بحث

27 أكتوبر 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : الحاج الحسن لـ«السفير»: «حزب الله» لم يلزّم رؤيته الاقتصادية لأحد


شرح خطته الطموحة لرفع حصة الزراعة من الناتج المحلي إلى 8%

بالورقة والقلم، وبكثير من الشغف، يشرح وزير الزراعة الدكتور حسين الحاج حسن خلال لقاء خاص مع «السفير»، عن واقع القطاع الزراعي في لبنان، والخطط والاستراتيجيات التي يعمل عليها لإنعاش القطاع منذ تسلمه قيادة الوزارة في العام 2009.
يمسك في يد العديد من الملفات التي اكتمل بعضها، وبعضها الآخر قيد الاكتمال، وفي اليد الأخرى يتلمس بعض المفاتيح لتمويل هذه الملفات، فيوقع الاتفاقيات مع عدد من الجهات الدولية المانحة والمعنية بالتنمية الزراعية لإطلاق عجلة العشرات من المشاريع التي تعنى بتنمية القطاع من خضار إلى الفاكهة إلى الحبوب والحليب والمواشي والأسماك، وغيرها، فضلا عن مشاريع البنية التحتية وتنمية الصادرات الزراعية.
وبلغة طموحة، يؤكد أن من الأهداف التي وضعها نصب عينيه هي: أن يوفر القطاع الزراعي سنويا نحو 10 آلاف فرصة عمل، مما يساهم بتثبيت المزارعين، لا سيما الشباب في الأرياف والمساهمة في تنمية المناطق الريفية، زيادة الصادرات من 600 ألف طن إلى 800 ألف طن، وخفض الواردات حوالى 15 في المئة، أي من 85 في المئة إلى 65 في المئة، ورفع حصة الزراعة من الناتج المحلي إلى حوالى 8 في المئة، حيث تبلغ الآن حوالى 4،8 في المئة، خفض العجز في الميزان التجاري الزراعي والغذائي، توفير نسبة من الأمن الغذائي، لا سيما في المحاصيل الإستراتيجية والأساسية، تأمين سلامة الغذاء المنتج محليا أو المصدر أو المستورد.. وغيرها الكثير من الأهداف أو «الطموحات» التي يسعى لتحقيقها في وزارة مرّت عليها في السابق، موجات من القحط والإهمال الرسمي المتعمّد.
الحاج حسن الذي لا ينفك يؤكد متابعته الحثيثة واليومية لـ«صحيفة السفير»، زارها الثلاثاء الماضي، لإجراء حوار مفتوح بحضور ومشاركة رئيس التحرير والزملاء في الأقسام، فتطرق إلى مروحة واسعة من المحاور المتعلقة بقطاع الزراعة وآليات العمل والمشاريع والتمويل والإستراتيجية، وغاب عنه إلى حد ما، «السياسة» بمعناها اللبناني، ليقتصر في هذا الجانب، على دفاع الوزير عن رؤية حزب الله الاقتصادية، حيث نفى تلزيم الحزب الملف إلى التيار العوني: «ليس صحيحا أن حزب الله لزّم رؤيته الاقتصادية لأحد».
ويوسع الوزير من حجم انتقاداته أو «استغرابه»، ليؤكد في هذا السياق، أنه عندما سأل عن الخطة الاقتصادية للحكومة، قيل له: «الدول لا تضع خططا اقتصادية!».
في المقابل، وعلى الرغم من تأثير الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية على حجم صادراتنا، خصوصا إلى مصر وسوريا، يرسم الحاج حسن صورة إيجابية لمسار العمل محليا، موضحا: «وضعنا لا بأس به، ونتقدم إلى الأمام في دعم المناطق الأكثر حاجة والأكثر فقرا»، مشيرا إلى أن الوزارة لا تتعامل «مناطقيا وفئويا»، بل تنظر إلى حاجات المزارعين ومطالبهم كافة بعين واحدة، لكن يجب ألا ننسى أن النسب تتفاوت بين منطقة وأخرى من ناحية مساحات الأراضي الزراعية والعاملين فيها، وتاليا، النسبة الأعلى تلقى اهتماما أكبر.
لماذا تراجعت الزراعة؟
يعرض الحاج حسن للإهمال التاريخي المزمن لقطاع الزراعة التي يعتاش منها حوالى 250 ألف عائلة لبنانية، مجيبا: «لماذا تراجعت الزراعة.. لم تكن هناك استراتيجية لتطويرها في الأساس، وكان هناك إصرار حكومي على أن «تعيش الزراعة بمفردها»، ومن دون أي مساعدة ودعم».. في المقابل، نلحظ أن «كل الدول تدعم قطاعها الزراعي». وأمام المعادلة التالية، يلاحظ أن لبنان مقارنة بدول العالم، لا يلقى دعما لصادراته الإنتاجية، على الرغم من أنه الأغلى في: أكلاف الأرض (شراء أو إيجار بسبب تطور السوق العقاري)، الطاقة (كهرباء، مازوت وتأثيرهما على كلفة الري وكلفة النقل)، المدخلات الزراعية (بذور، شتول، أسمدة، أدوية، أعلاف)، وكلفة اليد العاملة والمعيشة، مما «أدى إلى انخفاض القدرة التنافسية للإنتاج الزراعي اللبناني مقارنة مع إنتاج دول المنطقة وبقية دول العالم، حيث الإنتاج مدعوم أصلا».
وإذ يبدي الوزير قلقه من تزايد أزمة الغذاء عالميا، يشير إلى أن حوالى 20 في المئة من اللبنانيين يعيشون من الزراعة كدخل أساسي، منهم حوالى مئة ألف أسرة كلّيا، و70 ألفاً جزئيا، ويشدد على ضرورة تضافر الجهود كافة لتقليص الفجوة الكبيرة بين ما نستورده ونصدره، مشيرا إلى أنه ليس مقبولا أن تبلغ صادراتنا حوالى مليار ونصف المليار دولار سنويا فيما تلامس استيراداتنا التسعة مليارات دولار. كما ليس طبيعيا أن نستورد حوالى 500 ألف طن من القمح فيما يقتصر إنتاجنا على حوالى 50 ألفا سنويا.
وقبل أن يتوسع في الحديث عن الاستراتيجية التي وضعتها الوزارة للعمل بموجبها في السنوات الخمس المقبلة، يكشف أن الميزانية المخصصة للوزارة سترتفع في العام 2012 إلى حوالى مئة مليار ليرة، بعدما بلغت في العام 2009 حوالى 41 مليار ليرة، وفي العام الماضي 78 مليارا، وفي هذه العام حوالى 88 مليارا. وسيضاف إلى الميزانية الجديدة أموال خصصتها الحكومة لمؤسسات معنية بالقطاع، فضلا عن المساعدات المالية والعينية التي تقدمها العديد من الجهات الدولية لتنمية الزراعة.
استراتيجية من ثمانية محاور
تتوزع استراتيجية الوزارة، وفق الحاج الحسن، على ثمانية محاور، تتضمن رؤيتها المستقبلية للقطاع، ففي محور التشريعات: كل ما تحتاجه الوزارة من قرارات أنجز، كما شارفت مراسيم تنظيم عمل الوزارة على الاكتمال، أما القوانين فتحتاج إلى مزيد من الوقت.
تحسين قدرات الوزارة: وُظّف لغاية الآن 400 شخص، وهناك موجة جديدة من التوظيفات لتعزيز الكادر البشري وتجهيز الوزارة، كما جرى تأمين ما يلزم من آليات ومختبرات وتجهيزات للمعلوماتية. ويلاحظ في هذا الإطار، زيادة في عدد حراس الأحراج والصيد، حيث هناك 170 حارسا جديدا، ليبلغ العدد الإجمالي 350 حارسا.
البنى التحتية - المشروع الأخضر (الذي عانى على مدى سنوات طويلة الحرمان من الموازنات التشغيلية): إنجاز 9 برك تلية توفر مليون متر مكعب من أصل 400 مليون متر مكعب تحتاجها الزراعة، والعديد من الطرق، واستصلاح مساحات من الأراضي، بحيث يجري العمل على التوسع في المساحات المزروعة من مليونين و400 ألف هكتار إلى 3 ملايين هكتار، كما يستمر العمل لتلزيم المزيد من الطرق والبرك التلية وتنفيذ ملفات استصلاح الأراضي.
الإرشاد والتدريب والتعليم: افتتاح 28 مركزا إرشاديا، وإنجاز عشرات الدورات التدريبية وتفعيل التعليم الزراعي.
مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية والرقابة: تطوير دور المصلحة في البحث العلمي وإجراء الفحوصات المخبرية، ويستمر تطوير مهام البحث العلمي، والبدء بتقديم الخدمات المخبرية للمزارعين وإنشاء محطات أبحاث جديدة، ومواصلة تنفيذ برامج الكشف والتفتيش، وتفعيل وتطوير مهام الحجر الصحي والبيطري والنباتي عبر المرافئ، حيث تخضع الصادرات كافة للفحص، كما يتواصل العمل لتجهيز مختبرات الوزارة، منها مختبر كفرشيما الذي أصبح جاهزا لفحص المبيدات الزراعية، إضافة إلى إطلاق مناقصة لفحص رواسب الأدوية البيطرية، وحملة لفحص المحاصيل كافة. (في مجال الأدوية الزراعية أشار الى أن أهم شركة أدوية زراعية أدخلت قبل أيام قليلة أدوية غير مسموح بها الى السوق!).
سلاسل الإنتاج: تشكيل اللجان القطاعية وإنجاز القسم الأكبر من النشرات الإرشادية والسجلات الحقلية للمحاصيل.
التسليف: توقيع العديد من الاتفاقيات للتسليف الزراعي، منها مع «كفالات»، وجمعية المصارف، ويستمر العمل على تطوير بنى التسليف، بعدما ألغت إحدى الحكومات السابقة، بنك التسليف الزراعي.
الموارد الطبيعية: لم تحقق الوزارة الكثير في هذا الملف، ومنها عملية غرس 300 مليون شـجرة، حيث تحتاج إلى 400 مليون دولار للري والحراسة على مدى 3 سنوات، برغم ذلك، وزعت الوزارة نـصوبا حرجية وقادت حملات لتحريج بعض المساحات، وإجراء تجارب على إنشاء المراعي، وإنشاء البرك والحدائق وتجميل طرق.
المديرية العامة للتعاونيات: تفعيل قدرات المديرية ودور التعاونيات وصناديق التعاضد، والبدء بتقديم المساعدات لها.
السجل الزراعي: أنجز حوالى 90 في المئة من إحصاء وتسجيل المزارعين والاستمرار في إحصاء وتسجيل المزارعين والبحث في تمثيل المزارعين في الغرف.
تنمية الصادرات.. والبطاطا إلى أوروبا
ويبرز الحاج حسن أهمية وضع سياسة واضحة لدعم وتنمية المحاصيل كافة، وتنمية الصادرات عبر البرنامج الجديد «أغرو بلاس» الذي يستهدف تنمية المزروعات من فواكه وخضروات فضلا عن الزيت والزهور، ليصل إلى 100 في المئة في بداية العام المقبل، بعدما خصص له 50 مليار ليرة سنويا. ويكشف في هذا السياق، أن أول تجربة لتصدير كميات من البطاطا إلى أوروبا، أنجز منها حوالى 80 في المئة، متوقعا البدء بتنفيذها في الأسابيع القليلة المقبلة.
وإذ أوضح أن العراقيل التي تواجه صادراتنا من بعض الدول تعالج تباعا، أكد أن مراكز الرقابة التابعة للوزارة ترفض يوميا إدخال عشرات الشاحنات إلى لبنان، لافتا إلى أن العمل متواصل مع المعنيين كافة، لتطبيق المواصفات والالتزام بها.
وفي موازاة إلغائه أخيرا، حوالى 600 تعاونية لا تعمل، منها 300 تعاونية في بعلبك – الهرمل، وانتقاده لاتكال المزارعين على التجّار لتسويق منتجاتهم، يعلن أن الوزارة ستبادر قريبا إلى إنشاء تعاونية تسويقية بحيث يكون دورها رعائيا وإشرافيا وتقديم المساعدات اللازمة من حيث المواصفات وفتح أسواق جديدة، من دون أن تتدخل بالأسعار.
كما يلفت إلى عزم الحكومة لشراء كميات من زيت الزيتون، ودعم الوزارة لإنشاء تعاونية لتصدير الزيت، والتوسع في زراعة أشجار الزيتون التي تعد من الخيارات الإستراتيجية التي تقاوم عوامل المناخ وأمراضها أقل، كما تحتاج إلى ري أقل، مؤكدا في الوقت نفسه، مواصلة دعم برنامج زراعة الحبوب من قمح وشعير وعدس وحمص، حيث كان الإنتاج وفيرا هذا العام من البذار المؤصل، معلنا بدء العمل ببـرنامج زراعة الأعلاف من شعير وبرسيم وفصة وذرة وكرسنة وغيرها، وسيباع المحصول بعد استلامه من قبل الدولة إلى صغار منتجي الحليب ومربي الدواجن والمواشي بسعر مدعوم.
ولا ينسى الوزير التأكيد أن مشكلة التسويق الأساسية تكمن في عدم تنظيم الأسواق الداخلية، معلنا أن ملفها قد نضج، وسيبدأ العمل بتنظيمها قريبا بالتنسيق مع البلديات.
وبعدما يجدد رفضه لـ«الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء»، لتعارض مهامها مع مهام عمل الوزارة، يؤكد أنه رفض الهيئة قبل تسلمه مهام الوزارة، وذلك عندما عرضت على اللجنة النيابية المختصة، رافضا ازدواجية الصلاحيات في الحكومة.
صناديق تعاضد لمواجهة الكوارث
ويؤكد الحاج حسن السير قدماً في ملف مشروع صندوق مواجهة الكوارث الطبيعية عبر إنشاء صناديق تعاضد يساهم فيها المعنيون من مزارعين وصيادين ومربين على أساس قطاعي، وتحدد كلفة الاشتراك على أساس المساحة أو العدد وطبقا لمعايير خاصة بكل منها، على أن تساهم الدولة بدعم الصناديق بنسبة معينة أسوة بما هو حاصل في دول أخرى، لافتا إلى أنه يتابع حاليا الدراسات الاكتوارية والاقتصادية لكل منها وكلفتها على الدولة، بحيث تكون أقل من التعويض عن كارثة طبيعية واحدة.
في المقابل، يكشف الحاج حسن أن العمل لتنفيذ القانون 109 المتعلق بجمعية التعاونية الاستهلاكية والإنتاجية في لبنان، سيبدأ في القريب العاجل، بعدما عيّن 4 أشخاص من أصل ستة، للجنة التعويض على أصحاب الحقوق المتوجبة بتعاونيات لبنان، ومتابعة تنفيذ تفاصيل القانون.
كامل صالح - السفير 27 تشرين الاول - 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews