29 مارس 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : القطاعات تستنجد.. وتوقعات بـ«ثورة» يقودها 260 ألف مزارع

As-Safir Newspaper - كامل صالح : القطاعات تستنجد.. وتوقعات بـ«ثورة» يقودها 260 ألف مزارع
هل يشهد البلد في الأسابيع القليلة المقبلة ثورة مزارعين في وجه المسؤولين كافة، على غرار ثورة الفلاحين عام 1858، التي قادها طانيوس شاهين في وجه السلطة الإقطاعية، وأحلّ محلها، آنذاك، نظاما شعبيا؟.
سؤال يبدو طرحه مشروعا، في ظل مسؤولين يتلهون «بتناتش» الحصص لتحقيق مكاسب خاصة، على حساب هموم الناس ومشاكلهم وأوجاعهم، وخوفهم من الغد المجهول في محيط عربي يغلي، ويسعى لتغيير وجه التاريخ بدمه وصوته ولحمه الحي.
مما لا شك فيه، أن القطاعات الإنتاجية كافة، باتت تعيش هاجس إمكانية الاستمرار والقدرة على الصمود، في ظل شلل البلد رسميا، والحوادث الأمنية المتنقلة هنا وهناك.
وبعد رمي العديد من الملفات الزراعية على الرف، يحذر رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين انطوان الحويك، من «ثورة يقودها نحو 260 ألف مزارع، يستفيدون من الإيرادات المباشرة من الزراعة، نتيجة شعورهم بالإحباط واليأس والإهمال المتعمد في معالجة مشاكلهم من قبل المسؤولين في الدولة»، مشيرا إلى أنه في «القريب العاجل هناك نحو أكثر من 10 آلاف سيارة زراعية ستقطع الطرق في المناطق».
ويخرج القطاع الزراعي، من مشكلة ليدخل إلى أخرى، فتتكدس الملفات المتعلقة بتسيير أمور المزارعين، من دون أدنى اهتمام رسمي، سوى رمي الوعود بهدف تخدير أوجاعهم، وقتل كل رغبة لديهم بتنمية أراضيهم وأشجارهم ومزروعاتهم... وأحلامهم. ما أدى، وكما يقول الحويك «إلى وجود شعور عام لدى المزارعين، أن الدولة لا تريد زراعة في البلد»، متوقعا أن تنفجر أزمة زراعية، «إذا لم تسارع الدولة عاجلا إلى معالجة جدية للملفات التي لا تحتاج إلى اجتماع حكومي».
تراجعات في السياحة والتجارة وفي سياق متصل، من المؤكد أن القطاعات الإنتاجية في البلد، وفق تصاريح المعنيين بها، تتعرض بدورها، إلى تراجعات حادة في أنشطتها، فالقطاع السياحي، كما يؤكد أمين عام اتحادات النقابات السياحية جون بيروتي، «تراجع أكثر من 50 في المئة عن العام الماضي»، مشيرا إلى أن «الحجوزات الفندقية في المناطق أقل من 20 في المئة، وفي العاصمة لا تتعدى 30 في المئة، بعدما سجلت في السنة الماضية نحو 60 في المئة عن الفترة نفسها».
ويتلقى القطاع التجاري في المناطق كافة، بدوره، ضربات متتالية، وكما يتوقع رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس «أن يؤدي هذا إلى تلاشي قدرة التجّار على التحمّل والاستمرار»، حيث قدّر نسبة التراجع ما بين 20 و30 في المئة في الفصل الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وتحاصر القطاع الزراعي منافسة حادة من قبل المنتوجات الأجنبية، برغم الوعود المتواصلة لحمايته، كما لا زالت اللجنة المكلفة بحصر التعويضات على المزارعين الذين تضرروا من العاصفة الثلجية في 10 كانون الأول الماضي، لم تنته من عملها، وقد دخل البلد بعد ذلك، في أكثر من عاصفة وكارثة.
3 أشهر بانتظار التعويضات وعن ذلك، يؤكد الحويك، أن هناك «مناطق كثيرة لم تصل إليها لجنة الكشف عن الأضرار لغاية اليوم، أي بعد مرور أكثر من 3 أشهر من بدء مهامها»، سائلا: «هل هذه هي وعود المعنيين بسرعة الكشف، للتعويض سريعا عن المتضررين؟».
ويبدو، أن «الملف سيرمى على الرف، والله يعوّض على المزارعين، علما أن هذا الأمر تكرر سابقا، ولم يحصد المزارعون سوى الوعود».
في ملف زراعي آخر، هناك أكثر من 10 آلاف سيارة زراعية، ترفض وزارة الداخلية تسجيلها أو عدم تجديد الرخصة لها. ويوضح الحويك أن هناك «لقاء مع وزير الداخلية والبلديات زياد بارود لحل هذه الإشكالية، وإذا بقي الوضع على ما هو عليه، فلننتظر تحركات على الأرض»، داعيا الداخلية إلى «معالجة أزمة تسجيل السيارات الزراعية، وتسهيل أمور المزارعين ريثما تعدل المادة 129 من قانون السير التي تحدد الحمولة القصوى للسيارات الممكن تسجيلها باسم المزارعين، والمساحات المستثمرة. بعدما أدى تشدد مصلحة تسجيل السيارات، وتعقيد الإجراءات إلى حرمان آلاف المزارعين من تجديد رخص النقل لسياراتهم».
ويسأل «لماذا رفضت الداخلية اقتراح القانون الذي تقدمنا به سنة 2003 لتعديل هذه المادة، وتبناه أربعة من النواب، وأقرت من قبل لجنة الدفاع الوطني والداخلية في 9/4/2003 لتعود الحكومة وتطيح به؟ ولماذا لم تلحظ كافة اقتراحات تعديل قانون السير بعد هذا التاريخ، تعديل المادة 129 المتعلقة بسيارات المزارعين؟».
أعباء إضافية على المزارعين وتفرض المادة 129 من قانون السير حدا أدنى للمساحة المزروعة 50 دونما، كي يستطيع المزارع تسجيل سيارة النقل خاصته. ويلفت الحويك إلى «أن نسبة 85 في المئة من الحيازات الزراعية تتراوح مساحتها بين دونم واحد و50 دونما، وتحرم بالتالي من رخص النقل الخصوصية، مما يزيد من كلفة إيصال المنتوجات إلى الأسواق، ومن كلفة إيصال مستلزمات الزراعة إلى المزارع، فيتحمل أعباء إضافية هو بغنى عنها، أكان باستئجار وسائل للنقل أو بتسجيل نفسه في السجل التجاري ليكون بإمكانه الحصول على رخصة نقل تسجل على اسم مؤسسته».
أما بخصوص عمل برنامج دعم الصادرات الزراعية (اكسبورت بلاس) الذي يسعى وزير الزراعة د. حسين الحاج حسن إلى التجديد له، حيث يتوقف العمل به رسميا الشهر المقبل، فيشير الحويك إلى وجود نية لدى بعض المسؤولين مسبقة لإلغاء البرنامج، من دون طرح برنامج بديل، «حيث كان الاتفاق أن تصرف الأموال المخصصة للبرنامج تدريجيا لتنمية الصادرات الزراعية، وتألفت لجنة حكومية في هذا الإطار، «إلا أنها اختلفت فيما بينها، وتبخرت الأموال»، لافتا إلى أن الجمعية قدمت مشروعين لدعم الصادرات الزراعية بناء على طلب اللجنة، إلا أنه ولغاية اليوم، لم يطرحا للمناقشة.
وفيما يحتاج القطاع الزراعي إلى معالجة فورية للبنية التحتية، منها: إقرار الصندوق الوطني للضمان الزراعي من الكوارث، السجل الزراعي، إنشاء غرف مستقلة، إنشاء المصرف الوطني للإنماء الزراعي، وتأمين حماية غير جمركية للمنتوجات الزراعية. يخلص الحويك للتأكيد «أن إهمال هذه الملفات تزيد من المخاطر على القطاع، وتضعف الاستثمار فيه، وتاليا المزارع سيزرع مساحات أقل، ما سيؤدي حتما، إلى ارتفاع في أسعار الخضار والفواكه».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم