8 ديسمبر 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : «القطاعات الزراعية»: تراجع القدرة الشرائية والوضع السوري يهددان المواسم


المزارعون يحذرون.. المصدّرون يستنجدون .. والضامنون خائفون
ألقى تراجع القدرة الشرائية لدى اللبنانيين مع تفاقم الأزمة السورية، بظلاله على القطاع الزراعي، خصوصا موسمي الحمضيات والموز، الذي بدأ المزارعون بجني الإنتاج المقدّر بحوالى 475 ألف طن سنويا.ويوضح رئيس جمعية الزراعيين أنطوان الحويك لـ«السفير»، أن الإنتاج السنوي الإجمالي من الموز يبلغ حوالى 175 ألف طن، يصدّر منه حوالى 105 آلاف طن، ومن الحمضيات (ليمون، برتقال، حامض، غريفون..) حوالى 300 ألف طن، يصدّر منه حوالى 125 ألف طن، أي ما مجموعه حوالى 230 ألف طن. وفيما يصعب حاليا، ملاحظة مدى تأثير العقوبات الاقتصادية على سوريا، على إجمالي الصادرات الزراعية اللبنانية، إلا في بدايات العام المقبل، وفق «مركز الدراسات الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان»، حيث لم تتوفر الإحصاءات الرسمية سوى للأشهر العشرة الأولى، إلا أنه يمكن الإشارة إلى أن توجه الحكومة السورية نحو الأسواق الأرخص والسلع البديلة لتلبية حاجاتها المحلية، أدى إلى خلل واضح في حركة الصادرات اللبنانية البرية، حيث يلحظ أن إجمالي الصادرات في العام الماضي (أشجار، نبات، حبوب، فواكه، خضار..) بلغ 154،1 مليون دولار، منها 36،996 مليون دولار إلى سوريا (540 ألف طن)، أي ما نسبته 24 في المئة من إجمالي الصادرات الزراعية، أما في العام الحالي (10 أشهر)، فبلغت الصادرات 136،1 مليون دولار، منها إلى سوريا 27،3 مليون دولار، أي ما نسبته 20 في المئة من إجمالي الصادرات الزراعية.
«20 مليون دولار من الفواكه»وبلغ إجمالي الصادرات من الفواكه اللبنانية في العام الماضي، 77،9 مليون دولار، منها 23،4 مليون دولار إلى سوريا أي ما نسبته 30 في المئة، وفي العام الحالي (10 أشهر) 61 مليون دولار، منها 20،3 مليون دولار إلى سوريا، أي ما نسبته 33 في المئة.وتظهر أرقام صادرات لبنان من الموز، أنها بلغت في العام الماضي، 17،7 مليون دولار منها 15،9 مليون دولار إلى سوريا (89،9 ألف طن)، أي ما نسبته 90 في المئة من إجمالي الصادرات، وفي العام الحالي (10 أشهر) بلغت صادرات الموز الإجمالية 7،5 ملايين دولار منها 6،9 ملايين دولار إلى سوريا (27 ألف طن)، أي بنسبة 91 في المئة من إجمالي الصادرات.ويلاحظ في هذا الجانب، أن التراجع الحاد في التصدير تأثر سلبا بالوضع الأمني، قبل الحديث عن عقوبات اقتصادية على سوريا.وقبل تناول مؤشرات قطاع الحمضيات، يشار إلى أن لبنان تمكن من التصدير إلى أسواق بديلة عدة في العام الماضي، وهذا ما يفسر التفاوت الكبير بين إحصاءات العام الحالي والماضي، وإجمالا، بلغت صادرات لبنان من الحمضيات في 2011 (10 أشهر) 24،1 مليون دولار، منها 7،7 ملايين دولار إلى سوريا، أي ما نسبته 32 في المئة من إجمالي الصادرات، أما في العام الماضي فبلغت 16،9 مليون دولار منها 3،2 ملايين إلى سوريا، أي ما نسبته 19 في المئة من إجمالي صادرات لبنان الزراعية. علما أن الصادرات الإجمالية إلى سوريا بلغت في العام الماضي، 220 مليونا و745 ألف دولار، والمستوردات 339 مليونا و367 ألف دولار، وكان الميزان التجاري في حالة عجز لصالح سوريا (-118،622 دولارا).
4 عوامل لتشعب الأزمةوفيما بدأت صرخة المزارعين والمصدّرين ترتفع مع تراجع حركة الشحن البري، خوفا من الوضع الأمني غير المستقر في سوريا، يلحظ الحويك وجود أربعة عوامل تؤدي إلى تشعب الأزمة، هي: أولا: تراجع في الاستهلاك وحركة الأسواق لبنانيًّا وسوريًّا. ثانيا: مواجهة السلع الزراعية اللبنانية منافسة عالية في الأسعار، نتيجة خفض سوريا الرسوم على بعض مستورداتها الزراعية من الدول الاستوائية، ومنها الموز. ثالثا: عدم استقرار سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي. رابعا: تحسن الطقس في لبنان، أدى إلى إنضاج المواسم الزراعية سريعا، وتاليا زاد القطاف كثيرا. ويلفت إلى أن تضافر هذه العوامل، شكل منافسة قوية للإنتاج اللبناني في سوريا، تزامن مع ارتفاع المخاطر على الصادرات، حيث بدأت تظهر المخاوف لدى سائقي الشاحنات من الذهاب إلى سوريا أو العبور فيها، فضلا عن تراجع في الاستهلاك محليا.
صرخة 1200 سائق
ويؤكد رئيس نقابة مصدري ومستوردي الخضار والفاكهة عبد الرحمن الزعتري «على وجود هذه المخاوف التي تزداد يوما بعد يوم، مع تصعيد التوتر الأمني في بعض المناطق السورية»، ناقلا عبر «السفير»، صرخة حوالى 1200 سائق شاحنة (براد، نقل)، تزداد أوضاعهم المعيشية صعوبة مع تأزم المشهد السوري، حيث هناك تأخير في حركة المرور نتيجة الإجراءات المشددة، ما قد يلحق أضرارا في المواد السريعة التلف التي تنقلها هذه الشاحنات.ويقدر الزعتري نسبة تراجع حركة التصدير البري حاليا بنحو 70 في المئة مقارنة بالعام الماضي، «كي لا نقول باتت شبه معدومة»، معتبرا أن تراجع الصادرات الغذائية والزراعية، جاء انعكاسا للتراجع الحاد في القطاعات السياحية السورية (مطاعم، فنادق..)، فضلا عن قيمة الليرة السورية مقابل الدولار، حيث يتراوح سعرها بين 60 و62 ليرة، بعدما كانت 48 و50 ليرة للدولار الواحد. وعلمت «السفير» في هذا السياق، أن عددا من المصدرين الزراعيين تكبدوا مؤخرا خسائر بآلاف الدولارات، نتيجة تراجع العملة السورية، إذ باعوا الكيلو بثلاثين ليرة سورية على دولار يساوي 51 ليرة، وعند التحويل أصبح بـ59 ليرة.وتشهد حركة النقل بين الحدود اللبنانية السورية الأردنية، تراجعا مطردا، وقابلة لتراجع حاد إذا طبقت العقوبات التي قررتها «الجامعة العربية» على سوريا، التي تعد بوابة لبنان والأردن تركيا ودول الاتحاد الأوروبي للأسواق الأخرى.
التوقف عن ضمان البساتين
وإذ حذر الزعتري من تداعيات قرار المقاطعة الاقتصادية العربية لسوريا على لبنان، يكشف أن غالبية المزارعين الضامنين توقفوا عن ضمان بساتين الموز والحمضيات، خوفا من المخاطر الأمنية وعدم تمكنهم من تحصيل أموالهم في سوريا، لافتا إلى «البرتقال يتساقط على أمه، لأن كلفة قطافه وتوضيبه لا توازي ثمن بيعه في السوق». ويأمل الحويك أن تنقذ الصادرات الزراعية في الأسابيع المقبلة عبر البحث عاجلا عن أسواق بديلة، خصوصا أن موسمي الموز والحمضيات يمتدان إلى آذار المقبل وأحيانا إلى نيسان حسب حالة الطقس.في موازاة ذلك، يجمع رئيس «تجمع مزارعي الجنوب» هاني صفي الدين والحويك والزعتري، على أن التراجع في تصدير الإنتاج الزراعي، أدى إلى هبوط في الأسعار محليا.ويلفت الحويك إلى أن اعتماد مزارعي لبنان على السوق السوري، أدى في السنوات الأخيرة إلى نمو متسارع للعديد من الزراعات، منها الموز، مشددا على أهمية معالجة المشكلة، وحماية لقمة عيش شريحة واسعة من المزارعين الذين لم يعد بإمكانهم تكبد المزيد من الخسائر.
«الليمون 400 والموز 500»
وهبط سعر الليمون نتيجة انكماش الاستهلاك في السوقين المحلي والسوري، إلى حوالى 400 ليرة (جملة) بعدما كان يباع من البستان بـ700 ليرة في العام الماضي، أي بتراجع 57 في المئة، وفق الحويك. كما هبط سعر رطل الموز (2،5 كلغ) في سوق الجملة من 1500 ليرة إلى أقل من 500 ليرة، بسبب «سماح سوريا باستيراد الموز من الدول الأخرى واستثناء الموز اللبناني»، وفق صفي الدين، الذي أكد أن هذا الإجراء «يؤثر سلبا على أوضاع المزارعين اللبنانيين عامة والجنوبيين من بينهم خاصة»، مشيرا إلى «أن تدهور الأوضاع هناك، وقرارات الجامعة العربية بحق سوريا، بدأ يرتد سلبا علينا، نحن مزارعون ولا دخل لنا في السياسة وهمنا تأمين لقمة عيشنا».وبعدما قال: «هناك ملامح انهيار في سوق سعر الموز»، ناشد صفي الدين المسؤولين في الدولة المساعدة على تسهيل تصدير إنتاج الموز إلى سوريا، كما ناشد «الدول العربية إيلاء المزارعين اللبنانيين الاهتمام وإعطاء منتجاتهم ما تستحقه من أولوية، لأننا جزء من هذه الأمة العربية التي لم نبخل عليها يوما وهي لم تبخل علينا أيضا»، لافتا إلى اتصالات يجريها المزارعون مع وزير الزراعة حسين الحاج حسن «لحمل هذا الملف ومتابعته مع كل الجهات المعنية».

كامل صالح - السفير 8 كانون الاول 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم