22 فبراير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : عبود متفائل كالعادة ... وقلوب أصحاب المؤسسات على «الحجوزات»

As-Safir Newspaper - كامل صالح : عبود متفائل كالعادة ... وقلوب أصحاب المؤسسات على «الحجوزات»
على وقع استعدادات وزارة السياحة لإطلاق حملة ترويجية لموسم السياحة في فصل الربيع، تبرز إشكاليات عديدة تواجه الحراك السياحي المأمول في لبنان، لا سيما منها تأخير التشكيل الحكومي، والثورات العربية المتتالية، فضلا عن ضعف حاد في البنية السياحية عبر مساراتها المختلفة.
وفيما يستعد العالم لمتابعة الأفلام الترويجية الثلاثة عبر الفضائيات المحلية والعربية وشبكة سي أن أن، يطرح التساؤل عن إمكانية جدوى ذلك، في ظل القلاقل المنتشرة، والترقب المسيطر لحالة التغيرات الجذرية في أنظمة استبدادية، هي تشكل حاليا، الهاجس الأساس لدى معظم الشرائح العربية.
يصرّ الوزير فادي عبود عبر حديثه لـ«السفير» على الإبقاء على المشهدية التفاؤلية، على الرغم من «حكومة تصريف الأعمال»، و«غياب الميزانية»، مشيرا إلى أن الحملة التي يدعمها القطاع الخاص، «لا تعني الاستفادة من مآسي الآخرين، بل تأتي لتذكّر بأن الحياة السياحية في لبنان مستمرة، ونحن بانتظارهم».
ويوضح أن الأفلام الترويجية تتوجه إلى أناس جدد وفق أسلوب مغاير عن الماضي، ولعل من أهدافها الرئيسة التأكيد «أن لبنان ليس وجهة السيّاح الميسورين فقط، بل بإمكانه استقبال شرائح الطبقة الوسطى أيضا».
لا طغاة في الحكم
وبرغم أن القطاع من أكثر العناصر التي تحتاج إلى استقرار، وليس سائحا «مشغول البال»، يبدي عبود عدم تخوفه على القطاع مما يحدث في العالم العربي، ويقول: «نحن في لبنان، خارج هذه الدائرة، وننعم بديموقراطية أكثر من المجتمعات الأخرى، كما أنه ليس عندنا أنظمة توتاليتارية، ولا طغاة في الحكم».
ويؤيده في هذه الرأي، أمين عام اتحادات النقابات السياحية جون بيروتي، الذي يرى أن اللبنانيين تأقلموا مع المصائب، مستدركا: «لكن أمام ما يحدث في بعض الدول العربية، وما نتج عنه من تدهور حاد في السياحة، نحن لا زلنا بألف خير».
ويلحظ بيروتي في حديثه لـ«السفير»أن «المشكلة الأكبر التي نعيشها الآن، هي تصنيف العالم العربي منطقة غير آمنة، والتسويق السياحي الخارجي يرتكز في توجهاته على أماكن آمنة».
وبنبرة قلقة، يقول: «لا نعلم حجم الضرر على الموسم السياحي في الربيع، ولا يمكن تقديره في حال استمر الوضع المحلي والعربي هكذا»، وهي إجمالا تشهد إقبالا من الأوربيين على السياحة الثقافية في لبنان والأردن وسوريا، مضيفا: «قلوبنا على الحجوزات، التي تتأثر بالوضع السياسي غير المستقر، ولا يمكن فعل شيء، كما لا يمكن إعطاء تطمينات، لأنها، كما هو ملاحظ عربيا، تشهد تطورات يومية ومتسارعة».
لكن وبرغم هذه الصورة القاتمة، يطمئن بيروتي «أن نسبة الحجوزات الملغاة لغاية الآن لم تتعد العشرة في المئة»، متوقعا إذا استمرت حالة الاستقرار الأمني في لبنان، أن نشهد فائضا في الموسم السياحي يفوق السنة الماضية. ويعوّل في الوقت نفسه، على عيد «النروز وشمّ النسيم»، حيث يتوقع أن تصل نسبة حجوزات السياح الإيرانيين في بعض المؤسسات السياحية، من 19 آذار إلى 3 نيسان المقبلين، نحو 90 في المئة، برغم المشاكل التي تشهدها إيران حاليا.
وإذ تعتبر نسبة قدوم الزوار من الخارج في هذه الأيام ضعيفة، ويتراوح الإشغال الفندقي في بيروت أقل من 30 في المئة، وخارجها ما دون الـ 20 في المئة، يحيل عبود وبيروتي هذا الضعف «لوقوعها بين موسمي رأس السنة والربيع».
نكسة في السياحة الشتوية
إلا أن السياحة الشتوية المفترض أن تشهد تحسنا، تعاني بدورها من تراجع حاد، مما يهدد مصير مئات الموظفين والعمّال في هذا الموسم. وفيما يفيد عبود أن 80 في المئة من هذه السياحة تعتمد على الداخل، فيما النسبة الباقية خارجية، يؤكد بيروتي أن السياحة الشتوية تعرضت إلى نكسة كبيرة بالفعل، «بسبب الوضع اللبناني، وما صاحبه من تهديد ووعيد رافق استقالة الحكومة، وتعقيدات تشكيلها»، موضحا أن «حجوزات السياح لهذه الفترة وهي تتم قبل نحو شهرين، ألغيت في معظمها»، ويقدر نسبة التراجع عن العام الماضي بنحو 40 في المئة.
وتجمع المعطيات المتوفرة، أن شهري كانون الثاني وشباط سياحيا من سيئ إلى أسوأ، لأن «أجندة السياسيين لا تتوافق مع أجندة الاقتصاديين»، كما يقول بيروتي، وقد أطلق أصحاب الفنادق نداء عبّر عنه رئيس النقابة بيار الأشقر بالقول: «إن هذا الوضع غير مسموح به، وعلى السياسيين أن يوقفوا الخطابات الشعبوية التي تصور للسائح والمواطن أن الوطن على شفير التقاتل أو الفتنة، لذلك فإننا نحمل المسؤولية كاملة للجميع، لأنهم يساهمون سويا في ضرب الوطن اقتصاديا، فالاقتصاد أولوية أساسية، ويجب الاهتمام به»، علما أن القطاع السياحي هو القاطرة الرئيسة التي يرتكز عليها الاقتصاد الوطني.
صرف وإقفال وإفلاس
ويطلق الأشقر وبيروتي تحذيراً من «أن استمرار الوضع الراهن الذي تمر به المؤسسات السياحية، سيؤدي إلى صرف للعاملين، وإقفال مؤسسات عديدة وإفلاس أخرى، فضلا عن توقيف استثمارات كبيرة في هذا القطاع، لذلك يجب تدارك الأمر والإسراع في معالجات جذرية للظروف السياسية الراهنة».
ويؤكد بيروتي أن «هناك مؤسسات سياحية حاليا، تواجه تعثرا في دفع ما يترتب عليها من مستلزمات مالية، وبعضها بدأ بصرف العمّال غير الأساسيين».
في المقابل، تعاني البنية السياحية في لبنان من إشكالية معقدة، وأبرزها كما تذكر مصادر مواكبة: وجود خلل في تراخيص بعض المؤسسات السياحية، وغلاء في تذاكر السفر، وغياب خطوط الطيران اللبناني عن بلدان أساسية، وعراقيل يواجهها بعض السياح عند وصولهم إلى مطار بيروت الدولي، ويضاف إلى هذه العوامل، الوضع المحزن لنظافة المطار لانتهاء العقد مع الشركة المسؤولة عن التنظيفات، إضافة إلى التعامل الاستنسابي مع السيّاح من قبل الحمّالين، محذرة من أن استمرار هذا الواقع سيؤدي إلى مزيد من الانكماش في القطاع السياحي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم