الأعمدة اليومية - صرخة - عبدالعال السيد *
حينما أهداني زميلنا الصحافي في مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر الدكتور كامل صالح نسخة من باكورة انتاجة الروائي ( حب خارج البرد) ، لم أكن أتصور ان الغموض والشتات وسيناريوهات الذهان التي يعاني منها شخوص الرواية سوف تجذبني لالتهامها خلال ساعات ، أقول ذلك لأن القراءة أصبحت في هذا الزمن بالنسبة للإنسان مثل العنقاء والخل الوفي ، ففي هذا العمل يخرج صالح مثل طائر الفينيق من الرماد الشتوي ويعلن عن حضوره ضمن حراك من شخوص وبشر قسمات وجوههم صارمة وشفاههم عطشى ، وحياتهم موشاة بختم الحب المستحيل ومشاهد الزلال والموت المجاني .
الرواية من القطع المتوسط ومن إصدارات ( دار الحداثة ) في بيروت ، وهي عبارة عن هتاف يبدو انه متجانس لكن في كل نص منها نجد حكاية مختلفة وشخوصا يخرجون من رحم الأرض ويعبرون عن توقهم للتفاعل مع الحراك الحيوي .
ففي سياق البناء يستهل صالح إطلالته بخوف وتوجس، وهو يتأمل (هند) النائمة في
حافظة زجاجية تبث أنفاسها من جديد ، وفي هذا الاستهلال يصور الكاتب حيرة الإنسان في سياق الواقع ورحلة الحياة والموت والأمشاج المنتهية في العاصفة العلمية ، كما يركض على متن تضاريس الأرض الصلعاء حيث يخرج لنا مروان الهارب من الزلازل بعقل مشوش وكلمات مبهمة ، ويحاول الكاتب في هذا السياق ان يصور مأساة الإنسان في اليوم الراهن ومعاناته مع الحروب والويلات والماسي ، فمشهد الزلزال الذي أودي بحياة الآلاف بمثابة اعتصار الزمن للناس ، وعلى نسق الهارب من الرمضاء إلى النار يصور كامل مأساة وجراح الشرق الأوسط ويشبهها بالزلزال الذي يجتاح الدول ويفزع السواحل وتهتز له الكثير من البلدان الواقعة في مساره .
حافظة زجاجية تبث أنفاسها من جديد ، وفي هذا الاستهلال يصور الكاتب حيرة الإنسان في سياق الواقع ورحلة الحياة والموت والأمشاج المنتهية في العاصفة العلمية ، كما يركض على متن تضاريس الأرض الصلعاء حيث يخرج لنا مروان الهارب من الزلازل بعقل مشوش وكلمات مبهمة ، ويحاول الكاتب في هذا السياق ان يصور مأساة الإنسان في اليوم الراهن ومعاناته مع الحروب والويلات والماسي ، فمشهد الزلزال الذي أودي بحياة الآلاف بمثابة اعتصار الزمن للناس ، وعلى نسق الهارب من الرمضاء إلى النار يصور كامل مأساة وجراح الشرق الأوسط ويشبهها بالزلزال الذي يجتاح الدول ويفزع السواحل وتهتز له الكثير من البلدان الواقعة في مساره .
ويمضي الكاتب في سياق بحثه عن الحقيقة حينما يصور مأساة جاره العجوز ، الذي مات ميتة طبيعية هادئة ، وكان شغوفا بالتنبؤات ويتحدث عن يوم الحساب ، وحكاية هذا الجار العجوز هي نفس حكاية الإنسان الباحث عن الحقيقة ، الإنسان الذي ترهقه سيناريوهات الحياة ، وتضيق المساحات بالكاتب حينما يستهل أسئلته الملحة عن الموت والحياة وتمضي الرواية في ركض محموم على نهج بنائي تتداخل فيه الشخوص وتصبح الأمكنة والأزمنة بمثابة طقس سريالي محفوف برتم العدم ، غير ان الكاتب سرعان ما يعود الى واقع الحياة والقنوات الفضائية ومشاهد الممثلين والممثلات بوجوههم الصقيلة ، وتمضي الرواية في سرعة وهي مسكونة بالبحر وأزيز القطارات وأنفاس الجنوب اللبناني والضيعة والبيوت الغارقة في عتمة الليل والجدران المتشحة بالسواد ، وبشر خائفون من اللاشيء وابتسامة هند العالقة في شفاه لا تعرف الابتسام.
ويبدو ان الكوارث والزلزال الذي تتكرر كثيرا في بناء الرواية لا تنفصل عن هموم المواطن العربي من البحر إلى البحر ، مواطن يبحث عن الاستقرار وفي نفس الوقت يهجس بلقمة العيش وعذابات الحراك اليومي ولا ينفصل البناء الروائي في هذا العمل عن صورة التوهان الذي يعاني منه الفرد العربي، وبطلة الرواية هند اسكندر المدني التي يتكرر اسمها كثيرا في الرواية تعني الام الغائبة والأرض ألعطشي لحبات العرق وهي تسيل من جبين أبنائها ، كما تتوزع الأحداث بين الأمكنة وسواحل الشام ومصر وتحمل في طقوسها أشياء مبهمة وشخوصا يلونون الحياة بالحزن ، وفي نفس الوقت يمنحون الأمل للقادم الذي ربما يكون أحلى وخارج نطاق البرد.