بحث

21 أبريل 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : لهيب البنزين يشعل الاحتجاجات.. والبلد غارق في «فجوة الحكومتين»

As-Safir Newspaper - كامل صالح : لهيب البنزين يشعل الاحتجاجات.. والبلد غارق في «فجوة الحكومتين»
جاء شعار «لولا البنزين ما غالي كنت حرقت حالي»، ليشكل صرخة مدوية في وجه طبقة من المسؤولين ما فتئت «تتناتش» الحصص في ما بينها، لمصالح وغايات فئوية، راكبة مرة موجة الحفاظ على حقوق الطائفة، وتارة أخرى، حقوق نالتها عبر انتخابات تستند بدورها إلى خطابات مذهبية وطائفية، وبطبيعة الحال لا فقراء هذه الطائفة أو تلك، نالها من شعارات زعمائها سوى «لحسة المبرد».
مواطنون ومواطنات وصلوا لحافة اليأس، أو ربما غرقوا فيه، تجمعوا، عند مستديرة الصيّاد صباح أمس، على خلفية الارتفاع الجديد لأسعار المحروقات، مطالبين ـ كالعادة ـ الحكومة بخفض الأسعار وتحديد سقف أعلى لسعر الصفيحة، من دون أن يحددوا «حكومة تصريف الأعمال» التي خدّرتهم قبل ثمانية أسابيع بتخفيض 5 آلاف ليرة على الصفيحة، سرعان ما تبخرت، أو تلك التي لم ولن ترى النور قريبا على ما يبدو. لكن ما بدا واضحا وموجعا وحقيقيا، هو الهتافات التي رددوها: «لولا البنزين ما غالي كنت حرقت حالي».
ويبتسم خليل (سائق أجرة) أمام الارتفاع الجديد لصفيحة البنزين (900 ليرة)، وعندما تسأله عن السبب، يقول: «أمس (يقصد الثلاثاء) ملأت خزان الوقود، كان قلبي دليلي أن الأسعار سترتفع مجددا»، مشيرا إلى أنه «في هذه العملية وفّر حوالى 2400 ليرة، بين ليلة وضحاها». لكنه يستدرك: «الوضع لم يعد يطاق، بالكاد أستطيع تأمين مستلزمات عائلتي». وبعدما يأخذ نفسا طويلا من سيجارته يعاود الابتسام بسخرية: «أخاف إذا حرقت نفسي بالبنزين، أن يموت أطفالي من الجوع.. تصوّر، أن هذا البلد يمنعك حتى من الانتحار».
ومجددا، واكب ارتفاع الأسعار، احتجاجات أطلقتها القطاعات الإنتاجية، والنقابات، مطالبة بكبح «جنون» أسعار المحروقات، وضرورة تثبيت سعر الصفيحة، معتبرة أن الانفجار الشعبي بدأ، ولن يردعه أحد، حيث بدأت الدعوات للتحرك، والتظاهرات احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وقد أعربت مصادر نقابية لـ»السفير» عن استغرابها من اللامبالاة عند المسؤولين، «كأنهم يعيشون في كوكب آخر، ولا ينتبهون إلى أن تساقط الأنظمة من حولنا، محركها الأساس، ثورة شعبية على الواقعين الاجتماعي والاقتصادي، بعدما طفح الكيل بها من الظلم والفقر».
غياب عن «السمع».. وتهريب
وحاولت «السفير» أمس، الاتصال بوزيري المالية والطاقة، لمعرفة إذا هناك إمكانية لإطلاق مبادرة جديدة تساهم بتخفيض الصفيحة، إلا أنهما كانا غائبين «عن السمع».
وفي سياق متصل، يبدي نقيب أصحاب المحطات سامي براكس لـ«السفير» امتعاضه الشديد من تجــاهل وزير الطاقة والنفط نداءاتهم المتكـــررة، بضـــرورة وضع حدّ لما يحدث، وملاحظة الخسائر الكبيرة التي يتكبدونها نتيجة تهريب كميات ضخمة من المازوت تبــاع صفيــحتها بعشرين ألف ليرة فيما السعر المعلن من قبل الوزارة يبلغ 31100 ليرة.
ويسأل البراكس الحكومة: لماذا لم تخزن البنزين عندما كان البرميل بسبعين دولارا، ولمصلحة من استمرار ايقاف العمل في مصفاتي طرابلس والزهراني؟، مشيرا إلى «الأرباح الطائلة التي يكسبها أصحاب شركات المحروقات من جراء هذا الوضع المزري، وفي ظل غياب الدولة».
وإذا تشكلت الحكومة أو لم تتشكل في غضون الأيام القليلة المقبلة، يحذر البراكس من لجوء المحطات إلى السلبية المطلقة بعد العيد، في حال استمر هذا الاستهتار في حقوقنا، معتبرا أن «وزارة الطاقة أصبحت ملك جبران باسيل، بدلا من أن تكون ملك الشعب، حيث ما زال باسيل يتعاطى مع المسألة بسلبية، ومن دون اهتمام».
وأمام الارتفاع المتواصل للمحروقات أسبوعيا، زاد تراجع الاستهلاك في المحروقات، ففيما بلغ التراجع حوالى 30 في المئة في الربع الأول من السنة، يتوقع أن يواصل تراجعه إلى حوالى 40 في المئة، على أبواب الصيف.
الموجة تضرب القطاعات كافة
وبدأت موجة ارتفاع أسعار المحروقات تدفع بدورها إلى رفع أسعار السلع كافة، فضلا عن تلويح اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية برفع تعرفة النقل، التي تشكل عنصرا أساسيا من عناصر الدورة الاقتصادية، ما قد ينعكس سلبا على أسعار الخدمات.
وفيما تمكنت وزارة الاقتصاد هذا الأسبوع، من امتصاص ارتفاع كلفة إنتاج الخبز مع نقابة الأفران، نتيجة ارتفاع سعر مادة المازوت، عبر وضع جدول متحرك للمحافظة على سعر ربطة الخبز ووزنها، إلا أن القطاعات الأخرى، من زراعة وصناعة وتجارة وسياحة، بقيت خارج الاهتمام الرسمي، لتواجه «لهيب» المحروقات، حيث يحذر الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية جون بيروتي لـ»السفير» من اتساع الكارثة في القطاعات الإنتاجية، خصوصا السياحية منها، موضحا أن «الزيادة في المصاريف بلغت 30 في المئة، نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات».
الإضراب ضد من؟
أما نائب رئيس الاتحاد العمّالي العام حسن فقيه فيؤكد لـ»السفير» رفض النقابات هذه الخفة في التعاطي الحكومي مع مطالب الناس والعمّال، ويقول: كنّا حذرنا أن تخفيض 5 آلاف على الصفيحة ليس ملائما للحد من أسعار المحروقات، بل من المفترض وضع سقف لها.
وبعدما أشار إلى أن القرار اتخذ بعقد مؤتمر نقابي بعد الأعياد، واطلاق سلسلة من التحركات، يسأل: هناك دعوة للإضراب، لكن الإضراب ضد من، ولا يوجد حكومة تتوجه إليها، فهي تتخبط في الملفات كافة إن كانت أمنية أو سياسية، و»الاتحاد» واقع بين حكومتين، الأولى تقول إنها معنية فقط بتصريف الأعمال، والأخرى تقول إنها لم تستلم مهامها بعد. ويخلص للقول: «الناس عبر تحركهم العفوي اليوم (أمس) في الشارع، قد تجاوزوا الاتحاد».
من جانبه، يحمّل رئيس «جبهة التحرر العمالي» عصمت عبد الصمد «الحركة النقابية الجزء الأكبر من مسؤولية هذا الفلتان، لانكفائها عن القيام بدورها»، مؤكدا «أن آذان هذه السلطة لا تخرقها إلا صرخات الشارع». وفيما استنكر استمرار ارتفاع أسعار المحروقات، وزيادة 900 ليرة على صفيحة البنزين دفعة واحدة، اعتبر أن «مسرحية التخفيض انكشفت للجميع، ونتساءل من يتحمل المسؤولية؟».
البنزين 36100 ليرة
وتواصل للأسبوع الثامن على التوالي، ارتفاع أسعار المحروقات، بعد صدور قرار تخفيض البنزين 5 آلاف و500 ليرة على الصفيحة، ما شكل امتصاصا جديدا للتخفيض الذي تبدد كليا، فيما الأسعار مرشحة لمواصلة الارتفاع مع ارتفاع سعر برميل النفط بالوتيرة الحالية، حيث تجاوز سعر خام برنت أمس، 122 دولارا للبرميل. وارتفع سعر البنزين (95 و98 أوكتانا) 900 ل.ل، الكاز 400 ل.ل، المازوت 400 ل.ل، ديزل أويل 400 ل.ل. الغاز(10كلغ) 200 ل.ل، و12،5 كلغ 300 ل.ل. وصدر أمس عن وزير الطاقة والمياه جبران باسيل قرارات، حدد بموجبها الحدّ الأعلى لسعر المبيع في الأراضي اللبنانية كافة. وأصبحت الأسعار الإجمالية شاملة الضريبة، كالتالي: بنزين 98 أوكتانا 36100 ل.ل. بنزين 95 أوكتانا 35400 ل.ل. كاز 31100 ل.ل. مازوت 31100 ل.ل. ديزل أويل 31600 ل.ل. وقارورة الغاز 10 كلغ 19700 ل.ل. و12,5 كلغ 24100 ل.ل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews