بحث

5 ديسمبر 2010

As-Safir Newspaper - كامل صالح : وزراء ونواب يجمعون على نداء الاقتصاديين ويختلفون حول الأولويات

كامل صالح
بدا نداء الهيئات الاقتصادية، وما حذرت منه جمعية مصارف لبنان، واتحادات النقابات السياحية والفنادق والمطاعم عبر «السفير» أخيرا، صرخة استغاثة لإنقاذ الواقع الاقتصادي، الذي لم يعد بإمكانه المقاومة والاستمرار في ظل تشنج الخطاب السياسي وحدّته، ما ينعكس سلبا على حركة الاستثمار والسياحة، وتراجعا في حركة الودائع والتحويلات والرساميل، خصوصا أن استمرار الأمور على ما هي عليه، والبلاد على أبواب فترة أعياد يمكن أن تكون متنفسا للعديد من القطاعات، سيزيد من تفاقم الوضع، ويحمل البلد أعباء جديدة تثقل كاهل الاقتصاد والوضع الاجتماعي، وتاليا تزيد في هموم المواطنين والبحث عن لقمة عيشهم.
وإذا كان الطلب من الطبقة السياسية أن تهدأ لتمرير مواسم الأعياد على خير، فإن طموح اللبناني عامة، أن يعمّ الخطاب الموضوعي والبنّاء على مدار السنة، ولا يرتبط بموسم أو مناسبة، حيث لا يبقى البلد رهينة لهذا الاختلاف في ظل حكومة كان في صلب بيانها الوزاري هموم الناس.
لكن، هل بإمكان اللبنانيين أن يحلموا بذلك؟ وأن تكون قيادات البلد قدوة لهم في الحوار واللغة المتزنة، والحكمة في مقاربة القضايا كافة، لا سيما المصيرية منها؟ أسئلة تبقى الإجابة عنها برسم القوى السياسية التي عليها أن تعي أن استمرار الأزمة، وعدم إيجاد حلول لها، ينعكس حتما جمودا ليس في الحركة الاقتصادية وحسب، بل على البلد ومصيره.
«السفير» طرحت السؤال على عدد من الوزراء والنواب: ما مدى إمكانية التجاوب مع نداء الهيئات الاقتصادية بخصوص تهدئة الخطاب السياسي عشية الأعياد، لا سيما أن استمرار الأزمة ينتج واقعا سلبيا وجمودا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياحي والمعيشي؟
وبدا لافتا أن الردود كلها جاءت مؤيدة لنداء الهيئات الاقتصادية، بل دعت إلى تعميم الخطاب الهادئ في كل الأوقات، إلا أنها تباينت في تحديد الأولويات لمعالجة الأزمة الراهنة، وتجنيب الاقتصاد المزيد من الخسائر، ففيما شكل فك الارتباط بين المحكمة الدولية عن الوضع الحكومي الأولوية لدى البعض، رأى البعض الآخر أن الأولوية تكمن في «تسوية وطنية شاملة»، كذلك في معالجة جذرية ومسؤولة للمسائل الخلافية. فإلى التفاصيل:
كنعان: الأولويات الوطنية
يشدد النائب إبراهيم كنعان على ضرورة ألا يدفع الاقتصاد الوطني ثمن الاختلاف في الأمور السياسية، مبدياً تفهمه لنداء الهيئات الاقتصادية، والسعي إلى التجاوب معه، مشيرا إلى مدى حساسية كتلة الإصلاح والتغيير تجاه الواقع المعيشي للمواطنين، إن كان عبر ممارستها في مجلس النواب أو تعاطيها في الحكومة.
إلا أن كنعان، يرى أنه إضافة إلى أهمية الإحساس بوطأة الواقع الاقتصادي، ضروري العمل جديا للمعالجة الجذرية والمسؤولة للمسائل الخلافية، موضحا أن عامل الاستقرار أهم من العامل السياسي في ذهن المراقب والسائح والاقتصادي، وتاليا هذا الاستقرار يجب الحفاظ عليه بمعزل عن خلافاتنا السياسية، وهي إجمالا طبيعية في بلد ديموقراطي، لكن المستغرب وغير المفهوم، هو غياب التفاهم على الأولويات الوطنية.
أوغسابيان: فك الارتباط
بدوره، يبدي الوزير جان أوغاسابيان تفهمه لنداء الهيئات الاقتصادية، وتأييده لمضمونه، داعيا القوى السياسة كافة للتعاطي معه بجدية، والاهتمام بتسيير شؤون الناس ومصالحهم، متمنيا «وجود خطاب هادئ عشية الأعياد».
وللخروج من هذا الوضع المتأزم على الصعد كافة، يقترح فك ارتباط المحكمة الدولية عن الوضع الحكومي المجمّد، «لأن لبنان يراوح في أزمة حكم حذرة للغاية».
ويثني أوغاسابيان على جهود رئيس الجمهورية والمشاورات التي أطلقها بهدف تمتين الساحة الداخلية، والخروج من شلل المؤسسات، وإيجاد مخارج وتفاهمات تسمح باستئناف اجتماعات هيئة الحوار الوطني، وإمكانية إعادة الحركة والانتعاش إلى مجلس الوزراء، وأن تصل إلى نتائج تصبّ في مصلحة البلد.
بزي: بعيداً عن «الفتوة»
ولم يكن النائب علي بزي بعيدا عن أجواء نداء الهيئات الاقتصادية، مؤكدا أن الخطاب السياسي بمضمونه ونبرته يؤثر على مجمل الأوضاع في البلد. ويعتبر أن خطاب كتلة التنمية والتحرير هادئ وموضوعي، لافتا إلى أهمية عدم حصر التهدئة بفترة الأعياد، بل يجب أن تنسحب على كل الأوقات والأزمنة، مشيرا إلى مدى حاجة المواطنين إلى خطاب عقلاني يبدد قلقهم وخوفهم، بعيدا عن النشاز والصراخ و«الفتوة» الذي يؤثر على الأعصاب والسمع.
ويقول: «نحن أحوج ما نكون في هذه اللحظة، إلى الإقلال من السجالات الإعلامية»، معربا عن اعتقاده أن العمل بصمت لتكثيف الجهود والقدرات، أفضل بكثير من الخطابات التي لا مكان لها، وتفاقم من الأزمة بدلا من تجاوزها.
ويأمل بزي عشية الأعياد تعميم خطاب سياسي هادئ، عنوانه لغة تجمع وتوحد لا لغة تبعد وتفرق، «فهذه اللغة يجب أن يتبناها الجميع، وهي كفيلة بتعزيز المصالح الوطنية للبلاد والعباد».
أبو فاعور: تسوية وطنية
أما الوزير وائل أبو فاعور فيؤكد أن «صرخة الهيئات الاقتصادية يجب أن تلقى الآذان الصاغية من كل القوى السياسية». ويلحظ أن النداء لا يعبر عن مصالح اقتصادية لقلة من الناس، بل يعبر عن كل الناس، مشيرا إلى أنه «من جهتنا كلقاء ديموقراطي سواء في مجلس الوزراء أو عبر الخطاب السياسي عامة، ندعو إلى تسوية وطنية شاملة، لا الاقتصار على هدنة سياسية».
وينتظر أبو فاعور أن تثمر الجهود العربية، وجهود رئيس الجمهورية حلولا وتسوية تساهم بمعالجة الأزمة، وتاليا تنعكس إيجابا على الصعيد الوطني والحركة الاقتصادية، والواقع المعيشي للمواطنين.
السيد حسين: الطبقى الوسطى
من جانبه، يطرح الوزير عدنان السيد حسين في مستهل حديثه سؤالا: وبعد موسم الأعياد، هل المطلوب أن نعود إلى الخطاب المتشنج؟
وإذ يبرز أهمية الاستقرار لبناء الدولة والتنمية، يسلط الضوء على موازنة 2010 و2011، وضرورة إنجازها في أسرع وقت ممكن، «لأن هناك إنفاقا مرتبطا بإقرار الموازنة في كثير من القطاعات».
ويراهن السيد حسين على إعادة الاعتبار إلى الطبقة الوسطى كما طالب البيان الوزاري، لافتا إلى أن «هذه مسؤولية الحكومة ومجلس النواب معا، كما على القطاعات الاقتصادية التنبه لهذه الطبقة، وأهمية دورها في تنمية الحراك الاقتصادي».
وفيما يؤكد تأييده للتهدئة «على طول الخط»، وعدم اقتصارها على أهداف اقتصادية آنية، يحمل في الوقت نفسه، الإعلام جانبا من مسؤولية التشنج، منتقدا «إعلام الغرائز والإثارة المذهبية والشحن الطائفي»، مشددا على أن المطلوب إعلام العقل والالتزام بالموضوعية والوطنية، وتحمّل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة مسؤولياتها الوطنية في هذا الظرف، والابتعاد عن نشر أو إذاعة كل ما يسيء إلى الاستقرار، ويؤدي إلى موجة من القلق أو الفتنة.
ويطلق السيد حسين نداء إلى القوى السياسية كافة: «رئيس الجمهورية يطرح سياسة توافقية، فلا تعارضوها، لأن البديل من ذلك، الانقسام وخراب البلد».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews