17 نوفمبر 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : طربيه يحذر الحكومة من انعكاسات عدم وضع سقف للعجز في الميزانية العامة


الإعلان عن أعمال المؤتمر المصرفي وواقع القطاع العربي للعامين 2010 و2011


أمام الرؤية الضبابية لمسار تطور أحداث المنطقة العربية على أرض الواقع، أقله للأشهر الثلاثة المقبلة، بدا رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزيف طربيه، حازما في تحذيره الحكومة اللبنانية من انعكاسات عدم وضع سقف للعجز في ميزانية العام 2012، معتبرا في الوقت نفسه، أنه «إذا طالت أزمة المنطقة العربية، فإن نتائج الربيع العربي قد تتحول إلى شتاء قارس».
لكن، بدا لافتا أن انعكاس الاضطرابات التي تشهدها المنطقة من بداية العام الحالي، شكل مؤشرا اقتصاديا ايجابيا على معظم الدول النفطية، حيث ظهر في تقرير عن «واقع القطاع المصرفي العربي للعامين 2010 2011»، التفاوت الحاد في البيانات المالية للقطاعات المصرفية العربية خلال العام الحالي، ففيما تظهر الأرقام لمعظم دول الخليج العربي، باستثناء البحرين، نسب نمو عالية، تجاوزت نسب النمو المسجلة في العام الماضي، سجل تراجع حاد في نمو المصارف في المناطق التي شهدت اضطرابات وثورات.
ولحظ طربيه (رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية ورئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب)، أن «مصارف الدول العربية التي لم تشهد مثل تلك الأحداث، تأثرت بتفاوت بالأحداث الجارية من حولها، خصوصا تلك التي لديها ارتباطات بالأسواق العربية المضطربة، مثل لبنان، حيث نمت مصارفه بنسبة 7،08 في المئة خلال ثمانية أشهر، مقابل 11،87 في المئة خلال عام كامل 2010».

«لا نريد تعريض ديوننا للمخاطر»
وقال طربيه أمس، متوجها للحكومة، في مؤتمر صحافي للإعلان عن «واقع القطاع المصرفي العربي»، والإعلان عن أعمال «المؤتمر المصرفي العربي السنوي» الذي تشهده بيروت يومي 24 و25 الشهر الجاري في فندق فينيسيا: «لنا في حوزتكم ديون كبيرة، ولا نريد أن تعرضوها للمخاطر». وبعدما اعتبر أن «لبنان لديه إمكانيات عالية لتسديد ديونه»، أكد أن «هذا لا يعني عدم التنبه للمستقبل ولا المبالغة فيه»، مشيرا إلى أن «الهيئات الاقتصادية حذرت الحكومة مرات عدة من عدم ضبط العجز، فكل دين تحصل عليه هو ضريبة على عائق الأجيال القادمة»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «الهيئات ليست ضد رفع الحد الأدنى للأجور، كما ليس لديها رغبة بزيادة المديونية».
وبعدما أعلن عن اكتمال الاستعدادات لعقد المؤتمر المصرفي في بيروت تحت عنوان: «مستقبل العالم العربي في ظل التحولات الراهنة»، برعاية رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، جدد طربيه نفيه حصول تهريب أموال من سوريا إلى لبنان، مؤكدا أن المصارف اللبنانية الستة في سوريا تتقيد بما هو مطلوب منها. ورأى أنه من المبكر الحديث عن عقوبات عربية محتملة على سوريا، معلنا عن رفضه «فرض عقوبات تلحق الأذى بالشعب السوري».
ورأى أنه «في ضوء الأحداث والتطورات السياسية والاقتصادية الاستثنائية التي تمر بها منطقتنا العربية، يقابلها التطورات العالمية التي قد يكون لها تداعيات جسيمة على اقتصاداتنا، يشكل هذا المؤتمر انطلاقا من المشاركة الكثيفة التي ستتمثل فيه، منصة حقيقية وواقعية لعرض التطورات والأفكار التي من شأنها أن تضع خريطة طريق لمستقبل منطقتنا، وخصوصاً في الدول الشقيقة التي شهدت وتشهد تطورات سياسية وأمنية انعكست سلبا على نمو اقتصاداتها»، متوقعا أن يعطي المؤتمر إشارات متعددة للداخل العربي عامة وللبنان خاصة، في دعم جهود وتوجهات الاتحاد على مستوى تفعيل التعاون المصرفي والاقتصادي العربي ـ العربي.

500 شخصية مصرفية
وينتظر أن يشارك في أعمال المؤتمر أكثر من 500 شخصية مصرفية عربية وعالمية تمثل مختلف الدول العربية ومؤسسات المال والنقد الدولية، وفي مقدمها جهاز الاحتياطي الفدرالي الأميركي، إضافة إلى حضور مصرفي واسع من فرنسا وإيطاليا.
أما عن آخر التطورات الاقتصادية والعالمية، وخصوصاً أداء القطاع المصرفي العربي، فرأى طربيه أن «هذا العام، سيبقى الكلام ناقصاً، وخصوصاً في ما يتعلق بأداء مصارفنا العربية، وذلك نتيجة الأحداث التي شهدتها وتشهدها ست دول عربية أدت إلى تحولات كبيرة لم تقتصر على الجوانب السياسية، بل تعدتها إلى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والمالية».
وأشار إلى «أن خفض التدفقات المالية والاستثمارات والزيادة في عجز الموازنة، تستتبع تدهوراً في مجالات أخرى كخفض النمو الاقتصادي، وارتفاع التضخم والبطالة وازدياد المديونية العامة، وخفضاً في الاحتياطيات الأجنبية، كذلك في قيمة العملة وارتفاع أسعار الفوائد، وخفض نمو ودائع القطاع المصرفي، وهبوط الأسواق المالية، وخفض التصنيف السيادي».

تراجع النمو العربي إلى 3،76%
لكن، على الرغم من هذا الواقع، «فإن الصورة ليست قاتمة»، وفق طربيه، «برغم أن الثقة بالاقتصادات المالية العربية لم تُستعد بعد، وقد تستلزم وقتاً طويلاً لاستعادتها»، متوقعا أن «تشهد منطقتنا العربية عامة خفضاً في نسب النمو نتيجة لهذه التطورات، حيث سينخفض النمو الحقيقي للناتج الإجمالي المحلي العربي من 4.84 في المئة في العام 2010 إلى 3.76 في المئة في 2011، وسينخفض النمو خاصة في الدول التي تعاني من تطورات أمنية وسياسية واقتصادية».
إلا أن هذه الدول خاصة، والمنطقة العربية عامة، «ستشهد إعادة انطلاقة قوية للنمو في العام 2012 نتيجة الجهود التي تبذل لتحسين الأوضاع الاقتصادية، حيث ستزيد نسبة النمو في المنطقة العربية عامة إلى 3.84 في المئة في العام 2012، باستثناء اليمن حيث تتراجع إلى 0.45 في المئة، وفي سوريا إلى 1.55 في المئة».
وتظهر الأرقام لمعظم دول الخليج العربي نسب نمو عالية (محتسبة بالدولار الأميركي) قاربت أو حتى تجاوزت نسب النمو المسجلة في العام 2010، حيث زادت أصول المصارف الإماراتية بنسبة 4.14 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من 2011 مقابل نسبة نمو 5.78 في المئة خلال العام 2010 بأكمله. يسري الأمر نفسه على مصارف السعودية التي حققت نسبة نمو 6.54 في المئة خلال تسعة أشهر مقابل 3.28 في المئة خلال كامل 2010، والمصارف القطرية 22.94 في المئة خلال تسعة أشهر مقابل 11.12 في المئة، ومصارف الكويت 6.03 في المئة خلال ستة أشهر مقابل 1.84 في المئة العام الماضي.
في المقابل، تأثرت معدلات نمو مصارف الدول العربية التي شهدت اضطرابات وثورات بنسب متفاوتة، حيث سجلت المصارف البحرينية نسبة نمو سلبية (-10.84 في المئة) خلال ثمانية أشهر من العام 2011 مقابل نسبة نمو 0.18 في المئة خلال العام الماضي، كذلك المصارف المصرية (-2.52 في المئة خلال ثمانيـة أشـهر مقابـل 16.90 في المئة)، واليمنية (-11.31 في المئة خلال ثمانية أشهر مقابل 9.43 في المئة)، والسورية (0.23 في المئة خلال الأشهر الأربعة الأولى مقابل 6.22 في المئة خلال كامل 2010).

«إطلاق الربيع الاقتصادي»
وكان الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح قد استهل المؤتمر، بالقول: إن المؤتمر المصرفي الذي ستشهده بيروت، سيشكل منصة حقيقة لإطلاق «الربيع العربي الاقتصادي»، مواكبة للربيع العربي السياسي، مشيرا في الوقت نفسه إلى «أن انعدام الاستقرار الاقتصادي، والإدارة غير العادلة للاقتصاد، شكّلا بداية انطلاق الاحتجاجات نحو التغيير»، كاشفا أن اتحاد المصارف بصدد وضع «خطة طوارئ اقتصادية عربية»، داعيا الجميع للمشاركة في صياغة جدول أعمالها، ووضعها حيز التنفيذ بهدف الحد من تأثير الأحداث السياسية على اقتصادات الدول العربية المضطربة.

كامل صالح - السفير 17 تشرين الثاني 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم