بحث

24 مايو 2021

مكتبة كامل فرحان صالح

kamel farhan saleh  كامل صالح

ألترا صوت - فريق التحرير


يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.

كامل فرحان صالح  شاعر وصحافي وأكاديمي من لبنان. مواليد 1969، يحاضر حاليًا في الجامعة اللبنانيّة، كما كتب ويكتب في مواقع وصحف عربيّة عدة. من إصداراته في الشعر: "أحزان مرئية"، "شوارع داخل الجسد"، "كنّاسُ الكلام"، "خُذ ساقيكَ إلى النبع"، "أبجديّة التجاعيد". كما له في النقد إصدارات عديدة أبرزها: "الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي". مشاركٌ في مؤتمرات وندوات ثقافية في لبنان والعالم العربي.

ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟


لا أذكر يومًا أنني كنت خارج عالم الكتب؛ فقد كبرت (إخوتي وأنا) في بيت لا تكاد ترى جدرانه بسبب الكتب التي كانت ترتفع من الأرض حتى السقف؛ فوالدي فرحان صالح زرع فينا هذا التعلق الذي لم نستطع التحلل منه. ويمكن لي هنا أن أذكر جانبًا من تاريخ والدي، إذ بعد أن خرج صغيرًا من قريته كفرشوبا، عمل في مطبعة ثم وزّع الصحف، ثم استلم مسؤولية إدارة مكتبة دار الطليعة في طريق الجديدة، وبعد ذلك أسس دار الحداثة التي طبعت ونشرت مئات الكتب منذ تأسيسها في العام 1978، حتى بدأ عالم النشر الورقي يتراجع ويكاد أن يلفظ أنفاسه في ظل الثورة الرقمية. مهما يكن كان لدار الحداثة بصمة واضحة في عالم النشر في لبنان والعالم العربي، وقد استمرت بالنشر على الرغم من ظروف الحرب الأهلية اللبنانية، وبقيت تقاوم حتى العدوان الإسرائيلي في العام 2006... وبالتالي أنا ابن هذا الرجل الذي كان يشتري الكتب ويقتنيها (ولا يزال) كما يشتري الخبز لعائلته.

ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

كثيرة، حتى أكاد لا أذكرها لكثرتها، فقد بدأت القراءة منذ الطفولة؛ فقرأت معظم سلسلة القصص العالمية، وقرأت الكتب الدينية المصورة، وسلسلة المسرح العالمي، حتى أنني كتبت مسرحيتين في عمر 13 سنة، ونشرت أول ديوان لي في عمر 15. وبعد ذلك بدأت بدراسة الهندسة الكهربائية، ثم توقفت ولم أكمل، واتجهت لدراسة الأدب العربي، وأكملت التوسع في قراءتي التي تنوعت بين الشعر والرواية والنقد والتاريخ... لكن عندما أغمض عيني لأتذكر، فيمكن لي أن أستعيد الشغف عندما قرأت "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ، و"ليون الافريقي" لأمين معلوف، ودواوين محمود درويش ومحمد الماغوط ويوسف الخال والسياب ونزار قباني، و"مجنون إليسا" لآراغون، و"الحب في زمن الكوليرا" لماركيز، و"نشيد الأناشيد" بصياغة أنسي الحاج ورسوم بول غيراغوسيان، و"الخيميائي" لكايلو، وكتب كمال الصليبي، و"رحلة غاندي الصغير" لإلياس خوري، و"الثابت والمتحول" لأدونيس، ورواية "الطين" لعبده خال، و"تاريخ العرب قبل الإسلام" لجواد علي، و"النزاعات المادية" لحسين مروة، ولا أنسى شغفي في قراءة التوراة والإنجيل والقرآن وانجيل بوذا... في وقت مبكر من حياتي، وهذا ما أثر لاحقًا في خياري بأن يكون موضوع أطروحتي للدكتوراه عن الشعر والدين، والتي ناقشتها في العام 2004.

من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟


صدقني، لا يمكن لي أن أقول: هذا كاتبي المفضل، لأنني أنحني أمام أي نصّ يتمتع بالسمات الإبداعية التي تحاكي شغفي وذائقتي، ولا أتردد في إعلان إعجابي بأي شاعر أو روائي أو مبدع أو كاتب أكان مبتدئًا أم مكرسًا في المشهد الثقافي.

هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟


أخضع لنوعين من القراءة: القراءة الإبداعية (شعر، رواية، مسرح، قصص،...) ومع هذه القراءات لا أضع ملاحظات إلا ما ندر، أو ما يمكن أن أوظفه لاحقًا في عمل بحثي. أما النوع الثاني، فهو القراءة البحثية/الأكاديمية التي ألتزم فيها وضع ملاحظات وملخصات كي يصار إلى توظيفها في محاضراتي في الجامعة، أو في دراساتي وأبحاثي، أو عند مناقشتي لأطاريح الدكتوراه أو رسائل الماستر... ولا أخفيك أنني أصبحت أقلق من هذا الموضوع، فكثرة قراءاتي لهذا النوع وكثرة الملاحظات التي أضعها، بدأت تفقدني شغفي في قراءة النوع الأول، إذ باتت دهشتي أمام النصوص الإبداعية تخفت، وهذا الأمر محزن ومؤلم بالنسبة إلى شخص مثلي كان يبكي مع بطل رواية، ويضحك مع بطل آخر. عمومًا أحاول منذ سنوات العمل على ترسيخ مبدأ يرتكز على "سحر البساطة"، وهذا ما أفعله في نصوصي الشعرية التي ما زالت قادرة على مواجهة شخصيتي الأخرى المتمثلة بدكتاتورية الباحث. ولا أعرف من سينتصر في النهاية: الشاعر أم الأكاديمي؟

هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟


في العموم، يمكنني أن أقول: لا، لم تتغير، كون الكتب تحيطني من كل حدب وصوب في بيتي أيضًا. وعندما أبدأ بكتابة بحث ما، ترى عشرات الكتب مفتوحة على طرفي الكومبيوتر، وتحته وفوقه،... نعم، هناك سهولة في الحصول على المعلومات من الانترنت وبـ"كبسة زر" كما يقال، لكن كوني أتبع منهجية صارمة، وأدرّسها لطلابي أيضًا، ألزم نفسي العودة إلى الكتب الورقية، كذلك كي أتحقق من صحة المنشور على الإنترنت، وكي أوثق البيانات بدقة في البحث من حيث: اسم المؤلف، والعنوان، ومكان النشر، ودار النشر، ورقم الطبعة، ورقم الصفحة... وبالتالي، يبدو لي أن هذه العلاقة ازدادت وتشعبت، ولا سيما أنني أصدرت منذ أيام، أول ديوان لي بصيغة كتاب إلكتروني، بعد أربعة دواوين ورقية. كذلك أستعد لنشر كل كتاباتي الورقية بهذه الصيغة أيضًا. ويمكن لي أنا أعلل ذلك بسبب سهولة انتشار الكتاب الإلكتروني؛ إذ في لحظة يمكنه أن يصل إلى شمال الكرة الأرضية أو جنوبها، وهذا ما يفتقده الكتاب الورقي.

حدّثنا عن مكتبتك؟


جزء من مكتبتي من مكتبة والدي، والجزء الآخر قد اقتنيته شراءً أو إهداءً عبر سنوات، ولا تزال مكتبتي تشهد رفوفًا جديدة من الكتب. فقد أخذت عن والدي هذا الشغف، وأذكر أنه في كل معرض للكتاب في لبنان أو في العالم العربي (كوني كنت أسافر سنويًّا لتمثيل دار الحداثة في معارض الكتب العربية)، أشتري الكتب، وهكذا كوّنت مكتبة تضم مئات الكتب الأدبية والنقدية والتاريخية والدينية... ولعلني هنا يمكنني أن أستعيد حادثة طريفة عندما سقط "لسان العرب" على رأسي وكدت أفقد الوعي عندما كنت أقف على رف مكتبتي لأطال مجلدًا من مجلدات هذا المعجم. وقد تذكرت ما حدث مع الجاحظ، وقلت حينذاك: الله ستر.

ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟


يمكنني القول: إن حولي الآن أكثر من كتاب مفتوح، عدا أطاريح الدكتوراه ورسائل الماستر. كذلك أعمل على إصدار طبعة جديدة ومنقحة من كتابي: الشعر والدين، بعد نفاد طبعاته الثلاث في لبنان ومصر. وبالتالي كل قراءتي حاليًّا تندرج ضمن القراءات البحثية والأكاديمية وما يتعلق بالمناهج الأدبية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews