12 مارس 2009

جنون الحكاية


صباح زوين - النهار


يلفتنا في رواية كامل صالح, بل في صوته الجارح والمجروح, ذاك التهكم النابع من مرارة متجذرة يحملها الكاتب في وجدانه ويضفيها على الناس والاشياء.
يمثل كامل صالح اللبناني المثقف الواعي لحقيقة ما يحصل, إن على الساحة الثقافية او الساحة الاجتماعية. فمن ناحية هو العاطل عن العمل الذي لا يعثر على وظيفة سوى في محطة غسيل سيارات, ومن ناحية اخرى, يحمل شهادة جامعية وشغوف بالمعرفة لا يكف عن قراءة الفلسفة والادب فضلاً عن مراسلته بعض الصحف بين الحين والآخر. ويحاول في خضم كل تلك التفاهات اليومية الدخول الى الحياة العصرية العائمة على السطح, عنصراً اسطورياً اختلقه لنفسه, بغية ايهامها بأنه لا يزال ثمة ابعاد لوجودنا.
"جنون الحكاية" هو كل ذاك الهذيان الذي يعيشه الكاتب بين الحقيقة والكذب, اي بين ما ينبغي ان يكون وفق اقتناعاته وما هو قائم.
كامل صالح صورة الانسان المثقف, اي القلق, لا "المثقف" الذي يلعب دوراً اجتماعياً ما في الحلبات الثقافية.
"يسأل نفسه ولا ينتظر جواباً.
الاسئلة تثيره", وفي جانب آخر "لا تهمه المعرفة, فالمعرفة في تبدل مستمر".
ولأن كامل صالح يعرف فهو يتعذب.
وليس كل من يعرف هو عامل في الميدان الثقافي, بل من لا يعرف هو غالباً الذي يحشر ذاته الفارغة في هذا الميدان.
يقول ساخراً: "الرسامة حنان مثلاً في المستقبل تباع لوحاتها باسعار خيالية وتتحول الى مدرّسة جليلة في الرسم, وايضاً الشاعرة زهرة تتحول فحلة نسبة الى فحول الشعراء (...)".
نتفهم مرارة كامل صالح. لكن لمَ تلك "الميزوجينية" في حين ان كثراً من الذكور سخفاء أيضاً.


جريدة النهار -2000م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني أن أسمع رأيكم