20 سبتمبر 2020

مجلة الفيصل : مجتمع يؤمن بإنسانية الإنسان

التطرف وعدم قبول الآخر يعوقان خطط التنمية

‫- صبحي موسي - صحافي مصري | سبتمبر 1, 2020 | الملف - مجلة فيصل 

كامل فرحان صالح


لا أريد أن أكون متشائمًا، لكوني أسعى جاهدًا إلى بثّ الأمل في المستقبل في طلابي. لكن في الحقيقة، يقف المرء عاجزًا أمام إشكالية الموضوع المطروح، فهل ثمة علاج سحري – عجائبي للقضاء على التطرف والفكر التكفيري عبر التنمية المستديمة؟ ربما يكون ذلك ممكنًا في ظل تضافر عوامل كثيرة، تتشابك فيما بينها لولادة مجتمع يؤمن بدايةً بإنسانية الإنسان، وبحقّه في التعبير، والاختلاف، والاعتقاد، والعيش تحت مظلة العدالة والمساواة، وفي التزام التوازن بين الحقوق والواجبات. ولعل من هذه العوامل: العدالة في القضاء، والتعليم، والرعاية الاجتماعية، وتنقية تراثنا من الخرافات و«الكره والحقد والعنف»، وترديد أقوال الأقدمين من دون تمحيص ونقد.
ولعل أهم الخطوات، وهي ما قد أشار إليها الأديب المصري طه حسين في كتابه «مستقبل الثقافة في مصر»، تغيير النظرة إلى المعلم؛ لأن الرجل (المعلم) الذليل لا يستطيع أن ينتج إلا ذلًّا وهوانًا ومتطرفين، ومن نشأ على الخنوع والاستعباد لا يمكن أن ينتج حرية واستقلالًا؛ لذا،المأمول التركيز على إعداد «المعلم الصالح» إعدادًا جيدًا قبل الحديث عن المناهج والبرامج التعليمية؛ فهذا المعلم هو المسؤول عن تربية الأولاد والبنات بعد الآباء والأمهات، وعلى عاتقه تقع مسؤولية إنشاء أجيال تتمتع بالوعي، والأخلاق، والخير، ومن خلاله نستطيع تلمُّس مستقبل مجتمعاتنا، وقدراتها على مواجهة التحديات.
لكن، وعلى الرغم من جرس الإنذار الذي أطلقه طه حسين في بدايات القرن العشرين، ودعوة رجال النهضة للشعوب العربية إلى «اختيار المستقبل» بدلًا من مواصلة البكاء على أطلال الماضي، وقعنا في الكارثة وبِتْنا مجتمعات استهلاكية، وصورتنا أمام العالم لا تعكس سوى التخلف والعنف الدموي والتطرف، و«التفنن» في صيغ تكفير بعضنا بعضًا.
لم يفشل طه حسين، ومحمد عبده، وقاسم أمين، وجرجي زيدان، وغيرهم العشرات من رجال النهضة، إنما كان تحدي مواجهة تفشي الأمية قاسيًّا في مجتمعتنا؛ فالأمية لا تعني عدم معرفة القراءة والكتابة فحسب، بل الأمية بمعناها العميق، هو عدم الوعي بإنسانية الإنسان فينا، وهذا ما قد أمعنا في إهماله عن «غباء مدروس».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم