بحث

3 فبراير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : النهب يطال شركات ومتاجر لبنانية.. والغمـوض يكتنـف الاتفـاقيـات

As-Safir Newspaper - كامل صالح : النهب يطال شركات ومتاجر لبنانية.. والغمـوض يكتنـف الاتفـاقيـات
يترقب العالم عموما، واللبنانيون خصوصا، تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية المتسارعة في مصر، التي تشهد منذ أسبوع مخاض ولادة جديدة، يحدد إثرها، ملامح وجه المنطقة وتوجهاتها المستقبلية.
وكما في كل الثورات الشعبية، تلقى الاقتصاد المصري الصدمات الكبرى عبر قطاعاته كافة، فتعطلت حركة السوق، ودخلت في جمود وانكماش وترقب، عدا الخسائر المباشرة التي طالت بعض المؤسسات والشركات نتيجة الحرق والنهب والسلب والتكسير، وهي ضريبة يبدو أنه لا بد منها، شهدها العالم في تونس أخيراً، ومصر الآن. وشملت الخسائر أيضاً، ما تكبده العديد من المستثمرين اللبنانيين، حيث تعرضت استثماراتهم لخسائر تتفاقم يومياً نتيجة الإقفال والتوتر الأمني، الناجم عن رفض الرئيس حسني مبارك التخلي عن الحكم تلبية لرغبة الشعب المصري.
وينقل نائب رئيس جمعية الصداقة المصرية اللبنانية لرجال الأعمال فؤاد حدرج لـ«السفير« الأجواء في مصر حيث يقيم حاليا، ولم يغادرها، مؤكداً تفاقم الخسائر في الاستثمارات اللبنانية، حيث تعرضت أكثر من شركة للحرق والسلب، مشيراً إلى حرق متجر له للألبسة، وهو من أصل 22 متجراً يمتلكها في مصر. ويقدّر خسائره في غضون الأيام الستة الأخيرة بأكثر من 350 ألف دولار.
كما يفيد المستثمر حسين رمضان الذي يمتلك مجموعة من عربات المثلجات والذرة أمام مداخل المحلات الكبرى في القاهرة، أن كل عرباته تعرضت للكسر والنهب، ويقدر خسائره الإجمالية بـ 200 ألف دولار.
حالة ترقب.. وتغيير نهج
وإذ يبدو أن حالة الترقب هي سيدة الموقف الآن، حيث لا يمكن التكهن بتداعياتها، يختصر رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين د. فؤاد زمكحل لـ«السفير« المشهد، بالقول: إن ما يجري في مصر سيؤثر اقتصاديا على المنطقة العربية كلها، وخصوصا لبنان، لا سيما أن المطروح تغيير نهج استمر لأكثر من 30 عاما، ويصعب حاليا استشراف ماذا سيحدث، لا سيما على صعيد الاتفاقات بين البلدين، وهناك الكثير من نقاط الاستفهام الكبيرة في هذا المجال.
وينقل زمكحل بدوره، صرخات العديد من رجال أعمال وتجار لبنانيين في مصر، حيث أعمالهم شبه متوقفة، وتعرضت شركات بعضهم للنهب والتكسير،« لكن، وعلى الرغم من ذلك، أكد معظمهم أنهم باقون في مصر، لحماية مصالحهم وأعمالهم وبيوتهم«.
كذلك، تعرض قطاع دور النشر في لبنان إلى خسائر كبيرة نتيجة الأحداث، خصوصاً أن الكثير منهم، شحنوا كتبهم للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي أجل إلى وقت لاحق.
ويشرح الناشر زهير الشامي لـ«السفير« رحلة المعاناة التي عاشها مع 22 ناشراً آخرين من مصر إلى لبنان، حيث تركوا إصداراتهم على أرض المعرض، وعادوا فورا إلى لبنان، بعد أن انتظروا أكثر من 10 ساعات في مطار القاهرة نتيجة الإرباك في مواعيد رحلات شركات الطيران، والتزاحم الشديد.
علماً أن صادرات لبنان إلى مصر من منتجات دور النشر والصحافة وغيرها في العام الماضي، بلغت، وفق إحصاءات المديرية العامة للجمارك اللبنانية، حوالى مليوني دولار (2,070)، فيما الاستيراد من مصر إلى لبنان بلغ 273 ألف دولار.
من جهة أخرى، تبلغ قيمة الصادرات اللبنانية إلى مصر العام 2010 نحو 201 مليون دولار، وهي أعلى من قيمة الصادرات إليها في العام 2009 التي بلغت 74.7 مليون دولار، بارتفاع حجمه 2.7 أضعاف. في حين أن الصادرات اللبنانية الإجمالية بلغت نسبة ارتفاعها 22.06 في المئة.
أما قيمة المستوردات من مصر في العام 2010 فتبلغ نحو 430 مليون دولار، مقابل 420.6 مليون دولار في العام 2009، بارتفاع نسبته 2.2 في المئة، في حين أن قيمة المستوردات اللبنانية الإجمالية، ارتفعت بنسبة 10.60 في المئة.
ويؤكد زمكحل أهمية السوق المصري بالنسبة للبنان، »فمصر التي يقدر عدد سكانها بنحو 80 مليونا تكتسب أهمية من ناحية التجارة والاستثمارات«، فضلا عن ذلك أن »الصناعات المصرية أقل كلفة، وفي ظل تعرضها لهزة نتيجة ما يحدث اليوم، فان تأثيراتها الاقتصادية السلبية لن تظهر مباشرة، بل في غضون الأشهر المقبلة في حال انتهت الأحداث قريباً«.
وأمام توظيف الاستثمارات اللبنانية في مصر التي تبلغ بحسب حدرج نحو 10 مليارات جنيه وهي قابلة للزيادة، في القطاعات الصناعية والمصرفية والزراعية والدواجن والتأمين. يسأل زمكحل عن مدى قدرة الشركات اللبنانية على الصمود في حال استمرت الأزمة، مبدياً تخوفه من وقوع خسائر لبنانية فادحة، في حال لم تتبلور الصورة في القريب العاجل.
مقاربة مختلفة للموضوع
إلا أن زمكحل الذي يقرأ الأحداث المصرية بحذر شديد، إذ »كلبنانيين لا يمكننا إلا أن نقدر تطلعات الشعب المصري«، يسعى لمقاربة مختلفة للموضوع، مستعيداً في هذا السياق، الأحداث التي شهدها عهد جمال عبد الناصر، حيث احتضن السوق اللبناني الاستثمارات الهاربة من مصر، »فهل سيحدث الأمر نفسه اليوم؟«.
وبعد أن يصف الواقع في مصر الآن، بالـ »معقد جداً«، نتيجة التظاهرات التي تشهدها معظم المناطق المصرية، يواصل زمكحل طرح تساؤلاته التي تبقى الإجابة عليها رهن التطورات على الأرض، ومنها: هل سندخل في ليبرالية اقتصادية جديدة؟ ما مصير مستقبل الاستثمارات؟ ما مدى تأثر التبادل التجاري بين البلدين، ومستقبل دخول وخروج رأس المال اللبناني لمصر، وحجم خسائر الصادرات اللبنانية، فضلاً عن الحركة السياحية؟
30 ألف لبناني.. بخير
وفيما لا يزال نحو 18 في المئة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، ما يؤجّج مشاعر انعدام الأمن الاجتماعي، يطمئن حدرج نتيجة اتصالاته وتواصله مع التجار اللبنانيين، والسفير اللبناني د. خالد زيادة، والقناصل في السفارة، قائلاً: »على الرغم من القلق والخوف، فإن اللبنانيين الذين يقدر عددهم بنحو 30 ألفاً، بخير«.
ويوضح حدرج أن »أغلب المتاجر في القاهرة مغلقة، كذلك البنوك والبورصة المصرية، فيما يعمل عدد قليل من متاجر المواد الغذائية«.
وبلغت قيمة الاستثمارات المصرية التراكمية في لبنان منذ العام 1985 وحتى العام 2009، بحسب مركز الدراسات الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، نحو 83.3 مليون دولار نسبتها 0.7 في المئة من إجمالي الاستثمارات العربية في لبنان في تلك الفترة. فيما بلغت قيمة الاستثمارات اللبنانية التراكمية في مصر نحو 464.9 مليون دولار نسبتها 4.3 في المئة من إجمالي الاستثمارات العربية في مصر في الفترة ما بين الأعوام 1985 و2009.
ومن ضمن ما تشمله الخسائر الاقتصادية اللبنانية في مصر، دفع الأجور والإيجارات والمستحقات المترتبة، ووضع حراسات خاصة على أبواب المحال، ويصعب حالياً، بحسب حدرج، تقدير تكلفتها وتأثيراتها على الاستثمارات، فتدهور الوضع الأمني أدى إلى إغلاق وتعطيل النشاط التجاري والصناعي في الإجمال، فضلاً عن توقف تسليم البضائع وتوزيعها، مشيراً إلى أن بعض أصحاب الشركات، بدأوا في إجلاء أفراد من موظفيهم وعائلاتهم.
السياحة وتداعيات الأزمة
وتمتد تداعيات الأزمة المصرية على لبنان لتشمل العديد من القطاعات الأخرى، منها القطاع السياحي، حيث أبرم لبنان في العام 2009 مع مصر، البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال السياحة بين الحكومتين للأعوام 2009-2011. وبلغ الإنفاق السياحي المصري في لبنان العام الماضي، نحو 7 في المئة من إجمالي الإنفاق، وفق شركة »غلوبل بلو« المعتمدة في لبنان لاسترجاع الضريبة على القيمة المضافة للسياح غير اللبنانيين. وبلغ عدد السياح المصريين للبنان نحو 70 ألفاً. مع الإشارة إلى أن إيرادات قطاع السياحة اللبنانية تعدّت في العام الماضي الـ 8 مليارات دولار، 40 في المئة منها من إنفاق السياح العرب.
ولا بد من التنويه، أيضاً، بالتأثيرات السلبية التي ستقع على السلع والغذاء، وسوق الأسهم، وتكلفة التأمين على الاستثمار الأجنبي المباشر، فضلاً عن الطاقة، حيث ارتفعت أسعار النفط متجاوزة مئة دولار للبرميل نتيجة مخاوف من أن تمتد الاضطرابات لدول مجاورة، وقد تؤثر على صادرات الطاقة، بما في ذلك عبر قناة السويس.
وكان لبنان قد أبرم في العام 2005، مذكرة تفاهم بين وزارة الطاقة والمياه اللبنانية ووزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، بشأن تدعيم التعاون المشترك في مجال صناعة البترول والغاز، حيث أصبحت مصر، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، منتجاً كبيراً للغاز الطبيعي، ومصدراً استراتيجياً لأوروبا. وتفيد التقديرات أن احتياطيات النفط المؤكدة في مصر، تبلغ 3,7 مليارات برميل.
ميزان.. وتبادل
من جهة ثانية، يلاحظ أن الميزان التجاري بين لبنان ومصر، في حالة عجز لمصلحة مصر منذ العام 1993 وحتى العام 2010. وقد تراوحت قيمة العجز ما بين 30.7 مليون دولار كحدّ أدنى كما هو الحال في العام 1993، وما بين 410.1 مليون دولار كحدّ أقصى كما في العام 2007.
ويخضع التبادل التجاري بين البلدين لنمط تصاعدي بشكل عام في الفترة ما بين الأعوام 1993 – 2010، وإن كان وفق نسب مختلفة.
وتتميّز الصادرات اللبنانية إلى مصر، وفق مركز الدراسات الاقتصادية في الغرفة، بعدم التنوع، إذ أن صادرات ثلاثة فصول جمركية من السلع تشكل نحو 70 في المئة من إجمالي السلع المصدّرة. غير أن المستوردات اللبنانية من مصر متنوعة، ومستوردات أهم عشرة فصول جمركية من السلع تشكل نحو 68 في المئة من إجمالي السلع المستوردة من مصر.
ويلاحظ، وفق حركة التبادل التجاري بين البلدين في العام 2010، ارتفاع حصة استيراد المنتجات الحيوانية والزراعية، وصناعة الأغذية من مصر، إذ بلغت 122.2 مليون دولار نسبتها 28.42 في المئة من إجمالي المستوردات اللبنانية منها، في حين أن هذه الحصة بلغت 15.9 في المئة من إجمالي المستوردات اللبنانية من الدول كافة. وبلغت قيمة هذه الحصة في صادرات لبنان إلى مصر 24.5 مليون دولار نسبتها نحو 12.2 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية إلى مصر، في حين أن هذه الحصة بلغت ايضاً 12.2 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية إلى الدول كافة، مقارنة في العام 2009 حيـــث انخفضت نســبة هذه الحصة في كل من الصادرات والمستوردات من مصر إليها.
ويترك البرنامج التنفيذي لاتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين لبنان ومصر، الذي بدأ تطبيقه في العام 1999، أثره البارز على الحركة التجارية بين البلدين، فقيمة الصادرات اللبنانية إلى مصر ارتفعت أكثر من 13 ضعفاً في العام 2010 مقارنة في العام 1999، إلاّ إن قيمة المستوردات ارتفعت 9 أضعاف في العام 2010 مقارنة بالعام 1999.
يشار إلى أن أبرز الاتفاقيات المعقودة بين لبنان ومصر في العامي 2009 و2010 هي: إعفاء رعايا مصر من رسم إجازة العمل عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل. الإجازة للحكومة بإبرام اتفاقية بين وزارة العمل اللبنانية ووزارة القوى العاملة والهجرة في مصر في مجال التعاون الفني ونقل الأيدي العاملة. إبرام مذكرة تفاهم للتعاون بين المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر. وإبرام مذكرة تفاهم للتعاون بين بورصة بيروت والبورصة المصرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews