أرسلت الكميات على حساب التجار برا وبحرا، ووجود كمية أخرى في السوق المصري، تعرض بعضها للتلف نتيجة الإقفال، أو النهب والسرقات.
وفيما يبدي الزعتري قلقه من مصير الاستيراد والتصدير إلى مصر، خصوصا في الفترة المقبلة، يوضح أن الأضرار كبيرة جدا، فبعض التجّار يخزنون كميات من التفاح في «البرادات»، ولم نعرف ماذا حدث فيها، فضلا عن كميات أخرى ما زالت على الطريق. ويشير إلى ضرر بالغ آخر على التجّار نتيجة عدم استقرار الجنيه المصري، لذا، يأمل بأن تنقشع الرؤية الأسبوع المقبل، «لنتمكن من حصر الخسائر الإجمالية».
بطاطا سعودية
ويستورد لبنان من مصر كميات من الخضار والفواكه، منها: بطاطا، بطاطا حلوة، بصل، أرضي شوكي، بندورة، وثوم.
ويعلق رئيس نقابة معلمي وتجار الخضر والفاكهة في بيروت محمد القيسي على هذا الموضوع بالقول إنه نتيجة الأحداث، لم تصل كميات كافية من البطاطا المصرية إلى السوق، مشيرا إلى أن السوق يعتمد حاليا على البطاطا السعودية.
واستورد لبنان السنة الماضية من البطاطا، كما يوضح الزعتري، نحو 55 ألف طن، 40 في المئة منها من مصر.
ووفق إحصاءات مديرية الجمارك اللبنانية، بلغت نسبة الصادرات اللبنانية إلى مصر من «فواكه وثمار صالحة للأكل قشور حمضيات وقشور بطيخ» في العام الماضي 7 في المئة من إجمالي الصادرات إلى مصر، وتحديدا 13 مليون دولار و867 ألفا، في المقابل، بلغت نسبة «خضر ونباتات وجذور ودرنات صالحة للأكل» المستوردة من مصر العام الماضي 22 مليون دولار و796 ألفا، ما نسبته 5 في المئة من إجمالي المستوردات السلعية اللبنانية من مصر.
ويلاحظ مركز الدراسات الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، أنه وفق حركة التبادل التجاري بين البلدين في العام 2010، ارتفعت حصة استيراد المنتجات الحيوانية والزراعية وصناعة الأغذية من مصر، إذ بلغت 122.2 مليون دولار نسبتها 28.42 في المئة من إجمالي المستوردات اللبنانية منها، في حين أن هذه الحصة بلغت 15.9 في المئة من إجمالي المستوردات اللبنانية من كل الدول. وبلغت قيمة هذه الحصة في صادرات لبنان إلى مصر 24.5 مليون دولار نسبتها نحو 12.2 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية إلى مصر، في حين أن هذه الحصة بلغت أيضا 12.2 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية إلى كل الدول. مقارنة في العام 2009 انخفضت نسبة هذه الحصة في كل من الصادرات والمستوردات من مصر واليها.
ومن التوصيات التي أصدرها المركز، «عدم اتخاذ إجراءات فجائية في ما خص حركة تبادل المنتجات الزراعية بين البلدين من جانب فريق دون الآخر، ودون إعـلام مســبق لما لهذه الإجراءات من تأثير سلبي على مصــداقية الالتزام بالقوانين الموقعة».
مشكلة جسيمة
وأمام هذه التوصية، يبدو أن الأحداث الحالية في مصر، ستفاقم من تأثيراتها السلبية، حيث يشير الحويك إلى أن «المشاكل طالت كل القطاعات التي تصدر منتجاتها إلى مصر»، مؤكدا وقوع مشكلة جسيمة على ضامني التفاح. ويلفت إلى أن التصدير يبدأ من أيلول ويستمر إلى نيسان، وترسل الكميات تباعا، فمثلا السنة الماضية بلغ حجم الصادرات في الأيام العشرة الأخيرة من شهر كانون الثاني نحو 8500 طن من التفاح، وفي شباط 6800 طن.
ويتوقع كل من الزعتري والحويك أن تنحصر الأزمة الحالية بين 4 و5 آلاف طن من إجمالي الصادرات البالغة 53 ألف طن.وبعد احتساب سعر الكيلو بنحو دولار واحد كمعدل وسطي، نحن أمام 5 ملايين دولار «لا يعرف مصيرها».
ويؤيد الزعتري والحويك الدعوة التي أطلقها مصدرو التفاح أخيرا، الموجهة إلى الدولة اللبنانية والمسؤولين كافة، وهي «التطلع إلى الوضع الذي وصلوا إليه والتعويض عليهم، ومساعدتهم في فتح أسواق جديدة للتفاح اللبناني». وكشف المصدرون عن وجود «كميات كبيرة لا تزال مكدسة في البرادات وهي لا تحتمل التخزين لفترات طويلة»، وذلك بعد أن «توقف تصدير التفاح إلى الأسواق المصرية التي تعتبر أكبر الأسواق الاستهلاكية للتفاح اللبناني. كما أصيبت البضائع التي كانت في طريقها إلى هناك وتلك الموجودة حاليا في الأسواق بأضرار كارثية، ومن الصعب جدا تحصيل ثمنها في مثل هذه الظروف».
وكان التفاح اللبناني قد شهد تحسنا في سعر مبيعه ونوعيته، وزيادة في مساحاته المزروعة، بعد تخصيص يوم للتفاح بدءا من العام 2003، حيث واكبت ذلك دعاية محليا وعربيا، وارتفاع في تصديره من 26 ألفا إلى 79 ألف طن من أصل انتاج العام الماضي الذي بلغ 200 ألف طن. وقد أعلن وزير الزراعة د. حسين الحاج حسن خلال ترؤسه أخيرا، اجتماع لجنة محصول التفاح، أن هدف الوزارة هو «العودة إلى سقف إنتاج 300 ألف طن، ولكن بأصناف أكثر تعددا، ونوعية أفضل».

4 فبراير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : من يعوّض على المسافر دفع «ضرائب» ليست «ضرائب»؟

As-Safir Newspaper - كامل صالح : من يعوّض على المسافر دفع «ضرائب» ليست «ضرائب»؟
يشكل موضوع «أسعار بطاقات السفر» أهمية خاصة، لارتباطه بـ«كل بيت لبناني مقيم أو مغترب». وأمام ما طرحه وزير السياحة فادي عبود أمس في مؤتمره الصحافي حول ضرائب ورسوم تضاف إلى بطاقة السفر، يتحملها المسافر اللبناني، وهي ليست كذلك. يطرح السؤال: من يعوّض على المسافر الخسائر التي يتكبدها؟
وإذ يؤكد مدير عام وزارة الاقتصاد ومدير مصلحة حماية المستهلك فؤاد فليفل لـ«السفير» أن المديرية تسلمت مراسلات وزارة السياحة حول الموضوع، وهي تتابعه وتحقق فيه. يشير أمين عام اتحادات النقابات السياحية جون بيروتي لـ«السفير» إلى أن ارتفاع سعر بطاقة السفر غير المبرر، يؤثر سلبا على قطاع السياحة ونموه، واضعا انعكاساته السلبية في مستوى الوضع الأمني. ويستشهد بيروتي على ذلك، بأن هناك 4 مجموعات سياحية من باريس، كانت تريد قضاء رأس السنة في لبنان، لكن بعد أن تبين لها أن سعر التذكرة 1200 يورو، بدلت من وجهتها إلى أميركا.
وخصص الوزير عبود مؤتمره، للحديث عن الإجراءات العملية للوزارة بهدف العمل على تعزيز دور لبنان كوجهة سياحية، واستقطاب المزيد من السياح عن طريق زيادة التنافسية في القطاع السياحي، طارحا في هذا السياق، ثلاثة عناوين، «تهم كل مواطن ووافد إلى لبنان»، وهي: تطبيق المرسوم حول منع الأشخاص الذين لم يبلغوا الثامنة عشرة من عمرهم، دخول الحانات والمرابع الليلية ليلا نهارا. تسعيرة بطاقات السفر، وتفصيل الرسوم والضرائب والإجراءات العملية لزيادة التنافسية. تكليف شركة «بيرو فيريتاس» إعادة تصنيف جميع المؤسسات السياحية العاملة في لبنان، وفقا لمعايير التصنيف الحديثة.
وإذا كان العنوان الأول في المؤتمر، موجعا للعديد من العائلات، ومخالفا للمدونة الأخلاقية لمنظمة السياحة العالمية، والثالث، كما يوضح نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، تحتاجه كل المؤسسات السياحية في لبنان، فإن العنوان الثاني يتضمن في طياته أعباء ضريبية على المسافر غير قانونية.
ويفصّل عبود في مؤتمره، بعد ارتكازه على الدستور، وقانون حماية المستهلك، وقانون المنافسة، «التجاوزات غير القانونية على أسعار بطاقات السفر، منها مبالغ تستوفى تحت عنوان ضرائب ورسوم، وهي في الواقع تعود إلى الشركات، ولا علاقة لها بالضرائب، والرسوم المنصوص عنها في القوانين، إضافة إلى عمليات تحويل من عملة أجنبية إلى الليرة تدوّر لمصلحة الشركة».
ويتبين، بعد توضيح الوزير عبود تركيبة تسعير بطاقة السفر، وما ورد فيها تحت عنوان ضرائب، متخذا مثالا بطاقة السفر إلى لندن، أن هناك نحو 190 دولارا أميركيا ليست رسوما ولا ضرائب، وهي تشمل: السعر الإضافي للوقود، وثمن إصدار البطاقة، وثمن خدمة المسافر، وتدوير مبلغ رسوم المغادرة والضريبة.
وتعليقا على هذا الموضوع، يقول رئيس نقابة مكاتب السفر والسياحة جان عبود لـ«السفير»: إن ما أثير في المؤتمر الصحافي، هو الدعوة لعدم وضع مكاتب السفر هذه المبالغ تحت خانة ضرائب، والمفروض هو تفصيل سعر البطاقة، مشيرا إلى أن هذه «الرسوم» و«الضرائب» تذهب إلى شركات الطيران ووزارة المالية، مطالبا بإعادة النظر في ضريبتي تذكرة السفر (4 دولارات)، وضريبة إنشاء مدينة رياضية (5 آلاف ليرة) التي وضعت في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، داعيا إلى تخصيصها للترويج السياحي.
يشار إلى أن عدد بطاقات السفر التي صدرت في لبنان، وفق عبود، تبلغ 850 ألف تذكرة، وفي عملية حسابية بسيطة، يتبين أن المبالغ المضافة على سعر البطاقة السفر تحت خانة «ضرائب ورسوم» وهي ليست ذلك، تفوق عشرات ملايين الدولارات.
وفيما يشدد كل من الوزير عبود وعبود وبيروتي، على أهمية فتح المجال للتنافس وتعزيز التنافسية في الأسواق بما يضمن حقوق المستهلك، وكسر الاحتكار الذي تتبعه بعض شركات الطيران، يتبين أن نص قانون حماية المستهلك الصادر في العام 2005، ينصّ في مادته الأولى على: تحديد القواعد العامة التي ترعى حماية المستهلك، وصحة وسلامة السلع والخدمات وجودتها. صون حقوق المستهلك، وتأمين شفافية المعاملات الاقتصادية التي يكون المستهلك أحد أطرافها. حماية المستهلك من الغش والإعلان الخادع والحؤول دون استغلاله.
علما أن هذا القانون، وبحسب الوزير عبود، يلتقي مع المبادئ العشرة الرئيسة لحماية المستهلك في الاتحاد الأوروبي، ومنها في البند الثامن: عدم تضليل المستهلك.

3 فبراير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : النهب يطال شركات ومتاجر لبنانية.. والغمـوض يكتنـف الاتفـاقيـات

As-Safir Newspaper - كامل صالح : النهب يطال شركات ومتاجر لبنانية.. والغمـوض يكتنـف الاتفـاقيـات
يترقب العالم عموما، واللبنانيون خصوصا، تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية المتسارعة في مصر، التي تشهد منذ أسبوع مخاض ولادة جديدة، يحدد إثرها، ملامح وجه المنطقة وتوجهاتها المستقبلية.
وكما في كل الثورات الشعبية، تلقى الاقتصاد المصري الصدمات الكبرى عبر قطاعاته كافة، فتعطلت حركة السوق، ودخلت في جمود وانكماش وترقب، عدا الخسائر المباشرة التي طالت بعض المؤسسات والشركات نتيجة الحرق والنهب والسلب والتكسير، وهي ضريبة يبدو أنه لا بد منها، شهدها العالم في تونس أخيراً، ومصر الآن. وشملت الخسائر أيضاً، ما تكبده العديد من المستثمرين اللبنانيين، حيث تعرضت استثماراتهم لخسائر تتفاقم يومياً نتيجة الإقفال والتوتر الأمني، الناجم عن رفض الرئيس حسني مبارك التخلي عن الحكم تلبية لرغبة الشعب المصري.
وينقل نائب رئيس جمعية الصداقة المصرية اللبنانية لرجال الأعمال فؤاد حدرج لـ«السفير« الأجواء في مصر حيث يقيم حاليا، ولم يغادرها، مؤكداً تفاقم الخسائر في الاستثمارات اللبنانية، حيث تعرضت أكثر من شركة للحرق والسلب، مشيراً إلى حرق متجر له للألبسة، وهو من أصل 22 متجراً يمتلكها في مصر. ويقدّر خسائره في غضون الأيام الستة الأخيرة بأكثر من 350 ألف دولار.
كما يفيد المستثمر حسين رمضان الذي يمتلك مجموعة من عربات المثلجات والذرة أمام مداخل المحلات الكبرى في القاهرة، أن كل عرباته تعرضت للكسر والنهب، ويقدر خسائره الإجمالية بـ 200 ألف دولار.
حالة ترقب.. وتغيير نهج
وإذ يبدو أن حالة الترقب هي سيدة الموقف الآن، حيث لا يمكن التكهن بتداعياتها، يختصر رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين د. فؤاد زمكحل لـ«السفير« المشهد، بالقول: إن ما يجري في مصر سيؤثر اقتصاديا على المنطقة العربية كلها، وخصوصا لبنان، لا سيما أن المطروح تغيير نهج استمر لأكثر من 30 عاما، ويصعب حاليا استشراف ماذا سيحدث، لا سيما على صعيد الاتفاقات بين البلدين، وهناك الكثير من نقاط الاستفهام الكبيرة في هذا المجال.
وينقل زمكحل بدوره، صرخات العديد من رجال أعمال وتجار لبنانيين في مصر، حيث أعمالهم شبه متوقفة، وتعرضت شركات بعضهم للنهب والتكسير،« لكن، وعلى الرغم من ذلك، أكد معظمهم أنهم باقون في مصر، لحماية مصالحهم وأعمالهم وبيوتهم«.
كذلك، تعرض قطاع دور النشر في لبنان إلى خسائر كبيرة نتيجة الأحداث، خصوصاً أن الكثير منهم، شحنوا كتبهم للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي أجل إلى وقت لاحق.
ويشرح الناشر زهير الشامي لـ«السفير« رحلة المعاناة التي عاشها مع 22 ناشراً آخرين من مصر إلى لبنان، حيث تركوا إصداراتهم على أرض المعرض، وعادوا فورا إلى لبنان، بعد أن انتظروا أكثر من 10 ساعات في مطار القاهرة نتيجة الإرباك في مواعيد رحلات شركات الطيران، والتزاحم الشديد.
علماً أن صادرات لبنان إلى مصر من منتجات دور النشر والصحافة وغيرها في العام الماضي، بلغت، وفق إحصاءات المديرية العامة للجمارك اللبنانية، حوالى مليوني دولار (2,070)، فيما الاستيراد من مصر إلى لبنان بلغ 273 ألف دولار.
من جهة أخرى، تبلغ قيمة الصادرات اللبنانية إلى مصر العام 2010 نحو 201 مليون دولار، وهي أعلى من قيمة الصادرات إليها في العام 2009 التي بلغت 74.7 مليون دولار، بارتفاع حجمه 2.7 أضعاف. في حين أن الصادرات اللبنانية الإجمالية بلغت نسبة ارتفاعها 22.06 في المئة.
أما قيمة المستوردات من مصر في العام 2010 فتبلغ نحو 430 مليون دولار، مقابل 420.6 مليون دولار في العام 2009، بارتفاع نسبته 2.2 في المئة، في حين أن قيمة المستوردات اللبنانية الإجمالية، ارتفعت بنسبة 10.60 في المئة.
ويؤكد زمكحل أهمية السوق المصري بالنسبة للبنان، »فمصر التي يقدر عدد سكانها بنحو 80 مليونا تكتسب أهمية من ناحية التجارة والاستثمارات«، فضلا عن ذلك أن »الصناعات المصرية أقل كلفة، وفي ظل تعرضها لهزة نتيجة ما يحدث اليوم، فان تأثيراتها الاقتصادية السلبية لن تظهر مباشرة، بل في غضون الأشهر المقبلة في حال انتهت الأحداث قريباً«.
وأمام توظيف الاستثمارات اللبنانية في مصر التي تبلغ بحسب حدرج نحو 10 مليارات جنيه وهي قابلة للزيادة، في القطاعات الصناعية والمصرفية والزراعية والدواجن والتأمين. يسأل زمكحل عن مدى قدرة الشركات اللبنانية على الصمود في حال استمرت الأزمة، مبدياً تخوفه من وقوع خسائر لبنانية فادحة، في حال لم تتبلور الصورة في القريب العاجل.
مقاربة مختلفة للموضوع
إلا أن زمكحل الذي يقرأ الأحداث المصرية بحذر شديد، إذ »كلبنانيين لا يمكننا إلا أن نقدر تطلعات الشعب المصري«، يسعى لمقاربة مختلفة للموضوع، مستعيداً في هذا السياق، الأحداث التي شهدها عهد جمال عبد الناصر، حيث احتضن السوق اللبناني الاستثمارات الهاربة من مصر، »فهل سيحدث الأمر نفسه اليوم؟«.
وبعد أن يصف الواقع في مصر الآن، بالـ »معقد جداً«، نتيجة التظاهرات التي تشهدها معظم المناطق المصرية، يواصل زمكحل طرح تساؤلاته التي تبقى الإجابة عليها رهن التطورات على الأرض، ومنها: هل سندخل في ليبرالية اقتصادية جديدة؟ ما مصير مستقبل الاستثمارات؟ ما مدى تأثر التبادل التجاري بين البلدين، ومستقبل دخول وخروج رأس المال اللبناني لمصر، وحجم خسائر الصادرات اللبنانية، فضلاً عن الحركة السياحية؟
30 ألف لبناني.. بخير
وفيما لا يزال نحو 18 في المئة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، ما يؤجّج مشاعر انعدام الأمن الاجتماعي، يطمئن حدرج نتيجة اتصالاته وتواصله مع التجار اللبنانيين، والسفير اللبناني د. خالد زيادة، والقناصل في السفارة، قائلاً: »على الرغم من القلق والخوف، فإن اللبنانيين الذين يقدر عددهم بنحو 30 ألفاً، بخير«.
ويوضح حدرج أن »أغلب المتاجر في القاهرة مغلقة، كذلك البنوك والبورصة المصرية، فيما يعمل عدد قليل من متاجر المواد الغذائية«.
وبلغت قيمة الاستثمارات المصرية التراكمية في لبنان منذ العام 1985 وحتى العام 2009، بحسب مركز الدراسات الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، نحو 83.3 مليون دولار نسبتها 0.7 في المئة من إجمالي الاستثمارات العربية في لبنان في تلك الفترة. فيما بلغت قيمة الاستثمارات اللبنانية التراكمية في مصر نحو 464.9 مليون دولار نسبتها 4.3 في المئة من إجمالي الاستثمارات العربية في مصر في الفترة ما بين الأعوام 1985 و2009.
ومن ضمن ما تشمله الخسائر الاقتصادية اللبنانية في مصر، دفع الأجور والإيجارات والمستحقات المترتبة، ووضع حراسات خاصة على أبواب المحال، ويصعب حالياً، بحسب حدرج، تقدير تكلفتها وتأثيراتها على الاستثمارات، فتدهور الوضع الأمني أدى إلى إغلاق وتعطيل النشاط التجاري والصناعي في الإجمال، فضلاً عن توقف تسليم البضائع وتوزيعها، مشيراً إلى أن بعض أصحاب الشركات، بدأوا في إجلاء أفراد من موظفيهم وعائلاتهم.
السياحة وتداعيات الأزمة
وتمتد تداعيات الأزمة المصرية على لبنان لتشمل العديد من القطاعات الأخرى، منها القطاع السياحي، حيث أبرم لبنان في العام 2009 مع مصر، البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال السياحة بين الحكومتين للأعوام 2009-2011. وبلغ الإنفاق السياحي المصري في لبنان العام الماضي، نحو 7 في المئة من إجمالي الإنفاق، وفق شركة »غلوبل بلو« المعتمدة في لبنان لاسترجاع الضريبة على القيمة المضافة للسياح غير اللبنانيين. وبلغ عدد السياح المصريين للبنان نحو 70 ألفاً. مع الإشارة إلى أن إيرادات قطاع السياحة اللبنانية تعدّت في العام الماضي الـ 8 مليارات دولار، 40 في المئة منها من إنفاق السياح العرب.
ولا بد من التنويه، أيضاً، بالتأثيرات السلبية التي ستقع على السلع والغذاء، وسوق الأسهم، وتكلفة التأمين على الاستثمار الأجنبي المباشر، فضلاً عن الطاقة، حيث ارتفعت أسعار النفط متجاوزة مئة دولار للبرميل نتيجة مخاوف من أن تمتد الاضطرابات لدول مجاورة، وقد تؤثر على صادرات الطاقة، بما في ذلك عبر قناة السويس.
وكان لبنان قد أبرم في العام 2005، مذكرة تفاهم بين وزارة الطاقة والمياه اللبنانية ووزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، بشأن تدعيم التعاون المشترك في مجال صناعة البترول والغاز، حيث أصبحت مصر، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، منتجاً كبيراً للغاز الطبيعي، ومصدراً استراتيجياً لأوروبا. وتفيد التقديرات أن احتياطيات النفط المؤكدة في مصر، تبلغ 3,7 مليارات برميل.
ميزان.. وتبادل
من جهة ثانية، يلاحظ أن الميزان التجاري بين لبنان ومصر، في حالة عجز لمصلحة مصر منذ العام 1993 وحتى العام 2010. وقد تراوحت قيمة العجز ما بين 30.7 مليون دولار كحدّ أدنى كما هو الحال في العام 1993، وما بين 410.1 مليون دولار كحدّ أقصى كما في العام 2007.
ويخضع التبادل التجاري بين البلدين لنمط تصاعدي بشكل عام في الفترة ما بين الأعوام 1993 – 2010، وإن كان وفق نسب مختلفة.
وتتميّز الصادرات اللبنانية إلى مصر، وفق مركز الدراسات الاقتصادية في الغرفة، بعدم التنوع، إذ أن صادرات ثلاثة فصول جمركية من السلع تشكل نحو 70 في المئة من إجمالي السلع المصدّرة. غير أن المستوردات اللبنانية من مصر متنوعة، ومستوردات أهم عشرة فصول جمركية من السلع تشكل نحو 68 في المئة من إجمالي السلع المستوردة من مصر.
ويلاحظ، وفق حركة التبادل التجاري بين البلدين في العام 2010، ارتفاع حصة استيراد المنتجات الحيوانية والزراعية، وصناعة الأغذية من مصر، إذ بلغت 122.2 مليون دولار نسبتها 28.42 في المئة من إجمالي المستوردات اللبنانية منها، في حين أن هذه الحصة بلغت 15.9 في المئة من إجمالي المستوردات اللبنانية من الدول كافة. وبلغت قيمة هذه الحصة في صادرات لبنان إلى مصر 24.5 مليون دولار نسبتها نحو 12.2 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية إلى مصر، في حين أن هذه الحصة بلغت ايضاً 12.2 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية إلى الدول كافة، مقارنة في العام 2009 حيـــث انخفضت نســبة هذه الحصة في كل من الصادرات والمستوردات من مصر إليها.
ويترك البرنامج التنفيذي لاتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين لبنان ومصر، الذي بدأ تطبيقه في العام 1999، أثره البارز على الحركة التجارية بين البلدين، فقيمة الصادرات اللبنانية إلى مصر ارتفعت أكثر من 13 ضعفاً في العام 2010 مقارنة في العام 1999، إلاّ إن قيمة المستوردات ارتفعت 9 أضعاف في العام 2010 مقارنة بالعام 1999.
يشار إلى أن أبرز الاتفاقيات المعقودة بين لبنان ومصر في العامي 2009 و2010 هي: إعفاء رعايا مصر من رسم إجازة العمل عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل. الإجازة للحكومة بإبرام اتفاقية بين وزارة العمل اللبنانية ووزارة القوى العاملة والهجرة في مصر في مجال التعاون الفني ونقل الأيدي العاملة. إبرام مذكرة تفاهم للتعاون بين المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر. وإبرام مذكرة تفاهم للتعاون بين بورصة بيروت والبورصة المصرية.

28 يناير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : مسؤولو القطاعات لـ«السفير»: نريد السياسة في خدمة الاقتصاد لا العكس

As-Safir Newspaper - كامل صالح : مسؤولو القطاعات لـ«السفير»: نريد السياسة في خدمة الاقتصاد لا العكس
تتطلع القطاعات الاقتصادية التي تعرضت لهزة عنيفة أخيرا، نتيجة اشتداد الكباش بين القوى السياسية، وموجة الاضطراب التي عمت الشارع، إلى أن تتمكن من التقاط أنفاسها، لتعاود حركتها المعتادة وتعزز من إنتاجيتها عبر حكومة تضع نصب عينيها معالجة الهموم المعيشية والاقتصادية والاجتماعية عمليا لا مجرد وعود كلامية، وتبتعد عن الدخول في سجالات عقيمة لم توصل البلد إلا إلى مزيد من الخسائر في المجالات كافة، لا سيما منها الارتفاع في نسبة البطالة والهجرة، والركود، واتساع مساحة القلق والتوتر والخوف من المستقبل.
ويضع المسؤولون عن قطاعات الصناعة والسياحة والزراعة مروحة من المطالب، مصحوبة بالتمنيات أن تتمكن الحكومة العتيدة بقيادة الرئيس نجيب ميقاتي من الإقلاع والعمل في جو هادئ، ومستقر وواع، بعيدا عن الكيدية والمصالح الشخصية الضيقة، وأن تضع الرجل المناسب في المكان المناسب، أي السعي الجدي لتشكيل حكومة تكنوقراط، لا حكومة أقطاب سياسية، جربها الناس في أكثر من حكومة، ولم يكن مصيرها إلا حصد المزيد من الأزمات السياسية والاقتصادية.
الصناعة: نظام ضرائبي وتوظيفات
على الرغم من النمو الذي شهده القطاع الصناعي في العام الماضي، إذ بلغت الصادرات الصناعية 3 مليارات و500 مليون دولار، بزيادة 30،5 في المئة عن العام 2009، إلا أن التوتر السياسي والأمني الذي شهده الشارع أخيرا، شكل «خطرا كبيرا على حجم الاستهلاك، إذ الانكماش يؤثر سلبا على الاقتصاد»، كما يؤكد رئيس جمعية الصناعيين نعمة افرام لـ«السفير».
ولأن تعزيز قوة الصناعة لتحمل الصدمات، يخلق مقاومة في الاقتصاد، يوضح افرام أن القطاع الصناعي هو أكبر مشغل لليد العاملة في لبنان، «حيث يتراوح عدد العاملين فيه بين 140 و160 ألفا، وتشكل الصناعة 13 في المئة من الناتج القومي، وهذه السنة يجب أن تصل إلى 20 في المئة، لتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد قومي يتلقى الصدمات، وقادر على تحمله».
ويتمنى افرام أن تسند وزارة الصناعة إلى شخص يعيش هموم الصناعيين، ويعرف هواجسهم، وقريب منهم، آملا أن تكون الحكومة العتيدة تكنوقراط، وتحافظ على هذا النمو وتطويره، وذلك عبر النقاط التالية:
ـ التوظيفات في البنى التحتية ( كهرباء - صرف صحي - طرق - مياه - سكك حديد..) التي تؤثر جديا على مسار الصناعة.
ـ الاهتمام والتركيز على إنشاء مدن صناعية نموذجية بالتعاون بين القطاعين العام والخاص.
ـ معالجة موضوع الضمان الاجتماعي، نظراً لتداعيات هذا الملف الشائك على المستفيدين من النواحي المعيشية والمرضية والاجتماعية، وإيجاد الحلول للمتأخرات، ودرس تطوير الضمان الاجتماعي.
ـ تطوير المادة 59 من قانون الضريبة على القيمة المضافة أو الإبقاء عليها، وهي التي تتيح للصناعي استرداد هذه الضريبة، وحيث المنتج النهائي معفى من الضريبة على القيمة المضافة (الأدوية مثالا).
ـ إعفاء الصادرات اللبنانية من ضريبة الدخل.
ـ منح قروض طويلة الأجل، وميسّرة لدعم الصادرات اللبنانية.
ـ تطبيق وزيادة الضريبة والتعرفة الجمركية على المواد الخام (جلود - كسر المعاون) بغية التحفيز على التصنيع.
ـ السماح للصناعي اللبناني ببيع الكهرباء على الشبكة العامة، ضمن الشروط التي ستعطى للبواخر، والأفضلية في هذا المجال هي للبناني.
ـ تعديل في النظام الضرائبي، والتعامل بإيجابية مع القطاعات الإنتاجية لخلق فرص عمل في لبنان.
وإذ ينتظر افرام من الحكومة الاهتمام بالهموم المعيشية واليومية للمواطن، ومقاربة هذه العناوين ومعالجتها جديا وسريعا، يسأل: «ماذا ينفع التركيز على المسائل السياسية فقط، إذا لم يبق شعب في لبنان؟».
وبسؤاله إذا يتوقع أن يأتي وزيرا للصناعة في الحكومة العتيدة، يقول: «لا أدري، فأنا أتابع حياتي اليومية عادية»، متمنيا للبنان «الاستقرار، الاستقرار والاستقرار، لأنه أساس النمو».
السياحة: بترول لبنان فوق الأرض
أكثر القطاعات التي يطالها الضرر المباشر من الاضطراب السياسي، هي القطاعات السياحية من فنادق ومطاعم ومكاتب السياحة والسفر وتأجير السيارات، وهي التي بدأت تشهد منذ الشهر الأخير من العام الماضي تراجعا ملحوظا في إقبال السياح، ويمكن الإشارة في هذا السياق، إلى أن نسبة الإشغال في الفنادق منذ استقالة الحكومة إلى يوم الاحتجاجات التي شهدها الشارع، تراجعت إلى ما بين 15 و20 في المئة، بعد أن كانت في العام الماضي تلامس عن الفترة نفسها، الـ50 في المئة، حيث ألغيت الحجوزات والحفلات التي كان من المقرر إقامتها في بعض الفنادق، مع الرسائل التحذيرية التي وجهتها بعض الدول لرعاياها من عدم السفر إلى لبنان، أو الالتزام بأماكنهم، وأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر.
وأمام ما حدث، يستعجل أمين عام اتحادات النقابات السياحية جون بيروتي تشكيل الحكومة العتيدة، لدرء السلبيات التي بدأت تنعكس على القطاع، وتحديدا منذ أسبوعين.
ويعتبر القطاع السياحي، الذي يصفه بيروتي بـ«بترول لبنان فوق الأرض، لا في البحر وتحت التراب»، الأول في الإنتاج، إذ بلغت في العام الماضي نحو 8 مليارات دولار مباشرة وغير مباشرة، مسجلا 22 في المئة من الدخل القومي. كما أنه الأول في التوظيف، إذ يصل عدد المسجلين في الضمان الاجتماعي من القطاع الى 160 ألف عامل، فيما يستفيد من السياحة مباشرة نصف مليون شخص من ضمنهم العمال الموسميون الذين يبلغ عددهم نحو 120 ألفا، وانعكاساته الايجابية تؤثر على تصريف الإنتاج الزراعي، وتحرك عجلة القطاعات الصناعية والتجارية والعقارية.
التسويق والإنماء والمرونة
وإذ يشدد بيروتي عبر حديثه لـ«السفير» على أهمية أن تعي «أية حكومة» أهمية السياحة، وتبني سياستها العامة وماليتها لدعمها وتطويرها للوصول إلى أفضل النتائج الاقتصادية، يضع عدداً من المطالب في عهدة الحكومة العتيدة، منها: موازنة مقبولة للتسويق السياحي، حيث بلغت السنة الماضية مليون دولار، فيما أقل موازنة تضعها دول الجوار لهذا الغرض، 5 ملايين دولار، إضافة إلى مجلس وطني للإنماء السياحي، والأهم من كل هذا أن يكون وزير السياحة من ضمن القطاع لا من خارجه للقيام بمعالجة سريعة للمشاكل، وتمتعه بمرونة في مقاربة الموضوعات المتعلقة بالسياحة، وعند تحقق هذه المطالب الثلاثة، «بات بالإمكان معالجة الوضع السياحي من داخل الوزارة لا من خارجه».
وفيما يضع أمين عام اتحادات النقابات السياحية كامل ثقته في الرئيس ميقاتي، كونه رجلا اقتصاديا في المقام الأول، ويعي مشاكل القطاع وأهميته، يأمل بأن يظهّر البيان الوزاري للحكومة العتيدة، قسطا كبيرا من سياسة الحكومة حول الاقتصاد والسياحة، بحيث يكون الشعار: السياسة بخدمة الاقتصاد، وليس العكس، فضلا عن أمله بابتعاد الوزراء عن السجال السياسي، وأن تكون معالجتهم للمواضيع الخلافية خلف الأبواب للوصول إلى حلول مقبولة لا كارثية.
الزراعة: 5 محاور للعودة إلى الأساس
في المقابل، لم يكن القطاع الزراعي بأفضل حال من القطاع السياحي، وهو الذي واجه في العام الماضي العديد من الأمراض الزراعية والكوارث الطبيعية، إن كان عبر الجفاف وشح الأمطار الذي امتد إلى الشهر الأخير، أو عبر العاصفة الثلجية التي كبدت القطاع خسائر فادحة.
وما يأمله رئيس جمعية المزارعين انطوان الحويك من الحكومة العتيدة هو «العودة إلى الأساس، أي المعالجة الفورية للبنى التحتية للزراعة»، والمتمثلة في خمسة محاور:
ـ إقرار الصندوق الوطني للضمان الزراعي من الكوارث.
ـ السجل الزراعي.
ـ إنشاء غرف مستقلة للزراعة.
ـ إنشاء المصرف الوطني للإنماء الزراعي.
ـ تأمين حماية غير جمركية للمنتوجات الزراعية اللبنانية.
وإذا تحققت هذه العناوين، «يتمكن المزارع من تسيير القطاع ومعالجة مشاكله بمفرده».
ويؤيد الحويك حكومة تكنوقراط، بحيث يخدم الوزراء قطاعاتهم في المناطق كافة من دون تمييز، وبعيدا عن السياسة، مشيرا إلى أن «المشكلة الكبيرة هي ضعف السياسة الزراعية العامة، التي تفتقد الحماية».
ويبلغ عدد المستفيدين من الإيرادات المباشرة من الزراعة 260 ألفا، منهم 195 ألفا يمتلكون حيازات زراعية، و40 ألفا يضمنون من هذه الحيازات، و25 ألف عامل لبناني.
أما حجم إنتاج القطاع النباتي والحيواني فيبلغ مليارا و500 مليون دولار، وتتراوح صادرات القطاع سنويا بين 400 و500 ألف طن، وبمعدل وسطي 75 سنتا للكيلو، يبلغ المجموع 375 مليون دولار سنويا.
وفيما يلحظ الحويك أهمية مواصلة العمل على إنشاء البحيرات الجبلية والسدود، مما ينعكس إيجابا على الزراعة، يؤكد أنه حان الوقت لإيقاف معاناة القطاع واستنزافه، مكررا دعوته لضرورة تلهي الوزراء بخدمة الناس، لا إلهائهم بسجالاتهم العقيمة.

27 يناير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : كي لا يندم أحد في تونس


فاجأ المشهد التونسي المتسارع العالم أجمع، وخصوصاً العالم العربي، حيث بدت كرة الثلج التي ألقاها محمد بو عزيزي بحرق نفسه، تكبر تدريجياً حتى قلبت الصورة، وأظهرت هشاشة الحكم الذي بسط سيطرته على تونس لأكثر من عشرين سنة من دون منازع.
المشهد أربك الدول المجاورة لتونس، كما بدأ كل الحكام المشابهين لزين العابدين بن علي بتحسس رؤوسهم، خوفاً من حدوث الأمر نفسه في الدول التي يحكمونها.
ولعل أقرب دليل على القلق ما حدث أخيراً في الجزائر عندما شاء أحد المواطنين حرق نفسه تشبهاً ببو عزيزي، ما دعا حاكم الولاية إلى عزل رئيس البلدية، والمعالجة الفورية لحالة الشاب.
تجمع الشعوب العربية هموم البطالة وارتفاع أسعار السلع الغذائية، والقمع، والتوزيع غير العادل للثروة، وفيما شكلت هذه الهموم الأرضية لخروج التونسيين إلى الشارع ومواجهة رصاص رجال الأمن، بعد سنوات من الصمت والخوف، يطرح المتابعون السؤال: لماذا لا تشكل هذه الهموم الأرضية نفسها في دول مشابهة؟
لا شك في أن لا شيء يمنع ذلك، بل ويمكن حدوثه بوتيرة أسرع مما حدث في تونس، حيث استمرت الاحتجاجات لأكثر من شهر، فيما في دول أخرى ربما لا تحتاج إلا لأيام، وكل ذلك رهن بحركة شعبية منظمة ومصممة وقادرة على الصمود في وجه الضغوط.
وفي السياق، يبدو أن الدرس التونسي قدم حالة استثنائية وفريدة، بأنه أول شعب عربي يطيح برئيسه، من دون مساعدة العسكر، فسقوط بن علي بعث بإشارة شديدة لبقية دول المنطقة التي تسيطر عليها أنظمة استبدادية، فشبه الصمت الذي التزم به الزعماء العرب تجاه الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت ببن علي من السلطة، معبر للغاية. وعلى حد تعبير أحد المحللين أن «الأمر الذي سيقلق حكومات كثيرة في المنطقة، هو أن الأزمة كانت عفوية ولم تكن منظمة. فالأحداث في تونس أظهرت خطر تأثير الكبت: إذا انتهجت نظام القمع العنيف دون معالجة أسباب السخط يمكن أن يؤدي أي شرخ في النظام إلى انفجار».
وقد سارعت القوى السياسية في تونس لتشكيل حكومة ائتلاف وطني، حيث بدأت المشاورات مع الأحزاب وممثلي المجتمع المدني، ومنها حزب التكتل الديموقراطي للعمل والحريات، وحزب النهضة الإسلامي، والاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية)، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان ومجلس عمادة المحامين وغيرها.
إلا أن القلق الذي يواكب هذا الحراك الحي هو عدم استفادة التونسيين من التاريخ، وتكرار الأخطاء القاتلة لشعوب أخرى، وعلى سبيل المثال: هل إقصاء التجمع الدستوري الديموقراطي، حزب الحاكم السابق عن المشاركة في السلطة، واعتقال عناصره ومؤيديه، سيؤدي إلى تكرار المشهد العراقي بعد سقوط صدام حسين ونظام حزب البعث؟ وقد اكتشف العراقيون لاحقاً الخطأ الجسيم الذي ارتكبوه بإقصاء الحزب من المشاركة في الحكم ومن الجيش، ما أدخل البلاد في موجة عنف واضطراب لم تهدأ إلى الآن.
ومن الأخطاء أيضاً، عدم التنبه للتمدد الأصولي، الذي يمكنه القفز فوق النتائج، والاستفادة مما حصل رافعاً شعار أن الخلاص على يده. وأمام هذا الوضع ـ في حال حدوثه ـ تدخل البلاد من قمع تحت ستار العلمانية وإخافة الغرب من فزّاعة الأصوليين، إلى قمع تحت ستار الإسلام، وتدمير كل الإنجازات الحضارية والمعاصرة، وكل ما يتعارض، حسب فهمهم لتفسير الشريعة، وأكثر من يدفع الثمن في هذه الحالة المرأة، كما حدث في أفغانستان مع طالبان، وفي جنوب الصومال مع حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.
كما يجب التنبه في هذا المقام، إلى مدى قبول الدول المشابهة لحالة تونس بالسماح للحركة الشعبية أن تستثمر انتصارها، من دون اللعب في الأمن والاستقرار، ما يستدعي الحذر الشديد ودرس خطوات إعادة تشكيل السلطة بكثير من الهدوء والتأني كي لا يتبعثر النصر المحقق ويتلاشى بعد ارتطامه بجدران «القطب المخفية»، ويخرج من يعلن ندمه على ما حدث، «مترحماً» على النظام البائد.

21 يناير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : مخزون القمح يكفي 4 أشهر إذا لم تقفل المرافئ

وضع نقيبا أصحاب المطاحن والأفران أرسلان سنو وكاظم إبراهيم مسألة معالجة وضع الطحين وسعر ربطة الخبز على كاهل وزارة الاقتصاد، لا سيما مع الأزمة السياسية الحادة التي يشهدها البلد منذ استقالة الحكومة، إلى التحرك الأمني أخيرا الذي شكل حالة هلع عند المواطنين، فضلا عن ارتفاع أسعار المحروقات والانقطاع الدائم للكهرباء، وارتفاع المكونات المرافقة لإنتاج ربطة الخبز من سكر ونايلون ويد عاملة.
وفيما طمأن النقيبان المواطنين عبر «السفير»، على وضع الطحين والقمح وربطة الخبز، بحيث «هناك مخزون يكفي أربعة أشهر بوجود نحو 100 ألف طن من القمح المستورد والإنتاج المحلي»، إلا أن الوضع «سيدخل في أزمة حقيقية إذا جرى تحرك أمني على الأرض، وأقفلت المرافئ».
«خطة تموز»
من جهتها، أفادت مصادر في وزارة الاقتصاد «السفير» بأنه في حال حدوث اضطراب أمني، تعود مديرية حماية المستهلك لتطبيق الخطة التي وضعتها خلال عدوان تموز 2006، وهي «كل مراقب ينفذ مهماته المطلوبة من مراقبة للأسعار وجودة الخبز ووزنه، ضمن منطقته، طالما لا وجود لخطر على حياته».
وأشارت مصادر الوزارة إلى أن المديرية تواصل عملها في المراقبة، على الرغم من استقالة الحكومة، كاشفة في الوقت نفسه، أنه «نتيجة المراقبة اليومية للأسعار تبين وجود ارتفاع في سلعة غذائية (رفضت الكشف عنها لكي لا تسبب هلعا)، وبعد التحقيق الأولي تبين أن الارتفاع جاء من الموردين، إلا أنه في حال وجود مخالفة سيصار إلى تحرير محضر ضبط فيها».
وبالعودة إلى موضوع القمح، اشترت المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري 25 ألف طن من القمح الأحمر الصلد من الولايات المتحدة. وبلغ سعر الطن شاملا التكلفة والشحن 367 دولارا، ويشحن على الفور في موعد أقصاه 28 شباط.
ضمن المعدل
وأكد سنو أنه منذ استقالة الحكومة إلى اليوم لا شيء خارج الحدود الطبيعية، مشيرا إلى أن «الكميات الموزعة على الأفران ما زالت ضمن المعدل وهي بين 800 وألف طن طحين يوميا»، فضلا أن الوزارة اشترت 25 ألف طن من القمح، وهناك كميات جديدة قيد التسليم.
وعلى الرغم من ارتفاع سعر طن القمح عالميا منذ 6 أشهر إلى اليوم حيث يتراوح بين 370 و400 دولار أميركي للطن، لفت سنو وابراهيم إلى أنه بالاتفاق مع وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي، لن يحصل ارتفاع لسعر ربطة الخبز، و«هناك معالجة جدية تبحث مع الوزير هذا الوضع، واتخاذ الموقف المناسب الذي يرضي جميع الأطراف».
وإذ تمنى سنو أن يكون سعر طن الطحين 650 ألفا، أمل أن يصار إلى تثبيت معادلة أن لا يتعدى سعر الربطة الـ 1500 ليرة بوزنها الحالي، «لكي يكون أصحاب المطاحن والأفران راضين».
وعلى عكس المتوقع، وأمام عدم إمكانية تخزين الخبز لفترة طويلة، لحظ سنو أن هناك تراجعا طفيفا في الإقبال على الخبز، ومن أسباب ذلك تراجع في نسب السياح واليد العاملة الخارجية، مشيرا إلى أن الحديث عن إقبال على شراء الخبز خلال اليومين الماضيين لا يمكن ملاحظته سريعا، ويحتاج أقله من أسبوعين إلى شهر.
طبيعي جدا
وبسؤال رئيس اتحاد نقابات الأفران كاظم إبراهيم عن وضع الخبز، بادر مازحا: «أمام هذه الأخبار الحلوة من له نفس يأكل!»، مؤكدا أن إقبال المواطنين على شراء الخبز طبيعي، «بل وطبيعي جدا».
ونقل إبراهيم عن الوزير الصفدي الذي التقاه أخيرا، وجرى البحث معه في وضع الأفران وكلفة إنتاج الرغيف، أن الصفدي أكد مرة جديدة على موقفه السابق بعدم تحميل المواطن اللبناني أي أعباء إضافية.
وبرغم أن إبراهيم رأى وقوع مظلمة على أصحاب الأفران نتيجة العديد من العوامل ومنها ارتفاع أسعار المحروقات، إلا أنه أكد أن الدولة تستطيع أن تضع حلاً عادلاً لهذا الوضع، وقال: «لا الفرن يتحمل، ولا الناس تتحمل حدوث زيادة على سعر ربطة الخبز، أو خفض وزنها»، مطالبا الدولة بأن تخفض من سعر القمح المسلم للمطاحن، ليتمكن أصحاب الأفران من الإبقاء على سعر الربطة ووزنها.
وخلص إبراهيم للقول: «الأزمة التي يشهدها البلد لا تسمح باللعب بسعر ربطة الخبز، ووزير الاقتصاد لديه من الحكمة ما يكفي للوصول إلى صيغة متوازنة تنصف جميع الأطراف».
وكان وزيرا الاقتصاد والزراعة قد شددا في اجتماع سابق، على أهمية وضع استراتيجية واضحة لتوفير الأمن الغذائي في أسرع وقت ممكن، «لأن العالم مقبل على أزمة غذاء عالمية بدأت تظهر مفاعيلها».
واتفق الوزيران على آلية تطبيق الخطة الزراعية التي أقرّت في جلسة مجلس الوزراء في تاريخ 19/10/2010، وتؤمّن في حال السير فيها، دورة زراعية كاملة للقمح والشعير والحمص والعدس.
وبدأ تطبيق البرنامج التنفيذي لمشروع تطوير قطاع زراعة الحبوب في لبنان بالتعاون بين وزارتي الزراعة والاقتصاد بين مرحلتي الزرع والحصاد وتسليم الإنتاج، وهناك مراقبة مشددة على المزارعين الذين ينالون كميات البذار المدعومة من الدولة للقمح والشعير، منعا لأي تلاعب وبيعها في السوق، حيث سيجري التشديد على زراعتها.

18 يناير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : وزير السياحة السوري سعد الله آغا القلعة لـ«السفير»: لا قلق من تركيا.. وقادرون مع لبنان على جذب ملايين السياح

آغا القلعة متحدثاً لـ «السفير» (مصطفى جمال الدين)
As-Safir Newspaper - كامل صالح : وزير السياحة السوري سعد الله آغا القلعة لـ«السفير»: لا قلق من تركيا.. وقادرون مع لبنان على جذب ملايين السياح
كامل صالح

بعد ابتسامة هادئة، يقول: «لن نتحدث في السياسة أو في نشاطي الثقافي، وليكن تركيزنا على السياحة».
هكذا يشاء وزير السياحة السوري سعد الله آغا القلعة أن يستهل حديثه لـ»السفير»، التي التقته بعد مشاركته أخيرا في اجتماع «مجلس رفيع المستوى للتعاون الاستراتيجي بين لبنان وسوريا وتركيا والأردن»، واصفا تجربته في قيادة الحراك السياحي في بلده منذ عشر سنوات بـ «الممتعة»، لكنها «دقيقة».
ويشرح: «من الأشياء الممتعة أن تعمل لإبراز الصورة الحضارية لبلدك، وتسعى لأن يعرفها ملايين الناس على حقيقتها، وأن يعودوا وينشروا انطباعاتها بين أهلهم ومحيطهم».
ويستدرك «لكن في الوقت نفسه، من المهم جدا أن نعلم أن المقومات السياحية الغنية لا تكفي لبناء صناعة سياحية، هناك الكثير من التوازنات التي عليك أن تعمل عليها، وتضمن استدامتها، كالتوازن بين الغرف الفندقية المتاحة وعدد سياح المبيت في الفنادق، فان زاد العدد عن المتوفر، أصبح لديك ضائقة، وقد تنخفض الجودة في الفنادق نتيجة الطلب الزائد. أما إذا كان عدد الغرف أكثر من عدد السياح بشكل واضح، فهذا يؤثر على الجدوى الاقتصادية للاستثمارات، ولا يأتيك مستثمرون جدد».
ولا بد أيضا من التوازن بين المنشآت السياحية الجديدة، وإعداد الأطر البشرية المدربة، فمن المستحيل ـ برأي الوزيرـ «أن تفتتح منشأة سياحية لا يوجد فيها عمّال مدربون، وعليك أن توفر عدد الأدلاء السياحيين المطلوب، ولكل لغة حسب نمو السياح من كل دولة».
إذن، وحسب الوزير، «هذه عينة من التوازنات التي عليك العمل عليها لتشكل منظومة منسجمة بين عناصر متنوعة ومتداخلة، وتاليا العمل ممتع لكنه دقيق، ويعتمد أيضا على اقناع المستثمر أن يأتي.. واقناع السائح أن يأتي، واقناع الشباب بالدخول في هذا القطاع، والإيمان به والتعلم فيه، وهذه أيضا جملة من القناعات التي عليك أن تعمل على توفيرها. ودائما هناك مقياس للعمل: ما هو عدد السياح؟ ما هي نسبة النمو؟ ما هي المنشآت التي تدخل في الخدمة؟ وبالتالي أنت ترى النتائج بشكل دائم، ولا تترك لك مجالا إلا للمتابعة لتحسين هذه النتائج».
لبنان وسوريا.. وفضاء
يستفيض القلعة بالحديث عن التوقيع أخيرا على «البرنامج التنفيذي لاتفاق التعاون السياحي بين لبنان وسوريا للأعوام 2011-2015»، وذلك بعد توقيع الاتفاقية في العام الماضي، وهي تشتمل على محاور عديدة، منها تحفيز الحركة السياحية البينية بين البلدين، وتحويل البلدين إلى فضاء سياحي مشترك تجاه الأسواق السياحية الدولية. وهناك محاور أخرى، ـ كما يفيد ـ كتنسيق وتشجيع الاستثمارات السياحية المشتركة، والتدريب والتأهيل وتبادل الخبرات في مجالات عديدة.
ويحدد البرنامج التنفيذي الإجراءات التنفيذية العملية للاتفاقية مدته خمس سنوات من 2011 إلى 2015. وضمن هذا البرنامج، لكل محور هناك إجراءات محددة وواضحة بالنسبة للحركة البينية، وأهم النقاط كانت موضوع التسهيلات الحدودية، وتوفير الخدمات اللازمة، مثلا العبور وتوفير الاستراحات والخدمات، وهذه الخدمات موجودة إنما المطلوب تحسينها مع زيادة الحركة.
وفيما تشكل السياحة لسوريا 13 في المئة من الناتج المحلي العام، يوضح الوزير أنه في العام 2010 زار سوريا من لبنان مليونان و200 ألف، وأقام ليلة واحدة على الأقل حوالى مليون و467 ألفا، هذه الحركة الكبيرة يقابلها حركة كبيرة مماثلة في زيادة الخدمات.
أما التشكيل الفضائي السياحي المشترك، فهو الذي يتطلب إجراءات سريعة، سواء من حيث تصميم ورسم المسارات السياحية المشتركة التي تعبر عن تنوع وتكامل مقومات السياحة بين البلدين، «فان استطعنا أن نشكل هذه المسارات السياحية بشكل جاذب ومتنوع، فهذا يزيد من قدراتنا التنافسية أمام المقاصد المنافسة الأخرى، وذلك عبر تجميع كل عناصر القوة في المنتج السياحي السوري واللبناني»، مؤكدا «أن سوريا ولبنان كإقليم سياحي مشترك، قادر على جذب عشرات الملايين من السياح في العالم نتيجة المقوّمات السياحية الغنية جدا في البلدين».
تسهيلات وتأشيرة.. ومرونة
لكن الفضاء السياحي الواحد يستلزم تسهيلات، ويضرب الوزير مثلا «الحصول على تأشيرة الدخول، وخصوصا للمجموعات السياحية، بحيث يحصلون على هذه التسهيلات فيدخلون من سوريا إلى لبنان وبالعكس. وأن يكون هناك تسهيلات، بحيث ان الحصول على تأشيرة لمجموعة سياحية من إحدى الدولتين تؤدي للحصول على التأشيرة الأخرى في المعابر الحدودية أو المطارات».
ويتطلب هذا الموضوع أيضا، «من شركتي الطيران السورية واللبنانية إفساح المجال كي يأتي السائح من أي بلد ثالث فيصل مطار بيروت، وبعد أن ينفذ جولته السياحية بين لبنان وسوريا، يغادر من حلب على الطائرة السورية إلى بلده.
هذه المرونة ضرورية جدا، وهناك اتفاق قديم في هذا الاتجاه ومن الضروري أن يطبق، وان كان مطبقا فضروري أن تعلم به الشركات السياحية لتعمل عليه، مع ضرورة أن يكون السعر للبطاقة وكأنه سعر لبطاقة على شركة واحدة».
كما «يتطلب الفضاء السياحي المشترك أيضا، التنسيق في المواصفات السياحية المعتمدة، بحيث تكون متقاربة لكي لا يشعر السائح بأي فرق ضمن عناصر الجولة السياحية في البلدين. وهناك عناصر أخرى يتضمنها البرنامج التنفيذي، لكن الإجراءات المطلوبة هنا هي التي تستلزم الجهد الأكبر».
ويلقي الوزير المزيد من الضوء على الاتفاقية، ليؤكد أنه «يهمنا جدا ليس وضع اجراءات تنفيذية فقط، لكن أن نحدد لكل إجراء الجهات المعنية بهذا الإجراء، فمثلا موضوع الطيران ننسق مع وزارات النقل حول المتطلبات، وننسق مع وزارتي الداخلية والمالية للتسهيلات الحدودية والمباني في حال أي مستلزمات. وننسق مع وزارة النقل حول عبور الباصات السياحية، وهناك أشياء تبحث مع وزارات أخرى، ودور وزارة السياحة مسح المقومات السياحية في البلدين، وتبادلها بين وزارتي السياحة وتوفيرها للقطاع الخاص مع اقتراح مسارات ومنتجات سياحية محددة على الأقل كمسارات رائدة نبدأ بالتركيز عليها، وتكون متنوعة وجاذبة ونعرضها للقطاع الخاص كي يعتمدها ويرسم لها إجراءاتها وحجوزاتها وتسعيرها، ثم نضع البرنامج التنفيذي لكل مسار كيف يتم الترويج له بشكل مشترك في المعارض الدولية، وفي المطبوعات السياحية والحملات الإعلانية، كما المفروض أن نحدد دولا معنية نروج فيها لهذه المنتوجات السياحية المشتركة حسب قابلية كل دولة، واهتمام سياحها بنوعية من المنتوجات مختلفة عن الدولة الأخرى».
هذه الأمور كلها، وضع لها الأسس البرنامج التنفيذي، وشكلت لجان فرعية متخصصة من الوزارات المعنية، والقطاع السياحي الخاص في البلدين. وستجتمع اللجان في آذار المقبل في بيروت لاعتماد المسارات والدول المستهدفة بالترويج السياحي، كذلك للتأكد من أن التدابير المقترحة على الوزارات الأخرى، بدأت تجد طريقها إلى المعالجة.
أما عن الموازنة المرصودة للترويج السياحي في سوريا للسنوات الخمس المقبلة، فهي كما يقول الوزير القلعة: «مئة مليون دولار، وما يقع عليها من اجراءات للترويج تقوم بها وفق عناصر البرنامج التنفيذي الخاص باجراءات الترويج المشترك للمسارات السياحية المعتمدة».
وفيما لا توقع للميزانية المرصودة للبرنامج التنفيذي بين البلدين، يشير إلى «أن عدد السياح في سوريا بلغ في العام الماضي، 8 ملايين و478 ألفا، وتجاوز الإنفاق السياحي الذي ضخ في الاقتصاد السوري 8 مليارات دولار، وبلغ معدل النمو عن العام 2009، 40 في المئة».
ويتوقع الوزير ضمن الخطة الخمسية «أن يصل عدد السياح إلى سوريا 14 مليونا. ويأتي هذا التوقع من المنتجات السياحية السورية وأيضا من جميع التدابير التي نعمل عليها بالتنسيق الثنائي، مثلا بين سوريا ولبنان والعمل السياحي المشترك الذي انطلق الآن في إطار أعمال المجلس عالي المستوى للتعاون الاستراتيجي بين سوريا ولبنان وتركيا والأردن، والذي أيضا له إجراءاته وله أيضا نتائجه المتوقعة».
توازن استراتيجي.. ومقومات
وعن كيفية إجراء توازن استراتيجي في أعمال المجلس ضمن وجود تفاوت كبير في إقبال السياح بين الدول الأربع، حيث بلغ العدد في تركيا 28 مليونا، وفي سوريا نحو 8 ملايين ونصف، وفي لبنان والأردن مجتمعين بلغ نحو 6 ملايين ونصف مليون؟، يوضح القلعة «أن الأساس في الموضوع هو المقومات السياحية في الدول الأربع، وهي مقومات غنية جدا ومتنوعة وغنية ومتكافئة على الأقل، ولكل دولة عناصرها الساحرة التي تجذب السياح. وغايتنا هي تجميع نقاط القوة في كل دولة في منتجات جديدة. هذا لن يمنع كل دولة أن تعمل على الترويج لنفسها ومنتجاتها الخاصة، لكن لنأخذ مثلا الدول الأربع والحركة السياحية فيما بينها، فكل دولة منها هي مستقبلة للسياح ومصدرة للسياح أيضا، ولنأخذ تركيا عدد مواطنيها 80 مليونا، هؤلاء كلهم سيّاح محتملون لسوريا ولبنان والأردن ضمن هذا التعاون، وبالتالي صحيح أن عدد السياح إلى تركيا أكبر من الدول الأخرى، ولكن عدد السياح منها إلى البلدان الثلاثة الأخرى كبير جدا.
في المقابل، عندما تفكر بالسياح من دول أخرى، وعددهم 28 مليونا بالنسبة لتركيا، هؤلاء كلهم سياح محتملون للدول الأخرى لبرامج جديدة تضم تركيا والدول الثلاث الأخرى، أو احدى هذه الدول.
إذن، هذا التفاوت لا تأثير سلبيا له، وتاليا هذا التعاون الاستراتيجي تعاون في كل الاتجاهات السياحية، ودائما تأثيره ايجابي.
باعتبار أن سوريا وتركيا سبق أن وقعتا تشكيل الفضاء السياحي المشترك بينهما منذ سنة، وألغيت التأشيرات، يلفت إلى أنه «زار تركيا حوالى مليون سوري بين سائح وزائر ليوم واحد، وزار سوريا مليون ونصف مليون تركي منهم 865 ألف سائح والباقون لزيارة يوم واحد، محققا معدل نمو بلغ 136 في المئة زيادة عن عام 2009، وبالتالي التوازن موجود بين سوريا وتركيا، وفي شكل جيد».
علما، أن هذا التعاون الاستراتيجي يكتسب أهميته في السياحة من كونها تؤثر في نشاطات عديدة اقتصادية تنجم عنها كالتسوق والاستشفاء وحضور المعارض، وتشغيل أو زيادة الطلب على الاستثمارات السياحية وعلى مفروشات الفنادق والمنتوجات الغذائية، عدا الفنادق والمطاعم والشقق المفروشة.
إذن، وكما يؤكد القلعة، «الفائدة تنعكس على قطاعات واسعة في الاقتصاد في هذه الدول، وهذا التعاون مفتوح للآخرين من دول الجوار التي تريد أن تنضم في المستقبل، والعالم اليوم عالم التجمعات وتشبيك المصالح الاقتصادية».
طريق الحرير.. والقديس بولس
أول المسارات المشتركة التي يمكن تخطيطها بين الدول الأربع هي المسارات الثقافية والدينية، بحسب القلعة، و»مثلا على ذلك، مسارات: طريق الحرير، القديس بولس، مواقع التراث العالمي، الفتح الإسلامي..، بالتالي هذه المسارات تكمل عبر الدول الأربع المشهد السياحي عبر المقومات المعبرة عن المسار نفسه في هذه الدول».
ولكن أيضا، «من الممكن أن لا نركز على مسارات لعناصر متماثلة، وإنما متكاملة تشكل مزيجا سياحيا من عدة عناصر دينية وثقافية وطبيعية، حسب ما يتوفر في البلدان الأربعة بغاية تقديم منتج منافس وفريد لا يتوفر لدى مقاصد سياحية أخرى».

13 يناير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : النصف الأخير من الجاري: تظاهرات في كل لبنان وإضراب قد يمتد لأيام


بدا أن «كرة ثلج وجع اللبناني» تشارف على الانفجار، آخذة في دربها شهود الزور وسياسة اللامبالاة وعرقلة اجتماعات الحكومة التي رفعت شعار «الناس»، وغرقت في مستنقع شدّ الحبال حول رقبة الناس ولقمة عيشهم، ضاربة عرض الحائط بقلق المواطن على يومه ورزقه وخوفه على مستقبله ومستقبل أولاده.
هل بات مجدياً الصراخ فوق «رأس الميت»؟ هل من المجدي أن تطلب شيئاً من عاجز؟
... الأسعار ترتفع، كلها ترتفع، ولا من يسأل أو يحاسب، أو حتى يعد بمعالجة للوضع، وطمأنة المواطنين أن ثمة من يهتم بهم، وبحالهم وأحوالهم، ويسعى لزرع الأمل مجدداً في نفوسهم بدلاً من أن يطفئ ما تبقى فيهم من رغبة في العيش في هذا الوطن المعلق على أجندات الخارج.
الشارع يغلي، والنقابات عبر كل قطاعاتها شبعت من توجيه الإنذارات وتوقيع البيانات من دون أن يحدث شيء فعلي على الأرض، يكبح جماح شهوة الغلاء المستفحل، حيث زاد مؤشر التضخم من سنة 2000 إلى 2010 ووفق التقديرات شبه الرسمية 25 في المئة، ووفق واقع الحال، وكما يقول رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن لـ«السفير» لامس الـ60 في المئة.
الحوار مع الحكومة انتهى

أمام هذا الوضع الذي بات قبوله أو السكوت عنه مستحيلاً، يؤكد رئيس الاتحاد العمالي أن الحوار مع الحكومة انتهى، والمطلوب منها أن تبدأ بتنفيذ ما وعدت به المواطنين، من تطبيق آلية لمراقبة الأسعار والجودة والنوعية، وإلغاء الرسوم الجائرة، ودعوة وزير العمل لجنة المؤشر لتحديد نسب التضخم وتصحيح الأجور، والبدء باجتماعات المجلس الوطني للأسعار.
وعن ساعة الصفر، يقول غصن: إننا بانتظار قرار المجلس التنفيذي لا سيما أننا حددنا إطار العمل والمنهجية، متوقعاً أن تكون ساعة الانطلاق في النصف الأخير من الشهر الجاري، حيث تشمل تظاهرات في كل المناطق وإضراباً شاملاً، «يمكن أن لا يقتصر على يوم واحد».
ويلفت إلى أن «الاتحاد العمالي إلى الشارع، ويدعو الناس إلى الشارع، إذ يكفي «نقّا» وأنيناً وارتهاناً، فالكل متضرر من سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية».
وعن لقاء الاتحاد بوزير الدولة عدنان القصّار الذي أبدى استعداده للدخول مجدداً على خط الوساطة من أجل تحقيق المطالب الملحة بين الحكومة والاتحاد، يوضح غصن أن الوزير ومن موقعه أيضا كرئيس للهيئات الاقتصادية، رغب بأن يسعى لترجمة عملية لهذه الحلول، وذلك من خلال لقاءاته مع المعنيين، وتالياً ننتظر الحكومة أن تسبقنا بتحرك اجتماعي، وتنفذ ما وعدت الناس به، «فالاتحاد سيبحث في إيقاف تحركه، في حالة واحدة، هي أن تقول الحكومة: «وضعنا سقفا لأسعار المحروقات، وألغينا الرسوم»، فإذا أعجبتنا الرسوم الملغاة، ننظر في الأمر مجدداً»، مؤكدا أنه لا عودة للحوار من أجل الحوار، ولا اللقاء من أجل الصورة.
أما عن تحرك اتحادات ونقابات قطاع النقل المرتقب في العاشر من شباط المقبل، فيقول غصن: قطاع النقل سينضم إلى تحرك الاتحاد العام إذا حدد موعده قبل الموعد المحدد في شباط، موضحاً أن سلسلة التحركات بدأت، وكل قطاع في ما يخصه، ونحن ندعم ونواكب كل هذه التحركات، ومنها عمّال المياه والكهرباء في المناطق كافة.
25 ألفاً للصفيحة وإلا..

وتبدو الصورة أشد ارتباكاً عند ملامسة واقع السائقين العموميين بكل فئاتهم، من شاحنات وأتوبيسات وفانات وسيارات سياحية عمومية، حيث زاد سعر صفيحة البنزين النصف من الصيف إلى اليوم، وما زالت تعرفة النقل كما هي.
وفي ظل اللامبالاة المتعمدة من قبل الحكومة في التمادي في رفع أسعار البنزين والمازوت من دون حسيب أو رقيب، يحدد رئيس اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية للنقل البري عبد الأمير نجدة أبرز المطالب، وهي وضع حد «للسيارات الخصوصية وذات اللوحات المزورة والخضراء التي تزاحمنا على لقمة عيشنا، وإعطاء السائقين بنزيناً مدعوماً»، أي 40 صفيحة لسائقي الأجرة، و60 صفيحة لسائقي «الفانات» بسعر 25 ألفا للصفيحة في الشهر، «وإلا فلن يبقى سعر تعرفة النقل على حاله».
وفيما يبدي نجدة استغرابه من تباطؤ الحكومة في التعاطي مع موضوع التنقيب عن النفط، ومواجهة الاستفزاز الإسرائيلي المتمثل بسرقتها لحقنا في نفطنا وغازنا، يصف اللقاءات التي عقدت مع الحكومة بـ«طبخة بحص»، موضحاً أنه في 21 نيسان 2010 جرى نقاش للمطالب على طاولة مجلس الوزراء، واتصل وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي برئيس الاتحاد اللبناني لنقابات سائقي السيارات العمومية ومصالح النقل بسام طليس وأبلغه أن مطالب القطاع على نار حامية، كما عقدت 3 لقاءات مع رئيس الحكومة سعد الحريري والوزير قصّار، ولم يفعلوا شيئاً.
ويؤكد نجدة أن الاتحادات ماضية في تحركها، «ومن يرد الانضمام إلينا والنزول معنا إلى الشارع فأهلاً وسهلاً به»، مجدداً دعوة الاتحادات إلى الإضراب العام والتظاهر في العاشر من شباط المقبل في كل المناطق اللبنانية، وتنظيم جمعيات عمومية للعاملين في القطاع في بيروت والمناطق اعتباراً من الأسبوع المقبل وحتى يوم الإضراب، والإعلان عن خطة التحرك ليوم الإضراب في مؤتمر صحافي يعقد قبل يومين من التحرك في مقر الاتحاد العمالي العام.
لا للاعتصام في الشارع
في المقابل، شكل موعد تحرك النقابات قلقاً للقطاع الخاص، الذي يعاني بدوره من أزمات عدة، خصوصاً المؤسسات الجديدة المهدّدة بالإفلاس نتيجة الوضع الاقتصادي المتأزم وكلفة التشغيل العالية.
ويقول رئيس غرفة التجارة الصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير لـ«السفير»: «إن لبنان سيشهد إفلاس مئات المؤسسات نتيجة شلل الحكومة وتعطيل عملها، والوضع الاقتصادي المتردي، مما يعني أن هناك العشرات من العمال سيفقدون وظائفهم».
وفيما يعلن رفضه للتحرك في الشارع، ومعارضته معالجة مطالب العمال عبر الاعتصام، يدعو شقير الاتحاد العمالي للجلوس سوياً الى طاولة واحدة لمعالجة الأمر، مؤكداً «أننا لنا كامل الثقة برئيسه، والغرفة تمد يدها للاتحاد لنضغط سوياً على الوزارات المعنية والمختصة لوضع حد للأمور العالقة، ودعم مصالح العمال والتجّار والمنتجين».
ويحذر شقير من تكرار سيناريو 2008، معتبراً أنه «لا نتيجة في اعتصام يحرق الدواليب ويقفل الطرق، بل على العكس من ذلك، سيضرّ باقتصادنا ويقدم صورة سيئة عن لبنان في الخارج».
ويرى «أن أي اعتصام هو سياسي، وليس اعتصاماً نابعاً من مصالح الاتحاد العمالي العام».
وفيما يسأل «اليوم في ظل الوضع المتأزم، هل يستطيع التاجر زيادة الرواتب؟»، يضرب مثلاً: «في العام 2010 زادت الشيكات المرتجعة 33 في المئة عن الـ 2009، وهذا كفيل بأن يعكس صورة الواقع الاقتصادي السيئ».
ويخلص شقير للقول: «الاعتصام لن يخفض سعر صفيحة البنزين، وسيضرّ بالتجّار والصناعيين، وسيؤثر على العمال»، مشيراً إلى أن «العديد من أرباب العمل أبلغوه عن عدم قدرتهم على مواصلة الإنتاج، مهددين بصرف أكثر من 50 في المئة من عمالهم إذا استمر الوضع على ما هو عليه».

7 يناير 2011

مثقفو لبنان بين الضمير وانفصام الوعي

 علا البوش ـ بيروت

الكاتب الصحافي والشاعر كامل صالح: العلاقة بين السياسي والمثقف هي علاقة تكاملية  (الجزيرة نت)
 المصدر: الجزيرة
ساهمت الحرب الأهلية في لبنان بظروفها السياسية والطائفية المعقّدة -إضافة إلى العوامل الاقتصادية والنفسية- في بروز الكائن الفرد، وتمثيله الحصري لمصالح طائفته، وانعكست على المثقفين اللبنانيين بشكل واضح، إذ ساعدت في بروز اتجاهات تحاول مأسسة نفسها وإيجاد هيمنة متماسكة ومتسلطة بشكل متزايد، رهناً للتطوّرات تحت شعار الديمقراطية.
وكما قال المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي في "دفاتر السجن"، "بإمكان المرء القول إن كل الناس مثقفون، لكن ليس لهم كلهم أن يؤدوا وظيفة المثقفين في المجتمع". والمثقفون بالنسبة لـغرامشي صنفان، الصنف الأول: مثقفون تقليديون مثل المعلمين ورجال الدين والإداريين، ممن يواصلون أداء العمل نفسه من جيل إلى جيل.
أما الصنف الثاني فهم: المثقفون العُضْويّون، وهم المرتبطون على نحو مباشر بطبقات أو بمؤسسات تجارية تستخدم المثقفين لتنظيم المصالح واكتساب المزيد من القوة وزيادة السيطرة.
وهو ما أكده الراحل إدوارد سعيد في كتابه "صورة المثقف"، بقوله إن المثقف المثالي يمثل التحرر والتنور، على ألا يكونا أبداً كفكرتين تجريديتين أو كإلهين جامديْ القلب ومتباعدين ينتظران من يخدمهما. فتمثيلات المثقف –أي ما يمثله من آراء وكيف يصورها لجمهوره– مرتبطة دائماً بتجربة دائمة في المجتمع، ويجب أن تظل جزءًا عضوياً.
سؤال المثقف
وفي لبنان يثار السؤال عن المثقف ودوره كلما تأزم الوضع السياسي، فقد شهدت الساحة اللبنانية مؤخرا جدلا حول البيان الذي نسب إلى الشاعر والإعلامي زاهي وهبي، وتداولته بعض المواقع الإلكترونية، وقيل إنه أعلن فيه استقالته من تلفزيون المستقبل المملوك للحريري، وتوقّف برنامجه الناجح الذي استمر 15 عاما "خليك بالبيت", وانتقاله إلى المعسكر الداعم للمقاومة.
هذا الجدل أثار بقوة قضية الانحياز السياسي للمثقفين، خصوصا في بلد يعج بالسياسة والثقافة معا.
الإعلامي وهبي نفى للجزيرة نت صحة الخبر ونسبة البيان إليه، وقال "شخصياً -وبعد تجربة طويلة في العمل الثقافي تمتد على مساحة عمر بأكمله- أعتبر نفسي شاعراً ينتمي لقصيدته قبل أي أمر آخر, لكن الانتماء إلى الشعر أو إلى أي إبداع حقيقي يعني تلقائياً الانتماء إلى قيم الحق والخير والجمال، والانتصار للحرية والعدل والمساواة، والنأي عن التعصب والانغلاق, والقبول بحق الاختلاف"، انطلاقاً من مقولة الإمام الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".
وأضاف "هذه قاعدتي في النظر إلى آرائي و آراء الآخرين، مع تأكيد انحيازي المطلق لصف المُضطهَدين والمظلومين والمقاومين لأجل تحرير أرضهم من نير الاحتلال والاستبداد، سواء أكانوا في فلسطين, أو العراق, أو لبنان, أو في أي مكان".
وكان زاهي قد كتب في صفحته على "فيسبوك" بالإنترنت أن أي أمر يتعلّق ببرنامجه يصدر عنه مباشرة، وأن محبة الناس تزيده إصراراً على تقديم كل ما يمكنه أن يسهم في رفع مستوى الوعي لدى الجمهور.
صنّاع الضمير
أمّا عن دور المثقّف اللبناني في الحياة العامة, فيقول وهبي "المثقف مصطلح واسع ومطاط يشمل شرائح كبيرة من الناس, والمثقف مواطن وإنسان من حقه الانتماء أو عدم الانتماء لما أو لمن يشاء, ولكن إذا كان المقصود بالمثقف الأديب أو الفنان, فإنه يغدو في هذه الحالة من صنّاع الضمير والوعي والوجدان".
ويتابع "لذا الأجدى والأصح أن يظل حراً مستقلاً وعلى مسافة من الجميع, ويحرص على حقه النقدي للجميع وبالأخص لمن يؤيد قبل مَن يخاصم, لأن نقده في هذه الحالة يغدو أكثر نزاهة وموضوعية".
ويرى وهبي أنه يجب "على المثقف الذي يعمل هنا أو هناك أن يسعى ويجهد لرفع سقف الحرية وتوسيع هامش حق الاختلاف، وعدم التحوّل بوقاً لأي كان، لأن صفته ودوره الإبداعييْن أرقى وأسمى من ذلك بكثير".
ضمائر "إنشائية"
ومن جهته يرى الكاتب الصحافي والشاعر اللبناني د. كامل صالح أن الانحياز السياسي هو موقف ثقافي، فضلا عن كونه موقفا أيديولوجياً, وأن العلاقة بين السياسي والمثقف هي علاقة تكاملية. ويقول في حديثه للجزيرة نت إنه لا يمكن بناء "سياسة" ما من دون أسس ثقافية تربطها بالتاريخ والحاضر والمستقبل.
ويلاحظ في هذا السياق، أن كل الأحزاب تهتم بالمراكز الثقافية، والندوات التثقيفية، وسعيها إلى امتلاك وسيلة تعبير؛ جريدة، إذاعة، تلفزيون، موقع إلكتروني.. و"ما هذه الوسائل إلا وجه من وجوه الثقافة أيضا". مضيفاً أن "الانحياز أو التطرف أو الاعتدال هو ثقافة، وتاليا من يروجون لذلك هم بالضرورة مثقفون، وليس بالضرورة أن ترتبط المسألة بالمال، وقد أثبتت التجارب أن الكثير من المثقفين فعلوا ذلك إيمانا منهم بهذه السياسة".
ويبرهن صالح على نظرته تلك بقوله "في حالتنا اللبنانية، كل الأطراف تمتلك المال، وأمام المثقف خيار الانتماء إلى أي طرف في المعادلة والدفاع عنه، والتنظير لأهدافه وتطلعاته، وصوابية توجهه". أما عن مسألة ضمائر الأمة فيؤكد أنها بلا شك، "إنشائية جميلة جدا"، وطوباوية لم تكن -حسب رأيه- موجودة يوما من الأيام، وهذا "الضمير" كان دائما موضع سؤال، حسب قوله.
عبء ثقيل
أما الكاتب والصحافي اللبناني حسين حسون فيرى أنه ليس من الضروري أن يكون جميع المثقفين اللبنانيين منحازين سياسيا لهذا الطرف أو ذاك، ويقول "إذا حصرنا كلامنا في المثقفين المنحازين سياسيا أو لنقل المسيسين، فلهذا الأمر أكثر من سبب، ومن بينها أن هناك مثقفين مؤدلجين سياسيا، أي أنهم يعتنقون أيديولوجية ما تجعلهم يتوزعون على الأحزاب، كل حسب قناعته السياسية، وكل مثقف في هذه الحالة سيسخّر مخزونه الثقافي في خدمة مبدئه أو مفهومه السياسي".
ويشير حسون إلى أن هناك فئة من المثقفين تعتاش من خلال ما تقدمه من خدمات لصالح أطراف سياسية، حيث "هناك مثقفون يعملون في دوائر إعلامية أو ثقافية أو حتى سياسية تابعة لأطراف حزبية أو سياسية، ويفرض عليها عملها أن تستخدم حرفتها الثقافية -إذا صح التعبير- في الإطار الوظيفي، أي في ما أسندت إليهم من وظائف يعملون فيها".
ويصف حسون تلك الحالة بأنها "تسخير الثقافة في خدمة الوظيفة"، ويضيف "مع أن العكس يجب أن يكون في الأوضاع الطبيعية. وهناك فئة أخرى من المثقفين الذين كانت العصبيات الطائفية والمذهبية أقوى منهم، فسحبتهم طوائفهم ومذاهبهم إليها بدلا من أن يكون أساسهم الثقافي عاملا موحدا لا فئويا ولا طائفيا"، موضّحاً أن هذه الفئة تحاول تطويع الثقافة في خدمة المشاريع الطائفية أو المذهبية.
ويؤكد حسون أن الثقافة تشظت في لبنان بسبب الانفجارات السياسية والانتفاخ الطائفي والمذهبي، وأصبحت هناك فئات من المثقفين تعمل وفق ما تقتضيه السياسة، وليس وفق ما يقتضيه المفهوم الوطني بشموليته.
ويلفت إلى أن البلاد تفتقر إلى نموذج السياسي المثقف، حيث إن معظم القيادات السياسية "تعمل لترسيخ مكانتها الطائفية أو المذهبية، وهذا لا يمكن أن يكون بأي شكل من الأشكال منطلقا من ذهنية ثقافية واعية لخطورة ما يتعرض له البلد من تدمير منهجي للبنية الثقافية، منذ بدء الحرب الأهلية وحتى يومنا هذا".
طعم آخر
من جهتها تذهب الكاتبة والصحفية اللبنانية روعة قاسم إلى أنه لا يمكن فصل الثقافة عن السياسة، فهما مرتبطان بالشأن اليومي الحياتي لأي فرد سواء كان مثقفا فاعلا في مجتمعه أم مهمشا محدود الفكر والعلم.
وتقول في حديثها للجزيرة نت "السياسة اليوم وفي كل بلدان العالم هي التي تدير الشأن العام، وحتى قرارات السلم والحرب التي تغير وجه المعمورة مرتبطة بالعصا السحرية للسياسة، فبالتالي لا يمكن أن يكون هناك مثقف لا يعنى بالشأن السياسي فحينها يكون بعيدا عن هموم واقعه وقضاياه".
وتضيف "إذا نظرنا مثلا إلى فرنسا فسنجد أن أحد أكبر سياسييها ومثقفيها وهو الأديب ورئيس الحكومة الأسبق دومينيك دوفيلبان مثال للمثقف الواعي، وهو الذي يسخر طاقاته الفكرية وعلومه وآفاقه الثقافية في عجينة السياسة. وهنالك الكثير من الساسة المثقفين في العالم، من أمثال رئيس الوزراء البريطاني الراحل تشرشل الذي كان أديبا ورساما، وكان له تأثير كبير على حركية التاريخ".
أما بالنسبة للبنان فالثقافة على حد قولها لها "طعم آخر"، إذ باتت ملتصقة التصاقا تاما بالطائفية والفئوية والمناطقية، وشتى أصناف التمييز الديني والفكري وحتى الإثني. وتؤكد أن عدم الانخراط في هذه اللعبة يجعل المثقف منعزلا عن محيطه في غربة فكرية قسرية، لافتة إلى أن غيابه سيترك الميدان للجهلة والطائفيين ليرتعوا في الحقل السياسي فرادى، وهو ما ينعكس حروبا أهلية ولعنات على لبنان.
وأوضحت أن "المثقف الواعي يسعى ليجابه طواحين الجهل، ويرفع من مستوى التحصيل العلمي بدل أن تكون هناك مدن بأكملها في بلد الإشعاع لبنان تتحكم فيها أرقام فضائحية عن تفشي ظاهرة الأميين".
وشددت الكاتبة اللبنانية على أن المثقف اللبناني قد "همّش نفسه ورهنها لسياسييه لعدم مبادرته في القرار السياسي، وأصبح يلهث وراء سياسييه أو طائفته ليجد له موقعا أو سندا، سعيا وراء لقمة العيش".

الثلاثاء 29/1/1432 هـ - الموافق 4/1/2011 م
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/7EFE8722-9388-4FA7-8449-54D3F0F02F8D.htm

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews