بحث

1 أبريل 2012

الناشف لـ«السفير»: المحسوبيات والصدفة تتحكمان بسوق العمل

«منظمة العمل الدولية» تطلق اجتماع الخبراء حول الشباب

لا تقتصر معاناة الشباب الباحثين عن العمل على التهميش بفعل هياكل السلطة الهرمية والمحسوبيات فحسب، بل ثمة أزمة معقدة تتراكم سنويا، وهي غياب الإحصاءات الرسمية والموثوق بها عن حاجات سوق العمل الفعلية في القطاعين العام والخاص.
وإذ أراد المتابع أن يتلمس دربا للوصول عبره إلى فسحة من الشفافية والركون إلى مسار للمعالجة، يجد نفسه يتخبط بتضارب الأرقام بين الجهات الرسمية والخاصة من جهة والدولية من جهة أخرى، وتاليا لا يصل إلى معطى يمكن البناء عليه. ولعل معرفة معدل البطالة خير شاهد على ذلك، حيث تتراوح النسب في لبنان مثلا، بين 9 في المئة وصولا إلى أكثر من 25 في المئة في ظل غياب الإحصاء السكاني المتوقف منذ العام 1932.
أمس، شهدت بيروت انطلاق «اجتماع الخبراء حول عمل الشباب في البلدان العربية» الذي تنظمه «منظمة العمل الدولية» و«مؤسسة فريدريش ايبرت»، بمشاركة لبنانية وعربية ودولية، ويمثل الاجتماع الذي


يختتم أعماله اليوم، جزءا من سلسلة فاعليات وطنية تنظم في نحو 50 بلدا خلال «شهر عمل الشباب» لدعم واغناء مناقشات مؤتمر العمل الدولي في العام 2012 حول «أزمة عمل الشباب». ويؤمل أن تساعد هذه الفاعليات في تضافر جهود الدول، وزيادة التعريف بهذه المبادرات في أرجاء العالم كافة، بهدف زيادة التوعية بشأن الضرورة الملحة لتعزيز العمل اللائق للشباب.
وتوضح المديرة الإقليمية لمنظمة العمل الدولية ندى الناشف لـ«السفير» أنه «لا يوجد إحصاء علمي دقيق عن معدل البطالة في لبنان، أما الرقم الرسمي المعلن فهو نحو 15 في المئة»، مشيرة «إلى أن ثمة دراسة صادرة عن المنظمة حديثا، تلحظ أن «معدل البطالة العربية العام بلغ 10 في المئة (الشباب 25 في المئة والبالغون 7 في المئة)، وترتفع النسبة أكثر عند استبعاد دول مجلس التعاون الخليجي».
لكن حسب دائرة الإحصاء المركزي (cas) فان معدل البطالة العام في لبنان في العام 2007 هو 9 في المئة (إناث: 10,2 في المئة، ذكور: 8,8 في المئة)، ونسبة الشباب منها هو 22 في المئة. ويلفت مستشار المنظمة هادي عساف لـ «السفير»، إلى وجود دراسات جانبية أخرى مثل دراسة للبنك الدولي (العام 2011) تذكر أن معدل البطالة حوالى 11 في المئة، فيما إحصاء منظمة العمل الدولية (العام 2010)، يلحظ أن المعدل العام هو 8,8 في المئة (ذكور: 8,3 في المئة، وإناث: 10,2 في المئة)، وبين الشباب 22,4 في المئة (ذكور: 23,4 في المئة، إناث: 22,7 في المئة).

الإحصاء الدقيق يعود للعام 1932!
وإذ يؤيد عساف ما أشارت إليه الناشف حول عدم دقة الإحصاءات اللبنانية، يشير إلى أن غياب الإحصاءات الرسمية الدورية في لبنان ناتج عن عدم وجود مركز إحصاء قومي موثوق به، موضحا أن آخر إحصاء للسكان يعود للعام 1932، وهو الإحصاء الرسمي الوحيد الذي يمكن عبره معرفة معدل البطالة بدقة!.
ويبرز عساف التطور الهش لتوزيع العمالة ونموها في لبنان بين العامين 1997 و2007، حيث كانت مليوناً و117 ألفا و917 عاملا، لتصبح بعد عشر سنوات: مليوناً و118 ألفا و379 عاملا، أي نسبة الزيادة صفر في المئة تقريبا. ويستدرك قائلا «لكن الخطورة تكمن في ارتفاع معدل البطالة ضمن الحائزين على الشهادات الجامعية، حيث في العام 1997 بلغت 6,1 في المئة، لترتفع في العام 2007 إلى 11,1 في المئة. كذلك يلحظ أنه في هذه الفترة زادت العمالة في قطاع الخدمات (مطاعم، فنادق،..) والاتصالات، إلا أنه في المقابل، كانت الإنتاجية قليلة جدا.
وتجري المنظمة، وفق الناشف، 45 مشاورة مع شباب وصانعي قرار وشركاء اجتماعيين (عمّال وأصحاب عمل) كي تتمكن من فهم قصص النجاح الفاعلة، ونقلها من بلد إلى آخر، كتجربة نجاح المرأة في سوق العمل مثلا.
وبعدما تؤكد الناشف مجددا وجود صعوبة حقيقية لمعرفة حاجات سوق العمل عربيا ولبنانيا، تلفت إلى أن «غياب الإحصاءات يعد مشكلة كبرى في هذا السياق، والسبب عدم وجود مسح لقطاعات العمل دوريا وبانتظام، مما يؤدي إلى وجود ضبابية في رسم سياسات العمل، وضعف في كل آليات التشغيل، فلا تعرف منظومة «الطلب والعرض»، وما هي المهارات المطلوبة؟» مضيفة «حاليا لا توجد آليات لسوق العمل في لبنان، وكلها تعود للواسطة والمحسوبيات والجغرافيا والصدفة، وتاليا هي منظومة غير متكاملة وناقصة».

غياب التنسيق العام بين الوزارات
ولعل أبرز الثغرات الملحوظة في مجال توفير فرص عمل للشباب هي غياب التنسيق العام بين الوزارات، «فوزارة العمل لا تقدر بمفردها التحكم بالاستثمارات والتعليم والاقتصاد الكلي، من هنا تبرز الحاجة إلى العمل على مناهج عبر الوزارات للتنسيق فيما بينها، فضلا عن ذلك ثمة ثغرات أخرى منها عدم الربط بين سياسات التشغيل مع منظومة الحماية: التعطيل والأمومة وغيرهما. وتشير إلى ثغرة أخرى متمثلة بالموارد المشروطة التي تفرضها الدول المانحة، حيث تريد التمثل بتجربتها ونقلها، فيما الدولة التي تحتاج إلى التمويل، لا تعرف ماذا تريد في ظل غياب وعي وطني بحاجاتها. ولعل الثغرة الأكبر تبقى غياب الحوار وتوفير المكان/الفسحة للتعاون بين العمّال وأصحاب العمل، في مجال الحقوق والمفاوضات الجماعية. أما عن عمل المرأة فتلحظ الناشف، أنه على الرغم من حيازة المرأة المعدل الأعلى في نسب البطالة، يثبت الواقع أن عملها لم يعد ترفا، بل حاجة ضرورية في ظل الأزمات الاقتصادية، لافتة إلى أن هناك قطاعات صارت مرغوبة أكثر للمرأة مثل المصارف والتعليم، لدوامهما المحدود، ومدخولهما الثابت. لكن «ثمة إشكالية هنا، إذ برغم تفوق معدلات التحاق المرأة بالجامعة معدلات التحاق الرجل، لا تزال خاضعة لترتيبات تقليدية، وعدم اهتمام بحقوقها في سوق العمل».
يشار إلى أن الاجتماع يناقش قضايا جوهرية عدة تتعلق بعمل الشباب، منها: العمل اللائق وتطلعات الشباب، دور المهارات عند انخفاض الطلب على اليد العاملة، التكاليف الاجتماعية والاقتصادية للهجرة، حلول لتحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية، استراتيجيات التمكين لضمان المساهمة الهادفة لأصوات الشباب في صياغة السياسات.
كامل صالح - جريدة السفير 13 آذار 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews