بحث

12 أبريل 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : وزارة الطاقة تغيب عن «تحديات قطاع النفط والغاز في لبنان»

As-Safir Newspaper - كامل صالح : وزارة الطاقة تغيب عن «تحديات قطاع النفط والغاز في لبنان»
بدا أمس، المشهد في قاعة المكتبة في مبنى مكاتب النواب، مثيرا للحزن والابتسام معا، حيث حلّ الاشتباك اللبناني السياسي في أوضح صوره، وأقساها، وجاء التساؤل: أين ممثلا وزارتي الطاقة والبيئة في الورشة الوطنية «تحديات قطاع النفط والغاز في لبنان»؟ ولماذا لم يشارك أحد من قبلهما وهما المعنيتان بشكل مباشر في الموضوع من نواح تنظيمية وتشريعية وإدارية وبيئية؟ ليطرح أكثر من علامة استفهام، ويطرح في المقابل، القلق الجدي حول كيفية استثمار النفط اللبناني، وإدارته بعد استخراجه من البحر والبر.
واتسعت دائرة التشابك، لتتقاطع مع إشكالية تنظيم الورشة التي نظمتها لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه في مجلس النواب، بالتعاون مع مؤسسة المنتدى القانوني العربي، ورعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومشاركة النائبين محمد قباني والدكتور غسان مخيبر، وعدد من الخبراء والأكاديميين اللبنانيين والأجانب.
وأعرب مخيبر لـ«السفير»، عن أسفه لعدم ارسال دعوة لوزير الطاقة والنفط جبران باسيل أو ممثل عن الوزارة للمشاركة الفاعلة، وهي المعنية بموضوع النفط قانونياً ومتابعةً ودراسةً؟
من جانبه، أوضح رئيس مؤسسة المنتدى القانوني العربي المحامي ريان القوتلي، أن المؤسسة من جهتها، دعت القطاع الخاص، مقابل أن تدعو اللجنة البرلمانية المعنيين في القطاع العام.
وبسؤال النائب قباني، أكد لـ«السفير» أن اللجنة أرسلت دعوات لوزارة الطاقة لحضور الندوة. وبسؤاله: ان مخيبر طلب مشاركة الوزارة لا حضورها فقط.. قال قباني: هل الوزارة دعت اللجنة للمشاركة في المؤتمرات والندوات التي عقدتها حول الموضوع؟ وأضاف: «لا يوجد وزارة طاقة ونفط، ولا مدير عام، ولا رؤساء إدارات، إنما هناك وزير ومستشاروه».
هيئة إدارة قطاع البترول
وحول مسألة إنشاء «هيئة إدارة قطاع البترول»، ألا يتقاطع عملها مع عمل الوزارة؟ قال قباني: لا يمكن أن نترك قطاعا يدر مليارات الدولارات تحت إشراف وزارة وسلطتها، ونحن نعاني من فساد في معظم إدارات الدولة، وغياب الشفافية، مؤكدا أنه لا بديل من الهيئة للعمل الجدي الشفّاف في هذا القطاع الواعد، رافضا وضعها «أمام أمر واقع عند مباشرة عملها».
ومن أبرز مهام الهيئة: «وضع دراسات لجهة الترويج للموارد المحتملة، تقويم مؤهلات مقدمي طلبات الترخيص للحقوق البترولية وقدراتهم، إعداد مشاريع دعوات المشاركة ودفاتر الشروط والتراخيص والاتفاقيات المرتبطة بها وفقا لأحكام القانون، التفاوض حول اتفاقيات الاستكشاف والانتاج، المتابعة والمراقبة والاشراف على الأنشطة البترولية، وحسن تنفيذ التراخيص والاتفاقيات».
في المقابل، عبّر مخيبر عن تفاؤله الحذر في الوصول إلى مراقبة تشريعية فاعلة، وتدابير حازمة لمكافحة الفساد في مسألة النفط. وردا على سؤال: إذا هو متفائل؟ قال: «أنا متشائم فاعل، بمعنى الوضع سيئ، إنما العمل ضروري، ويلزمه الشروط الموضوعية والوقت».
وردا على سؤال «السفير»، قال القوتلي: «إن حالة الحرب بين لبنان وإسرائيل، ورصيد إسرائيل في عدم احترام القانون الدولي، خصوصا عدم توقيعها على المعاهدة الأممية حول قانون البحار التي دخلت في التنفيذ في تاريخ 16 تشرين الثاني 1994، يجعلنا نفقد الأمل بالتوصل إلى حل لأي نزاع حول ملكية الآبار وفق آليات القانون الدولي».
وعن الحل؟ «لا جواب، فإسرائيل لم ولن تحترم الحدود، برغم أن أكبر آبار الغاز البرية تقع إلى جنوب الحدود اللبنانية، في المسافة الموازية ما بين قرية العديسة وصولا إلى قرية الغجر، كما تشمل الحقول كل الغرب اللبناني من سلسلة جبال لبنان الغربية إلى جنوبها».
وعبر لغة يشوبها التشاؤم، تابع: «نعم، يبدو أننا مع إسرائيل سنصل إلى حائط مسدود، والمطلوب هو إجبارها على احترام القرارات الدولية، وإسراع لبنان عبر حكومته ومجلسه النيابي لاستكمال الإطار التشريعي والقانوني لاستخراج النفط والغاز من بحرنا وأرضنا».
خشبة خلاص من العجز المالي
استهلت الورشة بكلمة ترحيبية لقباني، بحضور النواب: علي عمار، نوار الساحلي، احمد فتفت، معين المرعبي، تمام سلام، سليم كرم، خضر حبيب، قاسم هاشم، علي حسن خليل، خالد زهرمان، جوزف المعلوف، مروان فارس وفادي الأعور.
ورأى قباني «أن التوقعات الايجابية التي نشأت بعد أعمال المسح الثنائي والثلاثي الأبعاد في المياه الإقليمية اللبنانية، قد تشكل خشبة الخلاص من العجز المالي المتراكم».
ومن أبرز عناوين قانون الموارد البترولية الذي أقر «بسرعة قياسية»: اعتماد مبدأ تقاسم الإنتاج بين الدول وشركات النفط العالمية، تعدد الشركاء ضمن اتفاقية الاستكشاف والإنتاج، إمكانية مشاركة الدولة في الأنشطة البترولية، وامكانية إنشاء شركة بترول وطنية. إنشاء صندوق سيادي لإيداع العائدات المحصلة من قبل الدولة. انشاء هيئة إدارة قطاع البترول، اعتماد الشفافية في اختيار الشركات المؤهلة، وفتح باب المنافسة العادلة، إبقاء الصلاحية الدائمة للدولة لمواكبة الأنشطة البترولية في كل مراحلها، والتشدد في إجراءات الصحة والسلامة البيئية.
وأبرز قباني حرص المجلس النيابي ولجنة الطاقة والمياه على أهمية «الفعالية والشفافية في التعاطي الرسمي من ناحية، وحماية حقوق لبنان من مطامع العدو في ثرواته من ناحية أخرى».
122 تريليون قدم مكعب من الغاز
من ناحيته، سأل القوتلي في كلمته: هل نرى لبنان قريبا على خريطة الطاقة العالمية التي تتغير بشكل مستمر؟ وأجاب: قد يكون هذا الأمر ممكنا، لا سيما بعد نشر تقرير جيولوجي أميركي، أعلن عن وجود كميات تقارب 122 تريليون قدم مكعب من الغاز، وكميات هائلة من النفط في الحوض الشرقي للمتوسط تمتد شمالا من سوريا إلى تخوم الحدود الفلسطينية المصرية جنوبا، ومن الشواطئ العربية شرقا إلى المياه القبرصية غربا».
وأشار إلى أن «أي اكتشاف للموارد الطبيعية من نفط أو غاز، قد يكون كفيلا بأن يخرج لبنان من نفق الحاجة المستمرة والمتجددة للمنح والتسهيلات المالية الدولية، إلى الانتقال الجدي بالاقتصاد الوطني من الخدمات والمبادرات المتفرقة والعشوائية للقطاع الخاص، إلى اقتصاد متعاف يتكئ ضمن خطة حكومية ذات رؤية شاملة ومنهجية، على عائدات الصناعات والصادرات النفطية».
وإذا صحّت التوقعات، بإمكانية استخراج النفط أو الغاز بكميات تجارية ضخمة، وبكلفة ضئيلة نسبيا (بالنسبة للنفط قد لا تتجاوز كلفة الإنتاج 35 دولارا للبرميل)، يجب وضع خريطة طريق تسمح: أولا: بالتعامل مع تبعات تطال خلق آلاف الوظائف المتخصصة، ما يفرض تعديلات جوهرية لقوانين العمل والضمان الاجتماعي، وتسهيل دخول العمالة الأجنبية المتخصصة. ثانيا: تعزيز التشريعات البيئية تفاديا للكوارث. ثالثا: تعزيز الاجراءات القضائية. رابعا: العمل على انشاء شركة وطنية للبترول وأخرى للغاز فور ثبوت امكانية استخراج الطاقة وتكريرها بالنسبة للبترول أو تسييلها بالنسبة للغاز. خامسا: العمل على ادخال تعديلات ضرائبية واعفاءات في الرسوم الجمركية لاستقطاب الشركات الكبيرة العاملة في هذا القطاع.
واستنادا إلى قانون الموارد البترولية اللبناني، الذي ينص في المادة 3 منه، «تمكين الدولة من إدارة الموارد البترولية في المياه البحرية»، وكل القرارات في الهيئة وطريقة تعيينها، «يتخذها مجلس الوزراء».
خلص القوتلي للتساؤل: ماذا يحدث في حال تغيّر الحكومة؟
«لعنة الموارد ونظام الشيخ زنكي»
خصص مخيبر (رئيس منظمة برلمانيين عرب ضد الفساد) كلمته للحديث عن «المراقبة التشريعية وتدابير مكافحة الفساد»، واستند في كلمته على «دليل البرلماني العربي للرقابة على الايرادات»، الهادف إلى تعزيز قدرات البرلمانيين الرقابية على الإيرادات العامة المتأتية من الضرائب والصناعات الاستخراجية وغيرها.
وفيما أشار إلى اتسام هذه «الموارد بضخامتها، وهو ما يزيد الأطماع»، حذر من «لعنة الموارد الطبيعية»، لأنها «يمكن أن تكون عائقا أمام النمو في كثير من الدول التي تعاني الفساد، فلا تنتقل الأموال الناتجة من تلك الصناعات إلى الشعب أو إلى الدولة، بل تدخل جيوب من يدير القطاع أو من يستفيد من إدارته، والأسباب عديدة والمستويات مختلفة، في كل مستوى من مستويات إدارة القطاع».
وقال: «إن لبنان غارق في الفساد في كل قطاعاته، يكفي أن تراجعوا ترتيبه المتدني جدا (146) على قائمة الدول بحسب منظمة الشفافية الدولية، لتقروا معي بأن الفساد في لبنان ليس ظرفيا ولا سياسيا ولا قطاعيا، بل هو مؤسسي، داخل في المؤسسات، فيما أنا شخصيا اسمي نظام «الشيخ زنكي»، أي سكوت الجميع عن الفساد بتقاسم المغانم».
وشدد على أهمية دور المشرع اللبناني في موضوع النفط والغاز للوقاية من الفساد، لـ»يصبح نعمة وليس نقمة»، وذلك عبر رفع مستوى الشفافية، وضع ضوابط رقابية، وإدارة سليمة للرقابة المالية. كما دعا لربط الهيئات المستقلة بالرقابة البرلمانية، وعدم الاكتفاء بربطها بوزير. وخلص للتأكيد أن «موضوع النفط في الدول النامية مثل لبنان، قد يتحول إلى لعنة، إذا لم نحسن إدارته بشكل صحيح، لذا من الضروري وجود مؤسسات فاعلة، ودولة تأخذ دورها على محمل الجد، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، والخروج من ثقافة الفساد المتجذرة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews