كامل صالح
ينتظر لبنان من زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أن تنعكس إيجابا على الحراك الاقتصادي والتجاري بين البلدين، آملا بأن يصار إلى إزالة المعوقات المسببة لضعف التبادل وتواضعه.
وعلى الرغم من أن «لبنان مستعد لتطوير وتعزيز وتحسين العلاقات الاقتصادية على الصعد كافة، بما فيها خدمة البلدين»، كما يؤكد وزير الدولة رئيس اتحاد غرف التجارة العربية عدنان القصار، إلا أن تعزيز العلاقات وتحسينها، يترتب عليه مسؤوليات من قبل الجانبين، وبذل مجهود إضافي لتسويق ما يمكنه أن يعكس ارتياحا يشمل الأطراف كافة، بعيدا عن «فخاخ» المواقف السياسية المسبقة، والشعور بـ«ميلان» الميزان لجهة دون الأخرى.
تشاؤم وتطمينات
الملاحظ على الأرض، أن اللبنانيين قلقون على معيشتهم ومستقبلهم، وتعكس المؤشرات، منها مؤشر «آراء العام لثقة المستهلك» («السفير») لشهر أيلول الماضي، بوضوح «التشاؤم» المسيطر على غالبية اللبنانيين حاليا، والذي يحاكي واقع البلاد بين شهري أيار وحزيران من العام 2008.
دون أن ينسى المراقب ملاحظة التراجع بواقع 31 نقطة عن مستوى المؤشر في شهر آب، في ظل استمرار الخطاب السياسي المتشنج، والتهويل بـ«الفتنة» و«تفجّر الوضع الأمني».
وتبدو تطمينات حاكم مصرف لبنان على وضع الليرة التي أطلقها أخيرا من أميركا، «فسحة أمل»، إلا أنها لم تشكل «ترددات» إيجابية، حتى الآن، حيث يرتفع الحديث عن «إقفال مؤسسات»، وتاليا ارتفاع نسبة البطالة.
لا شك بأن لبنان «يناضل» للحفاظ على اقتصاده، «رغم التوترات والأزمات التي يمر بها»، ويسعى لخلق مناخ ملائم لجذب المستثمر اللبناني والعربي، واليوم الإيراني.
الصورة والعجلة
أمام هذه الصورة، تراهن شريحة واسعة من رجال الاقتصاد والتجارة على دفع «العجلة» قدما، إذا لاحظت الاتفاقيات التي ستوقع مع إيران، الإمكانيات التي تتمتع بها القطاعات المختلفة في لبنان، لا سيما على صعد التجارة والاقتصاد، والصناعة، والصحة، والزراعة، والطباعة، والمصارف، والسياحة، والتعليم وغيرها، فضلا عن تفعيل عمل مجلس الأعمال المشترك اللبناني ـ الإيراني، وتطوير حجم الاستيراد للمنتجات اللبنانية، وجعلها متوفرة أمام المستهلك الإيراني، مواكبا ذلك، إيجاد شركاء تجاريين لتسويق البضائع في البلدين.
ويأتي الرهان الاقتصادي اللبناني على تفعيل التبادل مع إيران، مدعوما بقرارات على مستوى القمة الاقتصادية والاجتماعية والإنمائية التي عقدت في الكويت أخيرا، والتي ستتابع ـ كما يوضح القصار ـ في القمة الاقتصادية المقرر عقدها في شرم الشيخ في أوائل العام المقبل، وهي مشروعات طموحة يمكن أن تتيح مشاركة فاعلة فيها لرجال الأعمال الإيرانيين.
«رغبة مكبوتة»
في المقابل، بدت واضحة الرسائل التي أطلقها الوفد الإيراني إلى «العرب»، في لقاءاته مع رجال الأعمال في بيروت أمس الأول، وجاءت الكلمات لتبرز رغبة إيرانية يمكن تشبيهها بالـ«مكبوتة»، حيث شاء السفير الإيراني غضنفر ركن أبادي أن يعلن «أن الجمهورية الإسلامية، ومنذ قيامها تمدّ يد الأخوة والمحبة والتعاون لكل شعوب وحكومات العالم، لا سيما الدول العربية والإسلامية».
ولم تقتصر الرسالة الإيرانية على موقف السفير أبادي، بل أكدها نائب وزير التجارة رئيس منظمة التنمية التجارية في إيران بابك افقهي، حين شدد على «ضرورة تعزيز العلاقات بين الدول العربية وإيران، ولا سيما تجاريا واقتصاديا». ولم يكتف بذلك، بل أبدى رغبة عن استعداد بلاده «لتلقي المقترحات العربية التي من شأنها أن تؤدي إلى توثيق الروابط الاقتصادية».
وتستورد إيران بحسب أفقهي، «140 مليار دولار في مختلف القطاعات من مختلف أنحاء العالم، وحجم التبادل التجاري مع الدول العربية يصل إلى 15 في المئة»، مشددا في لقائه أمس رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في الجنوب محمد الزعتري، على رأس وفد ضم 30 شخصية، على أهمية «أن يرتفع الاستيراد من لبنان ليصل إلى 90 في المئة، إذ هو الآن دون الـ 10 في المئة، على اعتبار لبنان بوابة آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، ويمكن لموقعه الجغرافي ونشاط مؤسساته أن تلعب دورا كبيرا في تنشيط التبادل التجاري بين البلدين»، مبديا «استعداد بلاده للعب حلقة وصل بين الاغتراب اللبناني في أفريقيا ولبنان عبر تسهيل حركة الاستيراد والتصدير «الترانزيت»، وتسهيل المسير البحري وتقديم خفض 50 في المئة».
«الأفضلية» و«الطاقة»
إيران ولبنان، قطعا أشواطا مهمة في السنوات الأخيرة، على طريق تعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية، إلا أن المأمول، بحسب المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة بالإنابة فؤاد فليفل، وضع حد «لضعف التبادل التجاري بين البلدين»، وهذا يترتب عليه مسؤوليات لتحسينه، مشيرا إلى «أننا كجهات حكومية نولي اهتماما للسير في اتفاقية الأفضلية التجارية كوسيلة لإزالة العقبات الإدارية والجمركية, والفنية أمام انسياب السلع».
وكان لبنان قد وقّع في نهاية الأسبوع الماضي، بالأحرف الأولى على اتفاقيتي تعاون مع إيران في مجال الطاقة والكهرباء والمياه، وفي مجال النفط، بحضور وزيري الطاقة في البلدين جبران باسيل ومجيد نمجو، والمدراء العامين في الوزارتين، والسفير أبادي، حيث فتحت إيران اعتماداً مالياً بقيمة 450 مليون دولار أميركي على شكل قروض ميسرة وطويلة الأمد، تتيح للحكومة اللبنانية الاستفادة منها في المجالات الحيوية، على أن تتبعها اتفاقية لاحقة تشمل مجال النفط. ويكون التوقيع الرسمي على هاتين الاتفاقيتين مع الوزيرين المعنيين، خلال زيارة الرئيس نجاد إلى قصر بعبدا.
وتشمل المذكرات والاتفاقيات بحسب باسيل، «حاجات لبنان كافة من كهرباء وماء ونفط وصرف صحي وبناء سدود ومصافي تكرير النفط والغاز المضغوط لتوفير كلفة النفط، وإمــدادات خطــوط الغاز، إضافة إلى مساعدة لبــنان فــي التنـقيب بــراً وبحــراً عن النفط»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يسعدني أن أسمع رأيكم