بحث

5 نوفمبر 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : «عشية الأضحى»: عائلات تشتري الكنزة بعد القميص.. والحذاء لآخر السنة

حركة الأسواق تتراجع بين 10 و40% برغم ارتفاع عدد الوافدين

لم يهتم عماد الموظف في شركة خاصة بالمواد الغذائية، بلعبة التوقعات: «متى ستقرّ الدولة زيادة تصحيح الأجور؟». والسبب: «راتبي يكفيني بالكاد.. عشرة أيام، وبعد الزيادة من الممكن أن يزيد ليومين أو ثلاثة... يعني المصيبة واقعة واقعة».
لكن عماد نفسه، قرر كعادته السنوية، أن يحتفي وعائلته بعيد الأضحى، «لن نشتري بالجملة»، يبتسم: «سنشتري للولدين قطعة بقطعة من الثياب، وللبنت حذاء جديدا.. أما لي ولزوجتي، فسننتظر لآخر السنة».
حال عماد، كحال معظم اللبنانيين، الذين يسعون يوميا وراء لقمة العيش بكرامة مغمّسة بقلق بنيوي، إذ ملزم شهريا بتسديد كميات من الفواتير والضرائب، فضلا عن الاستشفاء وأقساط المدارس.
صحيح أن أسواق العاصمة التجارية وضواحيها التي ارتدت في معظمها زينة العيد، تعجّ بالحركة والعروض الخاصة، إنما يلاحظ أنها «حركة من دون بركة»، كما يصفها بعض أصحاب المؤسسات التجارية الصغيرة والمتوسطة (ألبسة، أحذية، إكسسوارات...)، حيث «لم يبلغ النشاط التجاري إلى مستوى العام الماضي، الذي شهد بدوره تراجعا عن العام 2009»، مما يعني أن التراجع «يتراكم»، في ظل «الشطارة اللبنانية الكارثية بإبقاء الاقتصاد خاضعا لديكتاتورية السياسيين ومزاجهم».

حركة خجولة برغم ذروة الحجوزات

في المقابل، بدا لافتا أن ارتفاع حجوزات الفنادق إلى الذروة (الطلب تخطى 130 في المئة على فنادق العاصمة، وفق حديث نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر لـ«السفير»)، لم يقابله سوى حركة خجولة للسيّاح في الأسواق.
وفي هذا السياق، أفادت «إحصاءات مصلحة الأبحاث والدراسات في المديرية العامة للطيران المدني»، أن حركة الركاب في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، تشهد انتعاشا منذ بداية الأسبوع، تزامن مع سفر الحجّاج إلى السعودية، فيوم الاثنين الماضي سجّل وصول 8550 راكبا، ومغادرة 8546 راكبا، والثلاثاء سجّل وصول 8362 راكبا، فيما تراجع عدد المغادرين إلى 7759 راكبا، ويوم الأربعاء ارتفع عدد القادمين إلى 10585 راكبا، وتواصل تراجع المغادرين إلى 7659 راكبا. ويتوقع أن يتخطى عدد الواصلين 12 ألف راكب يوميا، قبل عيد الأضحى المبارك غدا الأحد.
لكن هذا المؤشر الايجابي، يبادره رئيس جمعية تجّار مار الياس عدنان فاكهاني بمرارة: «هل ثمة عيد حقًا!».. «لم يخبرني أحد بالأمر!». ويضيف لـ«السفير»: «نعلم أن المواطن لديه أولويات أمام هذا الواقع المعيشي الصعب والغلاء المستشري، فراتبه لا يكفي لمنتصف الشهر، لذا كنّا نأمل بحركة مغتربين وسيّاح يحدثون نوعا من التوازن، إنما هذا لم يحدث، في ظل التراجع المستمر منذ أول شهر في السنة، المتزامن مع التجاذبات السياسية المحلية، وأوضاع المنطقة العربية»، لافتا إلى «أن ذروة حجوزات السيّاح للعيد تبدأ الجمعة أو السبت وتستمر أربعة أو خمسة أيام، ومعظم المؤسسات التجارية في هذا الوقت، تكون مقفلة.. مما يعني أن الاستفادة ستكون محدودة جدا».
أما على الصعيد المحلي، فيرى فاكهاني أن «لا أحد يشعر بالعيد، وهناك غياب شبه تام لفرحته»، معتبرا «أن الركود يطغى على الأسواق التجارية اللبنانية كافة، فبرغم أن التجّار زيّنوا مؤسساتهم، ومنهم من أعلن حسومات كبيرة على بضائعه للمناسبة، إلا أن الحركة لم ترق إلى المتوقع عادّة عشية الأعياد، ولو في الحد الأدنى».
وبعدما يتحدث عن بلوغ بعض التجّار القدامى مرتبة الإفلاس، «لوقوعهم ضحايا - شهداء أخطاء لم يرتكبوها»، يصف التجّار الجدد بـ«المغامرين»، وهذا «ما يدفعنا لعدم الاستسلام لليأس، برغم عدم قدرة البعض على تحمل تفاقم الخسائر من موسم إلى آخر».
ومقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، يؤكد رئيس «جمعية تجّار مار الياس» التي تضم حوالى 400 مؤسسة تجارية يعمل فيها أكثر من ألف و200 موظف، أن «التراجع لامس السبعين في المئة في بعض المؤسسات، فحركة الإقبال على محال الألبسة الخاصة بالأطفال والأولاد، كذلك محال الأحذية، متواضعة جدا»، وهي التي ينتظر أن تبلغ الحركة التجارية فيها الذروة عشية الأعياد، «حيث تكتفي العائلات بشراء الحاجيات الأساسية، أي بعد أن اشترت القميص في العيد الماضي، تشتري اليوم الكنزة .. وهكذا».

نسبة الاستهلاك.. و«الوجع الكبير»

لا يبتعد الأمين العام لجمعية تجّار بيروت منير طبارة في توصيفه لحركة الأسواق عن فاكهاني، مؤكدا عدم وجود إقبال كثيف على الشراء من قبل المغتربين والسيّاح، «برغم حجوزات الفنادق المقفلة»، محددا نسبة حركة الاستهلاك عشية العيد، بـ«المتوسطة»، و«أن تراجع النشاط التجاري تخطى الأربعين في المئة مقارنة بالسنة الماضية».
كما يؤكد رئيس جمعية تجّار فردان سابا عبده أن «حركة الأســواق ليست كالسابق، وهي متشابهة في المناطق كافة»، مشيرا إلى أن التخوّف من الوضع السياسي في البلد وأحداث المنطقة، أثر على الحركة التجارية، ودفع الناس للإحجام عن الاستهلاك.
ويفيد طبارة وفاكهاني «أن معظم المؤسسات التجارية تعتمد على البضائع المخزّنة لديها من الموسم السابق، لعدم تصريف أكثر من 20 إلى 35 في المئة منها.. فالعمليات الكبيرة معدومة».
وإذ يلحظ فاكهاني أن «الوجع الكبير»، (قاصدا «جمود الأسواق»)، بدأ منذ حزيران 2010، يوضح أن «معظم المؤسسات التجارية لم تصرف أكثر من 25 في المئة من بضائعها في موسم الشتاء»، الذي يمتد، وفق مفهوم السوق، لأربعة أشهر، «وارتفعت النسبة طفيفا في موسمي الربيع والصيف لتلامس الثلاثين في المئة».
وإذ تواصل «جمعية تجّار بيروت» التي تضم حوالى ألف مؤسسة ومحل تجاري، بحث موضوع «زيادة الأجور» بعد العيد مع المعنيين، يوضح طبارة أن الجمعية ستناقش أيضا، «ملاحظاتها الكثيرة» على بنود موازنة 2012 مع اللجنة المعنية، مشيرا إلى أن من أسباب ضعف الحركة الاقتصادية والتجارية، تراجع السيولة، وزيادة الضرائب.

«الكلفة الثابتة».. و«تعميم التفاؤل»

ويقارب أمين سر جمعية تجّار فردان زياد دكروب الموضوع من ناحية أخرى، موضحا أن المشكلة تكمن في ارتفاع الكلفة الثابتة على التجّار، من دفع ضرائب ورسوم وايجارات، ورواتب للموظفين، وتسديد فاتورتين للكهرباء والمياه شهريا، مما يجعل همّ صاحب المؤسسة متوجها لتأمين هذه الكلفة شهريا، ليفكر بعد ذلك في الربح إذا وجد.
وفيما يؤكد دعوة الهيئات الاقتصادية إلى الدولة «بألا ترمي كرة الأزمة المعيشية إلى ملعب القطاع الخاص وحسب»، موضحا أن الجمعية التي تضم حوالى 400 مؤسسة ومكتب تجاري، تتبنى ورقة الهيئات الاقتصادية، بحيث هي ليست ضد رفع الحد الأدنى للأجور، بل ضد تحديد الشطور على الراتب.
وعلى الرغم من رفض دكروب فكرة تعميم «النظرة السوداء»، وتأييده مبدأ «التفاؤل»، يؤكد أن نسبة التراجعات تتراوح لدى معظم المؤسسات بين 10 و35 في المئة، لافتا إلى أن الحركة إجمالا هذه السنة، أقل من السنة الماضية، لكن هذا الشهر أفضل من الشهر الماضي، مشيرا إلى أن الإقبال على السوق، وخصوصا لدى المؤسسات التي تقدم عروضا، بدأ يشهد انتعاشا منذ الأسبوع الماضي، كما هناك حركة نشطة لا بأس بها، يومي الخميس والجمعة، من قبل السيّاح السوريين والأردنيين والخليجيين.

كامل صالح - السفير 5 تشرين الثاني 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews