أفادت مصادر وزارة الزراعة «السفير»، أن الحاويات التي ضبطها أمس، وزير الزراعة الدكتور حسين الحاج حسن في مرفأ بيروت، هي 9 حاويات. وجرى الكشف عن حاويتين، على أن يستكمل الكشف تباعا، وقد أحيل الملف بالكامل إلى النيابة العامة.
وأوضحت «المصادر» أن الحاويات تحتوي على أدوية زراعية مخالفة للقانون وممنوع دخولها إلى لبنان فضلا عن حظرها دوليا، كما تحتوي على مواد معقمة للتربة (غاز ميثيل بروميد Methyl bromide يحدّ من استعمالها عالميا ولبنانيا، إلا وفق كميات قليلة جدا، حيث يسمح لبنان باستيراد حوالى 30 ألف عبوة فقط في السنة، ويحصر استيرادها بشركتين متخصصتين فقط.
وكشفت «أن كميات الأدوية الزراعية المخالفة، جرى تمويهها بصفين من صناديق الأسمدة المسموح بها لبنانيا، وكميات من الملح العادي. وهي ليست معروفة المنشأ، ومستوردة باسم شركة وهمية، فيما المادة المعقمة للتربة، فذكر في الأوراق الخاصة بها، أنها صناعة بلجيكية، وعند الكشف تبين أنها صناعة صينية، يضاف إلى ذلك، أن الخبير الكيميائي اللبناني الذي كتب التقرير، سيلاحق قانونيا، لوضعه تعريبا محرّفا للنص الأصلي، بهدف التمويه والتشويش على حقيقة ما تحتويه الحاويات».
وأشارت «المصادر» إلى أن «الشركة الناقلة للبضائع تبين أنها لم تحصّل قيمة شحن البضائع بعد»، مؤكدة أن «كل هذه الأمور يحقق فيها الآن، وصولا إلى الرأس الذي يرتكب عن سابق تصور وتصميم، جريمة جماعية بحق اللبنانيين».
«استغلال الخط الأخضر في الجمارك»
صباح أمس، ضبط الحاج حسن بالتعاون مع مديرية الجمارك والمخابرات والأمن العام في مرفأ بيروت، حاويات فيها كميات من المبيدات السامة والمحظورة دوليا، وقال في أول تعليق له: «أعرض نفسي لخطر التسمم فداء للمواطن اللبناني»، واصفا ما تحتويه الحاويات من مواد تضرّ بالصحة، وتشكل خطرا على سلامة الغذاء، بأنها «جريمة في حق اللبنانيين جميعا»، مؤكدا أن الملف سيكون قيد المتابعة من قبل الوزارة والقوى الأمنية وإدارة المرفأ، وطمأن اللبنانيين قائلا: «إن العين ستبقى ساهرة بالتعاون المستمر مع جميع القوى الأمنية».
وأوضح الحاج حسن بحضور مدير مرفأ بيروت حسن قريطم، ومدير الجمارك شفيق مرعي ومسؤولين أمنيين في المرفأ، أن «هناك قرارا دوليا بتقليص حجم استهلاك مادة «ميثيل بروميد»، حيث يجب أن ينتهي استهلاكها في العام 2015. والمادة مسموح استعمالها في لبنان ضمن ضوابط معينة، إذ هناك شركتان مسجلتان تستوردانها فقط، أما مستورد هذه المادة التي ضبطناها، فشركة وهمية غير مسجلة في الوزارة»، مشيرا إلى أن «تحقيقا فتح لمعرفة خلفية عملية التزوير، وهذه الشركة ليس لديها الحق أن تستورد، لأنها مجهولة المصدر».
أما المادة الثانية التي كشفت، فهي وفق الحاج حسن، «مواد زراعية سامة تقدر بتسعة مستوعبات، وهناك خمسة مستوعبات أخرى سيكشف عليها اليوم، باسم «الشركة الزراعية اللبنانية – لبنان»، وهذا اسم غير موجود ويعتبر انتحال صفة، وغير مشروع، ونعتبره تهريبا وتحايلا على القانون، وتزويرا، والاعتداء على الصحة والسلامة العامة».
وقال: «حتى اليوم لم يتقدم أحد لأخذ هذه البضاعة، ونحن نلاحق هؤلاء المجرمين»، لافتا إلى أنه عقد اجتماعا مع المسؤولين في المرفأ، لبحث الإجراءات العامة التي ستتخذ، «لأن هناك تجارا يستغلون الخط الأخضر في الجمارك ليمرروا بضاعة مزورة مثلهم، لكن نحن سنبقى بالمرصاد لملاحقة هؤلاء».
300 ألف دولار قيمة المضبوطات
وبعدما انتقد ضمنا القضاء لعدم إصداره أحكاما قاسية في حق المخالفين، حيث «لم أبلغ حتى اليوم بحكم واضح من القضاء بكل القضايا التي أصبحت بين يديه منذ فترة»، قال: «نحن في انتظار حكم متشدد بهؤلاء، وخلال يومين سيكون هذا الملف في النيابة العامة، لأن هذا التهريب يوازي جريمة قتل، والدليل أن هناك شبكة إجرامية كبيرة، لأن هذه البضاعة تقدر بـ 300 ألف دولار وحتى اليوم لم يتقدم أحد لاستلامها، وهناك إجراءات مشددة للوزارة والجمارك والأمن العام والمخابرات، حتى نستطيع كشف كل عمليات التهريب، والمطلوب التعاون بين الجميع».
من جهته، أعلن مرعي أن مديرية الجمارك وضعت خطة عمل قاسية بإشراف وزير المال محمد الصفدي، تتضمن إجراءات جديدة مشددة لضبط عمليات التهريب، داعيا التجّار إلى «التعامل مع الجمارك من الآن وصاعدا بشفافية وصدق»، محذرا «كل من يرتكب المخالفات، لأننا سنرفع الغرامات إلى أعلى مستوى».
من جهة أخرى، علمت «السفير» أن وزارة الزراعة تستكمل تفاصيل ملف حالات التسمم التي وقعت أخيرا في عدد من المناطق، وستقدم المعطيات عبر مؤتمر صحافي يعقده وزير الزراعة في غضون الأيام القليلة المقبلة، يطرح خلاله المعطيات المتوفرة لوسائل الإعلام.
ما هو غاز «ميثيل بروميد»؟
يسبب غاز «بروميد الميثيل» Methyl bromide تهيجا شديدا للجهاز التنفسي، وله تأثير ضار على الجهاز العصبي للمزارعين الذين يستخدمونه في التعقيم، وتظهر أعراضه من 4 إلى 24 ساعة، وتشمل: دوخة، صداع، غثيان، تلعثم بالكلام، ضعف في العضلات، رعشة، اعتلال المزاج، وعند ملامسته للجلد يسبب حرقة وتهيجا وحروقا قد تكون عميقة.
يستخدم «الغاز» كمبيد لمكافحة الحشرات الزراعية، والأحياء الدقيقة في التربة، وتعقيم المناطق المغلقة مثل المباني والمخازن ومصانع الأغذية، ومعالجة المنتجات بعد الحصاد، ويحقن في التربة على عمق 1 إلى 2 قدم قبل الزراعة، بمحاصيل البندورة والفريز، للقضاء على الديدان والقواقع والفيروسات والأحياء الدقيقة. ويعرف بأنه تبخير عديم اللون والرائحة، وجرى تداوله كغاز مسال تحت ضغط معتدل، وله خواص فيزيائية محددة.
وأظهرت البحوث العلمية أنه يلحق ضررا بطبقة الأوزون. علما أن حوالى 50 إلى 95 في المئة من «بروميد الميثيل» المحقون فى التربة، يتسرب إلى الجو الخارجي، وتخضع عمليات تصنيعه وتصديره واستيراده لأنظمة وتراخيص شديدة التعقيد. وقد حظرت العديد من الدول من بينها الولايات المتحدة واستراليا، استخدام «بروميد الميثيل» منذ العام 2005، فى حين لن يحظر في الدول النامية إلا في العام 2015، حيث يترتب على حظره خسائر اقتصادية للمزارعين والمربين، في ظل عدم توفر البديل المناسب بالكفاءة نفسها، خصوصا في مجال تعقيم التربة وتعقيم المخزون من المحاصيل الزراعية.
كامل صالح - السفير - 23 أيلول 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يسعدني أن أسمع رأيكم