9 مارس 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : «تفاقم البطالة».. كارثة قابلة للانفجار في أي لحظة

As-Safir Newspaper - كامل صالح : «تفاقم البطالة».. كارثة قابلة للانفجار في أي لحظة
كامل صالح

تبرز عمليات الاستغناء الواسعة عن العمّال والموظفين التي تبدو كأنها «خبر يومي عادي»، هواجس الخوف والقلق لدى معظم العائلات اللبنانية من فقدان معيلها عمله.
وفيما ينصّ قانون العمل في مادته 111 على اختصاص مكاتب الاستخدام «بتسهيل إيجاد عمل للعاطلين، وبذل المساعي لهذه الغاية، وتوجيه العمّال العاطلين حسب حاجات البلاد الاقتصادية، وحسب أحوالهم الخاصة». تشدد المادة على أهمية «تنظيم إحصاءات عن عدد العمّال العاطلين في كل منطقة، وفي كل مهنة في الأوقات التي تعينها وزارة العمل».
إلا أن هذه «الإحصاءات الرسمية الدقيقة»، لم يصر إلى انجازها لغاية اليوم، ولم تزل موضع أخذ ورد بين العديد من الجهات الاقتصادية والسياسية والنقابية، بحيث يقدرها البعض بنسبة 19 في المئة من إجمالي عدد السكان، وصولا إلى 35 في المئة عند أطراف أخرى. كما تشير دراسة متخصصة إلى ارتفاعها إلى 20 في المئة، خصوصا في صفوف الشباب. أما منظمة العمل الدولية، ففي الوقت الذي تشير فيه إلى»عدم وجود بيانات إحصائية دقيقة عن نسبة العاطلين عن العمل في لبنان»، تقدّر هذه النسبة «بنحو 25 في المئة».
ويلحظ خبراء اقتصاديون وجود عوامل متشعبة وعديدة تعتبر من الأسباب الرئيسة للبطالة، ومنها سياسة الحكومة الاقتصادية الخاطئة، «الداعمة لقطاع الخدمات على حساب قطاعي الزراعة والصناعة، والسماح لليد العاملة، والبضائع الأجنبية بدخول البلاد بلا حسيب أو رقيب».
ومن الوجوه الجديدة للبطالة غياب فرص العمل المناسبة لاختصاصات الشباب المتعلم، ويتجسد ذلك بوجود تخمة في كثير من الاختصاصات.
وفي هذا السياق، وأمام هذه النسب المتفاوتة للبطالة، يؤكد رئيس لجنة مكافحة البطالة والعاطلين عن العمل في لبنان رفيق الصعبي لـ«السفير»، أن «النسبة تفوق الـ 50 في المئة، بحيث هناك نسبة عالية من العاطلين عن العمل منتشرة في المناطق كافة، لا تلحظها الإحصاءات، ففي كل بيت لبناني هناك شخص أو أشخاص عاطلون عن العمل»، ويشير إلى نوع جديد من البطالة المقنّعة، يعيشها معظم الشباب، وهي متمثلة في تقاضي رواتب متدنية، مما يدفعهم إلى التفكير في الهجرة إلى أي بلد آخر.
ويرى أن «الإحصاءات تنجز لمسائل هي موضع التباس وغير واضحة، أما مسألة العاطلين عن العمل فهي ظاهرة للعيان، وبقدر الحاجة إلى الإحصاءات من جهة، ثمة حاجة أساسية وعاجلة لمعالجتها جذريا من جهة أخرى»، مشيرا إلى أن أزمة البطالة متشعبة، وترتبط بسلسلة من العوامل الأخرى منها سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.
ويؤكد أن الدولة ملزمة أولا بالسعي إلى تأمين العمل لجميع مواطنيها، قبل أن تأخذ الضرائب منهم، كما هي ملزمة بمعالجة الفقر والآفات الاجتماعية الناجمة في معظمها، عن قلة أو انعدام فرص العمل.
ويقترح الصعبي خطوات لمواجهة المشكلة، وهي قابلة للتطوير والدرس، ومنها: تخصيص نصف راتب الحد الأدنى للأجور مع وحدة غذائية لكل عاجز أو عاطل عن العمل. مجانية التعليم والصحة. إنشاء مراكز في المناطق لإعادة تأهيل العاطلين عن العمل، تمهيدا لدمجهم في سوق العمل.
وعن كيفية تأمين الدولة لسد الكلفة المترتبة عن ذلك، يرفض الصعبي فكرة طرح ضرائب جديدة، مشيرا إلى أن من الحلول التنسيق والتعاون مع الجهات والمنظمات الدولية المعنية بمعالجة مشكلة البطالة، وتخصيص جزء من الهبات المقدمة للدولة لهذه الشريحة، فضلا عن التنسيق مع وزارتي العمل والتربية لتحديد حاجات سوق العمل، وإنشاء مكاتب تابعة للوزارات المعنية، من مهامها إجراء إحصاءات ميدانية عملية، تحدد بموجبها عدد العاطلين عن العمل فعليا، وتاليا عدم ترك مسألة الأرقام عشوائية ولغايات سياسية. كما من مهام المكاتب تخصيص بطاقات للعاطلين يتمكنون بموجبها من الحصول على الراتب الشهري من المصارف، بعد تخصيص ميزانية لذلك في الموازنة العامة.
وفيما يشدد على أهمية إعادة ترميم سلوك المواطن الذي يتحمل جزءا من المشكلة، لا سيما في مسائل «الأخلاق، والانتماء، والمثل العليا»، يحذر الصعبي من «انفجار مشكلة البطالة، التي تهدد الدولة والمجتمع كله، في أي لحظة»، فـ«الاستسلام لهذا الواقع السيئ، هو موت، وعلينا جميعا السعي والعمل للخروج من هذا النفق».
ويقول في الختام: «إذا كانت الدولة عاجزة عن معالجة هذه الأزمة المتفاقمة، فلترحل، وإلا ما الحاجة إلى دولة لا توفر فرص العمل لأبنائها، وحماية المجتمع من السقوط في الهاوية؟».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم