بحث

3 يناير 2012

As-Safir Newspaper - كامل صالح : الحويك لـ «السفير»: الإهمال سيدفع المزارعين لرفع مستوى المواجهة مع الحكومة


2011 تورّث 2012 أزمات الإنتاج والتسويق والإغراق

لا تزال الأزمات تعصف بالقطاع الزراعي، فلا يكاد المزارعون يخرجون من أزمة حتى يقعوا في أخرى، ولعل آخرها، توريث إشكالية تصدير الإنتاج وتسويقه من العام 2011 إلى العام 2012، فضلا عن البنية التحتية التي لا تزال دون الحد الأدنى المطلوب، والمؤسسات الضامنة والداعمة التي تحمي لقمة عيش المزارع ورأسماله ومستقبله، وتدفعه إلى الحفاظ على أرضه لا بيعها والنزوح إلى المدينة أو الهجرة إلى الخارج خوفا من شبح الجوع والمرض.
وإذا كانت الحكومة أخيرا، ارتأت أن تعرب عن «انتباه خجول» إلى أهمية الزراعة التي يعتاش منه حوالى 250 ألف عائلة لبنانية، برفع الميزانية المخصصة للوزارة إلى مئة مليار ليرة في العام 2012، بعدما بلغت حوالى 41 مليارا في العام 2009، وحوالى 78 مليارا في 2010، وفي العام الماضي 88 مليارا، يلحظ معنيون بالقطاع، أن إرث الإهمال الرسمي المزمن لا يزال جاثماً بثقله على الزراعة، برغم كل المساعي الجدية المبذولة في السنتين الأخيرتين لانتشاله من المستنقع الذي يتخبط فيه، حيث لم يصر طوال عهد الحكومات السابقة، إلى وضع حلول ناجعة تحمي الزراعة وتساهم بتطوير انتاجها التقليدي والجديد، وتسويقه وتعزيز بنيته التحتية، فكانت المعالجات تقتصر دائما، على مساعدات قليلة يثار الشك في الغالب حول توزيعها بشكل عادل ومدروس على المحتاجين فعلياً إليها، أو ردود أفعال لا تسمن ولا تغني من جوع، بعد كارثة طبيعية أودت بخسائر جسيمة، فتشكل الحكومة لجنة تلو أخرى لبحث الأضرار وتقديم مساعدات للمزارعين، وفي المحصلة لا لجنة تنجز عملها كاملا في الغالب، ولا أضرار تعُوّض على المزارع.
هذه الصورة الشاحبة لم تكن غائبة عن وزير الزراعة حسين الحاج حسن، الذي وعد في حديث سابق مع «السفير»، أن تعمل الوزارة على رفع حصة الزراعة من الناتج المحلي إلى حوالى 8 في المئة، حيث هي تبلغ الآن حوالى 4،8 في المئة، وأن يوفر القطاع سنويا نحو 10 آلاف فرصة عمل، وزيادة الصادرات من 600 ألف طن إلى 800 ألف طن، وخفض الواردات حوالى 15 في المئة، أي من 85 في المئة إلى 65 في المئة، مؤكدا في الوقت نفسه «أنه ليس مقبولا أن تبلغ صادراتنا حوالى مليار ونصف المليار دولار سنويا، فيما تلامس استيراداتنا التسعة مليارات دولار. كما ليس طبيعيا أن نستورد حوالى 500 ألف طن من القمح فيما يقتصر إنتاجنا على حوالى 50 ألفا سنويا».
أمام هذا المشهد، يرى رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك عبر «السفير»، أنه لا يمكن للقطاع أن ينهض ويمتص الأزمات الطبيعية وغير الطبيعة، من دون بنى تحتية متينة يتكئ عليها، مبرزا الحاجة الملحة إلى مؤسسة تجمع المزارعين وتعمل لأجلهم وتساهم بتنمية انتاجهم وحمايته وتسويقه.
ويلحظ الحويك أن «مشكلة القطاع الزراعي أنه ذو مخاطر عالية، فإذا زرع المزارع فمن غير المؤكد أنه سيحصد انتاجه، إما بسبب كارثة طبيعية غير متوقعة أو بفعل مرض يصيب محصوله. وإذا أنتج فهل سيستطيع أن يبيع انتاجه، أم سيواجه منافسة غير متكافئة بعد إغراق السوق بالسلعة نفسها إنما مستوردة؟».

رفع المواجهة مع الحكومة
وفيما يحذر الحويك، من تفاقم المشاكل التي يتخبط فيها القطاع، يشير إلى أن التحركات العفوية لبعض المزارعين في الشارع في السنة الماضية نتيجة الخسائر التي تكبدوها، ستبلغ هذه السنة، مستويات من المواجهة الجدية مع الحكومة، منها العصيان والتظاهرات الحاشدة، وإقفال الطرقات لساعات طويلة، في حال استمر الوضع على ما هو عليه.
أما عن الحلول المقترحة لتمكين القطاع من الاستمرارية والنمو، فهي، وفق الحويك، العمل على تأسيس بنية تحتية متينة تتوزع على عدد من العناوين منها: غرف مستقلة للزراعة تدير السجل الزراعي، المصرف الإنمائي الزراعي، المؤسسة العامة للضمان الزراعي من الكوارث.
ويواكب هذه المؤسسات، التشدد في حماية الإنتاج الوطني من الإغراق عبر تطبيق حازم للروزنامة الزراعية والاستمرار فيها، وتشريع القيود غير الجمركية بهدف الحماية عبر المواصفات والنـوعية، فمثلا للآن لا يوجد بند يشترط خلو الإنتاج المستورد من الترسبات الكيميائية.
وفي تفاصيل هذه العناوين، يعتبر أن «التعاونيات الزراعية عمل اقتصادي مؤسسي من دون رأسمال، وتاليا لا يمكنها أن توصل القطاع إلى أي مكان، ولن تتمكن من تنظيم العمل الزراعي في لبنان»، مؤكدا أن «المشروع التعاوني في لبنان أثبت فشله على مدى خمسين عاما، نتيجة العديد من المحاولات والتجارب، من دون أن ننسى الثغرات القانونية فيه، وأبرزها المتعلقة برأس المال».

الغرف... والمصرف الانمائي
ويرى الحويك أن بديل التعاونيات «التي لا تقيم الموتى من القبور»، هو تقديم عمل مجدٍ للمزارعين يتمثل بتعزيز دور الغرف الزراعية وتنظيمها ودعمها في المحافظات، وعبرها يمكن تنظيم العديد من المشاريع التنموية للقطاع ومنها الأسواق الزراعية. ومثال على ذلك، أن غرفة الزراعة في جبل لبنان ستضم حوالى 50 ألف مزارع، ومن خلال دفع الاشتراكات السنوية والمساعدات وغيرها من وسائل الدعم للغرفة، تستطيع إدارة حركة الإنتاج وتسويقه، وفق هيكلية اقتصادية هدفها النهوض بالقطاع، وجعله استثمارا يمكن الاطمئنان الى نتائجه.
وبعدما يعتبر أن سياسة التسليفات الزراعية من المصارف الخاصة، لم ولن تحمي صغار المزارعين من جشع التجّار، يبرز أهمية إنشاء المصرف الإنمائي الزراعي، الذي بإمكانه أن يمنح المزارع الوقت ليتمكن من بيع محصوله بسعر عادل، لا بسعر دون الكلفة كي يسدد قرضه للبنك، ويقدم مثلا على ذلك ما يحدث سنويا مع مزارعي البطاطا، الذين يضطرون إلى بيع الكيلو الواحد للتجّار بأقل من 300 ليرة، أي بخسارة، ليتمكنوا من تسديد جزء من تكاليفهم، فيما التجّار يبيعونه بعد تخزينه في البرادات لحين تحسن الأسعار، بضعفي السعر.
وفي سياق متصل، يجدد الحويك دعم الجمعية وتضامنها مع مزارعي الحمضيات والموز، الذي يواجهون حاليا كارثة حقيقية نتيجة تراجع التصدير إلى سوريا والدول العربية، وضعف الاستهلاك المحلي، موضحا أن هؤلاء المزارعين الذي يتراوح عددهم بين 5 و10 آلاف مزارع في لبنان، يعمد معظمهم إلى التأخير في القطاف بانتظار اتضاح الصورة، علّه بذلك يتمكن من حماية ما تيسر من انتاجه.
وإذ لا يمكن التوقع بحجم الخسائر التي سيتكبدها قطاع الحمضيات والموز قبل شهر شباط المقبل، يشير الحويك إلى أن الكيلو الواحد من الحمضيات تراجع إلى أقل من 300 ليرة في أرضه، ورطل الموز (2,5 كيلو) إلى 1600 ليرة، فيما السعر المقبول يجب أن يكون أكثر من ألفي ليرة، ليتمكن المزارع من تسديد تكاليفه والتحضير للموسم المقبل.

كامل صالح - السفير 3 كانون الثاني 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم

جديد الموقع

الأكثر مشاهدة (كل الوقت)

خذ ساقيك إلى النبعخذ ساقيك إلى النبع by كامل فرحان صالح
My rating: 5 of 5 stars

ديوان «خذ ساقيك إلى النبع» للشاعر والأكاديمي اللبناني كامل فرحان صالح، صدر لدى «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في القاهرة في العام 2013، ضمن «سلسلة آفاق عربية» الشهرية. وأتى هذا الديوان بعد عشرين سنة من صدور ديوان «كناس الكلام» للشاعر صالح، الصادر لدى دار الحداثة في بيروت في العام 1993.
يضم الديوان الجديد الذي وقع في 139 صفحة، 44 قصيدة، وقد أهداه صالح «إلى أرواح من عبروا». أما الغلاف فهو من تصميم أحمد اللباد. يعدّ «خذ ساقيك إلى النبع» الرابع لصالح، بعد « أحزان مرئية » (1985)، و« شوارع داخل الجسد » (1991). و« كناس الكلام ». كما له في الرواية: جنون الحكاية - قجدع ) (1999)، و« حب خارج البرد » (2010). وفي الدراسة: « الشعر والدين: فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي » (ط1 ــ 2004، ط2 – 2010). و" حركية الأدب وفاعليته : في الأنواع والمذاهب الأدبية " (ط1: 2017، وط2: 2018)، و" ملامح من الأدب العالمي " ( ط1: 2017، وط2: 2018)، و" في منهجية البحث العلمي " (ط1: 2018 ).
كتبت عدة دراسات وقراءات في الديوان، ويمكن الاطلاع عليها عبر موقع الشاعر، عبر الرابط الآتي:
https://kamelsaleh1969.blogspot.com/s...
ويمكن تحميل ديوان خذ ساقيك الى النبع من هنا :
https://documentcloud.adobe.com/link/...

View all my reviews