متزلجون على تلال كفرذبيان (ا ف ب) |
يمكن القول في اليومين الأخيرين من عام 2010، أن السياحة كسرت حاجز «النقّ اللبناني المعروف»، لتخرج بنمو ملحوظ عن العام الماضي، خالف التوقعات السلبية التي برزت على السطح مع مسار التأزم السياسي، ومع ما شهدته البلاد من حدّة في الخطاب، فضلاً عن سيناريوهات الحرب والفتن.
وترجم النمو بزيادة إجمالي عدد السياح حتى نهاية تشرين الثاني بـ 17،64 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وشكّل الإنفاق السياحي زيادة بلغت 24 في المئة مقارنة بالعام الماضي، كما انعكست التسهيلات التي يوفرها قانون تشجيع الاستثمارات إيجاباً على القطاع، حيث بلغ عدد الرخص الممنوحة لمشاريع سياحية ما يفوق الألفي رخصة.
أما نسبة السياح الذين دخلوا لبنان من الدول العربية، فبلغت في 11 شهراً 43 في المئة، ومن الأوروبيين 24 في المئة، ومن أميركا ودول آسيا 33 في المئة، وذلك من إجمالي السياح الذين وفدوا إلى لبنان.
وعن توقعات 2011، ينتظر وزير السياحة فادي عبود عبر حديثه لـ»السفير» أن تزيد نسبة إقبال السياح إلى لبنان «من 10 إلى 15 في المئة، في حال بقي الجو السياسي على ما هو عليه».
ويشاء عبود أن يترجم تفاؤله سياحياً في تقييمه لعام 2010 بالأرقام لا بالكلام، مشيرا إلى أن عدد السياح في 11 شهراً بلغ مليونين و15 ألفا و755 سائحاً، فيما بلغ العدد في 2009 خلال الفترة نفسها (أي 11 شهراً) مليونا و713 ألفا و430 سائحا، منبها إلى أن النمو الحالي يأتي بعد أن شهد عام 2009 زيادة في عدد السياح بلغت حوالى 39 في المئة عن عام 2008.
الإنفاق السياحي
وعلى صعيد الإنفاق السياحي، ووفق شركة «غلوبل بلو» المعتمدة في لبنان لاسترجاع الضريبة على القيمة المضافة للسياح غير اللبنانيين، يفيد عبود أن الرقم الأهم سياحياً تمثل في هذا الجانب، حيث بلغ في 11 شهرا 24 في المئة زيادة عن العام الماضي، وتصدر الاحصاءات السعوديون بنسبة 23 في المئة من الإنفاق، ثم الأردنيون 18 في المئة، الإماراتيون 10 في المئة، الكويتيون 10 في المئة، السوريون 8 في المئة، المصريون 7 في المئة، وباقي الجنسيات 24 في المئة.
وسجل عربياً النسبة الأعلى من إجمالي السياح: الأردنيون، ثم الإيرانيون والسعوديون. وأوروبياً الفرنسيون.
وعن الاضطراب الذي شهده القطاع في الصيف وبداية الخريف، والتحدي الأكبر بخروج السياح من بيروت إلى المناطق، يوضح عبود أن «الناس نسيت أن عدد الشقق المفروشة والغرف الفندقية زاد في بيروت وحدها نحو ألف وحدة، فضلا عن زيادة في المؤسسات السياحية الأخرى من مطاعم وتأجير السيارات ووكالات السفر»، لافتاً إلى أن الاستثمار المبدئي في السياحة يفوق حالياً الـ 4 مليارات دولار أميركي.
غصّة.. والدخل الأكبر
لكن، وعلى الرغم من هذا المسار التفاؤلي، تبدو واضحة غصة عبود، الذي يؤكد أن «السياحة لا زالت تشكل الدخل الأكبر للبنان، إذ تبلغ النسبة 22 في المئة من الدخل القومي، وتالياً يجب الاهتمام بوزارة السياحة، ولا يجوز أن تكون مهمشة ابتداءً من موازنتها»، موضحاً «أن الوزارة لم تصرف شيئا يذكر على موضوع الترويج السياحي، حيث كان مقررا في موازنة 2010 استقطاع 10 في المئة من ضريبة الخروج لصالح الترويج، وبما أن الموازنة لم تقر فهذا البند لم يطبق»، لافتاً إلى أنه «مقارنة مع ميزانية وزارتي السياحة في الأردن وسوريا التي تفوق العشرين مليون دولار، أنفقنا 10 في المئة على الترويج فقط».
ويعلق عبود قائلا: «كتر خير الله»، عند الحديث عن السلبيات والتحديات التي واجهت القطاع هذا العام، وبثقة عالية يقول: «نعم، القطاع السياحي سيتخطى النسب الحالية والمتوقعة، لو عندنا وضع سياسي أفضل»، معتبرا أن «السياح العرب اعتادوا على اللغة المعتمدة بين اللبنانيين، ويعرفون أنه بلد ديموقراطي وإعلامه حر، ولن يغيروا خططهم لقضاء عطلة الأعياد بين ربوعه»، منتقداً في هذا المقام كلام وزير الخارجية البريطاني الأخير «عن توقعه بحوادث أمنية في لبنان»، ويصفه بـ»المتجني، كي لا نقول كلاما آخر».
القلب المحروق
ويقرّ عبود، «من قلب محروق»، بفشل الوزارة في تحقيق العديد من الخطط السياحية التي اعتمدتها، ومنها: نشر الاستراحات على الحدود البرية، عازياً السبب «للروتين الإداري الذي يتمتع بخط عسكري»، معرباً عن أسفه لمحاولته الجدية «لاستعمال هذا الخط»، و»رغم ذلك فشلنا»، إذ «التعاطي مع شؤون الناس غالبا ما يكون عبر المنحى السياسي».
ويتابع عبود سائلا: «هل يعقل ألا يكون في لبنان مركز للمعارض والمؤتمرات؟ فالإمارات مثلا تضم أكثر من 9 مراكز، ونحن نقتصر على واحد فقط في البيال، وهو مؤقت، فضلا عن انه غير مؤهل لاستيعاب دخول الناس إليه والخروج منه»، لافتا إلى أنه اقترح إنشاء مركز للمعارض في منطقة ضبيه يمكنه استيعاب معارض عن الطباعة أو السيارات أو الأكل، وأيضا فشلنا في سلوك الخط الذي يسيطر على الروتين الإداري».
ويواصل عبود طرح تساؤلاته: ما معنى الطلب من وزارة السياحة الاهتمام بشؤون المطار فيما صلاحياتها تكاد تكون غير موجودة؟»، ويضيف: «مثلا لا يمكننا تأمين 3 عناصر من الشرطة السياحية ليعملوا 24 ساعة يومياً على مدى أسبوع في المطار».
الاتفاقيات وفتح الأبواب
وفي جولة تقييمية على الاتفاقيات السياحية التي وقعت هذا العام بين لبنان وكل من تركيا وإيران، يقول عبود: «الاتفاقيات مطبوعة سلفاً، وإلى حد ما أصبحت جزءاً من البرتوكول»، مشيراً إلى أنها تفتح الأبواب، والمطلوب من القطاع الخاص أن يفعّل دوره، إن كان عبر زيادة الرحلات المنظمة إلى لبنان، أو السعي لإعادة كسب السياح المتوسطي الدخل، «فسابقا، ولأن لبنان عبر تركيبته غير الصالحة للسياحة الشعبية، كان التركيز على الميسورين».
ويلحظ عبود أن أبرز ما في «الاتفاقيات هو إلغاء التأشيرة، لكن، مع تركيا أدى ذلك إلى إفادة تركية من إقبال السياح اللبنانيين بنسبة 500 في المئة، والعكس غير صحيح، حيث بقيت الزيادة من تركيا إلى لبنان محدودة جداً»، أما إيرانياً فيأمل الإسراع بإلغاء التأشيرة، «لأنها دولة نربح فيها سياحياً»، موضحاً أن «السائح الإيراني يحتل المرتبة الثانية في لبنان بعد السائح الأردني، حيث يزوره أكثر من 150 ألف سائح إيراني». ورأى «أننا ما زلنا في بداية الطريق، وموضوع السياحة مع إيران مهم جداً، ولا سيما أن آلية الإجازات فيها تختلف عن تلك المعمول بها في الخليج».
يشار إلى أن مداخيل القطاع السياحي عام 2009 بلغت 7،2 مليارات دولار، مقارنةً بنحو 4،8 مليارات عام 2008. وأفادت التقديرات أنّ نسبة ما تسهم به السياحة في الناتج المحلّي الإجمالي وصلت إلى 38 في المئة، ووصل عدد العاملين في القطاع إلى حوالى 553 ألف عامل، ما يمثّل أيضاً حوالى 38 في المئة من إجمالي العمالة.
وكان عدد السياح قد وصل إلى 1،3 مليون سائح عام 2008، و1،85 مليون سائح عام 2009، ما دفع بوزارة السياحة إلى تصنيف عام 2009 أفضل عام سياحي منذ انتهاء الحرب الأهليّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يسعدني أن أسمع رأيكم