لعل من أبرز المفارقات التي رافقت اعتصام موظفي هيئة التفتيش المركزي صباح أمس، ما قاله أحد المعتصمين لـ«السفير»: «نحن نعالج مشكلات إدارات الدولة، ونريد الآن من يعالج مشكلاتنا».
ويضيف المعتصم الذي شارك مع زملائه في إطلاق صرخة احتجاج أمام مقر هيئة التفتيش في الحمراء: «تصاريح المسؤولين السياسيين كافة على كلّ الأراضي اللبنانية، قلّما تخلو من جملة: «ضرورة تعزيز أجهزة الرقابة والتفتيش وتفعيلها»، لنجد على أرض الواقع، أن الجميع أيضاً يريد بصورة مباشرة أو غير مباشرة تعطيل عملنا، عبر التمادي في هضم حقوقنا».
ويعلّق زميل له قائلاً «لي 18 سنة بالتفتيش لم أفهم ماذا يعني «التعزيز والتفعيل»، ففيما يفترض أن يكون جهاز الرقابة من أفضل إدارات الدولة، يلحظ أن «وضعنا من سيئ إلى أسوأ.. بيننا مفتشون أطباء، مهندسون، حقوقيون، أساتذة جامعات.. وراتب كل واحد منّا أقل من راتب موظف في الإدارات الأخرى».
وتتدخل زميلة لهم في النقاش: «الدولة كلها ضدنا.. ينادون بتعزيز الأجهزة الرقابية، وعند المفاصل الجدّية، نراهم يدفعوننا نحو اليأس». وبعدما تقارن بين راتبها وراتب أختها في التعليم الابتدائي، تعلّق قائلة: «هل يعقل أن راتبها أكثر من راتبي وأنا أسبقها في الخدمة بأكثر من 10 سنوات».
التفرغ من دون مقابل.. و8 درجات
لم يستمر الاعتصام التحذيري الذي شارك فيه موظفو وموظفات التفتيش التربوي والمالي والإداري والهندسي والصحي، أكثر من ساعة بمواكبة أمنية، ليعودوا إلى مكاتبهم، بعدما عبروا عن مطالبهم في بيان تُلِيَ في باحة المقر، مبرزا احتجاجهم على الغبن المتمادي اللاحق بهم، ولا سيما بعد «إقرار مبدأ التفرغ من دون مقابل»، و«إعطاء مجموعات من الأسلاك الوظيفية الأخرى زيادات على رواتبهم، ليصبح راتب المفتش من أدنى الرواتب في الدولة».
وما يزيد الطين بلّة، على ما يقول مصدر في «لجنة متابعة أوضاع المفتشين في التفتيش المركزي» لـ«السفير»، «أننا لم نفهم لماذا أسترد مرة أخرى «مشروع القانون المعاد بموجب المرسوم الرقم 6340/2011»، والرامي إلى إعطائنا ثماني درجات استثنائية، وذلك بعد دراسته وإقراره في لجان الإدارة والعدل والتربية والمال والموازنة النيابية». يضاف إلى ذلك «الغبن اللاحق بالمفتشين، خصوصا بعد إقرار سلسلة الرواتب للقضاة، وأساتذة الجامعة اللبنانية، وإعطاء درجات استثنائية لأفراد الهيئة التعليمية في ملاكات التعليم الثانوي والأساسي والمهني والتقني، وإعادة احتساب تعويضات العسكريين، وقد تزامنت جميعها مع إعادة القانون الذي يعطينا الدرجات الاستثنائية».
ويوضح المصدر أن «هذا التحرك ستتبعه خطوات تصعيدية لاحقة، إذا لم نصل إلى نتيجة بعد الموعد الذي طلبناه من رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، إذ لا يجوز الاستمرار بصيف وشتاء تحت سقف واحد، فزيادة الدرجات التي نطالب بها لا تكلف الخزينة أكثر من مليار ليرة سنوياً، فيما الزيادات التي أقرت لبعض الإدارات الأخرى، تتجاوز مئة مليار سنويا».
وليس بعيداً عن أجواء الاعتصام، ما تشير إليه إحدى المفتشات «أن مرسوم إنشاء التفتيش المركزي الصادر في 12 حزيران 1959، لم يعدّل للآن، فلا يزال عدد المفتشين نفسه، كذلك لم يقر مرسوم الترفيع منذ حوالي عشر سنوات، وأخيرا طلب 40 مفتشا نقلهم إلى إدارات أخرى وتحديدا ملاك التعليم، وسبقه تقاعد حوالي 30 مفتشا تربويا ليبقى حوالي 55 مفتشاً في العمل». وهذا كلّه على الرغم من ان «حجم الإدارة العامة في لبنان صار اليوم يفوق بأضعاف ما كان عليه الوضع لحظة إنشاء الهيئة».
الشغور الإجمالي 41،46%
وتتضارب المعلومات بين المعتصمين حول العدد الإجمالي للمفتشين العاملين، فمنهم من يقول إن العدد في كل الوزارات والبلديات لا يتعدى المئة، ومنهم من يلفت الانتباه إلى أن العدد «130 مفتشاً»، ويؤكد آخر أنهم «170»، ليضيف وبلغة ساخرة: «مهما كان عددنا فلن يبلغ مجموع ما تضمّه مدرستان من معلمين!».
ويكشف أحد المطلعين على أوضاع الهيئة الرقابية لـ«السفير»: «أن الشغور الإجمالي في إدارة التفتيش المركزي حسب العام 2011، يبلغ 41،46 في المئة، بين مفتشين وموظفين إداريين، و58 في المئة على مستوى الأجراء. إذ يعمل في الهيئة حوالي 135 موظفاً من أصل 206 الملحوظين في ملاك 1959. وهناك عدد لا بأس به منهم أحيلوا إلى التقاعد مع نهاية العام الماضي».
ويرى المصدر المطلع أن «هذا الملاك لحظ سنة 1959، فيما الإدارة اليوم غدت أكبر بأضعاف فيما لا يزال ملاك التفتيش على حاله، وبشغور حالي يتجاوز نصف كادره أيضاً!». أما المطلوب فلا أقل من توسيع ملاك الهيئة بـ20 في المئة. الأمر الذي من شأنه المساهمة في تحسين إنتاجيتها.
ووفق التقرير السنوي الصادر عن أعمال التفتيش المركزي للعام 2008، يلحظ أن الشغور الحاصل في مختلف إدارات التفتيش المركزي يبلغ في الملاك الملحوظ في الفئات الخمس 34،15 في المئة، وفي ملاك الأجراء 54،83 في المئة.
4 مطالب لتصحيح الخلل
ويطلب المفتشون من الرؤساء الثلاثة والنواب والوزراء الإسراع بتصحيح الخلل في أوضاع المفتشين في التفتيش المركزي، وذلك عبر: أولا: إقرار مشروع القانون المعاد الذي استردته الحكومة في جلسة مجلس النواب في تاريخ 22 شباط الماضي. ثانيا: إصدار مرسوم ترفيع المفتشين المعاونين الناجحين في المباراة المؤهلة للترفيع، والموجود في أدراج مجلس الوزراء منذ العام 2003. ثالثا: إعادة النظر في احتساب تعويض أمر المهمة، وتعويض النقل والانتقال بما يتناسب وسعر صفيحة البنزين، والحد الأدنى للرواتب والأجور. رابعا: إقرار قانون تنظيم التفتيش المركزي الجديد، وإعادة النظر بمــشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب المقترح من وزارة المالية، بمـــا يتناســب والمهمات الموكلة إلى المفتشين، وإعادة تعويــض الانقطاع المنصوص عنه في قوانين إنشاء وتنظيم التفتـيش المركزي.
يشار إلى أن «التفتيش المركزي» إدارة عامة مرتبطة برئاسة مجلس الوزراء، تتولى وفقا لقانون إنشائها وأنظمتها، مراقبة أعمال الإدارات الرسمية، ومدى انطباقها على القوانين والأنظمة، كذلك دوام العاملين ومسلكيتهم فيها، وذلك بواسطة المفتشين لديها من مختلف الاختصاصات من مفتشين ماليين، وإداريين وتربويين وهندسيين، وصحيين واجتماعيين وزراعيين. السعي لتحسين أساليب العمل الإداري. إبداء المشورة للسلطات عفواً أو بناء لطلبها. تنسيق الأعمال المشتركة بين عدة إدارات عامة. وتولي أعمال المناقصات الخاصة بالإدارات العامة المدنية (إدارة المناقصات).
كامل صالح - جريدة السفير 22 آذار 2012
ويضيف المعتصم الذي شارك مع زملائه في إطلاق صرخة احتجاج أمام مقر هيئة التفتيش في الحمراء: «تصاريح المسؤولين السياسيين كافة على كلّ الأراضي اللبنانية، قلّما تخلو من جملة: «ضرورة تعزيز أجهزة الرقابة والتفتيش وتفعيلها»، لنجد على أرض الواقع، أن الجميع أيضاً يريد بصورة مباشرة أو غير مباشرة تعطيل عملنا، عبر التمادي في هضم حقوقنا».
ويعلّق زميل له قائلاً «لي 18 سنة بالتفتيش لم أفهم ماذا يعني «التعزيز والتفعيل»، ففيما يفترض أن يكون جهاز الرقابة من أفضل إدارات الدولة، يلحظ أن «وضعنا من سيئ إلى أسوأ.. بيننا مفتشون أطباء، مهندسون، حقوقيون، أساتذة جامعات.. وراتب كل واحد منّا أقل من راتب موظف في الإدارات الأخرى».
وتتدخل زميلة لهم في النقاش: «الدولة كلها ضدنا.. ينادون بتعزيز الأجهزة الرقابية، وعند المفاصل الجدّية، نراهم يدفعوننا نحو اليأس». وبعدما تقارن بين راتبها وراتب أختها في التعليم الابتدائي، تعلّق قائلة: «هل يعقل أن راتبها أكثر من راتبي وأنا أسبقها في الخدمة بأكثر من 10 سنوات».
التفرغ من دون مقابل.. و8 درجات
لم يستمر الاعتصام التحذيري الذي شارك فيه موظفو وموظفات التفتيش التربوي والمالي والإداري والهندسي والصحي، أكثر من ساعة بمواكبة أمنية، ليعودوا إلى مكاتبهم، بعدما عبروا عن مطالبهم في بيان تُلِيَ في باحة المقر، مبرزا احتجاجهم على الغبن المتمادي اللاحق بهم، ولا سيما بعد «إقرار مبدأ التفرغ من دون مقابل»، و«إعطاء مجموعات من الأسلاك الوظيفية الأخرى زيادات على رواتبهم، ليصبح راتب المفتش من أدنى الرواتب في الدولة».
وما يزيد الطين بلّة، على ما يقول مصدر في «لجنة متابعة أوضاع المفتشين في التفتيش المركزي» لـ«السفير»، «أننا لم نفهم لماذا أسترد مرة أخرى «مشروع القانون المعاد بموجب المرسوم الرقم 6340/2011»، والرامي إلى إعطائنا ثماني درجات استثنائية، وذلك بعد دراسته وإقراره في لجان الإدارة والعدل والتربية والمال والموازنة النيابية». يضاف إلى ذلك «الغبن اللاحق بالمفتشين، خصوصا بعد إقرار سلسلة الرواتب للقضاة، وأساتذة الجامعة اللبنانية، وإعطاء درجات استثنائية لأفراد الهيئة التعليمية في ملاكات التعليم الثانوي والأساسي والمهني والتقني، وإعادة احتساب تعويضات العسكريين، وقد تزامنت جميعها مع إعادة القانون الذي يعطينا الدرجات الاستثنائية».
ويوضح المصدر أن «هذا التحرك ستتبعه خطوات تصعيدية لاحقة، إذا لم نصل إلى نتيجة بعد الموعد الذي طلبناه من رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، إذ لا يجوز الاستمرار بصيف وشتاء تحت سقف واحد، فزيادة الدرجات التي نطالب بها لا تكلف الخزينة أكثر من مليار ليرة سنوياً، فيما الزيادات التي أقرت لبعض الإدارات الأخرى، تتجاوز مئة مليار سنويا».
وليس بعيداً عن أجواء الاعتصام، ما تشير إليه إحدى المفتشات «أن مرسوم إنشاء التفتيش المركزي الصادر في 12 حزيران 1959، لم يعدّل للآن، فلا يزال عدد المفتشين نفسه، كذلك لم يقر مرسوم الترفيع منذ حوالي عشر سنوات، وأخيرا طلب 40 مفتشا نقلهم إلى إدارات أخرى وتحديدا ملاك التعليم، وسبقه تقاعد حوالي 30 مفتشا تربويا ليبقى حوالي 55 مفتشاً في العمل». وهذا كلّه على الرغم من ان «حجم الإدارة العامة في لبنان صار اليوم يفوق بأضعاف ما كان عليه الوضع لحظة إنشاء الهيئة».
الشغور الإجمالي 41،46%
وتتضارب المعلومات بين المعتصمين حول العدد الإجمالي للمفتشين العاملين، فمنهم من يقول إن العدد في كل الوزارات والبلديات لا يتعدى المئة، ومنهم من يلفت الانتباه إلى أن العدد «130 مفتشاً»، ويؤكد آخر أنهم «170»، ليضيف وبلغة ساخرة: «مهما كان عددنا فلن يبلغ مجموع ما تضمّه مدرستان من معلمين!».
ويكشف أحد المطلعين على أوضاع الهيئة الرقابية لـ«السفير»: «أن الشغور الإجمالي في إدارة التفتيش المركزي حسب العام 2011، يبلغ 41،46 في المئة، بين مفتشين وموظفين إداريين، و58 في المئة على مستوى الأجراء. إذ يعمل في الهيئة حوالي 135 موظفاً من أصل 206 الملحوظين في ملاك 1959. وهناك عدد لا بأس به منهم أحيلوا إلى التقاعد مع نهاية العام الماضي».
ويرى المصدر المطلع أن «هذا الملاك لحظ سنة 1959، فيما الإدارة اليوم غدت أكبر بأضعاف فيما لا يزال ملاك التفتيش على حاله، وبشغور حالي يتجاوز نصف كادره أيضاً!». أما المطلوب فلا أقل من توسيع ملاك الهيئة بـ20 في المئة. الأمر الذي من شأنه المساهمة في تحسين إنتاجيتها.
ووفق التقرير السنوي الصادر عن أعمال التفتيش المركزي للعام 2008، يلحظ أن الشغور الحاصل في مختلف إدارات التفتيش المركزي يبلغ في الملاك الملحوظ في الفئات الخمس 34،15 في المئة، وفي ملاك الأجراء 54،83 في المئة.
4 مطالب لتصحيح الخلل
ويطلب المفتشون من الرؤساء الثلاثة والنواب والوزراء الإسراع بتصحيح الخلل في أوضاع المفتشين في التفتيش المركزي، وذلك عبر: أولا: إقرار مشروع القانون المعاد الذي استردته الحكومة في جلسة مجلس النواب في تاريخ 22 شباط الماضي. ثانيا: إصدار مرسوم ترفيع المفتشين المعاونين الناجحين في المباراة المؤهلة للترفيع، والموجود في أدراج مجلس الوزراء منذ العام 2003. ثالثا: إعادة النظر في احتساب تعويض أمر المهمة، وتعويض النقل والانتقال بما يتناسب وسعر صفيحة البنزين، والحد الأدنى للرواتب والأجور. رابعا: إقرار قانون تنظيم التفتيش المركزي الجديد، وإعادة النظر بمــشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب المقترح من وزارة المالية، بمـــا يتناســب والمهمات الموكلة إلى المفتشين، وإعادة تعويــض الانقطاع المنصوص عنه في قوانين إنشاء وتنظيم التفتـيش المركزي.
يشار إلى أن «التفتيش المركزي» إدارة عامة مرتبطة برئاسة مجلس الوزراء، تتولى وفقا لقانون إنشائها وأنظمتها، مراقبة أعمال الإدارات الرسمية، ومدى انطباقها على القوانين والأنظمة، كذلك دوام العاملين ومسلكيتهم فيها، وذلك بواسطة المفتشين لديها من مختلف الاختصاصات من مفتشين ماليين، وإداريين وتربويين وهندسيين، وصحيين واجتماعيين وزراعيين. السعي لتحسين أساليب العمل الإداري. إبداء المشورة للسلطات عفواً أو بناء لطلبها. تنسيق الأعمال المشتركة بين عدة إدارات عامة. وتولي أعمال المناقصات الخاصة بالإدارات العامة المدنية (إدارة المناقصات).
كامل صالح - جريدة السفير 22 آذار 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يسعدني أن أسمع رأيكم