As-Safir Newspaper - كامل صالح : سعر ربطة الخبز يتأرجح بين الغلاء العالمي وتذمر الأفران
بعيداً عن «شدّ الشعر» بين أهل السياسة، تستقبل الحكومة التي لم يبزغ نورها بعد، العديد من الملفات الخدماتية والمعيشية، ومن أبرزها، إضافة إلى غلاء البنزين، والكهرباء، والمطالب العمّالية، ربطة الخبز التي يبدو أنها تواجه مصيراً مجهولاً أمام موجة غلاء القمح عالمياً، وتذمر أصحاب المطاحن والأفران من السعر الحالي (وزن ألف غرام بسعر 1500 ليرة لبنانية)، وإمكانية الدولة مواصلة الدعم.
وإذا تمكنت المساعي العاجلة التي بذلتها وزارة الاقتصاد الأسبوع الماضي، من تجنيب البلد الدخول في أزمة رغيف، فما هي قدرة حكومة تصريف الأعمال على مواجهة الأزمات المتراكمة، والتي لا يعلم أحد متى تنفجر كلها دفعة واحدة، بعدما يبطل معها أسلوب «التخدير»؟
الاجتماع الذي عقده وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي مع رئيس اتحاد نقابات المخابز كاظم إبراهيم الأسبوع الماضي، تمكن موقتاً من «تنظيم سوء التفاهم» حول سعر تسليم طن الطحين، إن كان في المطاحن أو بعد نقله إلى الأفران، حيث دعمت الوزارة طن الطحين بعشرين ألف ليرة إضافية، مقابل إلغاء قرار الجمعية العمومية لاتحاد أصحاب المخابز والأفران، التوقف عن تسلم الدقيق من المطاحن وإنتاج الرغيف الذي كان مقرراً في 18 شباط الحالي.
وفيما طمأنت مصادر الوزارة عبر «السفير»، إلى أن الأزمة جرى تداركها، بعد موافقة إبراهيم على الاتفاق الجديد مع الوزارة، القاضي بتحديد سعر طن الطحين المدعوم بـ 580 ألف ليرة في أرض المطحنة، يطرح التساؤل عن كيفية معالجة الأزمة مستقبلاً، في ظل الارتفاع المتواصل لسعر القمح عالمياً، وقد بيع الطن للعراق مثلا، هذا الأسبوع بـ 477 دولاراً، وفي ظل عدم تشكيل حكومة تتمتع بصلاحياتها كاملة، وليست حكومة تصريف أعمال.
الدعم.. والقرار المناسب
يرى الأمين العام لاتحاد أصحاب الأفران أنيس بشارة أن الحكومة أمام حلين: إما إلغاء الدعم عن الخبز، وهذا لا يريده الوزير الصفدي، أو مواصلة الدعم، مشيراً إلى أنه في حال لم تشكل الحكومة خلال شهر، فـ«نحن على التزامنا بتحمل إبقاء سعر ربطة الخبز على ما هو عليه، بانتظار اتخاذ القرار المناسب».
أما مصادر الوزارة فتؤكد أن الوزير، بالتشاور مع رئيس الجمهورية، ورئيس حكومة تصريف الأعمال، سيتخذ القرار المناسب، في حال تأخر التشكيل الحكومي، فـ«مسألة الأمن الغذائي أولوية وطنية، ولا يمكن لأحد المساس بها، وهي ليست موضوع خلاف».
وتدلل على ذلك بالقرار الأخير لمعالجة مشكلة كلفة نقل الطحين بين المطاحن والأفران، حيث كل طرف فسّر الاتفاق كما يشاء، فـ«الوقت ليس وقت خلق أزمة للناس، ودفعهم للنزول إلى الشارع، بسبب التذاكي في مسألة تفسير كلفة النقل».
وتفيد المصادر أن هناك قراراً صادراً عن مجلس الوزراء يقضي بشراء الوزارة 100 ألف طن، وقد اشترت لغاية الآن 75 ألفا، والباقي 25 ألفا، وفي حال استمرت أزمة تشكيل الحكومة بعد شراء الكمية المتبقية من القمح، يصار إلى إصدار إذن خاص، يسمح للوزارة بشراء كميات من القمح لتلبية حاجات السوق.
علما أن لبنان يستهلك سنويا 300 ألف طن لإنتاج الخبز العربي، و100 ألف طن للانتاجات الأخرى من الطحين، من حلويات و«خبز إفرنجي»، وغيرها. ويغطي مخزون القمح الموجود حاليا، حاجة السوق من خمسة إلى ستة أشهر، فحسب المتوفر في اليوم الأخير من الشهر الماضي، 97 ألف طن و700 كيلو في المطاحن، و66 ألفا لدى الوزارة. وهناك عروض مناقصة لشراء 25 ألف طن، بعد إلغاء مناقصة الأسبوع الماضي، حيث كان السعر الأعلى المعروض نحو 437 دولاراً أميركياً، فيما السعر الأدنى في حدود 415 دولاراً للطن الواحد.
لكن بشارة يتوقع عبر «السفير» أن يواصل سعر الطن ارتفاعه، نتيجة الطلب العالمي الكبير على القمح، بحيث طرحت دول عديدة مناقصات لشراء كميات من القمح لتأمين حاجاتها الغذائية، ولا يستبعد أن تضطر وزارة الاقتصاد الى شراء القمح في المستقبل القريب بـ 500 دولار للطن، لتأمين المخزون في الأشهر المقبلة.
تذمر.. وإعادة نظر
وعلى الرغم من الجهود المبذولة للإبقاء على استقرار سعر ربطة الخبز، يبدي أصحاب المطاحن والأفران تذمرهم من السعر الحالي لطن الطحين، معتبرين أن «حقهم الكامل لم يحصلوا عليه بعد»، معيدين النغمة القديمة الجديدة أن المعادلة المطبقة حالياً حول سعر ربطة الخبز وزن ألف غرام، لا تلحظ الارتفاع الحاصل في أسعار مستلزمات إنتاج الرغيف الأخرى، وأسعار القمح عالمياً، وتالياً لم تعد تتطابق مع الواقع.
ويقول بشارة: إن الاتفاق الحالي سيعاد النظر فيه مع وزير الاقتصاد الجديد بعد تشكيل الحكومة، «لأننا غير مستفيدين، وكذلك أصحاب المطاحن، فالدعم الحالي للطن لا يغطي فروقات الأسعار»، مؤكدا أنهم كـ «أصحاب أفران» يطالبون بتحرير سعر الخبز.
ويضيف: «انا ضد دعم الحكومة للرغيف، ويمكن إحالة الدعم إلى أماكن أخرى، مثل الطبابة والاستشفاء والمدارس». ويشير إلى أن المسألة لا تقف عند سعر طن الطحين فقط، بل يضاف إليها تكلفة صناعة الرغيف من مازوت، ونايلون الذي أصبح سعر الطن 3 آلاف دولار، والسكر ألف دولار للطن، وصندوق الخميرة 32 دولاراً، «وهذه المواد الأربع، بحسب دراسة لوزارة الاقتصاد، تكلف 90 ألف ليرة في كل طن».
إلا أن الوزير الصفدي وفي أكثر من مناسبة، يؤكد أنه لن يتم رفع سعر الرغيف على حساب المواطن، «وذلك إلى حين تجاوز هذه المرحلة الصعبة، وتأليف حكومة جديدة، عندئذ يتخذ الوزير المقبل والحكومة مجتمعة، القرار الصحيح والطويل الأمد في مواجهة هذه الأزمة، لأن سعر القمح سيستمر في الارتفاع عالمياً»، مطمئنا المواطنين إلى وجود كميات كافية من القمح، ولا وجود لأزمة رغيف، وبالتالي لن ترتفع الأسعار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يسعدني أن أسمع رأيكم