2 سبتمبر 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : السوريون ينشّطون «سياحة العيد» والعراقيون لا يعوضون انحسار الخليجيين

تحول الوافدين عبر البر إلى الجو يرسم خريطة جديدة لتموضع السيّاح
 
برزت في عيد الفطر سياحياً، تغيرات يمكن وصفها بالجوهرية في خريطة حركة السيّاح وتوجهاتهم وإقاماتهم، بحيث لوحظ تموضع جديد للسيّاح الأردنيين والعراقيين، وإقبال لافت للسوريين، مقابل التراجع المطرد في السيّاح الخليجيين (خصوصا العائلات) المستمر منذ بدايات العام الحالي.
وعلى الرغم من أن النسبة الأعلى في إشغال الفنادق والمطاعم وحجوزات الطيران وتأجير السيارات السياحية وملاهي الأطفال هي للبنانيين مغتربين أو للبنانيين يحملون جنسية أخرى، إلا أن حركة السيّاح في العيد تفاوتت بنسب ملحوظة بين العاصمة وخارجها والجبل والجنوب، وعلمت «السفير» أن أكثر من مؤسسة سياحية أقفلت أبوابها أخيرا في بعض مناطق الاصطياف، للتدني الحاد في الحجوزات.
ولم يعد خافياً أن التراجع الكبير في إقبال «سيّاح البر» نتيجة الوضع السوري المتوتر، خلط الأوراق، ورسم مشهداً مختلفاً لتوزع السيّاح، بعدما فشل لبنان رسمياً في وضع خطة إنقاذ بديلة إن كان عبر فتح أسواق سياحية جديدة، أو خفض أسعار تذاكر السفر جواً، لتعويض الخسائر التي يتكبدها القطاع، حيث بلغ تراجع مداخيل الفنادق في الشهور الثمانية الأولى من هذا العام، وفق نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر، بين 33 و35 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، أما التراجع في سيّاح البر فبلغ في شهر تموز فقط، حوالى 80 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، «وهو يعدّ من أهم الشهور سياحيا مع شهر آب الذي هبطت نسبة الإشغال الفندقي فيه أيضاً، لمصادفته مع شهر رمضان، إلى ما دون 40 في المئة في بيروت، وبين 25 و35 في المئة خارج العاصمة».
تحسن في حركة معظم المؤسسات السياحية
ومواكبة لزيادة شركات الطيران المحلية والعربية والدولية عدد رحلاتها في الأيام الأخيرة من شهر آب، نتيجة الحجوزات المرتفعة في عيد الفطر، وفق ما أكده نقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود، يوضح الأشقر والأمين العام لاتحادات النقابات السياحية جون بيروتي ورئيس نقابة أصحاب المؤسسات السياحية والمطاعم والملاهي في الجنوب نائب رئيس الاتحاد اللبناني للسياحة علي طباجة، «أن الحركة السياحية في الفترة الأخيرة، تحسنت في معظم المؤسسات السياحية، كما ساعدت الحفلات الفنية والمهرجانات التي شهدتها المناطق في إطالة مدة إقامة السائح».
ويشير الأشقر وبيروتي إلى أن «اللافت في الأمر أنه مقابل تراجع السيّاح الخليجيين، كان هناك تزايد في نسبة حجوزات السوريين والعراقيين مقارنة مع فترة عيد الفطر في العام الماضي». ويمكن القول، بحسب بيروتي، «إن حركة الإشغال الأبرز والأهم خارج العاصمة كانت للسيّاح السوريين، الذين أنقذوا موسم العيد من كارثة»، فيما شهدت العاصمة إقبالا أردنياً وعراقياً وتركياً، بعدما تحول قدوم جزء منهم من البر إلى الجو، حيث كان إقبال هذه الجنسيات على مناطق الاصطياف في الجبل لمجيء معظمهم بسياراتهم، أما جنوبا، فسجل اللبنانيون المغتربون أكثر من 90 في المئة من إجمالي الحركة السيّاحية.
فائض «حجوزات بيروت» يرفع «إشغال الجبل»
وتخطت نسبة الطلب على الحجوزات في العاصمة، في العيد، وفق الأشقر، 130 في المئة، مما دفع لتوزع الفائض على المناطق، لتبلغ نسبة الإشغال الفندقي خارج العاصمة حوالى 80 في المئة، 40 في المئة منهم لسوريين، وفق بيروتي، وفي الجبل حوالى 40 في المئة، وفي الجنوب، وفق طباجة، بين 70 و80 في المئة في الفنادق (5 أيام)، و90 في المئة في المطاعم، ومثلها في ملاهي الأطفال.
لكن نتيجة واقع المنطقة المضطرب، والواقع اللبناني المتشنج باستمرار سياسيا وأمنيا، تقلصت نسبة الحجوزات في عيد الفطر إلى أسبوع، بعدما كانت تمتد لأسبوعين في الأعوام الماضية، والسبب وفق الأشقر وبيروتي، «الانحسار اللافت للسيّاح الخليجيين الذي فاق الخمسين في المئة في شهر تموز الماضي ليستمر هذا الانحسار في رمضان والعيد»، وقد تراوحت مدة زيارة الخليجيين، من 5 إلى 10 أيام، مقابل 3 إلى 5 أيام للسوريين والأردنيين والعراقيين.
كيفية الخروج من «طرح الأفكار» إلى «الخطة»؟
أمام هذا الواقع، يسأل الأشقر: «ما هي البدائل الرسمية المطروحة لإنقاذ السياحة اللبنانية في المواسم المقبلة، خصوصا أن شهر رمضان سيقع في السنوات السبع المقبلة بين تموز وآب، أي في ذروة موسم السياحة؟ هل ثمة خطط لفتح أسواق جديدة بديلة من دول الخليج؟». وفيما يؤكد أن «الإنقاذ ليس مستحيلا، في حال وجود عوامل الاستقرار وتأمين الموازنة اللازمة للتسويق والدعاية، والتنظيم الدقيق بين القطاعين العام والخاص»، يشدد على «ضرورة الخروج من «طرح الأفكار» إلى «الخطة»، بحيث تكون هناك دراسة علمية للأسواق التي يمكن أن نستفيد منها، وأن تكون بين يد السائح القادم أو المغادر أجندة سياحية واضحة ومحددة، وإعلانات تسبق المواسم لا مع بدئها أو في منتصفها، كما يحدث حاليا»، داعيا إلى «العمل الجدي والعاجل لإنقاذ مواسم عيد الأضحى والميلاد ورأس السنة، وعدم الاكتفاء بالمعارض العربية واعتبارها إنجازا».
انحسار أوروبي.. وتغير «نظرية الاصطياف»
من جهته، يحذر بيروتي من مسألة أخرى بدأت تتفاقم، وهي إضافة إلى الانحسار في قدوم الخليجيين، الانحسار في قدوم السيّاح الأوروبيين والأميركيين، حيث «لوحظت إلغاءات كبيرة في الحجوزات تمتد من أيلول إلى تشرين الثاني، الذي يعد موسم السياحة الأوروبية في لبنان»، مشيرا إلى أن «دولا أوروبية وضعت حظرا على أكثر من منطقة أثرية في لبنان، منها بعلبك وطرابلس وصيدا وصور، وتاليا نحن ننتظر فترة أصعب، في ظل الغياب الرسمي عن إيجاد أسواق بديلة». كما ينبه إلى أن «نظرية الاصطياف تبدلت، بحيث لم يعد يكتفي السائح بالتمتع بطقس لبنان المعتدل صيفا، بل يريد أن يخرج إلى الحفلات والمطاعم والبحر.. لذا، المطلوب أن يعاد العمل رسميا على صياغة مفهوم جديد للسياحة الجبلية، فالاعتبار القديم أن كل قرى لبنان مصيف، سقطت، من دون مقومات سياحية تسمح لها بالمنافسة والتميز».

كامل صالح - جريدة السفير 2 أيلول 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم