As-Safir Newspaper - كامل صالح : التفاح اللبناني من «دلال» عبد الناصر إلى «كارثة» مبارك
كامل صالح
لعله من اللافت أن يكون التفاح اللبناني أبرز السلع المتضررة من ثورة مصر، بعد أن شهد سنوات من «الدلال» أيام حكم الرئيس جمال عبد الناصر، وصولا إلى أوجه في السنة الماضية، حيث بلغت صادرات لبنان من التفاح إلى مصر وحدها 74 في المئة من الإنتاج، وتحديدا 53 ألف طن من إجمالي الصادرات البالغة 79 ألفا، كما يؤكد ذلك لـ«السفير»، كل من رئيس نقابة مصدري ومستوردي الخضار والفاكهة في لبنان عبد الرحمن الزعتري ورئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك.
وتجمع المصادر المختلفة على اهتمام عبد الناصر بالتفاح اللبناني، ومنها ما يشير إليه الزعتري، الذي أفاد بأن الاتفاقيات التجارية حول تصدير التفاح كانت برعاية مباشرة من الرئيس الراحل، وقد أعفاها من الضرائب.
ومن الحكايا التي تروى عن اهتمام ناصر بالتفاح اللبناني، أنه كان يتناول يوميا حبة منه، حتى قبل وفاته بساعات، حيث تناول نصف تفاحة على الفطور حتى «لا يتأخر عن لقاء الملوك والرؤساء».
٥ الآف طن
وبعد جلاء صورة الثورة المصرية، وتنحي الرئيس حسني مبارك عن الحكم، تأكد أن الصادرات اللبنانية من التفاح إلى مصر بلغت في غضون الأسابيع القليلة الماضية، من أربعة إلى خمسة آلاف طن، وهي التي تدور الشكوك حول إمكانية تحصيل ثمنها، بعد أن أرسلت الكميات على حساب التجار برا وبحرا، ووجود كمية أخرى في السوق المصري، تعرض بعضها للتلف نتيجة الإقفال، أو النهب والسرقات.
وفيما يبدي الزعتري قلقه من مصير الاستيراد والتصدير إلى مصر، خصوصا في الفترة المقبلة، يوضح أن الأضرار كبيرة جدا، فبعض التجّار يخزنون كميات من التفاح في «البرادات»، ولم نعرف ماذا حدث فيها، فضلا عن كميات أخرى ما زالت على الطريق. ويشير إلى ضرر بالغ آخر على التجّار نتيجة عدم استقرار الجنيه المصري، لذا، يأمل بأن تنقشع الرؤية الأسبوع المقبل، «لنتمكن من حصر الخسائر الإجمالية».
بطاطا سعودية
ويستورد لبنان من مصر كميات من الخضار والفواكه، منها: بطاطا، بطاطا حلوة، بصل، أرضي شوكي، بندورة، وثوم.
ويعلق رئيس نقابة معلمي وتجار الخضر والفاكهة في بيروت محمد القيسي على هذا الموضوع بالقول إنه نتيجة الأحداث، لم تصل كميات كافية من البطاطا المصرية إلى السوق، مشيرا إلى أن السوق يعتمد حاليا على البطاطا السعودية.
واستورد لبنان السنة الماضية من البطاطا، كما يوضح الزعتري، نحو 55 ألف طن، 40 في المئة منها من مصر.
ووفق إحصاءات مديرية الجمارك اللبنانية، بلغت نسبة الصادرات اللبنانية إلى مصر من «فواكه وثمار صالحة للأكل قشور حمضيات وقشور بطيخ» في العام الماضي 7 في المئة من إجمالي الصادرات إلى مصر، وتحديدا 13 مليون دولار و867 ألفا، في المقابل، بلغت نسبة «خضر ونباتات وجذور ودرنات صالحة للأكل» المستوردة من مصر العام الماضي 22 مليون دولار و796 ألفا، ما نسبته 5 في المئة من إجمالي المستوردات السلعية اللبنانية من مصر.
ويلاحظ مركز الدراسات الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، أنه وفق حركة التبادل التجاري بين البلدين في العام 2010، ارتفعت حصة استيراد المنتجات الحيوانية والزراعية وصناعة الأغذية من مصر، إذ بلغت 122.2 مليون دولار نسبتها 28.42 في المئة من إجمالي المستوردات اللبنانية منها، في حين أن هذه الحصة بلغت 15.9 في المئة من إجمالي المستوردات اللبنانية من كل الدول. وبلغت قيمة هذه الحصة في صادرات لبنان إلى مصر 24.5 مليون دولار نسبتها نحو 12.2 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية إلى مصر، في حين أن هذه الحصة بلغت أيضا 12.2 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية إلى كل الدول. مقارنة في العام 2009 انخفضت نسبة هذه الحصة في كل من الصادرات والمستوردات من مصر واليها.
ومن التوصيات التي أصدرها المركز، «عدم اتخاذ إجراءات فجائية في ما خص حركة تبادل المنتجات الزراعية بين البلدين من جانب فريق دون الآخر، ودون إعـلام مســبق لما لهذه الإجراءات من تأثير سلبي على مصــداقية الالتزام بالقوانين الموقعة».
مشكلة جسيمة
وأمام هذه التوصية، يبدو أن الأحداث الحالية في مصر، ستفاقم من تأثيراتها السلبية، حيث يشير الحويك إلى أن «المشاكل طالت كل القطاعات التي تصدر منتجاتها إلى مصر»، مؤكدا وقوع مشكلة جسيمة على ضامني التفاح. ويلفت إلى أن التصدير يبدأ من أيلول ويستمر إلى نيسان، وترسل الكميات تباعا، فمثلا السنة الماضية بلغ حجم الصادرات في الأيام العشرة الأخيرة من شهر كانون الثاني نحو 8500 طن من التفاح، وفي شباط 6800 طن.
ويتوقع كل من الزعتري والحويك أن تنحصر الأزمة الحالية بين 4 و5 آلاف طن من إجمالي الصادرات البالغة 53 ألف طن.وبعد احتساب سعر الكيلو بنحو دولار واحد كمعدل وسطي، نحن أمام 5 ملايين دولار «لا يعرف مصيرها».
ويؤيد الزعتري والحويك الدعوة التي أطلقها مصدرو التفاح أخيرا، الموجهة إلى الدولة اللبنانية والمسؤولين كافة، وهي «التطلع إلى الوضع الذي وصلوا إليه والتعويض عليهم، ومساعدتهم في فتح أسواق جديدة للتفاح اللبناني». وكشف المصدرون عن وجود «كميات كبيرة لا تزال مكدسة في البرادات وهي لا تحتمل التخزين لفترات طويلة»، وذلك بعد أن «توقف تصدير التفاح إلى الأسواق المصرية التي تعتبر أكبر الأسواق الاستهلاكية للتفاح اللبناني. كما أصيبت البضائع التي كانت في طريقها إلى هناك وتلك الموجودة حاليا في الأسواق بأضرار كارثية، ومن الصعب جدا تحصيل ثمنها في مثل هذه الظروف».
وكان التفاح اللبناني قد شهد تحسنا في سعر مبيعه ونوعيته، وزيادة في مساحاته المزروعة، بعد تخصيص يوم للتفاح بدءا من العام 2003، حيث واكبت ذلك دعاية محليا وعربيا، وارتفاع في تصديره من 26 ألفا إلى 79 ألف طن من أصل انتاج العام الماضي الذي بلغ 200 ألف طن. وقد أعلن وزير الزراعة د. حسين الحاج حسن خلال ترؤسه أخيرا، اجتماع لجنة محصول التفاح، أن هدف الوزارة هو «العودة إلى سقف إنتاج 300 ألف طن، ولكن بأصناف أكثر تعددا، ونوعية أفضل».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يسعدني أن أسمع رأيكم