28 يناير 2011

As-Safir Newspaper - كامل صالح : مسؤولو القطاعات لـ«السفير»: نريد السياسة في خدمة الاقتصاد لا العكس

As-Safir Newspaper - كامل صالح : مسؤولو القطاعات لـ«السفير»: نريد السياسة في خدمة الاقتصاد لا العكس
تتطلع القطاعات الاقتصادية التي تعرضت لهزة عنيفة أخيرا، نتيجة اشتداد الكباش بين القوى السياسية، وموجة الاضطراب التي عمت الشارع، إلى أن تتمكن من التقاط أنفاسها، لتعاود حركتها المعتادة وتعزز من إنتاجيتها عبر حكومة تضع نصب عينيها معالجة الهموم المعيشية والاقتصادية والاجتماعية عمليا لا مجرد وعود كلامية، وتبتعد عن الدخول في سجالات عقيمة لم توصل البلد إلا إلى مزيد من الخسائر في المجالات كافة، لا سيما منها الارتفاع في نسبة البطالة والهجرة، والركود، واتساع مساحة القلق والتوتر والخوف من المستقبل.
ويضع المسؤولون عن قطاعات الصناعة والسياحة والزراعة مروحة من المطالب، مصحوبة بالتمنيات أن تتمكن الحكومة العتيدة بقيادة الرئيس نجيب ميقاتي من الإقلاع والعمل في جو هادئ، ومستقر وواع، بعيدا عن الكيدية والمصالح الشخصية الضيقة، وأن تضع الرجل المناسب في المكان المناسب، أي السعي الجدي لتشكيل حكومة تكنوقراط، لا حكومة أقطاب سياسية، جربها الناس في أكثر من حكومة، ولم يكن مصيرها إلا حصد المزيد من الأزمات السياسية والاقتصادية.
الصناعة: نظام ضرائبي وتوظيفات
على الرغم من النمو الذي شهده القطاع الصناعي في العام الماضي، إذ بلغت الصادرات الصناعية 3 مليارات و500 مليون دولار، بزيادة 30،5 في المئة عن العام 2009، إلا أن التوتر السياسي والأمني الذي شهده الشارع أخيرا، شكل «خطرا كبيرا على حجم الاستهلاك، إذ الانكماش يؤثر سلبا على الاقتصاد»، كما يؤكد رئيس جمعية الصناعيين نعمة افرام لـ«السفير».
ولأن تعزيز قوة الصناعة لتحمل الصدمات، يخلق مقاومة في الاقتصاد، يوضح افرام أن القطاع الصناعي هو أكبر مشغل لليد العاملة في لبنان، «حيث يتراوح عدد العاملين فيه بين 140 و160 ألفا، وتشكل الصناعة 13 في المئة من الناتج القومي، وهذه السنة يجب أن تصل إلى 20 في المئة، لتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد قومي يتلقى الصدمات، وقادر على تحمله».
ويتمنى افرام أن تسند وزارة الصناعة إلى شخص يعيش هموم الصناعيين، ويعرف هواجسهم، وقريب منهم، آملا أن تكون الحكومة العتيدة تكنوقراط، وتحافظ على هذا النمو وتطويره، وذلك عبر النقاط التالية:
ـ التوظيفات في البنى التحتية ( كهرباء - صرف صحي - طرق - مياه - سكك حديد..) التي تؤثر جديا على مسار الصناعة.
ـ الاهتمام والتركيز على إنشاء مدن صناعية نموذجية بالتعاون بين القطاعين العام والخاص.
ـ معالجة موضوع الضمان الاجتماعي، نظراً لتداعيات هذا الملف الشائك على المستفيدين من النواحي المعيشية والمرضية والاجتماعية، وإيجاد الحلول للمتأخرات، ودرس تطوير الضمان الاجتماعي.
ـ تطوير المادة 59 من قانون الضريبة على القيمة المضافة أو الإبقاء عليها، وهي التي تتيح للصناعي استرداد هذه الضريبة، وحيث المنتج النهائي معفى من الضريبة على القيمة المضافة (الأدوية مثالا).
ـ إعفاء الصادرات اللبنانية من ضريبة الدخل.
ـ منح قروض طويلة الأجل، وميسّرة لدعم الصادرات اللبنانية.
ـ تطبيق وزيادة الضريبة والتعرفة الجمركية على المواد الخام (جلود - كسر المعاون) بغية التحفيز على التصنيع.
ـ السماح للصناعي اللبناني ببيع الكهرباء على الشبكة العامة، ضمن الشروط التي ستعطى للبواخر، والأفضلية في هذا المجال هي للبناني.
ـ تعديل في النظام الضرائبي، والتعامل بإيجابية مع القطاعات الإنتاجية لخلق فرص عمل في لبنان.
وإذ ينتظر افرام من الحكومة الاهتمام بالهموم المعيشية واليومية للمواطن، ومقاربة هذه العناوين ومعالجتها جديا وسريعا، يسأل: «ماذا ينفع التركيز على المسائل السياسية فقط، إذا لم يبق شعب في لبنان؟».
وبسؤاله إذا يتوقع أن يأتي وزيرا للصناعة في الحكومة العتيدة، يقول: «لا أدري، فأنا أتابع حياتي اليومية عادية»، متمنيا للبنان «الاستقرار، الاستقرار والاستقرار، لأنه أساس النمو».
السياحة: بترول لبنان فوق الأرض
أكثر القطاعات التي يطالها الضرر المباشر من الاضطراب السياسي، هي القطاعات السياحية من فنادق ومطاعم ومكاتب السياحة والسفر وتأجير السيارات، وهي التي بدأت تشهد منذ الشهر الأخير من العام الماضي تراجعا ملحوظا في إقبال السياح، ويمكن الإشارة في هذا السياق، إلى أن نسبة الإشغال في الفنادق منذ استقالة الحكومة إلى يوم الاحتجاجات التي شهدها الشارع، تراجعت إلى ما بين 15 و20 في المئة، بعد أن كانت في العام الماضي تلامس عن الفترة نفسها، الـ50 في المئة، حيث ألغيت الحجوزات والحفلات التي كان من المقرر إقامتها في بعض الفنادق، مع الرسائل التحذيرية التي وجهتها بعض الدول لرعاياها من عدم السفر إلى لبنان، أو الالتزام بأماكنهم، وأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر.
وأمام ما حدث، يستعجل أمين عام اتحادات النقابات السياحية جون بيروتي تشكيل الحكومة العتيدة، لدرء السلبيات التي بدأت تنعكس على القطاع، وتحديدا منذ أسبوعين.
ويعتبر القطاع السياحي، الذي يصفه بيروتي بـ«بترول لبنان فوق الأرض، لا في البحر وتحت التراب»، الأول في الإنتاج، إذ بلغت في العام الماضي نحو 8 مليارات دولار مباشرة وغير مباشرة، مسجلا 22 في المئة من الدخل القومي. كما أنه الأول في التوظيف، إذ يصل عدد المسجلين في الضمان الاجتماعي من القطاع الى 160 ألف عامل، فيما يستفيد من السياحة مباشرة نصف مليون شخص من ضمنهم العمال الموسميون الذين يبلغ عددهم نحو 120 ألفا، وانعكاساته الايجابية تؤثر على تصريف الإنتاج الزراعي، وتحرك عجلة القطاعات الصناعية والتجارية والعقارية.
التسويق والإنماء والمرونة
وإذ يشدد بيروتي عبر حديثه لـ«السفير» على أهمية أن تعي «أية حكومة» أهمية السياحة، وتبني سياستها العامة وماليتها لدعمها وتطويرها للوصول إلى أفضل النتائج الاقتصادية، يضع عدداً من المطالب في عهدة الحكومة العتيدة، منها: موازنة مقبولة للتسويق السياحي، حيث بلغت السنة الماضية مليون دولار، فيما أقل موازنة تضعها دول الجوار لهذا الغرض، 5 ملايين دولار، إضافة إلى مجلس وطني للإنماء السياحي، والأهم من كل هذا أن يكون وزير السياحة من ضمن القطاع لا من خارجه للقيام بمعالجة سريعة للمشاكل، وتمتعه بمرونة في مقاربة الموضوعات المتعلقة بالسياحة، وعند تحقق هذه المطالب الثلاثة، «بات بالإمكان معالجة الوضع السياحي من داخل الوزارة لا من خارجه».
وفيما يضع أمين عام اتحادات النقابات السياحية كامل ثقته في الرئيس ميقاتي، كونه رجلا اقتصاديا في المقام الأول، ويعي مشاكل القطاع وأهميته، يأمل بأن يظهّر البيان الوزاري للحكومة العتيدة، قسطا كبيرا من سياسة الحكومة حول الاقتصاد والسياحة، بحيث يكون الشعار: السياسة بخدمة الاقتصاد، وليس العكس، فضلا عن أمله بابتعاد الوزراء عن السجال السياسي، وأن تكون معالجتهم للمواضيع الخلافية خلف الأبواب للوصول إلى حلول مقبولة لا كارثية.
الزراعة: 5 محاور للعودة إلى الأساس
في المقابل، لم يكن القطاع الزراعي بأفضل حال من القطاع السياحي، وهو الذي واجه في العام الماضي العديد من الأمراض الزراعية والكوارث الطبيعية، إن كان عبر الجفاف وشح الأمطار الذي امتد إلى الشهر الأخير، أو عبر العاصفة الثلجية التي كبدت القطاع خسائر فادحة.
وما يأمله رئيس جمعية المزارعين انطوان الحويك من الحكومة العتيدة هو «العودة إلى الأساس، أي المعالجة الفورية للبنى التحتية للزراعة»، والمتمثلة في خمسة محاور:
ـ إقرار الصندوق الوطني للضمان الزراعي من الكوارث.
ـ السجل الزراعي.
ـ إنشاء غرف مستقلة للزراعة.
ـ إنشاء المصرف الوطني للإنماء الزراعي.
ـ تأمين حماية غير جمركية للمنتوجات الزراعية اللبنانية.
وإذا تحققت هذه العناوين، «يتمكن المزارع من تسيير القطاع ومعالجة مشاكله بمفرده».
ويؤيد الحويك حكومة تكنوقراط، بحيث يخدم الوزراء قطاعاتهم في المناطق كافة من دون تمييز، وبعيدا عن السياسة، مشيرا إلى أن «المشكلة الكبيرة هي ضعف السياسة الزراعية العامة، التي تفتقد الحماية».
ويبلغ عدد المستفيدين من الإيرادات المباشرة من الزراعة 260 ألفا، منهم 195 ألفا يمتلكون حيازات زراعية، و40 ألفا يضمنون من هذه الحيازات، و25 ألف عامل لبناني.
أما حجم إنتاج القطاع النباتي والحيواني فيبلغ مليارا و500 مليون دولار، وتتراوح صادرات القطاع سنويا بين 400 و500 ألف طن، وبمعدل وسطي 75 سنتا للكيلو، يبلغ المجموع 375 مليون دولار سنويا.
وفيما يلحظ الحويك أهمية مواصلة العمل على إنشاء البحيرات الجبلية والسدود، مما ينعكس إيجابا على الزراعة، يؤكد أنه حان الوقت لإيقاف معاناة القطاع واستنزافه، مكررا دعوته لضرورة تلهي الوزراء بخدمة الناس، لا إلهائهم بسجالاتهم العقيمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم