كامل صالح
لا يكاد اللبناني يخرج من أزمة حتى يدخل في أخرى أقسى، كأن لا تكفيه همومه المعيشية، وهرولته اليومية وراء لقمة عيشه، وسد حاجيات أسرته وعائلته.
ففيما ضرب المناخ السياسي المتشنج القطاع السياحي منذ الصيف، حيث الأضرار الجسيمة بدأت تظهر جلية من ناحية التراجع الحاد في مختلف القطاعات، وتنذر بكارثة اقتصادية حقيقية، لا سيما ونحن على أبواب الأعياد، فرض شحّ المطر ومتساقطات الثلوج نفسه على المشهد الكارثي، إن كان لناحية السياحة الشتوية أو لناحية الانتاج الزراعي.
ورغم الدعوة إلى ضرورة التأقلم مع تغيرات المناخ التي لا يمكن معها فعل شيء على الأرض، يبرز الإرباك الملحوظ من قبل المعنيين في هذا الشأن، حيث ترتفع الأصوات المنذرة بالخراب والكارثة من دون رسم خطة طوارئ تقي الناس من تبعات الكارثة، وهي كما تشير المصادر المتابعة للموضوع، مقبلة على مزيد من التدهور.
فهل من يسمع ناقوس الخطر الذي بدأت تقرعه القطاعات والجمعيات الزراعية والسياحية؟
وهل من يطمئن الناس الى أن الدولة تعمل ليلا نهارا لمساعدتهم على تخطي الأزمة، وتعدهم بأمل قريب لا باليأس الذي بات صناعة لبنانية بامتياز؟
لا يمكن أن ننتظر الجواب، فقد اعتاد اللبنانيون على الهمّ ولملمة جراحاتهم بأنفسهم، حتى كادت الصرخة لا معنى لها في ظل تراكم وتوارث الآذان الصماء.
كارثة المناخين
لا يكاد اللبناني يخرج من أزمة حتى يدخل في أخرى أقسى، كأن لا تكفيه همومه المعيشية، وهرولته اليومية وراء لقمة عيشه، وسد حاجيات أسرته وعائلته.
ففيما ضرب المناخ السياسي المتشنج القطاع السياحي منذ الصيف، حيث الأضرار الجسيمة بدأت تظهر جلية من ناحية التراجع الحاد في مختلف القطاعات، وتنذر بكارثة اقتصادية حقيقية، لا سيما ونحن على أبواب الأعياد، فرض شحّ المطر ومتساقطات الثلوج نفسه على المشهد الكارثي، إن كان لناحية السياحة الشتوية أو لناحية الانتاج الزراعي.
ورغم الدعوة إلى ضرورة التأقلم مع تغيرات المناخ التي لا يمكن معها فعل شيء على الأرض، يبرز الإرباك الملحوظ من قبل المعنيين في هذا الشأن، حيث ترتفع الأصوات المنذرة بالخراب والكارثة من دون رسم خطة طوارئ تقي الناس من تبعات الكارثة، وهي كما تشير المصادر المتابعة للموضوع، مقبلة على مزيد من التدهور.
فهل من يسمع ناقوس الخطر الذي بدأت تقرعه القطاعات والجمعيات الزراعية والسياحية؟
وهل من يطمئن الناس الى أن الدولة تعمل ليلا نهارا لمساعدتهم على تخطي الأزمة، وتعدهم بأمل قريب لا باليأس الذي بات صناعة لبنانية بامتياز؟
لا يمكن أن ننتظر الجواب، فقد اعتاد اللبنانيون على الهمّ ولملمة جراحاتهم بأنفسهم، حتى كادت الصرخة لا معنى لها في ظل تراكم وتوارث الآذان الصماء.
كارثة المناخين
بكثير من القلق والخوف يتحدث الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية في لبنان جون بيروتي عن مستقبل السياحة في لبنان، لا سيما في ظل كارثة المناخين: السياسي والطقس، فالأول بدأت تلحظ انعكاساته السلبية والحادة على القطاعات السياحية المختلفة منذ عيد الفطر الماضي، ما ينبئ بخطر لا أحد يعلم مدى تبعاته اقتصاديا واجتماعيا، والثاني يتواصل منذ الموسم السياحي الماضي، حيث انحصر موسم التزلج بنحو عشرة أيام فقط.
تعيل السياحة الشتوية بحسب بيروتي، مئات العائلات في قرى الاصطياف والجبال خصوصا في فاريا والأرز واللقلوق وقناة باكيش وفقرا وصنين وغيرها، حيث يقدر عددها بنحو 20 ألف شخص، ولقمة عيش هذه الشريحة الواسعة باتت في خطر جدي، في حال استمر وضع الطقس على ما هو عليه، ومن الممكن أن تنتقل إلى العاصمة بحثا عن فرص عمل، ما يعني أزمة جديدة تضاف إلى واقع العمل في لبنان.
ولا يقف الأمر هنا، بل تتشعب الأزمة لتشمل قطاعي الفنادق والمطاعم، حيث هناك نحو ألفي غرفة فضلا عن الشاليهات والشقق الجاهزة في المناطق الجبلية والفارغة بنسبة 80 في المئة، والرقم قابل للارتفاع كما يقول بيروتي، خصوصا في الأشهر الثلاثة من بداية العام الجديد، إذ الحجوزات المفترض أن تبدأ منذ اليوم لم تسجل أي حركة على هذا الصعيد.
وإذا كان من الممكن أن يتحسن الوضع قليلا في الأعياد المقبلة، إلا أن النسبة المتوقعة تبقى ما دون الفترة نفسها من العام الماضي، التي تراوحت بين الأربعين والخمسين في المئة في الجبال، فيما انخفضت هذا الموسم إلى ما دون العشرين في المئة.
ويحذر بيروتي من وقوع القطاعات في المجهول السياسي ما بعد الأعياد، مشيرا إلى أن القطاعات السياحية المنتشرة على الشريط الساحلي ليست بأفضل حال منها في المناطق المرتفعة، إذ تدنت النسبة إلى ما دون الخمسين في المئة، وما يساهم في إنقاذ الوضع، خصوصا في العاصمة، الندوات والمؤتمرات ورجال الأعمال.
وعن الحل، يقول بيروتي: «الطقس من الله، إنما الواقع السياسي فهو بيدنا، وانعكاساته على القطاعات السياحية أخطر من الطقس»، مستشهداً بواقع السياحة في مصر وتحديدا في شرم الشيخ، حيث لا توجد فيها غرفة فندقية شاغرة رغم ارتفاع الحرارة في هذا الوقت، فيما تقدر الخسائر في لبنان بملايين الدولارات يوميا.
آفات وشحّ
في موازاة كارثة السياحة الشتوية، تتبلور الصورة القاتمة بأبعادها المختلفة عبر قطاع الزراعة، حيث لا يكاد يحصر المزارع أضراره نتيجة الآفات التي تضرب المحاصيل، حتى يستيقظ على شحّ حاد في الأمطار، ما يهدد بتراجع في الإنتاج الزراعي، يمكن تحديد نسبته كما يقول رئيس تجمع المزارعين في الجنوب هاني صفي الدين بنحو 60 في المئة.
وبدأت الأزمة تنذر بتهديد حقيقي على منسوب بحيرة القرعون، وكما يوضح المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني علي عبود «تتسع البحيرة لـ 220 مليون متر مكعب، واليوم هناك 42 مليون متر مكعب»، مشيرا إلى أن انحباس الأمطار بدأ يؤثر على مخزون البحيرة، وتاليا يؤثر على القطاعات الزراعية وتوليد الطاقة الكهربائية.
ولفت إلى أن الأولوية في هذه الحالة، تلبية احتياجات الزراعة والمشاريع الزراعية في البقاع والجنوب بالمياه، أما الطاقة فيمكن تأمينها عبر الوزارة والمولدات.
وأشار إلى أن معدل متساقطات الأمطار في سهل البقاع بحسب الحوض العلوي للبحيرة، سجل 29,4 مليمترا في أيلول وتشرين الأول والثاني، فيما سجل في العام الماضي في الفترة نفسها 182,5 مليمترا، ما يعني أن هناك فرقا شاسعا، ما سيؤثر سلبا في حال استمرار انحباس المطر، على معامل الكهرباء الثلاثة وقدرتها الإنتاجية 190 ميغاوات، وتاليا ستضطر كهرباء لبنان إلى توليد الطاقة عبر المعامل الحرارية.
وفي ظل غياب آلية تحديد كلفة الخسائر حاليا بانتظار أن يعدّل شهر كانون النقص الذي حدث، يؤكد عبود أنه للمرة الأولى منذ خمسين سنة، لا توجد متساقطات للأمطار في تشرين الثاني، مبينا أن معدل هطول الأمطار سنويا كان يمتد من 80 إلى 90 يوما، إلا أنها تراجعت إلى ما دون 60 يوما في السنة، فضلا عن التراجع الحاد لمتساقطات الثلوج، وفي هذا الوضع لا تتمكن الأرض من امتصاص الأمطار بشكل معتدل، وتترجم بسيول وانجرافات في التربة وفيضانات، يذهب معظمها إلى البحر دون الاستفادة منها في المخزون الجوفي وري المزروعات على مدار السنة.
ورقيات وحمضيات
في المقابل، يسعى رئيس مصلحة الأبحاث العلمية والزراعية في عكار ميشال عيسى الخوري الى أن يرسم مسارات لمواجهة الأزمة التي لا ينكر تأثيراتها على القطاعات الزراعية في المناطق كافة، مشيرا إلى أن تغير المناخ بات واضحا، حيث بدأ يسيطر على الأجواء المناخ الصحراوي، يتجلى ذلك حرارة مرتفعة في النهار وصقيعا في الليل.
ويعدد الخوري الزراعات التي تطالها أزمة انحباس المطر، ومنها: الورقيات من خس وملفوف، وأشجار الزيتون والحمضيات، إذ الحبوب بدون مياه نتيجة الحرارة المرتفعة، مشيرا إلى أن فترة الري المفترض أن تتوقف في أيلول، ما زالت مستمرة لانحباس المطر.
وينصح الخوري المزارعين بتأجيل وضع الأسمدة الكيماوية للمزروعات حتى يتساقط المطر، والاستعاضة عن ذلك بالأسمدة العضوية التي تحافظ على المياه في التربة، كذلك تأجيل تشحيل الأشجار كي لا يتضرر الموسم، ومراعاة لارتفاع الحرارة.
وفيما تختلف نسبة ارتفاع الخسائر من منطقة إلى أخرى، إلا أنها واضحة في قطاع الحمضيات، كما يقول الخوري، وكما يؤكده أيضا هاني صفي الدين. وإذا ثمة حلول لمواجهة الأزمة، التي تواكب تراجع ري المزروعات من نهر البارد نتيجة سوء الإمدادات، يدعو الخوري المزارعين إلى البدء بالتأقلم مع تغير المناخ، معتبرا إنه لا يوجد كارثة، «بل هناك تغيير بالنسبة إلى الأمور التي اعتاد عليها المزارع».
رصد وتأقلم
وفي هذا السياق، يعلن الخوري أن مصلحة الأبحاث وبالتعاون مع وزارة الزراعة ومكتب الأمم المتحدة للتنمية، ستعمل على مشروعين لمواجهة تغير المناخ، الأول في الضنية، والثاني في الدريب الأوسط، وهي تتمثل بتوسعة شبكة لرصد الطقس تشمل نحو 44 محطة في المناطق، متصلة بعضها ببعض، مهمتها توقع بعض الأمراض التي من الممكن أن تصيب بعض المزروعات، وتاليا تنبيه المزارعين من الأضرار، فضلا عن مشروع آخر ممول من مؤسسة ألمانية هدفه تأقلم مزارعي عكار وتنورين مع تغير المناخ عن طريق الري بالتنقيط، وأساليب الزراعة من تخفيف استخدام الأسمدة والأدوية، موضحا أن خدمة الإنذار المبكر من الآفات الزراعية مجانية، تغطي الآن نحو 280 مزارعا في عكار، آملا أن تتسع الخدمة لتشمل المزارعين كافة بعد أن يسجلوا أرقام هواتفهم في المصلحة.
من جهة أخرى، يعلن رئيس تجمع مزارعي الجنوب عن اجتماع غداً الأربعاء في صور لرصد أبرز الزراعات المتضررة من تغير المناخ، لا سيما في الليمون والموز، مطالبا الدولة بالتدخل سريعا لمواجهة الكارثة، «وإلا فسندخل في الحيط».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يسعدني أن أسمع رأيكم