4 مارس 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : «جنون النفط».. قفزات ماراتونية للمحروقات وتذبذب في القطاعات

As-Safir Newspaper - كامل صالح : «جنون النفط».. قفزات ماراتونية للمحروقات وتذبذب في القطاعات
لم يعد ممكناً الوثوق بتوقعات اقتصادية إيجابية، أمام مسلسل المفاجآت الذي تعيشه الدول العربية تباعا، حيث تلقي تداعيات ارتفاع النفط، بظلالها القاتمة على اقتصاد العالم عامة، واللبناني خاصة، عبر مجالاته المختلفة.
وإذ يبدو المشهد غائما بسبب الأحداث التي تشهدها ليبيا العضو في منظمة أوبك، نتيجة تسارع الأحداث، وارتفاع منسوب التوتر في بعض الدول العربية المصدرة للنفط، يلحظ المتابعون مدى تأثيرات حركة أسعار النفط في سلسلة طويلة من العوامل الأخرى، خصوصا الكلفة التشغيلية لقطاعات الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة والطاقة والنقل، من دون نسيان الأزمات التي تنتجها في الغذاء، وصناعة الخبز، والزراعة وغيرها.
وليبيا أول دولة مصدرة للنفط تواجه اضطرابات حادة منذ عصفت موجة الاحتجاجات بالعالم العربي في كانون الثاني، وأطاحت رئيسي تونس ومصر.
وشرعت «رؤوس الأزمة» تلوح محليا في الأفق، مع قلق من ارتفاع جنوني لأسعار المحروقات، حيث لم يهنأ اللبنانيون بعد بخفض سعر الصفيحة البنزين خمسة آلاف، حتى عاد الارتفاع، وفي أقصى سرعة، نتيجة عدم تحديد سقف أعلى لسعر الصفيحة.
ارتفاع مستويات التضخم
ولا يخفي رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط في لبنان APIC مارون شماس عبر حديثه لـ«السفير»، قلقه الشديد مما يحدث وترجمة ذلك عبر ارتفاع مستويات التضخم لعدد من السلع، مشيرا إلى أن بقاء سعر البرميل على مستوى 120 دولارا على مدى الأسابيع الأربعة المقبلة، يعني أن خفض سعر الصفيحة سيتآكل، ويطرق مجددا سعر 36 ألفا في الأيام الأخيرة من الشهر الحالي.
ويستهلك لبنان سنوياً نحو مليون و500 ألف طن من مادة البنزين، ومليون و200 ألف طن من مادة المازوت.
ويلفت شماس إلى التأثيرات السلبية على الصناعة اللبنانية التي تعتمد في معظمها على مادتي المازوت والفيول، إذ سعر المازوت العام الماضي كان في حدود 18 ألفاً، أما الآن فهو 28 ألفاً، «وبالتالي فإن الكلفة الإنتاجية ستكون قاسية على الصناعيين، وعلى المستشفيات والقطاعات السياحية كافة». كما لا ينسى الإشارة إلى «الكلفة على قطاع الأفران، واحتمال معاودة الحديث عن رفع أسعار ربطة الخبز».
وتعرقل أسعار النفط المرتفعة تعافي الاقتصاد المتعثر الخطى، مع إمكانية تجدد الركود، وربما حدوث أسوأ الاحتمالات وهو ركود تضخمي. والخوف الذي يكمن في أذهان الكثير من المستثمرين والاقتصاديين هو احتمال حدوث انهيار أوسع في الاستقرار في أرجاء العالم العربي، لا سيما في السعودية، حيث ستتغير كل الاحتمال، إذا شهدت اضطرابات سياسية.
مخاوف.. ومنافسة شديدة
وفيما تترقب مكاتب السفر والسياحة، ارتفاعا لأسعار تذاكر شركات الطيران العربية والعالمية، بدأت تلوح ملامحه سريعا بزيادة 5 إلى 10 في المئة على سعر التذكرة، تؤكد شركة طيران الشرق الأوسط (MEA) أنها ليست بوارد رفع الأسعار حالياً، برغم الخسائر التي بدأت تتكبدها من جرّاء ذلك.
ويفيد الرئيس التجاري للشركة نزار خوري «السفير» بأنه «برغم ارتفاع أسعار النفط إلى ما تزيد نسبته 40 في المئة عن السنة الماضية، فإن الشركة لن تتخذ أي خطوة بزيادة أسعار التذاكر، خصوصاً أن هناك انخفاضا كبيرا في حركة الركاب في لبنان والمنطقة، نظرا للظروف السياسية الراهنة».
ويشير خوري إلى «أن عدد الرحلات والمقاعد المعروضة في مطار رفيق الحريري الدولي بقي كما هو، لذلك لا نجد ضرورة، مع وجود سعة إضافية بالنسبة للطلب، لزيادة أسعار التذاكر، بالإضافة إلى المنافسة الشديدة في سوق بيروت، وخصوصاً أن شركات low cost carriers استمرت في عرض الأسعار المخفضة».
وأمام البيان الصادر عن طيران الإمارات إحدى أكبر الناقلات العربية، أنها رفعت أسعار رحلاتها في جميع الدرجات، «لعدم قدرتها على استيعاب الزيادة في أسعار النفط»، يوضح رئيس نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة في لبنان جان عبود لـ«السفير» أن أسعار التذاكر الإماراتية والقطرية ارتفعت من 5 إلى 10 في المئة، مؤكدا أنه حتى اليوم، لم ترفع الشركة الوطنية أسعار تذاكرها، وما زالت على حالها.
حركة السفر.. والسياحة
ويقول عبود، استناداً إلى التشاور مع إدارة الشركة الوطنية، إن القرار هو «تحمل العبء، وعدم زيادة أسعار التذاكر». إلا أنه يبدي قلقه من مواصلة ارتفاع أسعار النفط على القطاعات الإنتاجية كافة، محذّرا من تأثيره السلبي على الكلفة التشغيلية، «فكل شركة طيران تختلف عن الأخرى في هذا الإطار، إلا أن الكلفة التشغيلية تشكل من 29 إلى 35 في المئة من الكلفة الإجمالية».
ويؤكد أن ارتفاع أسعار التذاكر يؤثر سلبا على حركة السفر، وتاليا على القطاعات السياحية.
وتبلغ عائدات طيران الشرق الأوسط (الميدل إيست) من قيمة المبيعات الإجمالية لتذاكر السفر سنويا 40 في المئة، وتذهب الـ 60 في المئة لبقية الشركات.
ويضرّ ارتفاع أسعار النفط بأرباح شركات الطيران العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وتختلف الزيادات في أسعار التذاكر العربية والأجنبية، باختلاف الأسواق والوجهات.
وتذكر متحدثة باسم طيران الإمارات «ان الشركة لديها برنامج نشط لإدارة مخاطر الوقود، لكن من المستحيل في ظل تقلبات السوق الحالية استيعاب التأثير الكامل لارتفاع أسعار النفط».
واستقر خام برنت قرب 115 دولارا للبرميل أمس، إذ تتواصل مخاوف المستثمرين بشأن امدادات الشرق الأوسط، حتى بعدما رفعت السعودية إنتاجها لتغطية تراجع صادرات الخام الليبية.
ويشير المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) جيوفاني بيسينياني في تصريح إلى «أن ارتفاع أسعار النفط نتيجة اضطرابات الشرق الأوسط، يمثل تحديا كبيرا لشركات الطيران». وخفض الاتحاد من توقعاتها بالنسبة لأرباح القطاع خلال العام الجاري إلى 8.6 مليارات دولار، بعدما كانت 9.1 مليارات في بداية العام الحالي، ومقارنة بمستويات عام 2010، يتوقع أن يمثل الوقود 29 في المئة تقريبا من إجمالي تكاليف التشغيل.
وتتوقف أسعار النفط الآن، بحسب الاتحاد، «على التكهنات بشأن الأحداث السياسية، بدلا من تعزيز النمو الاقتصادي، وهذا ما يمثل مخاطرة كبيرة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم