بحث

7 يوليو 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : قطاع السياحة في البيان الوزاري: «ضبابية وعموميات.. ولا جديد»

As-Safir Newspaper - كامل صالح : قطاع السياحة في البيان الوزاري: «ضبابية وعموميات.. ولا جديد»
لم يرق البيان الوزاري لحكومة نجيب ميقاتي الثانية، في شقّه المتعلق بالسياحة (الفقرة 38)، إلى مستوى تطلعات المعنيين في القطاع، خصوصاً في ظل غياب الآليات الواضحة والمحددة لتطبيق العناوين الواردة فيه، فضلاً عن ملاحظة التراجع البنيوي الحاد عن بعض العناوين التي وردت في البيان الوزاري للحكومة السابقة.
تنبع الأهمية القصوى لقطاع السياحة لما يشكله من أهمية اقتصادية واجتماعية، عبر مساهمته في استخدام اليد العاملة، حيث تبلغ فرص العمل التي يتيحها النشاط السياحي بشكل مباشر وغير مباشر - وفق دراسة أعدّتها في العام الماضي، المؤسسة الوطنية للاستخدام بالتعاون مع منظمة العمل الدولية حول «احصاء اليد العاملة في قطاعي الفنادق والمطاعم في لبنان» - حوالى 200 ألف فرصة عمل، أي 13،7 في المئة من مجموع اليد العاملة في لبنان، والناتج المحلي الإجمالي (حوالى 22 في المئة في العام 2010)، ويبلغ عدد المؤسسات الفندقية، وفق احصاءات نقابية حديثة، 416، والمطاعم حوالى 415 مطعما.
لكن، وعلى الرغم من هذه المعطيات الايجابية، اتسم البيان بـ«الضبابية»، و«العموميات»، من دون مقاربة ولو في الحد الأدنى، للهواجس والأسئلة التي يطرحها المعنيون في القطاع، ومنها: ما هي السياسة التي وضعتها حكومة ميقاتي لتحقق السياحة معدلات نمو أعلى على صعيدي الناتج والتشغيل؟ وكيف ستستغل ما يمتلكه البلد من مزايا طبيعية وبشرية وعلمية وإرث حضاري؟ وكيفية العمل لاحتلال لبنان سياحيا موقعا تنافسيا قويا إقليميا وعالميا؟ وما هي الشروط لحماية القطاع، الذين يحتاج إلى مناخ من الاستقرار السياسي والأمني، وإعداد سياسات وبرامج حكومية تعمل على توفير المرتكزات التي لا يمكن للقطاع المنافسة بدونها، وهي: البنى التحتية من تطوير وتعميم شبكات الكهرباء والمياه والطرق والمواصلات، تأمين الشروط البيئية من بيئة نظيفة خالية من التلوث والضوضاء والمحافظة على الثروة الطبيعية، فضلا عن امتلاك أحدث تقنيات المعلومات والاتصالات، وتسهيل حركة النقل والانتقال للعمالة (تبادل الخبرات بين لبنان والخارج)، والنهوض بالتعليم الفني والتقني، وإعداد الكادرات المتخصصة.
من دون نسيان السؤال عن الخطوات التي ستتبعها الحكومة، لتنشيط الحركة السياحية على مدار السنة وفي مختلف المناطق، وتوسيع نطاق الخدمات السياحية المقدمة، لتشمل السياحات الصحية والرياضية، وجعل السياحة في متناول جميع فئات الدخل. والأهم، أين هي الخطة السياسية الترويجية للسياحة؟
«لا مشروع حكومياً للسياحة»
يعلق نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر على البيان بالقول: «مبدئيا، لا شيء جديداً في البيان. لكن وعلى الرغم من أن كل العناوين مهمة للتنشيط السياحي، أقول بكل واقعية، لا يوجد مشروع حكومي سياحي للبلد».
ويلحظ أن من ينهض بالسياحة ويستثمر فيها، ويعد الرافعة الأساس لها، هو القطاع الخاص، الذي غاب ذكره تماما عن الفقرة 38 في البيان المتعلقة بالسياحة التي تعتبرها الحكومة إحدى «القطاعات الأساسية في عملية التنمية الاقتصادية المستدامة، وبالتالي ستبذل كافة الجهود لتنمية قطاع الصناعة السياحية، وهي ستعمل على تحديث وزارة السياحة وتعزيز صلاحياتها». يُضاف إلى ذلك، أن موضوع السياحة جاء موزعاً في أكثر من فقرة، ففي الفقرة 24 المتعلقة بالمجال الثقافي، يرد فيها «نشر ثقافة السياحة الأثرية والتاريخية والتراثية»، وفي الفقرة 28 في مجال المالية العامة، يلحظ في الحديث عن موارد البلاد، الإفادة من «الأملاك العامة والبحرية والنهرية»، ثم في الفقرة 35 المتعلقة بقطاع النقل البري والبحري، يورد البيان أن الحكومة «ستعمل على تفعيل السياحة البحرية على الشاطئ اللبناني، وبين المرافئ اللبنانية والمرافئ الإقليمية من خلال إنشاء وتجهيز المرافئ السياحية المناسبة، ومعالجة التعديات على الأملاك العامة البحرية»، لنصل إلى الفقرة 38 المتعلقة بالقطاع والوارد فيها أن الحكومة ستعمل «على تنشيط أنواع السياحات المنتجة كافة، وتشجيع سياحة المؤتمرات في لبنان، عبر إنشاء مراكز للمعارض والمؤتمرات، والعمل على استقطاب فئات جديدة من السياح، وتنمية الموارد البشرية في القطاع السياحي عن طريق التأهيل والتدريب، وتفعيل دور الشرطة السياحية، وتفعيل المجلس الوطني لإنماء السياحة والهيئة العليا للسياحة، وإنشاء مراكز استراحات على الحدود البرية، وتوفير خدمات بأسعار تنافسية لتشجيع استقطاب السياح وخاصة في مجالي النقل الجوي والبحري، والعمل على انجاز مرفأ جونيه لاستقبال السفن السياحية».
«ماذا عن الموازنة ومعالجة التعديات؟»
ويسأل الأشقر: ماذا عن موازنة الوزارة؟ وكيف ستعالج التعديات على الأملاك العامة البحرية؟ وما معنى «تفعيل المجلس الوطني لإنماء السياحة والهيئة العليا للسياحة»، وما هي الآليات الموضوعة لمنع «التضارب» مع عمل الوزارة؟ وهل ستعاد الصلاحيات للمجلس، أم سيكون هيئة استشارية؟ كذلك ما هي الآليات التي ستعتمد في تنشيط «السياحة المنتجة»، وهي متشعبة، وواسعة ومنها: إضافة إلى السياحة الترفيهية، هناك الثقافية والدينية والتراثية والصحية، فضلاً عن السياحات المتمثلة برحلات الأحراج والجبال، وعبور الأنهار، وتلك المنتشرة على هامش السياحات الشتوية؟
وانتقالا إلى الاتفاقية الرباعية التي وقعها لبنان مع سوريا وتركيا والأردن، يسأل الأشقر: ماذا عنها؟ وكيف يمكن السير مع هذه الدول، في ظل شحّ الترويج السياحي مالياً، مقابل ما يصرفه الأردن وتركيا على هذا الصعيد سنوياً؟ كذلك، كيف يستقيم، أن سيّاح تركيا إلى لبنان حوالى مئة ألف، وسيّاح لبنان إلى تركيا حوالى مئة وخمسين ألفا، والأولى عدد سكانها 65 مليون نسمة، ولبنان 4 ملايين؟
«لا استقرار لا استثمار»
ولعل الإشكالية الأبرز التي يطرحها الأشقر هي: ماذا عن الاستقرار السياسي والأمني؟ وطمأنة المستثمرين؟ مشيراً إلى أن أهم الخبراء في القطاع، يجمعون على الخلاصة التالية: «لا استقرار لا استثمار»، مؤكداً على أن عامل الثقة هو الركيزة الأساس، فوكيل السفر اللبناني مثلا، يوظف أمواله من دون خوف وقلق، لأنه يتمكن من استشراف نجاح رحلاته ماديا إلى تركيا وقبرص وشرم الشيخ وغيرها من المناطق السياحية في العالم، في المقابل، نلحظ أن وكيل السفر الأجنبي لا يؤمن بوجهتنا السياحية، ونادراً ما يغامر في الدعوة إلى تنفيذ رحلات سياحية إلى لبنان، لارتفاع مستوى المخاطر المالية نتيجة التوتر والتشنج السياسي بين الأطراف اللبنانيين.
ويعود الأشقر إلى محطات أساسية شهدت فيها السياحة اللبنانية انتكاسات حادة على مدى السنوات العشر الأخيرة، منها تأجيل المؤتمر الفرانكوفوني، حرب العراق وما تبعه من إقفال الأجواء، عمليات القتل السياسي التي بدأت في شباط 2005، عدوان 2006، أحداث نهر البارد، اعتصام وسط بيروت، 7 أيار وإقفال طريق المطار، المشكلة مع «اليونيفيل» في بداية موسم صيف 2010، وما وقع في برج أبي حيدر في رمضان، وتأثير ذلك على حجوزات العيد، وها نحن منذ بدايات العام الحالي نخرج من أزمة لندخل في أخرى، على وقع الاضطرابات التي تشهدها المنطقة العربية.. فأمام كل هذا، كيف يمكن للمستثمر أن يثق ببلدنا؟
وبعدما يقول نقيب أصحاب الفنادق: «الله يمنحنا الصبر»، يعود ويؤكد: «لا معنى لكل ما ورد في البيان، إذا اهتزت الثقة بالبلد.. نريد الانتهاء من لغة التحديات، ونريد الاستقرار السياسي المؤدي إلى الاستقرار الأمني».
ضبابية.. وحجوزات غير مستقرة
من جهة أخرى، يُعرب الأشقر عن قلق القطاع من مصير موسم الصيف، حيث لم تتخط حركة الاشغال الـ 70 في المئة في بيروت، وخارج العاصمة 40 في المئة، ومقارنة مع السنتين الماضيتين، خصوصاً في العام 2009، بلغت الحجوزات في بيروت حوالى 120 في المئة، ما دفع إلى نقل الفائض إلى مناطق الاصطياف في الجبل، كما حافظ المعدل على نسبة 76 في المئة على مدار العام، وهذا ما لم نشهده هذه السنة.
وكشف أن القطاع يشهد حالياً حالة جمود وضبابية، وأبرز أسبابها حجوزات السيّاح العرب غير المستقرة، يضاف إلى ذلك وقوع شهر رمضان في شهر آب، أي في أوج الموسم، حيث يفضّل الخليجيون قضاء ليالي رمضان في دولهم للقيام بعاداتهم وتقاليدهم الموروثة.
يشار إلى أن إيرادات القطاع في العام الماضي، بلغت نحو 8 مليارات دولار، 40 في المئة منها من إنفاق السيّاح العرب.
كامل صالح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews